ذم الغلوِّ في الشريعة

محور في ندوة مع الشيخ أحمد المعلّم والشيخ مراد القدَسي في مسجد الشاطبي في 20 شعبان 1430هـ الموافق 11 أغسطس2009م

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

        المعنى اللغوي :

          * في (النهاية) لابن الأثير : (إيَّاكم والغُلُو في الدِّين) أي التشدّد فيه ومُجَاوَزَة الحَدِّ كالحَدِيث الآخر ( إن هذا الدّين مَتِين فأوْغلْ فيه برِفْق ) حم و قال الألباني والأرناؤوط : حسن  . وقيل : معناه البَحْث عن بَواطِن الأشياء والكشف عن عِلَلِها وغَوامِض مُتَعَبَّداتها .

     ومنه الحديث (وحامِل القُرآن غَيْر الغَالي فيه ولا الْجافي عنه) د هق قال الألباني : حسن . إنما قال ذلك لأن مِنْ أخْلاقِه وآدابه عليه الصلاة و السلام التي أُمِر بها القَصْدَ في الأمور ، وخَيْر الأمور أوْساطُها ، وكِلاَ طَرَفَيْ قَصْدِ الأُمورِ ذَمِيمُ .1

     ومنه حديث عمر (لا تُغَالُوا صُدُقَ النِّساء) حم 4 وقال الألباني : صحيح .  وفي رواية (لا تَغْلُوا في صَدُقات النِّساء ) أي لا تُبَالغوا في كثْرة الصَّداق . وأصل الغَلاء : الارْتِفاع ومُجاوَزة القَدْرِ في كل شيء . يقال : غالَيْت الشَّيء وبالشَّيء وغَلَوْت فيه أغْلُو إذا جاوَزْتَ فيه الحَدّ . اهـ .1

       الغلُوّ طغيانٌ و هلاك :

       * (فاستقم كما أمرت و من تاب معك و لا تطغوا)) هود .

       *(إياكم و الغلو في الدين فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين)حم ن هـ ك حب يع و خز  عن ابن عباس قال الحاكم و الألباني والأرناؤوط والأعظمي وأسد  : صحيح  . 

     قال المناوي في (الفيض) : ( إياكم والغلو في الدين ) أي التشديد فيه ومجاوزة الحد والبحث عن غوامض الأشياء والكشف عن عللها وغوامض متعبداتها ( فإنما هلك من كان قبلكم ) من الأمم ( بالغلو في الدين ) والسعيد من اتعظ بغيره ،  وهذا قاله غداة العقبة ـ عند رمْي الجمرة في حجة الوداع ـ وأمرهم بمثل حصى الخذف .1

     قال ابن تيمية : قوله (إياكم والغلو في الدين) عام في جميع أنواع الغلو في الاعتقادات والأعمال .      والغلو مجاوزة الحدّ بأن يزاد في مدح الشيء أو ذمه على ما يستحق ونحو ذلك ،  والنصارى أكثر غلوا في الاعتقاد والعمل من سائر الطوائف ، وإياهم نهى الله عن الغلو في القرآن بقوله تعالى : (لا تغلوا في دينكم ) المائدة . وسبب هذا الأمر العام رمي الجمار ، وهو داخل فيه مثل الرمي بالحجارة الكبار على أنه أبلغ من الصغار ، ثم علّله بقوله بما يقتضي أن مجانبة هديهم مطلقا ـ أي هَدْي مَن قبْلَنا ـ أبعد عن الوقوع فيما به هلكوا ، وأن المشارك لهم في بعض هديهم يُخاف عليه الهلاك .1

     و رواه عن ابن عباس أيضا ابن منيع والحلواني والديلمي وغيرهم . قال ابن تيمية :  هذا إسناد صحيح على شرط مسلم  . اهـ .

     *عن عبدالله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هلك المتنطعون) قالها ثلاثا. حم م د .1

     قال المناوي في (الفيض) : ( هلك المتنطعون ) أي المتعمقون الغالون المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم   .. وقال النووي : فيه كراهة التقعر في الكلام بالتشدق وتكلف الفصاحة واستعمال وحشيِّ اللغة ودقائق الإعراب في مخاطبة العوام ونحوهم اهـ . وقال غيره : المراد بالحديث الغالون في خوضهم فيما لا يعنيهم وقيل : المتعنتون في السؤال عن عويص المسائل التي يندر وقوعها وقيل : الغالون في عبادتهم بحيث تخرج عن قوانين الشريعة ويسترسل مع الشيطان في الوسوسة .

     تنبيه : قال ابن حجر : قال بعض الأئمة : التحقيق أن البحث عما لا يوجد فيه نص قسمان :

      أحدهما : أن يبحث عن دخوله في دلالة النص على اختلاف وجوهها ، فهذا مطلوب لا مكروه بل ربما كان فرضا على من تعين عليه .

      الثاني : أن يدقق النظر في وجوه الفروق فيفرق بين متماثلين بفرق لا أثر له في الشرع ، مع وجود وصف الجمع أو بالعكس بأن يجمع بين مفترقين بوصف طردي مثلا ، فهذا الذي ذمه السلف وعليه ينطبق خبر (هلك المتنطعون) فرأوا أن فيه تضييع الزمان بما لا طائل تحته ، ومثله الإكثار من التفريع على مسألة لا أصل لها في كتاب ولا سنة ولا إجماع ، وهي نادرة الوقوع ، فيصرف فيها زمنا كان يصرفه في غيرها أولى ، سيما إن لزم منه إغفال التوسع في بيان ما يكثر وقوعه .

     وأشد منه البحث عن أمور معينة ورد الشرع بالإيمان بها مع ترك كيفيتها ، ومنها ما لا يكون له شاهد في عالم الحس كالسؤال عن الساعة والروح ومدة هذه الأمة ، إلى أمثال ذلك مما لا يعرف إلا بالنقل الصرف ، وأكثر ذلك لم يثبت فيه شيء فيجب الإيمان به بغير بحث .

     وقال بعضهم : مثال التنطع إكثار السؤال حتى يفضي بالمسؤول إلى الجواب بالمنع بعد أن يفتي بالإذن ، كأنْ يسأل عن السلع التي في الأسواق : هل يُكرَه شراؤها ممن بيده قبل البحث عن مصيرها إليه؟ فيجاب بالجواز . فإن عاد فقال : أخشى أن يكون من نهْب أو غصْب ويكون ذلك الزمن وقع فيه شيء من ذلك في الجملة ، فيجاب بأنه إن ثبت شيء من ذلك حرم ، وإن تردَّدَ كُرِه أو كان خلاف الأَولى . ولو سكت السائل عن هذا التنطع لم يزد المفتي على جوابه بالجواز .

      قال ابن حجر : فمن سد باب المسائل حتى فاته معرفة كثير من الأحكام التي يكثر وقوعها، قلَّ فهمه وعلمه ، ومن توسَّع في تفريع المسائل وتوليدها ، سيما فيما يقل وقوعها أو يندر فإنه يُذَم فعله  . اهـ . بتصرُّف .

     الغلو في السؤال والتنقيب :

    *عن أبي هريرة قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحُجُّوا) فقال رجل أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لو قلت نعم لوجبتْ ولَمَا استطعتم) ، ثم قال  : (ذروني ما تركتكم ،فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم و اختلافهم على أنبيائهم ، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه) رواه مسلم وغيره . و من ذلك الخوض في موعد الساعة و في الروح و في التفريعات المسكوت عنها و الممنوعة في العقيدة  و من ذلك علم الكلام ، والتفكر في ذات الله و في القدَر و الخوض في الصفات بغير هدى ، و كذا في الفقه ومن ذلك الأغلوطات و الدخَن والتوسع في تكليف عباد الله بغير أدلة ،  و كذا الخوض في أحوال الناس بتعصب و امتحانهم  ...إلخ .

     * (ياأيها الذين آمنوا لا تسألوا عن اشياء إن تُبْدَ لكم تَسُؤْكم ...).

     الغلو في المدح و الذم والحب والبغض (العصبية) :

     *عن مُطرِّف بن عبد الله بن الشّخّير قال : قال أبي : انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا : أنت سيدنا . فقال : (السيد الله) ، فقلنا وأفضلنا فضْلاً وأعظمنا طَوْلاً . فقال : ( قولوا قولكم أو بعض قولكم ـ يعني القول المعتاد أو بعضه ـ ولا يَسْتَجْرِيَنَّكم الشيطان ـ لا يجعلنَّكم جُرَءَاءَ ، حمْع جَرِيٍّ ، أي رُسُلاً له و وُكَلاء ـ) . رواه أحمد وأبو داود . و قال الألباني والأرناؤوط: صحيح .

    * (أحبب حبيبك هوناً ما، عسى أن يكون بغيضك يوماً ما ، و أبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما) ت هب  عن أبي هريرة ، طب  عن ابن عمرو ، الدارقطني في الأفراد ، عد هب  عن علي ، خد هب  عن علي موقوفا قال الألباني : صحيح .1

     *(ياأيها الذين آمنوا كونوا قوّامين بالقسط) النساء . ( و لا يجرمنّكم شنآن قوم على ألاّ تعدلوا ) المائدة .  (و إذا قلتم فاعدلوا) آل عمران .    و كما لا تجوز المغالاة في النبي عليه الصلاة و السلام كما غلت النصارى في عيسى ، لا تجوز المغالاة في الأئمة و العلماء .. و لابد أن يكون حضور النبي صلى الله عليه و سلم في الذهن و محبته ثم خلفاؤه الراشدون أعظم من حضور و محبة أئمة المذاهب ورؤساء الجماعات .  و لا بد أن تكون محبة المذهب و الجماعة و القبيلة  و الشعب دون غلو  يتجاهل المحبة التي تفرضها أُخُوّة الإسلام للمذاهب والجماعات و القبائل و الشعوب الإسلامية الأخرى .1

     الغلو في التفسيق و التكفير و في اللعْن :

    *قال البيهقي: أخبرنا عبد الله بن يوسف أنا أبو سعيد بن الأعرابي نا سعدان بن نصر نا إسحاق بن يوسف نا عوف عن أبي العالية في قول الله عز وجل : (ولا تنابزوا بالألقاب) الحجرات ، فقال لا تقل للمسلم يا فاسق ، وتلا هذه الآية  (بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان) الحجرات .اهـ .1

     *(لعْن المؤمن كقتله ، ومن قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به في الآخرة ، وليس على رجل مسلم نذْر فيما لا يملك ، ومن رمى مؤمنا بكفر فهو كقتله ، ومن حلف بملة سوى الإسلام كاذبا فهو كما قال )رواه الجماعة .1

    * عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما فإن كان كما قال وإلا رجعت عليه) رواه مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي .1

    * (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا ... إلى قوله : رأيت المنافقين ـ ولم يقل الكافرين ـ يصدون عنك صدودا) . وأمثالها من الآيات التي تبين عدم إيمانهم ، ومع ذلك تكتفي بتسميتهم منافقين .1

     *و لم يكفر عليٌّ رضي الله عنه الخوارج رغم تكفيرهم للآخرين بالمعصية وفي مقدمة مَن كفَّروا عليًّا رضي الله عنه ، وغيره من الصحابة .. و قد ذهب أكثر أهل الأصول من أهل السنة إلى أن الخوارج فُسـَّاق كما في (الفتح) ، و لم يكفروهم كما فعلوا هم بأهل السنة .

     *قال ابن عبد البر في(الاستذكار) : ذكَر عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن نافع قال قيل  لابن عمر : إن نجدة الحروري يقول : إنك كافر وأراد قتل مولاك إذْ لم يقل إنك كافر ! فقال ابن عمر : والله ما كفرت منذ أسلمت . قال نافع : وكان ابن عمر حين خرج نجدة يرى قتاله .1

     قال عبد الرزاق وأخبرنا معمر عن بن طاوس عن أبيه أنه كان يحرض على قتال الحرورية .

     وذكر ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج أنه سأل نافعا: كيف كان رأي ابن عمر في الخوارج ؟ فقال كان يقول : هم شرار الخلق انطلقوا إلى آيات أنزلت في الكفار فجعلوها في المؤمنين .1

     وقد ذكرنا في (التمهيد) رواية جماعة عن علي رضي الله عنه ( يعني حكيم بن جابر وطارق بن شهاب والحسن وغيرهم)  أنه سئل عن أهل النهروان : أكفارٌ هُم ؟ قال: من الكفر فرُّوا ! قيل  : فهم منافقون ؟ فقال : إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا . قيل فما هم ؟ قال : قوم ضل سعيهم ، وعمُوا عن الحق ، وهم بغَوا علينا فقاتلناهم فنصرنا الله عليهم .1

وذكر نعيم بن حماد عن وكيع عن مسعر عن عامر بن شقيق عن أبي وائل عن علي رضي الله عنه قال : لم نقاتل أهل النهروان على الشرك . وعن وكيع عن أبي خالد عن حكيم بن جابر عن علي مثله . اهـ .1

     و من المكفِّرين الروافض الذين يكفِّرون الصحابة إلا قليلا ، ويكفرون أهل السنة ، ولم يعاملهم كثير من أهل السنة بالمثل .1

     الغلو في العبادة :

     *وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال جاء رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما أخبروا كأنهم تقالُّوها ، فقالوا : وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟ قال أحدهم : أما أنا فإني أصلي الليل أبدا . وقال آخر : أنا أصوم الدهر ولا أفطر أبدا . وقال آخر: وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا . فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال : ( أنتم القوم الذين قلتم كذا كذا .. أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له ، لكني أصوم وأفطر ، وأصلي وأرقد ، وأتزوج النساء .. فمن رغب عن سنتي فليس مني) رواه البخاري واللفظ له ومسلم وغيرهما .1

     قال الألباني : التشدد في الدين شر لا خير فيه . وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد قال : (الخير لا يأتي إلا بالخير) . متفق عليه فكذلك الشدة شر لا تأتي إلا بالشر ، ولذلك تكاثرت الأحاديث وتنوعت عباراتها في التحذير منها فقال صلى الله عليه وسلم :1

     أولا :  (إن هذا الدين يسر ولن يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة ) . أخرجه البخاري والنسائي والبيهقي من حديث أبي هريرة مرفوعا وقال النسائي : (وبشروا ويسروا) .1 )

     ثانيا : (إياكم والغلو في الدين فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين) . رواه أصحاب الصحاح : ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والضياء وغيرهم وهو مخرج في  الصحيحة.

     ثالثا : (لا تُشَدِّدوا على أنفسكم ، فإنما هلك مَن قَبْلَكم بتشديدهم على أنفسهم ، وستجدون بقاياهم في الصوامع والديارات ) . أخرجه البخاري في ( التاريخ)" وغيره و هو صحيح ، وقد خرجته .1

      ( يشادّ) يكلف نفسه من العبادة فوق طاقته والمشادة المغالبة . ( إلا غلبه ) رده إلى اليسر والاعتدال . اهـ . من (الرد المفحم على من ألزم المرأة أن تستر وجهها وكفيها) . و الحديث يشير إلى الرهبانية التي هي غلو النصارى ، ويشبهها عندنا غلو الصوفية ، كما أن غلوهم في عيسى يشبه بعضه غلو بعض الصوفية بنبينا .

      الغلو مرضٌ نفسي قد يصِل فيه المريض إلى نَقْد مَن لا وما لا يقبل النقد :

     * عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم قسما ، أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم ، فقال: يا رسول الله اعدل ، فقال : ( ويلك ! ومَن يعدل إذا لم أعدل ؟ قد خبتَ وخسرتَ إن لم أكن أعدل ) . فقال عمر يا رسول الله: ائذن لي فيه فأضرب عنقه ؟ فقال:  (دعْه فإن له أصحابا يحقِر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم ، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم  ، يَمْرُقون من الدين كما يَمْرُق السهم من الرَّمِيّة ، ينظر إلى نَصْله فلا يوجد فيه شيء ، ثم ينظر إلى رِصَافه فما يوجد فيه شيء ، ثم ينظر إلى نَضِيِّه - وهو قَدْحه - فلا يوجد فيه شيء ، ثم ينظر إلى قُذَذِه فلا يوجد فيه شيء ، قد سبق الفرْث والدم ، آيتهم رجلٌ أسود إحدى عَضُدَيه مثل ثَدْي المرأة أو مثل البَضْعة تَدَرْدَر ، ويخرجون على حين فُرْقة من الناس) .1 )

     قال أبو سعيد فأشهد أني سمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه فأمر بذلك الرجل فالتمس فأتي به حتى نظرت إليه على نعت النبي صلى الله عليه وسلم الذي نعته . متفق عليه.

     مما ورد في (شرح مسلم) للنووي و(النهاية) لابن الأثير : ( خبتَ وخسرتَ ) أي أنت الخائب والخاسر إذا ظننتَ أني لا أعدل لأنك تعتقد نفسك تابعا لمن هذه صفته . ( يحقِر أحدكم صلاته ) يجدها قليلة ويظنها أقل ثوابا وقبولا . ( مع صلاتهم ) إذا قارنها بصلاتهم . ( لا يجاوز تَراقِيَهم ) لا يتعدّاها والتراقي جمع تَرْقُوَة وهي عظم يصل ما بين ثَغْرة النحر والعاتق والمراد لا يفقهون معناه ولا تخشع له قلوبهم ولا يؤثر في نفوسهم فلا يعملون بمقتضاه . ( يَمرُقون ) يخرجون منه سريعا دون أن يستفيدوا منه .1

     ( الرَّمِيَّة ) هو الصيد المرمِيّ شبّه مروقهم من الدين بمروق السهم الذي يصيب الصيد فيدخل فيه ويخرج منه دون أن يعلق به شيء منه لشدة سرعة خروجه . ( نَصْله ) حديدة السهم. 1    (رِصَافه ) هو العصَب الذي يُلْوَى فوق مَدخل النصل من أجل الشَّدّ .

      نَضِيِّه: النَّضيُّ : نَصْلُ السَّهم . وقيل : هو السهم قبل أن يُنْحَت إذا كان قِدْحا وهو أوْلَى لأنه قد جاء في الحديث ذِكرُ النَّصْل بعد النَّضِيّ ،وقيل : هو من السهم ما بين الرِيش والنَّصْل . قالوا : سُمِّي نَضيَّاً لكثرة البَرْيِ والنَّحْتِ فكأنه جُعِل نِضْوا : أي هَزيلا . ( قَدْحه ) هو عود السهم قبل أن يوضع له الريش . ( قُذَذه ) جمع قُذة وهي واحدة الريش الذي يعلق على السهم .

     ( قد سبق الفرث والدم ) أي لم يتعلق به شيء منهما لشدة سرعته والفرث ما يجتمع في الكرْش مما تأكله ذوات الكروش . ( آيتهم ) علامتهم . ( البَضْعة ) قطعة اللحم . ( تَدَرْدَر ) تضطرب وتذهب وتجيء . ( حين فُرْقة ) أي زمن افتراق بينهم وفي رواية ( على خير فرقة ) أي أفضل طائفة . ( نعْت النبي ) أي على وصفه الذي وصفه وحدَّده .1

     العلماء العدول نُفاة الغلو :

     *عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين " . رواه البيهقي والطبراني والخطيب و قال الألباني صحيح  . و هؤلاء العلماء الذين ينفون الغلو و البدع هم المجددون على رؤوس القرون  ، و في مقدمتهم الأئمة الأربعة و الظاهرية ، وأئمة الحديث كأصحاب الأمهات ، وأئمة القراءات  ، وأئمة العقيدة والجهاد والدعوة و السياسة كالإمام أحمد و ابن تيمية و ابن عبد الوهاب و الشوكاني .

  

 

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©