وما أبرئ نفسي

خطبة جمعة في مسجد جامعة الإيمان في 14 صفر 1431هـ الموافق 29 يناير 2010م

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  لسماع الخطبة اضغط على الرابط التالي:

http://www.ssadek.com/jomaa/obre.mp3

    *النفس البشرية معرَّضة للذنوب ، ولا يجوز تزكيتها بمعنى مدحها قال تعالى : ( فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ) النجم . وقال تعالى منكراً على مَن يفعل ذلك : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً ) النساء . وقال صلى الله عليه وسلم لشخص مدح شخصا في حضرته ( ويلك ! قطعت عنق صاحبك من كان منكم مادحا أخاه لا محالة فليقل : أحسب فلانا و الله حسيبه ، و لا أزكي على الله أحدا ، أحسبه كذا و كذا إن كان يعلم ذلك منه ) رواه الجماعة إلا الترمذي والنسائي عن أبي بكرة . ولما أثنى رجل على عثمان في وجهه حثا المقداد في وجهه التراب وقال إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب ) رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي عن المقداد بن الأسود .

    *والأنبياء عليهم الصلاة والسلام رغم عصمتهم لا يبرئون أنفسهم ويستغفرون قال ابن كثير إن أبا حاتم وابن جرير ذكرا أن يوسف هو الذي قال كما حكى الله : ( وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) يوسف . وقال الشوكاني في تفسيره إن أكثر المفسرين قالوا ذلك . والأنبياء في يوم القيامة يمتنعون عن الشفاعة ويذكرون ذنوبا وكل منهم يقول : ( نفسي نفسي ) كما في المتفق عليه . والنبي صلى الله عليه وسلم كان يستغفر الله ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ) رواه البخاري . ونوح استغفر قال الله عنه : ( رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ) نوح . وحكى الله عن يونس : ( وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) الأنبياء . وغير ذلك من النصوص عن استغفار الأنبياء . وهكذا الصالحون قال تعالى : ( وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا ) آل عمران. والذي بين جنبيه نفس أمّارة وشيطان يجري مجرى الدم وقلب متقلِّب كيف يطمئن؟

     *ولا يمكن أن يتزكى الإنسان إلا إذا زكَّاه الله قال تعالى : ( وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) النور .  وعن زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو : ( اللهم إني أعوذ بك من العجز و الكسل و الجبن و البخل و الهرم و عذاب القبر و فتنة الدجال ، اللهم آت نفسي تقواها، و زكها أنت خير من زكاها أنت وليها و مولاها، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع و من قلب لا يخشع و من نفس لا تشبع و من دعوة لا يستجاب لها ) رواه مسلم وأحمد والنسائي وغيرهم .

   * ونحن في هذه الظروف إنما سبب مافينا من الفتن وتداعي الأمم نفوسنا وذنوبنا قال تعالى : ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )الرعد. وقال تعالى:( قل هو من عند أنفسكم ) آل عمران . فلا يستثني أحد نفسه ولا يزكيها ، ولا يد أن نتوب جميعا توبة نصوحا قال تعالى:   ( وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ) النور .

 

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©