المرجعية الشرعية للعلماء :

محاضرة في دورة المتخرجين من جامعة الإيمان المتقدمين للوظيفة في الدولة في 7 من رجب 1429هـ الموافق 8 يوليو 2008م

 

     مرجعية العلماء في الدنيا والآخرة :

     * (أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى) الرعد. (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) الزمر . (اتخذ الناس رؤوسًا جهالًا فسُئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا) متفق عليه . ( ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة .... وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون) الروم .

    * ويلزم من ذلك :

    1- معرفة رتبتهم وأنهم بعد الأنبياء:(العلماء ورثة الأنبياء)حم 4 حب ، قال الألباني : (صحيح).   

   2- تعظيم حقهم :  (ليس منا من لم يجلَّ كبيرنا، و يرحم صغيرنا، و يعرف لعالمنا حقه) حم ك عن عبادة بن الصامت . قال الألباني : ( حسن). (يرفع الله الذين آمنوا منكم - على من لم يؤمن - والذين أوتوا العلم - على من لم يؤت العلم من المؤمنين - درجات) المجادلة .

    3- طاعتهم : (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ،فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ... ) النساء.  جاء في تفسير الشوكاني :وأولو الأمر : هم الأئمة والسلاطين والقضاة وكل من كانت له ولاية شرعية لا ولاية طاغوتية والمراد طاعتهم فيما يأمرون به وينهون عنه ما لم تكن معصية ... وقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عباس أن الآية نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي إذ بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية وقصته معروفة ... وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : (وأولي الأمر منكم) هم الأمراء، وفي لفظ هم أمراء السرايا،....وقال جابر بن عبد الله ومجاهد : إن أولي الأمر : هم أهل القرآن والعلم وبه قال مالك والضحاك ، وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن عطاء في الآية (وأولي الأمر)، قال : أولي الفقه والعلم ، وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والحكيم الترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن جابر بن عبد الله في قوله : (وأولي الأمر منكم )، قال : أهل العلم  ، وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد نحوه، وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن أبي العالية نحوه أيضا.     

    4- سؤالهم : ( ...ثم إني سألت أهل العلم فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام وإنما الرجم على امرأته) متفق عليه . (فاسالوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) قال الشوكاني : اسألوا أهل الكتاب من غير تقييد بمؤمنيهم كما يفيده الظاهر فإنهم كانوا يعترفون بذلك ولا يكتمونه ، وقيل: المعنى فاسألوا أهل القرآن.... وأهل الذكر هم أهل الكتاب كما تقدم ، وقال الزجاج : اسألوا كل من يُذكَر بعلْم.  

     5- الردّ إليهم عند الحاجة : (فردوه إلى الله والرسول )  قال الشوكاني : وليس الردّ في هذه الآية إلا الردّ المذكور في قوله تعالى: (ولوردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمــه الذين يستنبطونه منهم ) ... وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول)، قال : إلى كتاب الله وسنة رسوله ثم قرأ (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم), وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ميمون بن مهران في الآية قال : الرد إلى الله الرد إلى كتابه والرد إلى رسوله ما دام حيا فإذا قبض فإلى سنته وأخرج ابن جرير عن قتادة والسدي مثله قوله: (إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) فيه دليل على أن هذا الردّ متحتِّم... والإشارة بقوله : (ذلك) إلى الرد المأمور به (خير)لكم (وأحسن تأويلا) ، وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله: (ذلك خير وأحسن تأويلا) يقول : ذلك أحسن ثوابا وخير عاقبة .

      شروط العالم :

     *جاء في في (أدب المفتي والمستفتي) لابن الصلاح أنها:  التكليف، والإسلام، والعدالة (التزكية) ، والمعرفة بأدلة العقيدة والأحكام من الكتاب والسنة والإجماع والقياس ، والمعرفة باللغة والأصول والناسخ والمنسوخ ، والمعرفة بالعقيدة والفقه وأمهات المسائل وتفاريعها المفروغ منها، وما اتفق فيه العلماء وما اختلفوا،  بشرط أن يجيزه عـالم أو أكثر .(بتصرُّف)

     ليس المفكرون علماء:

    * لأنهم لم تتوفر فيهم المعرفة المطلوبة، وليسوا مُجازين ، تمامًا كما في كل فن لا بد من معرفة وإجازة ، ولكن المعرفة والإجازة تتبعَّض فيمكن التخصّص والإجازة في العقيدة أو العبـــادات أو المعاملات ، أو في مسائل من ذلك كما قال العلماء .

     ليس غير العدول علماء:

    * عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين " . رواه البيهقي ورواه الطبراني في مسند الشاميين عن أبي هريرة ، وذكر الألباني في (المشكاة) أنه صحيح .

     * والعدالة كما في (المختصر في أصول الفقه) للبعلي : محافظة دينية تحمل على ملازمة التقوى والمروءة ليس معها بدعة (كالاعتزال والرفض)،وتتحقق باجتناب الكبائروتـــرك الاصرار على الصغائر (كحلق اللحية وبعده كالتقصي ردون القبضة) وبعض المباح (كالإفراط في المزْح) . قال في (المدخل) لابن بدران : وتحصل بأداء الواجبات واجتناب المحظورات ولواحقها، وتعرف عدالة الشخص بأمور أحدها: المعاملة والمخالطة المُطْلِعة في العادة على خبايا النفوس ودسائسها.   الثاني :التزكية وهي ثناء من تثبتت عدالته عليه وشهادته له بالعدالة.    الثالث : السمعة الجميلة المتواترة أو المستفيضة وبمثلها عرف عدالة كثير من أئمة السلف .

    * ولا بد من الجرح والتعديل حتى تتمحض المرجعية في العدول . ففي مقدمة مسلم حدثنا حسن بن الربيع حدثنا حماد بن زيد عن أيوب وهشام عن محمد حدثنا فضيل عن هشام قال وحدثنا مخلد بن  حسين عن هشام عن محمد بن سيرين قال : إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم .        

    * والعصبية تمنع العدالة إذا صارت سلوكًا لأنها جاهلية ،ومنها العصبية المذهبية أو لجماعة أولقبيلة  أولِشَعْب ( ما بال دعوى الجاهلية ؟ ... دعوها فإنها منتنة) متفق عليه .

    ضرورة العناية بالعلم الشرعي لاسيما مع تقدُّم الزمان :

    * حدثنا محمد بن يوسف حدثنا سفيان عن الزبير بن عدي قال: أتينا أنس بن مالك فشكونا إليه ما نلقى من الحجاج فقال: اصبروا فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم.   خ ت حب .   

     شرح هذا الحديث من الفتح :        

      * قال ابن بطال هذا الخبر من أعلام النبوة لإخباره صلى الله عليه وسلم بفساد الأحوال وذلك من الغيب  الذي لا يعلم إلا بالوحي انتهى  . وقد استشكل هذا الإطلاق مع ان بعض الأزمنة تكون في الشر دون التي قبلها، وقد حمله الحسن البصري على الأكثر الأغلب فسئل عن وجود عمر بن عبد العزيز بعد الحجاج فقال لا بد للناس من تنفيس ...ثم وجدت عن عبد الله بن مسعود التصريح بالمراد وهو أولى بالاتباع فأخرج يعقوب بن شيبة من طريق الحارث بن حصيرة عن زيد بن وهب قال سمعت عبد الله بن مسعود يقول لا يأتي عليكم يوم إلا وهو شر من اليوم الذي كان قبله حتى تقوم الساعة ، لست أعني رخاء من العيش يصيبه ولا مالًا يفيده، ولكن لا يأتي عليكم يوم إلا وهو أقل علما من اليوم الذي مضى قبله، فإذا ذهب العلماء استوى الناس فلا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر فعند ذلك يهلكون ، ومن طريق أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن ابن مسعود إلى قوله: شر منه .قال: فأصابتنا سنة خصب فقال ليس ذلك أعني انما أعني ذهاب العلماء. ومن طريق الشعبي عن مسروق عنه قال لا يأتي عليكم زمان إلا وهو أشر مما كان قبله، أما أني لا أعني أميرا خيرا من أمير ولا عاما خيرا من عام، ولكن علماؤكم وفقهاؤكم يذهبون ثم لا تجدون منهم خلفا، ويجيء قوم يفتون برأيهم، وفي لفظ عنه من هذا الوجه: وما ذاك بكثرة الأمطار وقلتها ، ولكن بذهاب العلماء، ثم يحدث قوم يفتون في الأمور برأيهم فيثلمون الإسلام ويهدمونه، وأخرج الدارمي الأول من طريق الشعبي بلفظ: لست أعني عاما أخصب من عام، والباقي مثله وزاد وخياركم ، قبل قوله وفقهاؤكم.

    ومما يؤكد ما سبق الحديث المتفق عليه: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه .... اتخذ الناس رؤوسًا جهالًا فسُئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا)

     الإيمان (التزكية والعمل) قبل القرآن (العلم) :

     * قدم القرآن التزكية على العلم في ثلاث آيات (ويزكيهم ويعلمهم) آل عمران .  (إنما يخشى الله  من عباده العلماء) فاطر . يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه ، قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون) الزمر . (إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا .... ويزيدهم خشوعا) الإسراء .    

    عن أبي الدرداء : قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فشخص ببصره إلى السماء ثم قال : (هذا أوان يختلس العلم من الناس حتى لا يقدروا منه على شيء)، فقال زياد بن لبيد الأنصاري كيف يختلس العلم منا وقد قرأنا القرآن فوالله لنقرأنه ولنقرئنه نساءنا وأبناءنا؟ فقال : (ثكلتك أمك يا زياد إن كنت لأعدك من فقهاء أهل المدينة، هذه التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى فماذا تغني عنهم ؟) قال جبير : فلقيت عبادة بن الصامت قلت ألا تسمع إلى مايقول أخوك أبو الدرداء ؟ فأخبرته بالذي قاله أبو الدرداء، قال: صدق أبو الدرداء إن شئت لأحدثنك بأول علم يرفع من الناس ، الخشوع يوشك أن تدخل مسجد جماعة فلا ترى فيه رجلا خاشعا قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب و معاوية بن صالح ثقة عند أهل الحديث ولا نعلم أحدا تكلم فيه غير يحيى بن سعيد القطان وقد روي عن معاوية بن صالح نحو هذا وروى بعضهم هذا الحديث عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم  .قال الشيخ الألباني: صحيح، ورواه الحاكم وقال صحيح ووافقه الذهبي .

    وروى الحاكم عن ابن عمر قال : لقد عشنا برهة من دهرنا و إن أحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن، و تنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم فيتعلم حلالها و حرامها و ما ينبغي أن يوقف عنده فيها،كما تعلَّمون أنتم القرآن،  ثم قال : لقد رأيت رجالا يؤتى أحدهم القرآن فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما آمره و لا زاجره، و لا ما ينبغي أن يوقف عنده منه، ينثره نثر الدقل.قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لا أعرف له علة و لم يخرجاه ،وقال الذهبي : على شرطهما ولا علة له .ورواه هق  طب.وروى هق مثله عن حذيفة ،وروى ابن ماجه مثله عن جندب وذكر البوصيري والألباني أنه صحيح.

    وعن عبد الله رضي الله عنه قال : كنا إذا تعلمنا من النبي صلى الله عليه و سلم عشر آيات من القرآن لم نتعلم من العشر الذي نزلت بعدها حتى نعلم ما فيه قيل لشريك من العمل ؟ قال : نعم , رواه الحاكم وقال هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه ورواه ابن جرير وهق

   وقال السيوطي في الدر المنثور :أخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن جرير وابن المنذر والمرهبي في فضل العلم عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : حدثنا من كان يقرئنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يأخذون من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر آيات، فلا يأخذون في العشر الأخرى حتى يعلموا ما في هذه من العلم والعمل، قال : فتعلمنا العلم والعمل.

     قال ابن تيمية في الفتاوى ج31 : وقد قال أبو عبد الرحمن السلمي حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن كعثمان بن عفان وعبدالله بن مسعود وغيرهما أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا، ولهذا كانوا يبقون مدة فى حفظ السورة، وقال أنس :كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جلّ فى أعيننا، وأقام ابن عمر على حفظ البقرة عدة سنين قيل ثمان سنين . ذكره مالك .    

     تبعُّض الاجتهاد وسهولته و منهج (لا أعلم):

    * قال ابن الصلاح في (أدب المفتي والمستفتي): إنما يشترط اجتماع العلوم المذكورة في المفتي المطلق في جميع أبواب الشرع ،أما المفتي في باب خاص من العلم، نحو علم المناسك أو علم الفرائض أو غيرهما، فلا يشترط فيه جميع ذلك ،ومن الجائز أن ينال الإنسان منصب الفتوى والاجتهاد في بعض الأبواب دون بعض، فمن عرف القياس وطرقه وليس عالما بالحديث، فله أن يفتي في مسائل قياسية يعلم أنه لا تعلق لها بالحديث، ومن عرف أصول علم المواريث وأحكامها جاز أن يفتي فيها، وإن لم يكن عالما بأحاديث النكاح ولا عارفا بما يجوز له الفتوى في غير ذلك من أبواب الفقه، قطع بجوازه الغزالي وابن برهان وغيرهما.

     * قال ابن القيم في (إعلام الموقعين) :     

      قال ابن وهب وقال مالك كان رسول الله ص - إمام المسلمين وسيد العالمين يسأل عن الشيء فلا يجيب حتى يأتيه الوحي من السماء ، فإذا كان رسول رب العالمين لا يجيب إلا بالوحي وإلا لم يجب.

     وقال ابن أبي حاتم ثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي ثنا وهب بن إسماعيل عن داود الأودي قال قال لي الشعبي احفظ عني ثلاثا ...وإذا سئلت عما لا تعلم فقل لا أعلم وأنا شريكك.

      وقال عمر: العلم ثلاثة كتاب ناطق وسنة ماضية ولا أدري، وقال لأبي الشعثاء: لا تفتين إلا بكتاب ناطق أو سنة ماضية .

      وقال سفيان الثوري عن أبي إسحاق الشيباني قال سمعت عبد الله بن أبي أوفى يقول: نهى رسول الله ص عن نبيذ الجر الأخضر، قلت فالأبيض؟ قال لا أدري. ولم يقل: وأي فرق بين الأخضر والأبيض؟

      وقال سنيد بن داود حدثنا محمد بن فضل عن سالم بن أبي حفصة عن منذر الثوري عن الربيع بن خثيم أنه قال قال عبد الله: ما علمك الله في كتابه فاحمد الله، وما استأثر به عليك من علم فكِلْه إلى عالمه، ولا تتكلف فإن الله عز وجل يقول لنبيه: (قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين) ص.

     وقال سعيد بن منصور حدثنا خلف بن خليفة ثنا أبو زيد عن الشعبي قال قال ابن مسعود: ... وإذا سئل أحدكم عما لا يعلم فليقل لا أعلم فإنه ثلث العلم .

       وصح عنه في المفوِّضة أنه قال أقول فيها برأيي فإن يكن صوابا فمن الله وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريء منه .انتهى النقل من إعلام الموقعين) .

       وبسبب فتح باب الاجتهاد،ويُسْرالشرع في ذلك اشتهر عن أبي بكر وعمر والراشدين البحث والسؤال ولتراجع عن الاجتهادات  ( ميراث الجدة ـ الأبّ ـ  محاولة تحديد المهر ـ الطاعون ـ حد الشرب ـ الحمارية  ـ الطلاق بالثلاث )، وكان للشافعي مذهبان ،ولأحمد روايات متعددة، وقد بيَّن الشوكاني في أدب الطلب سهولة السير في طريق الاجتهاد للمؤهّل . والتجديد ماهو إلا من المجتهدين .

     (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها) د ك  . قال الألباني: ( صحيح ) . وقال في السلسلة : أشار الإمام أحمد إلى صحة الحديث ؛ فقد ذكر الذهبي في سير الأعلام : قال أحمد بن حنبل من طرق عنه : إن الله يقيض للناس في رأس كل مائة من يعلمهم السنن وينفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذب قال : فنظرنا ؛ فإذا في رأس المائة عمر بن عبد العزيز وفي رأس المائتين الشافعي اهـ .

   ولذلك لا ينبغي الوقوف عند تشدّدات المذاهب في المنع من الاجتهاد ، فهو من الدخَن (وما دَخَنه ؟ قال قوم يهدون بغير هدْيي تعرف منهم وتُنكِر) متفق عليه . وقد قال تعالى: ( وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) الأعراف .

      لابد من مرجعية من العلماء في جميع المجالات:

    * (فإن تنازعتم ...) النساء. (ولو ردُّوه...) النساء. (فلا وربك لا يؤمنون حتى يُحكّموك ) النساء .(ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء)  النحل.(استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) الأنفال.      

      (كان القراء (العلماء) أصحاب مجلس عمرومشاورته كهولًا كانوا أوشبانا) خ .  ولا بد من الأهلية العلمية ، قال ابن عباس: (كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر فكأن بعضهم وجد في نفسه فقال لم تدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله ؟ فقال عمر إنه مِن حيث علمتم، فدعاه ذات يوم فأدخله معهم فما رأيت أنه دعاني يومئذ إلا ليريهم ...) خ .     قال الحافظ في (الفتح) : وقد روى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال قال المهاجرون لعمر: ألا تدعو أبناءنا كما تدعو ابن عباس قال ذاكم فتى الكهول إن له لسانا سئولا وقلبا عقولا .

     لابد من مجالس علماء للجمعيات  والنقابات والمؤسسات والشركات والوزارات والمديريات والمحافظات والجامعات والجماعات والصحف والمجلات والقنوات ومواقع الانترنت والمعسكرات....  وسائر التشكيلات، كما هو موجود حاليا في بعض الجمعيات وفي البنوك الإسلامية،ولا يشترك فيها غير العلماء إلا من باب المشورة الفنية دون أن يكون لهم تصويت ، ويكون الإجماع أو الأغلبية للعلماء. وهذا ما هو حاصل في المجامع الفقهية ، كما ذكرلنا الشيخ السالوس ، و تكون القرارات مُلزمة .

     *ولا بد أن نعمل على الدعوة إلى ذلك وتعميمه ، وأنتم المتخرجون من الجامعات الشرعية أولى الناس بالتوعية بذلك، وكما يحتاج الناس إلى نشر الأطباء ورجال الأمن في كل المرافق والمناطق فبالأولى نشْر العلماء ، وبالله التوفيق .

 

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©