لا حاجة للعلماء والمساجد و الحلقات إلى ترخيص

خطبة جمعة في مسجد جامعة الإيمان في 11 شعبان 1431هـ الموافق 23 يوليو 2010م

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  لسماع الخطبة اضغط على الرابط التالي:

http://www.ssadek.com/jomaa/trkis.mp3

    تولَّى الله حفظ القرآن كما تولى سبحانه تيسيره ، قال تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحِجر . و لذلك يوجد الملايين من حفظة القرآن في العالم الإسلامي حرفيّاً ، كما يوجد الملايين من حفَظة كثير من السنة حرفيّاً ، وكلاهما ذِكْر ، و قد قال عليه الصلاة والسلام : (يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين) . رواه البيهقي والخطيب وغيرهما . ولا يوجد ذلك لأي كتاب سماوي أو كتاب بشري ، لأن الله تكفل بحفظ الإسلام و لم يتكفل بحفظ أي دين آخر ، بل أَوْكَل ذلك للبشر قال تعالى في أهل الكتاب : (بما استُحْفِظوا من كتاب الله) المائدة .

     وكما تمَّ حفظ النصوص تمَّ حفظ العمل والتطبيق بالجماعة (أهل السنة والجماعة) وهم المقصودون بالأمة لأنهم معظمها ، قال تعالى : (وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ) الأعراف . وقال تعالى : (كنتم خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ...) آل عمران .

    لقد يسَّر الله قراءة القرآن وكتابته وفهمه وحفظه ، والقرآن كلام الله والكلام صفة من صفاته ،  والقرآن مُعْجِز ، ولن يتيسر للبشر ذلك لأنه أمرٌ له صلة بالله وصفته لولا تيسير الله وإذْنه ، لأنه يتصدَّع منه الجبل ، قال تعالى : (لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) الحشر .

     هذا موسى عندما أراد أن يرى الله في الدنيا لم يتيسر له ذلك ، واندكَّ الجبل ، قال تعالى : (وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ، قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ) الأعراف . وقد أذن الله لموسى بسماع كلام الله واصطفاه لذلك كما أذِن لنا واصطفانا ، قال تعالى : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا) فاطر . و لكنه لم يأذن له ولا لنا ولا لأحد من البشر برؤية الله في الدنيا .

     وحمَلَة كتاب الله تعالى والعلماء هم عدول في الجملة ـ والمساجد موضع نشاطهم  ـ و قد أذن الله لهم وللمساجد ، فلا تجوز المضايقة بل الواجب التكريم والتشجيع ، و لاسيما في هذا الزمان الذي كثرت فيه الفتن والملاهي ومنكرات الصيف والشتاء ،  عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ) رواه أبو داود وقال الألباني حسن صحيح .

     فلا يجوز فرض وصاية على العلماء والخطباء العدول و رُوَّاد المساجد في فعالياتهم و لا تعاملاتهم ، كما يحصل مع مجموعات العمال والمزارعين والحلاقين والخبازين ، وأصحاب الدكاكين  والمحلات والفنادق ، بحيث كما يحتاج هؤلاء إلى إذْنٍ و ترخيص يحتاج أولئك ، إن أولئك قد تجاوزوا القنطرة و رفعهم الله وأذِن لهم وعدَّلهم ، قال تعالى : (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) المجادلة . وقال تعالى : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ) النور .    

     والشرور غالباً والمنكرات لا تأتي من جهاتهم ، و إنما من الفنادق والمطاعم والمراكز السياحية والمعاهد الأجنبية  و أماكن اللعب  واللهو و ما على شاكلة ذلك ، وعلى ولاة الأمر أن يكون تركيزهم على مراقبة هؤلاء لا على العلماء والدعاة العدول .

     وإذاحصل تسلُّطٌ من بعض المبتدعة كالخوارج والباطنية والرافضة والعلمانيين على بعض المساجد أوتعليم القرآن ، فهؤلاء هم الذين يراقَبون من أجل بِدَعهم ، وهي حالات نادرة ، لا أن يتم تعميم ذلك !! وفي الختام يقول سبحانه : وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) البقرة .

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©