خطر تمزيق اليمن بتهميش الشرع

خطبة جمعة في الإصلاح في 28جماد الأول 1430هـ الموافق 22مايو2009م

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  لسماع الخطبة اضغط على الرابط التالي:

http://www.ssadek.com/jomaa/katar.mp3

    * أنعم الله على اليمن بالوحدة منذ 19 سنة من هذا اليوم ، و لم يشكر الناس هذه النعمة على النحو المطلوب ، فإذا ببوادر سلب النعمة تلوح نسأل الله العافية ،  و قد مكَّن الله السلطة ، ولكنها لم تقم بواجبها في حراسة الدين و سياسة الدنيا به ، وأكثرت من الفساد ، فضاق الناس بها ذرعا ، وضاق بعضهم بالوحدة و لا ذنب لها ، كالذي تسوء ظروفه فيضيق ذرعا بثيابه بل بجسده فيمزقه و لاذنب لأيٍّ منهما (ليس منا من لطم الخدود و شق الجيوب و دعا بدعوى الجاهلية) حم ق ت ن هـ  عن ابن مسعود  ، فهذا قد ضرَّ نفسه و ما نفعها . و العلاج يحتاج إلى طبيبٍ وصبرٍ وزمان  ، والأطباء هنا هم العلماء لا سِواهم ، و لا بد من احترام التخصُّص   (و لو ردُّوه إلى الرسول و إلى أولي الأمر منهم لَعَلِمَه الذين يستنبطونه منهم) النساء .

     *ومن التوفيق أن يهدي الله الإنسان إلى الصواب في المعالجة ، حتى لا يُذنب مرتين : مرَّةً في الانحراف في وقوع المرض ، و مرَّةً في الانحراف في المعالجة . و قد انبرى المعالجون و في مقدمتهم السلطة و المعارضة ، وكل طرف يتهم الآخر . والتهميش منهما واضح للعلماء و للتفسير الشرعي لِمَا يجري و كذلك للمعالجات ، مع أن النور بين أيدينا ، قال تعالى : (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين ، يهدي به الله مَن اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم ) المائدة .

     * أصبح حالنا كما قيل :

             ومن العجائب والعجائب جمَّةٌ      قُرْبُ الشفاءِ و ما إليه وصولُ

             كالعِيسِ في البيداءِ يقتلها الظما     والماءُ فوق ظهورِها محمـولُ

     * والهداية من الله لمن استهدَاهُ وتذلَّل بين يديه ، وإلا فقد يحال بين المرء والهدى ( واعلموا أن الله يحول بين المرْء وقليه) الأنفال . وتظهر الأمور لغير الموفَّق بخلاف حقيقتها (قل هو للذين آمنوا هدى و شفاء ، و الذين لا يؤمنون في آذانهم وقْرٌ وهو عليهم عمًى) حم السجدة . ولذلك لم ينتفع كثير من بني إسرائيل بالتوراة (مثل الذين حُمِّلو التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا) الجمعة . وعرَضوا خيار عبادة الصنَم (احعل لنا إلها كما لهم آلهة ) الأعراف . بل اتخذوا العجل (قالوا لن نبرح عليه عاكفبن حتى يرجع إلينا موسى) طه . و استنكروا من موسى دعوته لهم لدخول الأرض المقدسة (لن ندخلها أبدا ما داموا فيها) المائدة . و استنكروا نعمة الطعام النافع الميسور في التيه (لن نصبر على طعام واحد ) البقرة . وهكذا دومًا حال الـمُنْسَلِكين في إطار الذين يبغونها عوجا (ومن لم يحعل الله له نورا فما له من نور) النور .

        قد تُنكِر العينُ ضوء الشمس من رمَدٍ      و ينكر الفم طعم الماء من سقَمِ

     *التفسير الشرعي للأمور أن مهمة الدولة واضحـــة في هذه الآية : (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ) الحج41 . فإذا فرّطتْ فيها الدولة ، ولم تجد من ينهاها ويقول كلمة الحق عند السلطان الجائر بِلُغةِ ومعالجاتِ الشرع ، نزَل العقاب (وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) الأنفال25 . (و الذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف و لتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا من عنده ثم لتَدْعُـنَّـهُ فلا يستجيب لكم) حم ت عن حذيفة . قال الألباني إنه حسن .

     * إن تجاهل الهدى ومنهج الشرع والتهميش له ، يفتح المجال لكل متقوِّل و كل دعيٍّ من الداخل و الخارج لكي يبسط لسانه بدعوى الحل ، وهذا من نُذًُر العقاب ، ثم ينزل العقاب  ، لأن المتقحمين  والمسايرين و الساكتين يصبحون جميعــا مذنبين ، ويَحِل التمزُّق محل الوحدة و الوئام .. وتجربة سبأ في اليمن عبرة ونحن أَولَى من يعتبر بها (وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ) سبأ19. نسأل الله السلامة .

    *و إن المخرَج على طريقة العلماء والدعاة بإذن الله  ـ و هم في مقدمة أهل الحل والعقد ـ بأن يُعِيدوا الناس إلى الجادّة  (فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَآؤُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً ، أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً) النساء.  (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى و رحمة و بشرى للمسلمين) النحل .

    

 

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©