لسماع
الخطبة اضغط على الرابط التالي:
http://www.ssadek.com/jomaa/klafa.mp3
1ـ
ما حدث في العام الماضي لم يكن في الحُسبان :
مرّ العام الهجري الماضي 1432 و وقع فيه ما لم
يكن في الحسبان و لا قدرة للناس في حدوثه ،
فقد تراختْ فيه القبضة الحديدية للمُلْك
الجبري في عدد من البلدان بعد عقود من
التسلُّط ، و كان ذلك بتدبير الله و قدَره ،
فهو وحده الذي يرفع ذلك إذا شاء أن يرفعه .
و قد أخبرنا بذلك عليه الصلاة و السلام و
ذلك إخبار شرعي لنستفيد منه بما لا يتعارض مع
الأخذ بتكاليف الأمر بالمعروف و النهي عن
المنكر ..
و إن شاء الله يكون ذلك تهيئةً لعودة
الخلافة على منهاج النبوة .. عن النعمان عن
حذيفة
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَكُونُ النُّبُوَّةُ
فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ
يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ،
ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ
النُّبُوَّةِ فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ
أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ
اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَهَا ، ثُمَّ تَكُونُ
مُلْكًا عَاضًّا فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ
أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ
أَنْ يَرْفَعَهَا ، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا
جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ
تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ
يَرْفَعَهَا ، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى
مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ سَكَتَ ) رواه
أحمد و البيهقي في الدلائل و قال الألباني حسن
، و ذكر أن الإمام أحمد ذكر ما يدل على تصحيحه
للحديث.
2ـ انتقاض الحكم ثم تصحيحه مؤقّتاً سنُّةٌ
قدَرية لِله ذكرتْها سنة رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، لابتلاء الناس و لعقابهم ثم
للتنفيس عنهم :
و انتقاض الحكم ثم تصحيحه مؤقّتاً
سُنةٌ قدَرية لِله لابتلاء الناس و لعقابهم
كذلك بسبب ضعف التزام كثير منهم بالدين و ضعف
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، قال عليه
الصلاة و السلام : ( لتُنْقَضَنَّ عُرَى
الإسلام عُرْوَةً عُرْوَةً فكلما انتقضتْ
عروةٌ تشبَّث الناس بالتي تليها فأولهنَّ
نقْضًا الحكمُ و آخرُهنَّ الصلاة ) رواه أحمد
و ابن حبان و الحاكم عن أبي أمامة و قال
الألباني صحيح
، و العودة للخلافة على منهاج النبوّة تنفيسٌ
و انتشار واسع للدين و ختامٌ طيبٌ قبل فترةٍ
من قيام الساعة .
3ـ أهوال تصاحب التغيير و المرحلة
الانتقالية :
و إن الذي حدَث صاحَبَتْه أهوالٌ
، واضطهاد و قتلٌ و مظالم ،لأنه مخاضٌ عسير ،
قال عليه الصلاة و السلام : ( أمتي هذه أمةٌ
مرحومة ليس عليها عذاب في الآخرة ، إنما
عذابها في الدنيا الفتن و الزلازل و القتل و
البلايا ) رواه أبو داود و الطبراني و الحاكم
و البيهقي عن أبي موسى وقال الألباني صحيح .
4ـ قد يمتدُّ هذا المخاض و القلاقل سنوات
:
و قد يمتدُّ هذا المخاض و
القلاقل سنوات لأن عودة الخلافة ربما تكون على
رأس القرن من سقوط آخر خلافة أو آخر دولة
كانت تجْمع المسلمين و هي الخلافة العثمانية ،
أي بعد 1440هـ و بعد 2020م إن شاء الله ، و
هو أيضا ما تتوقعه الدوائر الغربية و الروسية
. قال عليه الصلاة و السلام :
(
إن الله تعالى يبعث لهذه الأمة على رأس كل
مائة سنة من يجدِّد لها دينها ) رواه أبو داود
و الحاكم و البيهقي في المعرفة عن أبي هريرة
و قال الألباني صحيح .
و هذا المخاض ربما يكون شديدا لأنه كما
يبدو تزول في خلاله هذه الحضارة المادية أو
جزْءًا كبيرًا منها ، لأن الأحاديث في صحيح
مسلم تذكر في أيام الخلافة العودة للصفوف في
الحرْب و للسيوف و الخيول ، و توقُّف الحرْب
في الليل ، وقتْل الدجال بالحرْبة.
5ـ يؤيد الله الدين بالصالحين و الطالحين و لا
يجوز توظيف الدين :
و الله يُمْضي أقداره في تأييد
الدين بالصالحين و الطالحين ، ويجري في أثناء
سنن الله القدَرية ما يجوز في سننه الشرعية و
ما لا يجوز ، ففي الحديث المتفق عليه عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ شَهِدْنَا مَعَ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ حُنَيْنًا فَقَالَ لِرَجُلٍ مِمَّنْ
يُدْعَى بِالْإِسْلَامِ : ( هَذَا مِنْ أَهْلِ
النَّارِ ) ، فَلَمَّا حَضَرْنَا الْقِتَالَ
قَاتَلَ الرَّجُلُ قِتَالًا شَدِيدًا
فَأَصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ ، فَقِيلَ يَا
رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ الَّذِي قُلْتَ
لَهُ آنِفًا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ
فَإِنَّهُ قَاتَلَ الْيَوْمَ قِتَالًا
شَدِيدًا وَقَدْ مَاتَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِلَى
النَّارِ ) فَكَادَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ
أَنْ يَرْتَابَ ، فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى
ذَلِكَ إِذْ قِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَمُتْ
وَلَكِنَّ بِهِ جِرَاحًا شَدِيدًا ، فَلَمَّا
كَانَ مِنْ اللَّيْلِ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى
الْجِرَاحِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ ، فَأُخْبِرَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِذَلِكَ ، فَقَالَ : ( اللَّهُ أَكْبَرُ
أَشْهَدُ أَنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ )
، ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَنَادَى فِي
النَّاسِ أَنَّهُ : ( لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ
إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ ، وَأَنَّ اللَّهَ
يُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ
الْفَاجِرِ ) .
و لذلك لا يجوز التبرير لكل ما في هذا
المخاض و التغييرات على عِلّاته ، فإن فيه ما
يجوز شرعا و ما لا يجوز ، و لا بد من التريُّث
و التُّؤَدَة و عدم المسارعة في الأحكام .
و يجب الحذر من توظيف الدين فإن مَن قد
يُسْهِمون في التحوُّلات بقَدَر الله قد
يُحبُّ بعضهم أن ينسِبُوا أفعالهم إلى الشرع ،
و الدين كما هو معلومٌ مهيمنٌ لا تابع ، فهو
مهيمن على الكتب السماوية السابقة و حاكمٌ
عليها ، فضلا عن أفعال الناس أو مناهجهم ، قال
تعالى : ( وأنزلنا
عليك الكتابَ بالحقِّ مُصدقًا لِما بين يديهِ
من الكتابِ و مُهَيمِناً عليه ) المائدة ، و
لذلك في خِضَمّ هذه التحوُّلات ، يحاول الملوك
الوراثيون توظيف الدين و كذلك الملوك
الجبْريون و كذلك الجمهوريون الديمقراطيون، و
حتى العلمانيون ، فيجب على مَن يتكلمون باسم
الدين و لاسيما العلماء و الدعاة الحذر من
التورُّط في ذلك ، والالتزام بالشرع و بصفاء
الدين دون خلْط ، فليس الدين ملكيًّا في
البلاد الملكية و لا جمهوريا في البلاد
الجمهورية ، بل هو مرجعيةٌ و نظامٌ متفرِّد .
6ـ الوضع في سوريا و اليمن :
و لا يزال إخواننا في سوريا في
أتون المخاض نسال الله أن يُفَرّج عنهم ، و
نحن في اليمن لعلنا تجاوزنا كثيراً من الخطر ،
و كان الخطر و الضرر علينا أقل من غيرنا كما
عوّدنا الله ، وأصبحنا الآن نسير نحو الفرَج
بخُطًى متواصلة إن شاء الله ، و لعل حكومة
الوِفاق مُوفّقةٌ إن شاء الله ، وقد أعلن
رئيسها الالتزام بالشريعة ، و هذا أمرٌ مبشِّر
، فالحمد لله رب العالمين ، فنسأل الله أن
يعينه و أن يعين حكومته و يوفقهم إلى كل خير ،
ونسأل الله أن يجعل قتلانا شهداء ، و أن يفتح
علينا في ديننا و دنيانا .. و إن نَفَس الرحمن
من قِبَل اليمن ،قال النبي صلى الله عليه
وسلم : ( ألا إن الإيمان يمانٍ ، و الحكمة
يمانية ، و أجِدُ نَفَس ربكم من قِبَل اليمن
) رواه أحمد و قال الهيثمي و شيخه العراقي
كما نقل الألباني في سلسلته : رجاله ثقات ،
كما نقل الألباني أيضا التوثيق عن أبي داود و
ابن حيان إلا أن الألباني عاد فضعّف الحديث
رغم كلام هؤلاء الأئمة ! .
|