قل اللهم مالك المُلْك

خطبة جمعة في مسجد جامعة الإيمان في 23 ربيع الأول 1432هـ الموافق 25 فبراير 2011م

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  لسماع الخطبة اضغط على الرابط التالي:

http://www.ssadek.com/jomaa/malk.mp3

    قال تعالى : (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) آل عمران.

     قال الشوكاني في تفسيره : الظاهر شمول الملك لما يصدق عليه اسم الملك من غير تخصيص ، و يدخل في ذلك النبوّة .

     أخرج ابن أبي الدنيا ، والطبراني ، عن معاذ أنه شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ديناً عليه ، فعلَّمه أن يتلو هذه الآية ، ثم يقول : (رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ، تعطي من تشاء منهما وتمنع من تشاء ، ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك ، اللهم أغنني من الفقر واقض عني الدين) وأخرج الطبراني في الصغير من حديث أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ : (ألا أعلمك دعاء تدعو به لو كان عليك مثل جبل أحد دينا لأداه الله عنك) فذكره ، وإسناده جيد .

     وأخرج ابن جرير ، وأبو الشيخ ، عن الحسن في تفسير الآية قال : تُخرج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن ، والمؤمن عبد حيّ الفؤاد والكافر عبد ميت الفؤاد . وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي ، عن سلمان الفارسي نحوه . وأخرج ابن مردويه عنه مرفوعاً نحوه وأخرجه أيضاً عنه أو عن ابن مسعود مرفوعاً .

     وأخرج عبد الرزاق وابن سعد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عبيد الله بن عبد الله : أن خالدة بنت الأسود بن عبد يغوث دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم  فقال : (من هذه؟) قيل : خالدة بنت الأسود ، قال : (سبحان الذي يخرج الحيّ من الميت) وكانت امرأة صالحة وكان أبوها كافراً . وأخرج ابن سعد  عن عائشة مثله .

     (تُولِجُ اليل فِى النهار وَتُولِجُ النهار فِى الليل) أي : تدخل ما نقص من أحدهما في الآخر ، وقيل : المعنى تُعاقِب بينهما ، ويكون زوال أحدهما ولوجاً في الآخر وأخرج عبد بن حميد  وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن مسعود قال : تأخذ الصيف من الشتاء ، وتأخذ الشتاء من الصيف . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس قال : ما نقص من النهار تجعله في الليل ، وما نقص من الليل تجعله في النهار ....

     (بِغَيْرِ حِسَابٍ) أي : بغير تضييق ، ولا تقتير ، كما تقول : فلان يعطي بغير حساب ، والباء متعلقة بمحذوف وقع حالاً . اهـ المنقول من تفسير الشوكاني بتصرُّف .

     و من إخراج الحي من الميت إخراج النبات الحي من الأرض الميتة كما تدل على ذلك آيات منها قوله تعالى : (وَآيَةٌ لَّهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ) يس ، ومن ذلك إخراج خلايا الجسم الحية من الطعام الميت .  و من إخراج الميت من الحي إخراج الخشب وسائر المشتقات كالدقيق ونحوه من النبات الحي  ، وإخراج الفضلات الميتة من الإنسان الحي .

     و جاء في الظلال : في قوامة الله الخير كل الخير . فهو يتولاها سبحانه بالقسط والعدل . يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء بالقسط والعدل . ويعز من يشاء ويذل من يشاء بالقسط والعدل  : (بيدك الخير إنك على كل شيء قدير) . .

    وهذه القوامة هي من القوامة الكبرى على شؤون الكون والحياة على الإطلاق : (تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل؛ وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي؛ وترزق من تشاء بغير حساب) . .

     حركة إيلاج الليل في النهار وإيلاج النهار في الليل؛ وإخراج الحي من الميت وإخراج الميت من الحي . . الحركة التي تدل على الله بلا شبهة ولا جدال ، سواء كان معنى إيلاج الليل في النهار وإيلاج النهار في الليل هو أخْذ هذا من ذاك وأخْذ ذاك من هذا عند دورة الفصول . . أو كان هو دخول هذا في هذا عند دبيب الظلمة ودبيب الضياء في الأمساء والأصباح . . عندما يتسرب غبَش الليل إلى وضاءة النهار . و يتنفس الصبح في غيابة الظلام . . يطول الليل وهو يأكل من النهار في مقدم الشتاء . و يطول النهار وهو يسحب من الليل في مقدم الصيف . . وهذه أو تلك لا يدعي عاقل أنها تمضي مصادفة بلا تدبير!

     كذلك الحياة والموت ، يدب أحدهما في الآخر.. كل لحظة تمر على الحي يدب فيه الموت إلى جانب الحياة ، خلايا حية منه تموت وتذهب ، وخلايا جديدة فيه تنشأ وتعمل .

     وما ذهب منه ميتاً يعود في دورة أخرى إلى الحياة . وما نشأ فيه حياً يعود في دورة أخرى إلى الموت . . هذا في كيان الحي الواحد . . ثم تتسع الدائرة فيموت الحي كله ، ولكن خلاياه تتحول إلى ذرات تدخل في تركيب آخر ثم تدخل في جسم حي فتدب فيها الحياة . . وهكذا دورة دائبة في كل لحظة من لحظات الليل والنهار . . ولا يدعي الإنسان أنه هو الذي يصنع من هذا شيئاً . ولا يزعم أنها تتم مصادفة بلا تدبير!

حركة في كيان الكون كله وفي كيان كل حي كذلك .. تبرزها هذه الإشارة القرآنية القصيرة . . فأنى يحاول البشر أن ينعزلوا و يختاروا لأنفسهم أنظمة من صنع أهوائهم وهم قطاع من هذا الكون الذي ينظمه الحكيم العليم؟

ثم كيف يتخذ بعضهم بعضاً عبيداً ، ويتخذ بعضهم بعضاً أرباباً ، ورزق الجميع بيد الله وكلهم عيال عليه : (وترزق من تشاء بغير حساب) ..اهـ المنقول من الظلال بتصرُّف.                            

     إذا شاء الله أمراً فعَله و لو لم تكن مقدِّمات و ترتيبات من الناس وقد يكون الأمر في السعة والعظمة أكثر من استبعاب الناس و تصوُّرهم (و إذا أراد الله بقوم سوءًا فلا مردّ له) الرعد. :

     مِثْل : 1ـ نزْع طاغية كأبي جهل أو طاغية تونس أو طاغية مصر ، أو طاغية ليبيا الآن :

      قال البيهقي في (الدلائل) أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : أخبرني أبو أحمد الحسين بن علي الدارمي ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين ، قال : حدثنا عمرو بن زرارة ، قال : حدثنا زياد بن عبد الله ، عن محمد بن إسحاق ، قال : حدثني ثور بن يزيد ، عن عكرمة ، مولى ابن عباس ، عن ابن عباس ، وعبد الله بن أبي بكر أيضا ، قال : حدثني ذلك ، قال : قال معاذ بن عمرو بن الجموح أخو بني سلمة : سمعت القوم ، وأبو جهل في مثل الحرجة ، وهم يقولون : أبو الحكم لا يخلص إليه ، فلما سمعتها جعلته من شأني ، فعمدت نحوه ، فلما أمكنني حملت عليه فضربته ضربة أطنت قدمه بنصف ساقه ، فوالله ما أشبهها حين طاحت إلا النوى يطيح من تحت مرضخة النوى حين يضرب بها ، قال : وضربني ابنه عكرمة على عاتقي ، فطرح يدي فتعلقت بجلدة من جنبي ، وأجهضني القتال عنه ، ولقد قاتلت عامة يومي وإني لأسحبها خلفي ، فلما آذتني وضعت عليها قدمي ثم تمطيت ، حتى طرحتها - قال : ثم عاش معاذ بعد ذلك حتى كان زمان عثمان - قال : ثم مر بأبي جهل وهو عقير معوذ ابن عفراء ، فضربه حتى أثبته وبه رمق ، وقاتل معوذ حتى قتل رحمه الله ، فمر عبد الله بن مسعود بأبي جهل حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلتمس في القتلى ، قال : وقد قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني : (انظروا إن خفي عليكم في القتلى إلى أثر جرح بركبته ، فإني ازدحمت أنا وهو على مأدبة لعبد الله بن جدعان ونحن غلمان ، فكنت أشفَّ منه بيسير ، فدفعته فوقع على ركبتيه فجحش في إحداهما جحشا لم يزل أثره به بعد) .

    قال عبد الله بن مسعود : فوجدته بآخر رمق فعرفته ، فوضعت رجلي على عنقه وقد كان ضبَث بي مرة (قبَض بكفه) بمكة فآذاني ؛ فقلت : هل أخزاك الله أي عدو الله ؟ قال : وبماذا أخزاني عدا رجل قتلتموه ؟ أخبرني لمن الدبَرة ؟ قلت : الله ورسوله أعلم - وزعم رجال من بني مخزوم أن ابن مسعود كان يقول : قال أي أبو جهل : لقد ارتقيت يا رويعي الغنم مرتقى صعبا - قال : ثم احتززت رأسه فجئت به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : هذا رأس عدو الله أبي جهل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (آلله الذي لا إله غيره ؟)وكانت يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حلف بها ، قال : قلت : نعم ، والله الذي لا إله غيره ، ثم ألقيت رأسه بين يديه ، فحمد الله .   و رواه كذلك أبو نعيم في(معرفة الصحابة) من طريق محمد بن إسحاق .    

    2ـ أو توفير طعام أو شراب للمضطر بغير حساب :

     عَنْ جَابِرٍ قَالَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّرَ عَلَيْنَا أَبَا عُبَيْدَةَ نَتَلَقَّى عِيرًا لِقُرَيْشٍ وَزَوَّدَنَا جِرَابًا مِنْ تَمْرٍ لَمْ يَجِدْ لَنَا غَيْرَهُ فَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ يُعْطِينَا تَمْرَةً تَمْرَةً قَالَ فَقُلْتُ كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ بِهَا قَالَ نَمَصُّهَا كَمَا يَمَصُّ الصَّبِيُّ ثُمَّ نَشْرَبُ عَلَيْهَا مِنْ الْمَاءِ فَتَكْفِينَا يَوْمَنَا إِلَى اللَّيْلِ ، وَكُنَّا نَضْرِبُ بِعِصِيِّنَا الْخَبَطَ ثُمَّ نَبُلُّهُ بِالْمَاءِ فَنَأْكُلُهُ .

    قَالَ وَانْطَلَقْنَا عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ فَرُفِعَ لَنَا عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ كَهَيْئَةِ الْكَثِيبِ الضَّخْمِ فَأَتَيْنَاهُ فَإِذَا هِيَ دَابَّةٌ تُدْعَى الْعَنْبَرَ ، قَالَ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَيْتَةٌ ، ثُمَّ قَالَ لَا بَلْ نَحْنُ رُسُلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ اضْطُرِرْتُمْ فَكُلُوا ، قَالَ فَأَقَمْنَا عَلَيْهِ شَهْرًا وَنَحْنُ ثَلَاثُ مِائَةٍ حَتَّى سَمِنَّا ، قَالَ وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا نَغْتَرِفُ مِنْ وَقْبِ عَيْنِهِ بِالْقِلَالِ الدُّهْنَ وَنَقْتَطِعُ مِنْهُ الْفِدَرَ كَالثَّوْرِ أَوْ كَقَدْرِ الثَّوْرِ .

      فَلَقَدْ أَخَذَ مِنَّا أَبُو عُبَيْدَةَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَأَقْعَدَهُمْ فِي وَقْبِ عَيْنِهِ وَأَخَذَ ضِلَعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ فَأَقَامَهَا ثُمَّ رَحَلَ أَعْظَمَ بَعِيرٍ مَعَنَا فَمَرَّ مِنْ تَحْتِهَا ، وَتَزَوَّدْنَا مِنْ لَحْمِهِ وَشَائِقَ  ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: (هُوَ رِزْقٌ أَخْرَجَهُ اللَّهُ لَكُمْ فَهَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ فَتُطْعِمُونَا؟) قَالَ فَأَرْسَلْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ فَأَكَلَهُ . متفق عليه إلا أنه مختصر عند البخاري .

     و حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ وَكَثِيرِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ :

     أَوَّلَ مَا اتَّخَذَ النِّسَاءُ الْمِنْطَقَ مِنْ قِبَلِ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ اتَّخَذَتْ مِنْطَقًا لَتُعَفِّيَ أَثَرَهَا عَلَى سَارَةَ ، ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُرْضِعُهُ حَتَّى وَضَعَهُمَا عِنْدَ الْبَيْتِ عِنْدَ دَوْحَةٍ فَوْقَ زَمْزَمَ فِي أَعْلَى الْمَسْجِدِ ، وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ ، فَوَضَعَهُمَا هُنَالِكَ وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ ، ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ يَا إِبْرَاهِيمُ أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الْوَادِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ؟ فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا  ، وَجَعَلَ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا ، فَقَالَتْ لَهُ : أَاللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا قَالَ : نَعَمْ  ، قَالَتْ : إِذَنْ لَا يُضَيِّعُنَا ، ثُمَّ رَجَعَتْ فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لَا يَرَوْنَهُ اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْبَيْتَ ثُمَّ دَعَا بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ : (رَبِّ إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ حَتَّى بَلَغَ يَشْكُرُونَ) إبراهيم .

     وَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إِسْمَاعِيلَ وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ ، حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ وَعَطِشَ ابْنُهَا وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى أَوْ قَالَ يَتَلَبَّطُ  ،فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ فَوَجَدَتْ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِي الْأَرْضِ يَلِيهَا فَقَامَتْ عَلَيْهِ ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْ الْوَادِيَ تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا ، فَهَبَطَتْ مِنْ الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ الْوَادِيَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الْإِنْسَانِ الْمَجْهُودِ ، حَتَّى جَاوَزَتْ الْوَادِيَ ثُمَّ أَتَتْ الْمَرْوَةَ فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا  ، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ  ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا .

     فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا فَقَالَتْ صَهٍ تُرِيدُ نَفْسَهَا ، ثُمَّ تَسَمَّعَتْ فَسَمِعَتْ أَيْضًا ، فَقَالَتْ قَدْ أَسْمَعْتَ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غِوَاثٌ  ،فَإِذَا هِيَ بِالْمَلَكِ عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ أَوْ قَالَ بِجَنَاحِهِ حَتَّى ظَهَرَ الْمَاءُ ، فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا ، وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنْ الْمَاءِ فِي سِقَائِهَا وَهُوَ يَفُورُ بَعْدَ مَا تَغْرِفُ ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ ، أَوْ قَالَ لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنْ الْمَاءِ لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا) ، قَالَ فَشَرِبَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا فَقَالَ لَهَا الْمَلَكُ لَا تَخَافُوا الضَّيْعَةَ فَإِنَّ هَا هُنَا بَيْتَ اللَّهِ يَبْنِي هَذَا الْغُلَامُ وَأَبُوهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَهْلَهُ .

     وَكَانَ الْبَيْتُ مُرْتَفِعًا مِنْ الْأَرْضِ كَالرَّابِيَةِ تَأْتِيهِ السُّيُولُ فَتَأْخُذُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ ، فَكَانَتْ كَذَلِكَ حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ مِنْ جُرْهُمَ أَوْ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ جُرْهُمَ مُقْبِلِينَ مِنْ طَرِيقِ كَدَاءٍ فَنَزَلُوا فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ فَرَأَوْا طَائِرًا عَائِفًا ، فَقَالُوا إِنَّ هَذَا الطَّائِرَ لَيَدُورُ عَلَى مَاءٍ ، لَعَهْدُنَا بِهَذَا الْوَادِي وَمَا فِيهِ مَاءٌ فَأَرْسَلُوا جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ فَرَجَعُوا فَأَخْبَرُوهُمْ بِالْمَاءِ ، فَأَقْبَلُوا قَالَ وَأُمُّ إِسْمَاعِيلَ عِنْدَ الْمَاءِ فَقَالُوا : أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ ؟ فَقَالَتْ نَعَمْ وَلَـكِنْ لَا حَقَّ لَكُمْ فِي الْمَاءِ، قَالُوا نَعَمْ .

     قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُحِبُّ الْإِنْسَ ، فَنَزَلُوا وَأَرْسَلُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ فَنَزَلُوا مَعَهُمْ ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ وَشَبَّ الْغُلَامُ وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ وَأَنْفَسَهُمْ وَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ  ، فَلَمَّا أَدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ وَمَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، فَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَمَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ فَلَمْ يَجِدْ إِسْمَاعِيلَ  ، فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ فَقَالَتْ : خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ فَقَالَتْ نَحْنُ بِشَرٍّ ، نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ فَشَكَتْ إِلَيْهِ ، قَالَ فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلَامَ وَقُولِي لَهُ يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ .

     فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ كَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئًا فَقَالَ هَلْ جَاءَكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالَتْ نَعَمْ جَاءَنَا شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا فَسَأَلَنَا عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ وَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا فِي جَهْدٍ وَشِدَّةٍ ، قَالَ فَهَلْ أَوْصَاكِ بِشَيْءٍ؟ قَالَتْ نَعَمْ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ ، قَالَ ذَاكِ أَبِي وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَكِ ، الْحَقِي بِأَهْلِكِ فَطَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى ، فَلَبِثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ فَلَمْ يَجِدْهُ ، فَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَسَأَلَهَا عَنْهُ فَقَالَتْ خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا قَالَ كَيْفَ أَنْتُمْ ؟ وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ فَقَالَتْ نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ وَأَثْنَتْ عَلَى اللَّهِ ، فَقَالَ مَا طَعَامُكُمْ ؟ قَالَتْ اللَّحْمُ ، قَالَ فَمَا شَرَابُكُمْ ؟ قَالَتْ الْمَاءُ ، قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالْمَاءِ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ دَعَا لَهُمْ فِيهِ ، قَالَ فَهُمَا لَا يَخْلُو عَلَيْهِمَا أَحَدٌ بِغَيْرِ مَكَّةَ إِلَّا لَمْ يُوَافِقَاهُ قَالَ فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلَامَ وَمُرِيهِ يُثْبِتُ عَتَبَةَ بَابِهِ .

     فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ قَالَ هَلْ أَتَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالَتْ نَعَمْ أَتَانَا شَيْخٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ وَأَثْنَتْ عَلَيْهِ فَسَأَلَنِي عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ ، فَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا بِخَيْرٍ ، قَالَ فَأَوْصَاكِ بِشَيْءٍ ؟ قَالَتْ نَعَمْ هُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَيَأْمُرُكَ أَنْ تُثْبِتَ عَتَبَةَ بَابِكَ ، قَالَ ذَاكِ أَبِي وَأَنْتِ الْعَتَبَةُ أَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَكِ ، ثُمَّ لَبِثَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِسْمَاعِيلُ يَبْرِي نَبْلًا لَهُ تَحْتَ دَوْحَةٍ قَرِيبًا مِنْ زَمْزَمَ ، فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ وَالْوَلَدُ بِالْوَالِدِ ، ثُمَّ قَالَ يَا إِسْمَاعِيلُ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ ، قَالَ فَاصْنَعْ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ ، قَالَ وَتُعِينُنِي قَالَ وَأُعِينُكَ ، قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ هَا هُنَا بَيْتًا وَأَشَارَ إِلَى أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا ، قَالَ فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَا الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ ، فَجَعَلَ إِسْمَاعِيلُ يَأْتِي بِالْحِجَارَةِ وَإِبْرَاهِيمُ يَبْنِي ، حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ جَاءَ بِهَذَا الْحَجَرِ فَوَضَعَهُ لَهُ فَقَامَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَبْنِي وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ وَهُمَا يَقُولَانِ: (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) قَالَ فَجَعَلَا يَبْنِيَانِ حَتَّى يَدُورَا حَوْلَ الْبَيْتِ وَهُمَا يَقُولَانِ :  (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) . رواه البخاري .

     المُلْك و نزْعه دوراتٌ كما أن الزمن في الليل والنهار دوراتٌ و كذلك الحياة والموت دوراتٌ و كلها بيد الله :

     لقد انتزع الله مُلْك طاغية تونس و طاغية مصر انتزاعاً لأنه ملكٌ جبريٌّ طاغوتي كما يُنْزَع المسمار من الخشب بعد عناد و إصرار على البقاء وتِشبُّث وسفك لدماء الناس عن طريق الأمن و البلاطجة بغير حق ، و كذلك طاغية ليبيا الآن رغم عناد أشد وسفك دماء أكثر ، و قد حرَّم العلماء الاعتداء على مظاهرات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بضوابطه بضرب أو قتل ، وذكروا أنها جرائم لا تسقط بالتقادم ..

    و طاغية مصر خدم اليهود والصليبيين أكثر من خدمتهم لأنفسهم وحاصر غزة الحصار الشديد ، و كان رأساً يجمع حكام المنطقة لذلك ، و اجتماعاته في شرم الشيخ معروفة ومنها الاجتماع الدولي بعد محرقة غزة لتشديد الحصار على الضحية المكلومة ثم لإقامة الجدار الفولاذي ، و عرَض نظامه على اليهود ممثلا برئيس مخابراته صاحب الخط الساخن مع اليهود دخول سيناء بذريعة إيقاف تهريب الأسلحة إلى غزة ، و دبّر حادثة الكنيسة في الاسكندرية واتهم بها غزة تهيئة للحرب عليها من جديد منهم و من اليهود الذين كانوا يتوعَّدون فشاء الله أن يسقط الطاغية و كفى الله المؤمنين القتال .

    و قد حرَم الطغاة الناس من الحرية والكرامة وكثر المسجونون بغير حق بل والمعذبون وبقيت مصر في حالة طوارئ وانتشرت المنكرات والحكم بغير ما أنزل الله  و عمَّت العلْمنة والتحريف لدين الله و التغنِّي بالمجد الكاذب  لاسيما في ليبيا ، فكان انتقام الله (فأكْثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب ، إن ربك لبالمرصاد) الفجر.

     الناس بحاجة للإيمان بالقدَر و عدم الحرَج من التديُّن و من النهي عن المنكر الأكبر و الظلم الأكبر فهذا أوان الظهور :

     إن التغيير بيد الله الذي إليه يُرجَع الأمر كله ، وقد كتب سبحانه في قدَره (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ) الرعد . فالتغيير في الواقع لا يكون إلا بعد التغيير في النفوس ، فلا بد أن يعمل الناس على تغيير المنكرات حسب الأولويات ، فيبدأون بالمنكر العظيم والظلم العظيم كالشركيات والكفريات مثل السحر والتنصير والباطنية والقبورية ، وبالمنكرات في العبادات كترْك الجمعات ممن يملأون الأسواق و كتعطيل الزكوات ، و بالمنكرات في المعاملات كالربا والرشوة والفساد الإداري و نهب الثروات ، وبالمنكرات في الأطعمة والمشروبات كانتشار الخمور .

     وتكون المطالبات بصبغة إسلامية دون حَرَج أو استحياء ، قال تعالى : ( فلا يكن في صدرك حرَج منه لتنذر به) الأعراف . وقال تعالى : (صبغة الله و من أحسن من الله صبغة) البقرة . و قال تعالى : (و من أحسن قولاً مِمَّن دعا إلى الله و عمِل صالحاً و قال إنني من المسلمين) حم السجدة . والذين يخجلون من الإسلام وأسْلَمَة مطالبهم يجْنون على أنفسهم ، و لا يعيشون العصر فهذا عصْر الظهور .

     وقد أظهر أهل غزة إسلامهم و أظهرهم الله ، وأظهر المجاهدون الأفغان إسلامهم و أظهرهم الله ، وصارت الدول الكبرى هناك تلْعق جراحها ، وتبحث عن مَخْرَج من المستنقع ، وأما تركيا فإنها أضحتْ تمجِّد العثمانيين وتحاول إعادة مجدهم ، وصلّى القرضاوي الجمعة بالملايين وسط القاهرة ، وتفاءلوا بالصلاة المليونية في القدس ، وياليتهم أكملوا الصورة فبايعوا القرضاوي مرشدا ، و هو الأمر الذي لم يخجل منه الشيعة في إيران منذ أكثر من ثلاثين سنة رغم أن الشيعة أقلية في العالم الإسلامي ..  إن هذا عصْر الظهور الإسلامي إن شاء الله ،  قال تعالى : (ليظهره على الدين كله) الفتح . والناس بالأسْلمة إنما ينفعون أنفسهم .

إذا الناسُ حقًّا أرادوا النجاة  * * *  فلا بدَّ أن يؤمنوا بالقدَرْ

و لا بد يَعْلُو شِعارُ الهُدى        * * *      و شرْعُ الإلهِ بدُنيْاَ البشَرْ

     وسقوط الطغاة جزءٌ من قدر الله عندما يريد الله حتى لو لم يَصلُح الناس ولم يغيِّروا ما بأنفسهم ، لقوله تعالى كما في الآية السابقة : (...وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ) الرعد . و لو عقل الحكام و استجابوا لكان خيراً لهم بإصلاح الأوضاع بدلا من قتل الناس فالدماء تُشعل النفوس و تنزل غضب الله قال تعالى : (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) المائدة .

     وفي الختام يقول سبحانه : (يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم و يثبّت أقدامكم) محمد .

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©