لسماع
الخطبة اضغط على الرابط التالي:
http://www.ssadek.com/jomaa/sandi.mp3
قال تعالى: (وَمَا نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا
تَخْوِيفاً) الإسراء .
جاء في تفسير ابن كثير عن تأديب المؤمنين و
عقاب الكافرين :
قال قتادة: إن الله تعالى يخوِّف الناس
بما شاء من الآيات لعلهم يعتبرون ويذّكّرون
ويرجعون , ذُكِر لنا أن الكوفة رجَفتْ على عهد
ابن مسعود رضي الله عنه, فقال: يا أيها الناس
إن ربّكم يستعْتِبكم فأعتِبوه .
وهكذا رُوي أن المدينة زُلزِلتْ على عهد
عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرّات, فقال عمر:
أحدثْتُم والله ، لئن عادتْ لأفعلنّ ولأفعلنّ
.
وكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
في الحديث المتفق عليه : (إن الشمس والقمر
آيتان من آيات الله وإنهما لا ينكسفان لموت
أحد ولا لحياته , ولكن الله عز وجل يخوِّف
بهما عباده , فإذا رأيتم ذلك فافْزَعوا إلى
ذِكْره ودُعائه واستغفارِه ، - ثم قال - يا
أُمَّة محمد ، والله ما أحدٌ أغير من الله أن
يزني عبده أو تزني أمته , يا أُمَّة محمد ، و
الله لو تعلمون ما أعلم ، لضحكتم قليلاً
ولبكيتم كثيراً) ... و هذا تأديبٌ للمؤمنين ..
و أمّا الكافرون فإن الذي يحدث لهم عقابٌ
و انتقام .. قال تعالى: (وَلا يَزَالُ
الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا
صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً
مِنْ دَارِهِمْ) الرعد .
أي بسبب تكذيبهم لا تزال القوارع تصيبهم في
الدنيا أو تصيب من حولهم , ليتّعِظوا ويعتبروا
, كما قال تعالى: (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا
حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا
الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) الأحقاف ..
قال قتادة عن الحسن: (أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً
مِنْ دَارِهِمْ) أي القارعة وهذا هو الظاهر من
السياق .
وقال العوفي عن ابن عباس (تُصِيبُهُمْ
بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ) قال: عذابٌ من
السماء ينزل عليهم (أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً
مِنْ دَارِهِمْ) ، وقال عكرمة في رواية عن ابن
عباس (قَارِعَةٌ) أي نكبة ، و كلُّهم قال
(حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ) و قال الحسن
البصري: يوم القيامة
.
و مع ذلك لايَتّعِظ الكافرون .. قال
تعالى:
(وَنُخَوّفُهُمْ) أي الكفار بالوعيد والعذاب
والنكال , (فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاّ
طُغْيَاناً كَبِيراً) أي تمادياً فيما هم فيه
من الكفر والضلال , وذلك من خذلان الله لهم.اهـ
. بتصرُّف .
نماذج من عقاب الله الاستئصاليّ للكافرين
:
قال تعالى : (وَإِلَىَ
مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً فَقَالَ
يَقَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَارْجُواْ
الْيَوْمَ الآخر وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأرْضِ
مُفْسِدِينَ ، فَكَذّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ
الرّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ
جَاثِمِينَ ،
وَعَاداً وَثَمُودَ وَقَد تّبَيّنَ لَكُم مّن
مّسَاكِنِهِمْ وَزَيّنَ لَهُمُ الشّيْطَانُ
أَعْمَالَهُمْ فَصَدّهُمْ عَنِ السّبِيلِ
وَكَانُواْ مُسْتَبْصِرِينَ ، وَقَارُونَ
وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَآءَهُمْ
مّوسَىَ بِالْبَيّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُواْ فِي
الأرْضِ وَمَا كَانُواْ سَابِقِينَ ، فَكُلاّ
أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مّن
أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً ، وَمِنْهُمْ
مّنْ أَخَذَتْهُ الصّيْحَةُ ، وَمِنـْهُمْ
مّنْ خَسَفْنَا بِهِ الأرْضَ ، وَمِنْهُمْ
مّنْ أَغْرَقْنَا ، وَمَا كَانَ اللّهُ
لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوَاْ أَنفُسَهُمْ
يَظْلِمُونَ)
العنكبوت .
و قال تعالى : (كَذّبَتْ
ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ ، فَأَمّا
ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بِالطّاغِيَةِ ،
وَأَمَا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ
عَاتِيَةٍ ، سَخّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ
لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيّامٍ حُسُوماً ،
فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىَ كَأَنّهُمْ
أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ، فَهَلْ تَرَىَ
لَهُم مّن بَاقِيَةٍ ، وَجَآءَ فِرْعَوْنُ
وَمَن قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ
بِالْخَاطِئَةِ ، فَعَصَوْاْ رَسُولَ رَبّهِمْ
فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رّابِيَةً ، إِنّا
لَمّا طَغَا الْمَآءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي
الْجَارِيَةِ ، لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ
تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَآ أُذُنٌ وَاعِيَةٌ)
الحاقة .
إعصار سانْدِي في أمريكا عقابٌ ، و الزلزال
الخفيف جنوب صنعاء تأديب :
إعصار ساندي الذي أصاب شرق الولايات
المتحدة و كانت الخسائر فيه عشرات المليارات
من الدولارات مثلٌ قريبٌ في القوارع التي تصيب
الكافرين ، و الأعاصير متتابعةٌ على أمريكا ،
إضافةً إلى الإفلاس ، وفشَل السياسات و ازدياد
الكراهية ضدّها حتى قال السوريون في إحدى
جُمَعِهم : (يا أمريكا أمَا شَبِع حِقْدُك من
دمائنا؟) ، إضافةً إلى استهتارها في الإساءة
إلى مقدّسات الإسلام .. و قد تراجعتْ أمريكا
إلى حدٍّ كبيرٍ عن كونها القطْب الأوحد كما
كان سائدًا ، و كذلك الغرب عمومًا في إفلاساته
و سياساته و إساءاته تراجع نُفُوذُهُ كثيرًا
إلى الخلْف .
و القوارع الحالية النازلة بالكافرين و
تناقُص نُفُوذِهم و سقوط عدَدٍ من عملائهم
الحكّام في بلاد المسلمين تمهيدٌ إن شاء الله
لِكسْر شوكتهم و هيمنتهم على ديار المسلمين ،
حتى يتمكّن المسلمون من التقاط أنفاسهم ، و
استعادة خلافتهم الشاملة إن شاء الله على رأس
مائة سنة من سقوطها ، كما قال الله عن بني
إسرائيل : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى
الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ ،
وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ
الْوَارِثِينَ ، وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي
الْأَرْضِ ، وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ
وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا
يَحْذَرُونَ) القَصَص . و كما قال سبحانه :
(قَالُوَاْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أن
تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا ،
قَالَ عَسَىَ رَبّكُمْ أن يُهْلِكَ عَدُوّكُمْ
وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأرْضِ فَيَنظُرَ
كَيْفَ تَعْمَلُونَ) الأعراف .
و الزلزال الخفيف في جنوب صنعاءَ قبل
يومين تخويفٌ مُلْفِت ، و مثْل ذلك أو أشدّ
منه ـ لكنه قد لا يلتَفِتُ إليه الغافلون ـ :
ضعْف الأمْن ، و تربُّص الأقليات
المُتَعَلْمِنَة أو المُبْتدِعة أو المُتآمِرة
في الإعداد للاستيلاء على السُّلطة ، مع
الكلام النّظَري على أوهام الحِوار بعيداً عن
منهجية الشريعة و عن مرجعية العلماء الحاسمة
فيما يجوز و ما لا يجوز ، و بعيدًا حتى عن أرض
اليمن في مكان الانعقاد ، لتسجيل مواقف
تآمُريَّةٍ في أمان ، و تقديم (فيتو) الرُّعاة
الأجانب (سفراء الدّول الكبرى) على (فيتو)
العلماء و رعايتهم ، بل عدَم وضْعِ أيِّ
اعتبارٍ للعلماء .
و ما ينزل على المؤمنين الغاية منه
التأديب كما يفعل الأب مع أولاده ، قال تعالى
: (و ما أصابَكم من مصيبةٍ فبما كسبتْ أيديْكم
و يعفُو عن كثير) الشورى .
و أمّا ما يقع على الكافرين فهو عذاب و
انتقام قد يصل إلى الاستئصال ، قال تعالى : (و
من أظلمُ مِمَّن كذّب بآياتِ ربِّهِ ثمَّ
أعرضَ عنها إنّا من المُجْرِمينَ
مُنْتَقِمُون) الم السجدة .
و في الختام يقول سبحانه حكايةً عن
المؤمنين في التوعُّد للكافرين : ( ... و نحن
نتربّصُ أن يُصيبَكم اللهُ بعذابٍ مِن عندِهِ
، أو بأيدينا) التوبة . |