واقع الدعوة إلى الله وأهمية التجديد:                                   

محاضرة في دورة خطباء لجمعية الحكمة بقاعة المستشفى السعــودي الألماني في 5 شعبــان 1429هـ الموافق 6 أغسـطس 2008م

 

 لسماع المحاضرة عبر برنامج " الريل بلاير " اضغط على الرابط التالي:

http://www.ssadek.com/mohadrat/wake.mp3

 

     شيء من التشخيص للواقع :

   * قلة الدعاة إلى الله ، وقلة وسائل الدعوة ، ومحاصرة الدعاة في الوسائل العامة من حيث الوقت والتوقيت ، وإجهاض المواضيع بالتلويث ، وبسرعة إزالة الأثر  ، وانعدام الثقة في هذه الوسائل  .

  * قلة العلماء في الدعاة ، وضعف القدرة عند بعضهم في الاستفادة من النصوص ، والانبهار بالأساليب الأجنبية ، وميل بعض الدعاة إلى الإثارة والمبالغة ، تبعًا لحبّ الناس للإثارة .

  * انتماء الدعاة إلى جماعات متعدّدة ، وعدم وجود التنسيق ،رغم الانتماء في الجملة إلى منهج أهل السنّة (مرجعيتهم جميعا دواوين السنّة وفهم الصحابة (والذين اتبعوهم بإحسان) التوبة .

  * عدم التركيز على الأولويات كالعقيدة والعبادات ، وتجاهل كثير من البدع والمنكرات ، والتبرير لبعض الأفكار والمستوردات .

  * إهمال النشء و الأطفال (يا غلام إني أعلمك كلمات) حم ت وقال الألباني والأرناؤوط عنه صحيح .  (كل مولود يولد على الفطرة) متفق عليه .

  * الغزو التعليمي والإعلامي والتربوي من الأعداء ، وعدم وجود جهود دعوية كافية للمقاومة ، وسريان روح الانهزام ،  وعموم بلوى التقليد ، والتبرير بالبدائل وبالأسلمة للمصطلحات والمفهومات المستوردة المخِلة بالعقيدة والشريعة ، كالديمقراطية والاشتراكية والقومية ومفرداتها، مع أن الأصل الحفاظ على الالتزام ، والحذر من التبعيّة والانهزام ، (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)  . (من تشبّه بقوم فهو منهم) حم دع طب وقال الألباني صحيح .(لتتبعن سنن من كان قبلكم .....حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه) متفق عليه .

  * بروز ظاهرتي الجمود الشديد أوالانفلات المقيت عند بعض الدعاة في المظهر والطرح والمنهجية والولاء .

  * تنامي البدع كالرفض والتصوف ، وبروزها من جديد ، بإمكانات وإعانات دولية ، وبأقنعة وأساليب خادعة ، ومحاولتها استقطاب جماهير المتدينين الكثيرة ، ومهادنتها من قِبل بعض الدعاة الصالحين .

  * عودة العصبيات المذهبية للإطلال من جديد مع انقضاء ما يقرُب من ثُلُث القرن الهجري ، وتكاثف الدخَن (وفيه دَخَن) متفق عليه ، ومساعدة بعض البرامج الجادّة عند أهل السنّة - كما في حال تدريس الفقه المذهبي - في تشجيــع ذلك دون انتباه .

  * تصدُّر بعض الواقعين في بعض الجهل أو الانحراف للدعوة (رؤوسًا جهالًا) متفق عليه ، وإعجاب الناس بهم ، وتشجيع الجهات لهم ، كالترابي وهويدي والجفري  وعمرو خالد والسويدان و منسوبي معهد الفكر الإسلامي ، ولاتُنكَر بعض آثارهم النافعة ، كما لا تُنكَر آثار المعتزلة وبعض المبتدعة مثلا في الدفاع عن الدين... وتهميش وتشويه الدعاة المؤهلين .

  * انتشار الزلات والفتاوى الماجنة  كإباحة الأغاني وتمثيل النساء ، وعدم غض البصر عمليًّا عنهن ، وتجويز تولية النساء على الرجال ، وتبنّي كثير من الجهات لها ، وتكييف حياة الناس عليها ، وأخذ كثير ممن يظنهم الناس قدوة بها .

  * الغربة والحصار والعزلة على نطاق واسع ، وفي كل المستويات للمتمسكين بالمنهج الصحيح ، وحتى في أوساط الحركات الإسلامية وبين أهل السنة ، وشدة المؤنة التي يعاني منها الصادقون من الدعاة والعلماء والعوام .

  * عدم الاستفادة المثلى من الخطب والحلقات والمحاضرات والصلوات ، ومن مكانة وإمكانات وبركة المسجد ، وتهميش رسالة المسجد الأصيلة الواسعة ، وقد كان المسجد يكاد أن يكون كل شيء في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي حياة الصحابة .. وكثرة المؤسسات بالمقابل والمقرّات ، والهياكل والكليات والجامعات ، والمدراء والإدارات ، والأثاثات ،والترخيصات .... وإهدار كثير من الإمكانات في ذلك ، مع أنه كان يمكن الاستفادة منها في سدّ حاجات المحتاجين والملهوفين  والمضطهدين والمجاهدين وفي سائر قضايا المسلمين الملحّة والمأساوية في كثير من الأحيان .. والتركيز على الشكليات ، كالأعراف المستوردة في المراحل العلمية وفي الشهادات ، بحيث إن الهدْي النبوي والعرف الإسلامي التراثي الناجح على مدى 14 قرنًا ،  كالتربية التزكوية السلوكية وكالإجازات العلمية وكالحلقات أصبح في أوساط الدعاة غريبا .. والمبالغة في الشروط والتنظيمات ،كاشتراط السن واشتراط الثانوية مع أن في ذلك تضييعًا للأعمار، إذ ينقضي ما يقرب من نصف عمر الشخص وهو في التحصيل ، مع أنه كان في الماضي ببركة المنهجيــة الأصيلة في المسجد يصير إمامًا في بضع سنوات.

  * إغفال السنن و نسيان المنهجية التراثية الأصيلة في التربية و في التعليم و في الدعوة  ...  و في الانطلاق من المساجد ، والسكوت عن تضييع أوقات الطلاب والشباب في العطلات والألعاب  ووسائل الإعلام الفاسدة وغيرها .

     أهمية التجديد :

  * ليس المقصود بالتجديد المجيء بشيء جديد ، وإنما المقصود تجديد التراث المجيد نفسه بواسطة ورثة الأنبياء، بتخليصه  مما أُصيب به من الانقطاع والابتداع .

  * طروء الشوائب ، وحدوث النقص بعد الاكتمال سنة الله ، ولذلك تتابَع الأنبياء للتجديد في الأمم السابقة ، وحلّ محلهم في هذه الأمة العلماء المجدّدون  ، روى ابن جرير وابن أبي شيبة ، لما نزلت : (اليوم أكملت لكم دينكم) المائدة ، وذلك يوم الحج الأكبر بكى عمر فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ما يبكيك ؟ قال : أبكاني أنا كنا في زيادة من ديننا فأما إذ كمل فإنه لم يكمل شيء إلا نقص ! فقال : صدقت  . .   ( إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة مَن يجدد لها دينها) د ك وقال الألباني (صحيح) .

  * التجديد يكون في رأس القرن  لِمُدَّةٍ يتحدّد مقدارها في نطاق ربع قرن تقريبا ، و هي مدة رسالة النبي صلى الله عليه وسلم ، ومدة التجديد تتوزّع على جانبي رأس القرن ، لتأخذ من القرن السابق ، ومن القرن اللاحق ، تمامًا كما توزّعت سنوات دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام ، لأن الحديث ذكر أن التجديد على رأس مائة سنة ، دون تحديد البداية من سنة بعينها في حياته الدعوية عليه الصلاة والسلام ، مما يدل على أن كل سنوات دعوته بداية ، لأن الدين كان جديدا في كل واحدة منها ، بمعنى أنه تتكرّر نفس مدة سنوات الرسول الدعوية أوما يقارب عددها لكي تكون مثلها مدّة للتجديد في رأس كل قرْن .. أما في أعماق القرن ، فإن البدع  تعود للظهور والانتشار ويتكاثر الدخَن ، كما هوواقع الآن وفي طريقه للوقوع ، من أجل أن يعمل المجدّدون في رأس القرن القادم فيما بعد على المقاومة والإزالة ، وهكذا تتكرّر الدورة .

      الحرص على تمديد ما تناوله التجديد :

  * الحفاظ على ما قام به المجدّدون إلى فترة قريبة كالألباني وابن باز وابن عثيمين وعزَّام وأحمد ياسين والندوي والوادعي وغيرهم في مجالات العقيدة والشريعة والسنة والفقه والجهاد والأخلاق والعبادات والتزكية ووحدة الأمة ...إلخ . وتمديد ذلك ما أمكن في أعماق القرن .

  * ولأننا صرنا ندلِف إلى أعماق القرن الخامس عشر ، فقد أصبحت فُرَص التجديد خلال القرن  تتناقص ، ولكن لابد من محاولة الحفاظ ما أمكن على الحق ومقاومة الباطل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وماتمّ تجديده في الفترة الماضية ، و على صفات الطائفة الظاهرة الحُجَّة التي لا يضرها من خالفها ولا من خذلها ، وتحمّل الابتلاء ، وسؤال الله العافية .

  * على الخطباء أن يحرصوا على المحافظة على ما تمّ تجديده من رسالة المسجد المتنوعة في التعليم والدعوة وجمع الكلمة ، ومرجعية العلماء وأهل السنة والجماعة ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،وأحكام الخطبة والإمامة ، وردّ المستوردات ....إلخ .

 

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©