لسماع
الخطبة اضغط على الرابط التالي:
http://www.ssadek.com/jomaa/wasl.mp3
عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ـ قَالَ
سُفْيَانُ لَمْ يَرْفَعْهُ الْأَعْمَشُ إِلَى
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَرَفَعَهُ حَسَنٌ وَفِطْرٌ ـ عَنْ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ ، وَلَكِنْ
الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ ـ والأكثر
قَطَعتْ بالفتح ـ رَحِمُهُ وَصَلَهَا) وفي
رواية قطَعتْه رحمه ، وفي رواية انقطعت رحمه ،
رواه البخاري وأبو داود والترمذي وأحمد .
مِمّا ذكره الحافظ في (الفتح) :
وَأَخْرَجَهُ أَحْمَد عَنْ جَمَاعَة مِنْ
شُيُوخه عَنْ فِطْر مَرْفُوعًا وَزَادَ فِي
أَوَّل الْحَدِيث : " إِنَّ الرَّحِم
مُعَلَّقَة بِالْعَرْشِ ، وَلَيْسَ الْوَاصِل
بِالْمُكَافِئِ " الْحَدِيث .
قَوْله : ( لَيْسَ الْوَاصِل
بِالْمُكَافِئِ ) أَيْ الَّذِي يُعْطِي
لِغَيْرِهِ نَظِير مَا أَعْطَاهُ ذَلِكَ
الْغَيْر ، وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْد الرَّزَّاق
عَنْ عُمَر مَوْقُوفًا " لَيْسَ الْوَصْل أَنْ
تَصِل مَنْ وَصَلَك ، ذَلِكَ الْقَصَاص ،
وَلَكِنَّ الْوَصْل أَنْ تَصِل مَنْ قَطَعَك "
.
قَوْله : ( وَلَكِنْ ) قَالَ الطِّيبِيّ
الرِّوَايَة فِيهِ بِالتَّشْدِيدِ وَيَجُوز
التَّخْفِيف .
قَوْله :( الْوَاصِل الَّذِي إِذَا
قُطِعَتْ رَحِمه وَصَلَهَا ) أَيْ الَّذِي
إِذَا مُنِعَ أَعْطَى ، وَ " قُطِعَتْ "
ضُبِطَتْ فِي بَعْض الرِّوَايَات بِضَمِّ
أَوَّله وَكَسْر ثَانِيه عَلَى الْبِنَاء
لِلْمَجْهُولِ ، وَفِي أَكْثَرهَا
بِفَتْحَتَيْنِ ، قَالَ الطِّيبِيُّ :
الْمَعْنَى لَيْسَتْ حَقِيقَة الْوَاصِل
وَمَنْ يُعْتَدّ بِصِلَتِهِ مَنْ يُكَافِئ
صَاحِبه بِمِثْلِ فِعْله ، وَلَكِنَّهُ مَنْ
يَتَفَضَّل عَلَى صَاحِبه .
وَقَالَ شَيْخنَا فِي " شَرْح
التِّرْمِذِيّ " الْمُرَاد بِالْوَاصِلِ فِي
هَذَا الْحَدِيث الْكَامِل ، فَإِنَّ فِي
الْمُكَافَأَة نَوْع صِلَة ، بِخِلَافِ مَنْ
إِذَا وَصَلَهُ قَرِيبه لَمْ يُكَافِئهُ
فَإِنَّ فِيهِ قَطْعًا بِإِعْرَاضِهِ عَنْ
ذَلِكَ ، وَهُوَ مِنْ قَبِيل " لَيْسَ
الشَّدِيد بِالصُّرْعَةِ ، وَلَيْسَ الْغِنَى
عَنْ كَثْرَة الْعَرَض " اِنْتَهَى .
الناس في صلة الرحم ثلاث درجات :
وَأَقُول : لَا يَلْزَم مِنْ نَفْي
الْوَصْل ثُبُوت الْقَطْع فَهُمْ ثَلَاث
دَرَجَات : وَاصِل وَمُكَافِئ وَقَاطِع ،
فَالْوَاصِل مَنْ يَتَفَضَّل وَلَا يُتَفَضَّل
عَلَيْهِ ، وَالْمُكَافِئ الَّذِي لَا يَزِيد
فِي الْإِعْطَاء عَلَى مَا يَأْخُذ ،
وَالْقَاطِع الَّذِي يُتَفَضَّل عَلَيْهِ
وَلَا يَتَفَضَّل . وَكَمَا تَقَع
الْمُكَافَأَة بِالصِّلَةِ مِنْ
الْجَانِبَيْنِ كَذَلِكَ يَقَع
بِالْمُقَاطَعَةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ ،
فَمَنْ بَدَأَ حِينَئِذٍ فَهُوَ الْوَاصِل ،
فَإِنْ جُوزِيَ سُمِّيَ مَنْ جَازَاهُ
مُكَافِئًا ، وَاَللَّه أَعْلَم .
ادفع بالتي هي أحسن :
صلة الرحم من الفروض لأن قطْع الرحم من
الكبائر قال تعالى :
(فَهَلْ
عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا
فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ)
محمد . والمسلم يتحرَّى دوماً الأفضل وهو أن
لا يكتفي بالإحسان إلى من أحسن إليه فقط ،
وإنما يبادر بالإحسان ابتداء بل يقابل الاساءة
بالإحسان . قال تعالى :
(وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا
السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ
عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) فصلت .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا
قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ : إِنَّ لِي
قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي ،
وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ ،
وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ
،فَقَالَ : (لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ
فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمْ
الْمَلَّ ـ تُطعمهم الرماد الحار ـ ، وَلَا
يَزَالُ مَعَكَ مِنْ اللَّهِ ظَهِيرٌ
عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ)
. وقال
عليه الصلاة والسلام : (أدِّ
الأمانةَ إلى من
ائتمنك و لا تخن من خانك)
. ( تخ د ت ك ) عن أبي هريرة . ( قط الضياء )
عن أنس . ( طب ) عن أبي أمامة . ( د ) عن رجل
من الصحابة . ( قط ) عن أبي بن كعب . فال
الألباني صحيح .
والرحم أيضا بين الشعوب المسلمة ومع غير
المسلمين :
عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ مِصْرَ وَهِيَ
أَرْضٌ يُسَمَّى فِيهَا الْقِيرَاطُ ، فَإِذَا
فَتَحْتُمُوهَا فَأَحْسِنُوا إِلَى أَهْلِهَا
فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا ، أَوْ
قَالَ ذِمَّةً وَصِهْرًا ، فَإِذَا رَأَيْتَ
رَجُلَيْنِ يَخْتَصِمَانِ فِيهَا فِي مَوْضِعِ
لَبِنَةٍ فَاخْرُجْ مِنْهَا) قَالَ فَرَأَيْتُ
عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ شُرَحْبِيلَ بْنِ
حَسَنَةَ وَأَخَاهُ رَبِيعَةَ يَخْتَصِمَانِ
فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَخَرَجْتُ مِنْهَا ،
رواه مسلم .
من شرح النووي : الْقِيرَاط جُزْء مِن
الدِّينَار وَالدِّرْهَم . والذِّمَّة
الْحُرْمَة وَالْحَقّ ، من الذِّمَام .
وَأَمَّا الرَّحِم فَلِكَوْنِ هَاجَرَ أُمّ
إِسْمَاعِيل مِنْهُمْ ، وَفِي الحديث
مُعْجِزَات ظَاهِرَة لِرَسُولِ اللَّه ،
وَأَمَّا الصِّهْرفَلِكَوْنِ مَارِيَة أُمّ
إِبْرَاهِيم مِنْهُمْ .
وعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ
:
قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ
فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ إِذْ عَاهَدَهُمْ ،
فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ : يَا
رَسُولَ اللَّهِ قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي
وَهِيَ رَاغِبَةٌ أَفَأَصِلُ أُمِّي؟ قَالَ :
(نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ) رواه مسلم .
والعلاقة بين الشعوب الإسلامية يجب أن
يسودها الأُخوَّة وصلة الرحم وولاء العقيدة
والدين ، وذلك أعظم من الوحدة ..ومصر يجب أن
تُراعي غزة ، وتوقِف حصارها ، وإلا فنخشى أن
يكون الظهير من الله عليهم ما نسمعه من التآمر
على النيل من دولٍ أفريقية ، و لا قوة إلا
بالله . و كذلك نرجو من دول جزيرة العرب التي
أنعم الله عليها بالثراء مراعاة اليمن وسائر
شعوب المسلمين ، وإلا فنخشى من تمادي ابتزاز
الصليبيين لهم في المليارات تِلْو المليارات ،
قال تعالى في نصح قوم قارون لقارون : (و
َابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ
الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ
الدُّنْيَا ، وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ
اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي
الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ
الْمُفْسِدِينَ) القصص . |