لسماع
الخطبة اضغط على الرابط التالي:
http://www.ssadek.com/jomaa/madod.mp3
قال تعالى: (وَاذْكُرُواْ
اللّهَ فِيَ أَيّامٍ مّعْدُودَاتٍ فَمَن
تَعَجّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ
عَلَيْهِ وَمَن تَأَخّرَ فلا إِثْمَ عَلَيْهِ
لِمَنِ اتّقَىَ وَاتّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُوآ
أَنّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) البقرة .
جاء في تفسير ابن كثير :
قال ابن عباس: الأيام المعدودات أيام
التشريق، والأيام المعلومات أيام العشر، علّقه
البخاري و وصله عبد بن حميد ، و روى ابن أبي
شيبةٍ من وجه آخر عن ابن عباس أن المعلومات
يوم النحر و ثلاثة أيام بعده .(كما
في فتح الباري) .
وعن نبيشة الهُذَلي قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: (أيام التشريق أيام أكل
وشرب وذكْر الله) رواه مسلم و أحمد ، وتقدم
حديث جبير بن مطعم : (عرفة كلها موقف ، وأيام
التشريق كلُّها ذبْح) رواه أحمد ، و قال
الأرناؤوط صحيح لغيره .
و روى ابن جرير عن أبي هريرة أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: (أيام التشريق
أيام طُعْم وذكْر الله) ، كما روى عن أبي
هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث
عبد الله بن حذافة يطوف في مِنىَ: (لا تصوموا
هذه الأيام ، فإنها أيام أكْل وشُرْب وذِكْر
الله عزّ وجلّ) ، كما روى عن الزهري قال: بعث
رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن
حذافة فنادى في أيام التشريق فقال: (إن هذه
أيام أكل وشرب وذكر الله إلا من كان عليه صوم
من هدْي) زيادة حسنة ولكنْ مرسلة ، وبه قال
هشيم عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عمرو بن
دينار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث
بشر بن سحيم فنادى في أيام التشريق فقال: (إن
هذه أيام أكل وشرب وذكر الله) .
كما قال ابن جرير : و قال هشيم عن ابن أبي
ليلى عن عطاء عن عائشة قالت: نهى رسول الله
صلى الله عليه وسلم عن صوم أيام التشريق، قال:
(و هي أيام أكْل وشُرْب وذكْر الله) ، وقال
محمد بن إسحاق عن حكيم بن حكيم ، عن مسعود بن
الحكم الزرقي، عن أمه قالت: لَكأنّي أنظر إلى
عليٍّ على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم
البيضاء حتى وقف على شِعْب الأنصار وهو يقول:
(يا أيها الناس، إنها ليستْ بأيام صيام، إنما
هي أيام أكْل وشرْب وذكْر الله) . و قد ذكر
الشيخ الوادعي أن هذه الأحاديث يشهد بعضها
لبعض .
و قال مقسم عن ابن عباس: الأيام
المعدودات أيام التشريق أربعة أيام: يوم
النحر، و ثلاثة بعده ، و رُوِي عن ابن عمر و
ابن الزبير وأبي موسى و عطاء و مجاهد و عكرمة
و سعيد بن جبير و أبي مالك و إبراهيم النخعي و
يحيى بن أبي كثير و الحسن و قتادة و السدي و
الزهري و الربيع بن أنس و الضحاك و مقاتل بن
حيان و عطاء الخراساني و مالك بن أنس و غيرهم
مثل ذلك .
و قال علي بن أبي طالب: هي ثلاثة: يوم
النحر ويومان بعده اذبح في أيهن شئت ، وأفضلها
أولها ، والقول الأول هو المشهور ، وعليه دلّ
ظاهر الآية الكريمة حيث قال تعالى : (فَمَنْ
تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ
عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ
عَلَيْهِ) فدل على ثلاثة بعد النحر .
و يتعلَّق بقوله: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ
فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ) ذِكْر الله على
الأضاحي وقد تقدم ، وأن الراجح في ذلك مذهب
الشافعي رحمه الله وهو أن وقت الأضحية من يوم
النحر إلى آخر التشريق ، ويتعلَّق به أيضا
الذكْر المؤقت خلْف الصلوات , والمطلق في سائر
الأحوال .
و في وقت الذكْر أقوالٌ للعلماء أشهرها
الذي عليه العمل أنه من صلاة الصبح يوم عرفة
إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق ، وهو يوم
النفْر الآخِر، وقد جاءتْ ألفاظ الذكْر في
حديث رواه الدارقطني ، لكن لا يصح مرفوعاً ،
والله أعلم . و قال عكرمة (وَاذْكُرُوا
اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ) يعني
التكبير في أيام التشريق بعد الصلوات
المكتوبات : الله أكبر ، الله أكبر.
و قد ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه
كان يكبِّر في قُبَّته فيكبِّر أهل السوق
بتكبيره حتى ترتج منىَ تكبيراً .
و يتعلَّق بذلك أيضاً التكبير وذكْر الله
عند رمْي الجمرات كل يوم من أيام التشريق وقد
جاء في الحديث الذي رواه أبو داود وغيره ، و
قال الوادعي إنه لا يَنْزِل عن درجة الحُسْن:
(إنما جُعِل الطواف بالبيت والسعي بين الصفا
والمروة ورمْي الجمار لإقامة ذكْر الله عز
وجل)
.اهـ . بتصرُّف .
جاء في إرواء الغليل عن صيغة تكبير عرفة و
النحر و التشريق :
و قد ثبت تشفيع التكبير عن ابن مسعود رضى
الله عنه فكان يكبِّر أيام التشريق : (الله
أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله
أكبر الله اكبر ، ولله الحمد) . أخرجه ابن أبي
شيبة وإسناده صحيح ، ولكنه ذكره في مكان آخر
بالسند نفسه بتثليث التكبير ، وكذلك رواه
البيهقي عن يحيى بن سعيد عن الحكَم ( وهو ابن
فرّوخ أبو بكار ) عن عكرمة عن ابن عباس بتثليث
التكبير ، وسنده صحيح أيضا ، لكن رواه ابن أبي
شيبة من هذا الوجه بلفظ : (الله أكبر كبيرا ،
الله أكبر كبيرا ، الله أكبر وأجل ، الله أكبر
ولله الحمد) . و رواه المحاملي في " صلاة
العيدين " من طريق أخرى عن عكرمة به ، لكنه
قال : (الله أكبر وأجل ، الله أكبر على ما
هدانا) فأخَّر وزاد ، وسنده صحيح . و روى أثر
ابن مسعود من الوجه المتقدم بتشفيع التكبير
وهو المعروف عنه ، والله أعلم .
جاء في تفسير الشوكاني :
قال القرطبي : لا خلاف بين العلماء أن
الأيام المعدودات في هذه الآية هي أيام مِنَى
وهي أيام التشريق وهي أيام رمْي الجمار .
والمخاطَب بهذا الخطاب المذكور في قوله
تعالى : (واذكروا الله في أيام معدودات) هو
الحاجُّ و غيرُه كما ذهب إليه الجمهور .
(فمن تعجّل في يومين) اليومان هما يوم
ثاني النحر ويوم ثالثه ، وقال ابن عباس والحسن
وعكرمة ومجاهد وقتادة والنخعي : من رمَى في
اليوم الثاني من الأيام المعدودات فلا حرَج ،
ومن تأخر إلى الثالث فلا حرَج ، فمعنى الآية
كل ذلك مباح ، وعبَّر عنه بهذا التقسيم
اهتماما وتأكيدا لأن من العرب من كان يذم
التعجُّل ، ومنهم من كان يذم التأخُّر فنزلت
الآية رافعة للجناح في كل ذلك .
وقال علي وابن مسعود : من تعجّل فقد غُفر
له ومن تأخّر فقد غُفر له ، والآية قد دلَّت
على أن التعجُّل والتأخُّر مباحان .
(لِمن اتقى) معناه أن التخيير ورفع الإثم
ثابتٌ لِمن اتقى ، لأن صاحب التقْوى يتحرَّز
عن كل ما يريبه فكان أحق بتخصيصه بهذا الحكم
.
و أخرج ابن
أبي حاتم عن ابن عمر أنه كان يكبِّر تلك
الأيام بمنى ويقول : التكبير واجب .. ويتأول
هذه الآية (واذكروا الله في أيام معدودات) . و
أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : (و
اذكروا الله في أيام معدودات) ، قال : التكبير
أيام التشريق يقول في دبُر كل صلاة : الله
أكبر، الله أكبر، الله أكبر . و أخرج ابن
المنذر عن ابن عمر أنه كان يكبر ثلاثا ثلاثا
وراء الصلوات ويقول : لا إله إلا الله وحده لا
شريك له له الملك وله الحمد و هو على كل شيء
قدير .
و أخرج مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن
عمر بن الخطاب خرج الغد من يوم النحر بمنى حين
ارتفع النهار شيئا فكبّر وكبّر الناس بتكبيره
، ثم خرج الثانية في يومه ذلك بعد ارتفاع
النهار فكبّر وكبّر الناس بتكبيره ، حتى بلغ
تكبيرهم البيت ، ثم خرج الثالثة من يومه ذلك
حين زاغت الشمس فكبّر وكبّر الناس بتكبيره .
و قد ثبت في الصحيح من حديث ابن عمر أن
النبي صلى الله عليه و سلم كان يرمي الجمار و
يكبر مع كل حصاة . و قد رُوي نحو ذلك من حديث
عائشة عند الحاكم وصحّحه .
و أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :
(فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه) قال : في
تعجيله (و من تأخر فلا إثم عليه) قال : في
تأخيره .
و أخرج ابن جرير عن ابن عمر قال : النفْر
في يومين لِمن اتقى ، و أخرج عبد الرزاق و عبد
بن حميد و ابن أبي حاتم عنه قال : من غابت له
الشمس في اليوم الذي قال الله فيه : (فمن
تعجّل في يومين) وهو بمنى فلا يَنْفِرَنّ حتى
يرمي الجمار من الغد . و أخرج ابن أبي شيبة
وأحمد وأهل السنن والحاكم وصححه عن عبد الرحمن
بن يعمر الديلي : سمعت رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقول وهو واقف بعرفة وأتاه الناس
من أهل مكة فقالوا : يا رسول الله كيف الحج ؟
قال : (الحج عرفات ، فمن أدرك ليلة جمْع قبل
أن يطلع الفجر فقد أدرك أيام منى ثلاثة أيام ،
(فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه) قال :
مغفورًا له ، (ومن تأخر فلا إثم عليه) قال :
مغفورًا له) . وأخرج ابن جرير عن قتادة في
قوله : (لِمن اتقى) قال : لمن اتقى الله في
حجه . اهـ . بتصرّف .
|