التشريع لله و ليس للبرلمانات

خطبة جمعة في الإصلاح في 24ربيع أول1430هـ 20مارس2009م

  لسماع الخطبة اضغط على الرابط التالي:

http://www.ssadek.com/jomaa/tshree.mp3

     *الله هو الذي خلق البشر وهو وحده الذي يأمرهم و يشرع لهم قال تعالى : (ألا له الخلْق و الأمر) الأعراف . ولذلك كان الحكم في عباده له وحده كما أن العبادة منهم له وحده قال تعالى : (إن الحكم إلا لِله أمر ألا تعبدوا إلا إيّاه ، ذلك الدين القيِّم) يوسف . ولم يترك سبحانه مجالا لغيره للتشريع (و نزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء) النحل . ولا لغير نبيه (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) النساء . و لا لغير العلماء في مجالات الاجتهاد (و لو ردُّوه إلى الرسول و إلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) النساء . وأهل الاستنباط إنما هم العلماء المجتهدون . وما صدر عن غير هذا المنهج الرباني للتشريع فهو شرك وتشريع بما لم يأذن به الله قال تعالى : (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) الشورى .

     والعلماء المجتهدون وحدهم هم مرجعية الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم لأنهم ورثة النبي صلى الله عليه و سلم ، وأي قضية في مجال التشريع لا بد من طرحها عليهم ، لأن العلماء وحدهم هم الذين يعلمون القضايا التي فيها نص و لا يجوز فيها الاجتهاد ، والقضايا التي يجوز فيها الاجتهاد ، و كيف يكون فيها الاجتهاد ، وليست المرجعية لمجالس العوام كالمؤتمرات العامة ، والبرلمانات ، و مجالس الأحزاب .

     *لا إيمان بدون التحكيم لشرع الله وَفق المنهجية المذكورة .. أخرج البخاري ومسلم وأهل السنن وغيرهم عن عبد الله بن الزبير : أن الزبير خاصم رجلا من الأنصار قد شهد بدرا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في شراجٍ من الحرَّة وكانا يسقيان به كلاهما النخل ، فقال الأنصاري : سرِّح الماء يمر . فأبى عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اسقِ يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك  . فغضب الأنصاري وقال : يا رسول الله أَنْ كان ابن عمتك ؟ فتلوَّن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : (اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدْر ثم أرسِل الماء إلى جارك) . واستوعى رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير حقه ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك أشار على الزبير برأي أراد فيه سعَةً له وللأنصاري  ، فلما أحفَظ رسولَ الله الأنصاريُّ استوعى للزبير حقه في صريح الحكم فقال الزبير: ما أحسب هذه الآية نزلت إلا في ذلك (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم) ؤ.

     قال الشوكاني في تفسيره لهذه الآية : وفي هذا الوعيد الشديد ما تقشعر له الجلود وترجف له الأفئدة ، فإنه أولا أقسم سبحانه بنفسه مؤكدا لهذا القسم بحرف النفي بأنهم لا يؤمنون ، فنفى عنهم الإيمان الذي هو رأس مال صالحي عباد الله حتى تحصل لهم غاية هي تحكيم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم لم يكتف سبحانه بذلك حتى قال (ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ) فضم إلى التحكيم أمرا آخر هو عدم وجود حرج أيِّ حرج في صدورهم ، فلا يكون مجرد التحكيم والإذعان كافيا حتى يكون من صميم القلب عن رضا واطمئنان وانثلاج قلب وطيب نفس ، ثم لم يكتف بهذا كله بل ضم إليه قوله ( ويسلِّموا ) أي : يُذعِنوا وينقادوا ظاهرا وباطنا ،ثم لم يكتف بذلك بل ضم إليه المصدر المؤكِّد فقال : ( تسليما ) فلا يثبت الإيمان لعبد حتى يقع منه هذا التحكيم ولا يجد الحرج في صدره بما قضي عليه ويسلم لحكم الله وشرعه تسليما لا يخالطه رد ولا تشويه مخالفة .ؤ

     فهل نظل في كل مرة نذكِّر بهذه البديهة العقدية ؟ لقد انفتح المجال في هذه الأيام في بلاد المسلمين للبرلمانات للتشريع ، و هنالك مصفوفة من القوانين تنادي بتعديلها منظمات من أجل إلغاء التمييز ضد المرأة مع أن التمييز أوضح من الشمس وإلا ماكان الرجل رجلا والمرأة امرأة و لا كانت السيارة سيارة ولا الطيارة طيارة ، ولا البيت بيتا ولا المسجد مسجدا  (وليس الذكر كالأنثى) آل عمران . (الرجال قوّامون على النساء) النساء . (وللرجال عليهن درجة) البقرة.ل

     ومن التعديلات منع زواج الصغير قبل السابعة عشرة  مع أن القرآن أجاز ذلك  ، وذكر عدة المطلَّقة الصغيرة (واللائي لم يحضن) الطلاق . والنبي فعل ذلك وأصحابه فقد تزوج عائشة بنت ست وزُفَّت إليه بنت تسع كما في المتفق عليه ، وأجمع المسلمون على جواز ذلك كما ذكر الحافظ في (الفتح) وغيره فليست القضية من المصالح المرسلة ، لأن فيها تشريعا ثابتا .ل

 

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©