... إِلَّا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ

خطبة جمعة في مسجد جامعة الإيمان في 3 رجب 1435هـ الموافق 2 مايو 2014م

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  لسماع الخطبة عبر برنامج " الريل بلاير " اضغط على الرابط التالي:

http://www.ssadek.com/jomaa/shaar.mp3

    عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ، قَالَ: أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَلْقَى مِنَ الحَجَّاجِ، فَقَالَ : (اصْبِرُوا، فَإِنَّهُ لاَ يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلَّا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ ، حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ) سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أخرجه البخاري .

    قال الحافظ في الفتح :  الزُّبَيْر بْنُ عَدِيٍّ بِفَتْحِ الْعَيْنِ كُوفِيٌّ هَمْدَانِيٌّ وَلِيَ قَضَاءَ الرَّيِّ وَيُكْنَى أَبَا عَدِيٍّ وَهُوَ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ ...

    وَقَدْ ذَكَرَ الزُّبَيْرُ فِي الْمُوَفَّقِيَّاتِ مِنْ طَرِيقِ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ كَانَ عُمَرُ فَمَنْ بَعْدَهُ إِذَا أَخَذُوا الْعَاصِيَ أَقَامُوهُ لِلنَّاسِ وَنَزَعُوا عِمَامَتَهُ فَلَمَّا كَانَ زِيَادٌ ضَرَبَ فِي الْجِنَايَاتِ بِالسِّيَاطِ ، ثُمَّ زَادَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ حَلْقَ اللِّحْيَةِ ، فَلَمَّا كَانَ بِشْرُ بْنُ مَرْوَانَ سَمَّرَ كَفَّ الْجَانِي بِمِسْمَارٍ ، فَلَمَّا قَدِمَ الْحَجَّاجُ قَالَ هَذَا كُلُّهُ لَعِبٌ فَقَتَلَ بِالسَّيْفِ قَوْلُهُ فَقَالَ : (اصْبِرُوا...)

    ... قَالَ ابن بَطَّالٍ : هَذَا الْخَبَرُ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ لِإِخْبَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفَسَادِ الْأَحْوَالِ وَذَلِكَ مِنَ الْغَيْبِ .. وَقَدْ حَمَلَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ عَلَى الْأَكْثَرِ الْأَغْلَبِ ، فَسُئِلَ عَنْ وُجُودِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَعْدَ الْحَجَّاجِ فَقَالَ لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ تَنْفِيسٍ .

     ... ثُمَّ وَجَدْتُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ التَّصْرِيحَ بِالْمُرَادِ وَهُوَ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ ، فَأَخْرَجَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ الْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ : لَا يَأْتِي عَلَيْكُمْ يَوْمٌ إِلَّا وَهُوَ شَرٌّ مِنَ الْيَوْمِ الَّذِي كَانَ قَبْلَهُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ لَسْتُ أَعْنِي رَخَاءً مِنَ الْعَيْشِ ... وَلَكِن لَا يَأْتِي عَلَيْكُم يَوْم الا وَهُوَ أَقَلُّ عِلْمًا مِنَ الْيَوْمِ الَّذِي مَضَى قَبْلَهُ فَإِذَا ذَهَبَ الْعُلَمَاءُ اسْتَوَى النَّاسُ ، فَلَا يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَهْلكُونَ . وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ بن مَسْعُودٍ ... إِنَّمَا أَعْنِي ذَهَابَ الْعُلَمَاءِ وَمِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْهُ : عُلَمَاؤُكُمْ وَفُقَهَاؤُكُمْ يَذْهَبُونَ ثُمَّ لَا تَجِدُونَ مِنْهُمْ خَلَفًا وَيَجِيءُ قَوْمٌ يُفْتُونَ بِرَأْيِهِمْ . وَفِي لَفْظٍ عَنْهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ : بِذَهَابِ الْعُلَمَاءِ ثُمَّ يُحْدِثُ قَوْمٌ يُفْتُونَ فِي الْأُمُورِ بِرَأْيِهِمْ فَيَثْلِمُونَ الْإِسْلَامَ وَيَهْدِمُونَهُ .

    وَاسْتَشْكَلُوا أَيْضا زمَان عِيسَى بن مَرْيَمَ ... وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْأَزْمِنَةِ مَا قَبْلَ وُجُودِ الْعَلَامَاتِ الْعِظَامِ ... وَيَكُونُ الْمُرَادُ من زَمَنِ الْحَجَّاجِ فَمَا بَعْدَهُ إِلَى زَمَنِ الدَّجَّالِ ، وَأَمَّا زَمَنُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَلَهُ حُكْمٌ مُسْتَأْنَفٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ... وَاسْتدلَّ ابن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ بِأَنَّ حَدِيثَ أَنَسٍ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ بِالْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي الْمَهْدِيِّ وَأَنَّهُ يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا بَعْدَ أَنْ مُلِئَتْ جَوْرًا . اهـ . كلام الحافظ في الفتح بتصرُّف .

     وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ في سؤال أَعْرَابِيٌّ : مَتَى السَّاعَةُ ؟ حَتَّى إِذَا قَضَى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَهُ قال : (إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ) ، قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا؟ قَالَ: (إِذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ) أخرجه البخاري .

    قال الحافظ في الفتح : وَلَفْظُ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ فِي الرِّقَاقِ(إِذَا أُسْنِد) وَكَذَا رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ ، وَمُنَاسَبَةُ هَذَا  لِكِتَابِ الْعِلْمِ أَنَّ إِسْنَادَ الْأَمْرِ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ إِنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ غَلَبَةِ الْجَهْلِ وَرَفْعِ الْعِلْمِ وَذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَشْرَاطِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْعِلْمَ مَا دَامَ قَائِمًا فَفِي الْأَمْرِ فُسْحَةٌ .  اهـ .كلام الحافظ بتصرُّف .

    وعَنْ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) وَذَلِكَ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، بَكَى عُمَرُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا يُبْكِيكَ؟) قَالَ: أَبْكَانِي أَنَّا كُنَّا فِي زِيَادَةٍ مِنْ دِينِنَا، فَأَمَا إذْ أُكْمِلَ فَإِنَّهُ لَمْ يَكْمُلْ شَيْءٌ إِلَّا نَقُصَ، فَقَالَ: (صَدَقْتَ) . أخرجه ابن جرير .

     وَيَشْهَدُ لِهَذَا الْمَعْنَى الْحَدِيثُ الثَّابِتُ: "إِنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ غَرِيبًا، فَطُوبَى للغُرَبَاء". رواه مسلم .

     وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَتُنْقَضَنَّ عُرَى الْإِسْلَامِ عُرْوَةً عُرْوَةً، فَكُلَّمَا انْتَقَضَتْ عُرْوَةٌ تَشَبَّثَ النَّاسُ بِالَّتِي تَلِيهَا، وَأَوَّلُهُنَّ نَقْضًا الْحُكْمُ وَآخِرُهُنَّ الصَّلَاةُ) رواه أحمد بإسناد جيد كما في تحقيق مسند أحمد بإشراف التركي ورواه ابن حبان والحاكم والطبراني في الكبير والبيهقي في الشُّعَب وغيرهم وقال الألباني صحيح .    

     وعن حُذَيْفَةُ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ)  ثُمَّ سَكَتَ . رواه أحمد بإسناد حسن كما في تحقيق مسند أحمد بإشراف التركي ورواه الطيالسي والبزار والطبراني وغيرهم . وأورده الهيثمي في "المجمع" وقال: رواه أحمد والبزار أتمّ منه، والطبراني ببعضه في "الأوسط" ورجاله ثقات.

    وعَنْ سَفِينَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " الْخِلَافَةُ ثَلَاثُونَ عَامًا، - أي: خلافة النبوة كما في رواية أبي داود - ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ الْمُلْكُ " قَالَ سَفِينَةُ: " أَمْسِكْ خِلَافَةَ أَبِي بَكْرٍ سَنَتَيْنِ، وَخِلَافَةَ عُمَرَ عَشْرَ سِنِينَ، وَخِلَافَةَ عُثْمَانَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَخِلَافَةَ عَلِيٍّ سِتَّ سِنِينَ " أي: مع خلافة الحسن رضي الله عنهما . قاله السندي .. رواه أحمد بإسناد حسن كما في تحقيق مسند أحمد بإشراف التركي وأبو داود وابن حبان والطبراني والبزار والحاكم والبيهقي وغيرهم .

    يستفاد من الأحاديث :

    1- وجود خارطة للمراحل التي تمرُّ بها الأمة والواقع التاريخي يؤيّدها .

     2- مايجري من الشرور هو بسبب الفساد ونقْص العلم وانتشار الجهل وإسناد الأمر إلى غير أهله .

     3- سوف يعود الأمر كما كان عليه في البداية : خلافة ثم نبوة (عيسى عليه السلام) .

     4- مايجري في العالم الإسلامي هو اشتداد الظلام و زيادة الظلم والجَور كما هو ظاهر في فلسطين والعراق وسورية ومصر وليبية وغيرها و سيعقُب ذلك الفجْر والعدْل بإذن الله .

    5- ومن ذلك ما نعانيه في اليمن من حالات القتل الكثيرة دون أيّ تحقيق أو إجراءات ، والأزمات الاقتصادية وتقليل المحروقات ، وضغط الخارج بمحاولة رفع أسعار المحروقات التي يستَتْبِعها حتْمًا ارتفاع كل الأسعار ، وشيوع الاختلالات في كل المجالات ، وازدياد المخاوف هنا وهناك ،  مع حالات الكيل بمكيالين ..

    ومن الكيل بمكيالين : الحرص على تحويل أحد المعسكرات في العاصمة إلى حديقة مع بقاء المعسكرات الأخرى !! و زعْم مكافحة الإرهاب وضغط الخارج لإصدار ما يسمى قانون مكافحة الإرهاب ، مع التغاضي عن وجود مجموعات المسلحة على مشارف العاصمة وداخل أحيائها !!..

     و لكن الفرَج قريب إن شاء الله مع التوبة والاستغفار والنهي عن المنكرات ، وعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمرٍ من عنده .

    وفي الختام يقول سبحانه : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) .  

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©