مُخْرَجات الحوار

خطبة جمعة في مسجد جامعة الإيمان في 30 ربيع أول 1435هـ  الموافق 31 يناير 2013م

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  لسماع الخطبة عبر برنامج " الريل بلاير " اضغط على الرابط التالي:

http://www.ssadek.com/jomaa/hiwar.mp3

    عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَتْ عَلَيَّ بَرِيرَةُ، فَقَالَتْ: إِنَّ أَهْلِي كَاتَبُونِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِي تِسْعِ سِنِينَ، فِي كُلِّ سَنَةٍ أُوقِيَّةٌ فَأَعِينِينِي، فَقُلْتُ لَهَا: إِنْ شَاءَ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ عَدَّةً وَاحِدَةً وَأُعْتِقَكِ، وَيَكُونَ الْوَلَاءُ لِي فَعَلْتُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِأَهْلِهَا فَأَبَوْا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُمْ، فَأَتَتْنِي فَذَكَرَتْ ذَلِكَ قَالَتْ: فَانْتَهَرْتُهَا، فَقَالَتْ: لَا هَا اللهِ إِذًا ، قَالَتْ، فَسَمِعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَنِي، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: (اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا، وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ، فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ) ، فَفَعَلْتُ، قَالَتْ: ثُمَّ خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشِيَّةً ، فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: (أَمَّا بَعْدُ، فَمَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللهِ، مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ، كِتَابُ اللهِ أَحَقُّ وَشَرْطُ اللهِ أَوْثَقُ، مَا بَالُ رِجَالٍ مِنْكُمْ يَقُولُ أَحَدُهُمْ أَعْتِقْ فُلَانًا وَالْوَلَاءُ لِي، إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ) متفق عليه .

     جاء في شرح النووي على مسلم عن هذا الحديث :

    1- (اشْتَرِيهَا وَاعْتِقِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ) هَذَا مُشْكِلٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا َشَرَطَتْ لَهُمُ الْوَلَاءَ وَهَذَا الشَّرْطُ يُفْسِدُ الْبَيْعَ وَ يخدَع الْبَائِعِينَ وَشَرَطَتْ لَهُمْ مالا يَصِحُّ وَلَا يَحْصُلُ ، وَكَيْفَ أَذِنَ لِعَائِشَةَ فِي هَذَا ؟ قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ هَذِهِ اللَّفْظَةُ صَحِيحَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهَا ، فقال بَعْضُهُمْ : اشْتَرِطِي لَهُمْ أَيْ عَلَيْهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (ولَهُمُ اللَّعْنَةُ) بِمَعْنَى عَلَيْهِمْ (وَإِنْ أَسَأْتُمْ فلها) أَيْ فَعَلَيْهَا ، وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَالْمُزَنِيِّ و غَيْرهمَا ، وَهُوَ ضَعِيفٌ ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْكَرَ عَلَيْهِمُ الِاشْتِرَاطَ وَلَوْ كَانَ صحيحًا لَمْ يُنْكِرْهُ ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْه بِأَنَّهُ أَنْكَرَ مَا أَرَادُوا اشْتِرَاطَهُ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ .

     وَقِيلَ مَعْنَاه اشْتَرِطِي لهم الولاء أيْ أظْهِرى لهم حكْم الولاء ، وقيل المراد الزجر والتوبيخ ، لأنه صلى الله عليه وسلم كان بيَّن أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يجوز فلما ألحُّوا فِي الَمُخَالَفَةِ قَالَ لِعَائِشَةَ : لا تبالى شرَطْتِه أَمْ لَا فَإِنَّهُ بَاطِلٌ ، فلا تَكُونُ لَفْظَةُ اشْتَرِطِي لِلْإِبَاحَةِ .

     وَالْأَصَحُّ فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ مَا قَالَه أَصْحَابُنَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ إِنَّ هَذَا الشَّرْطَ خَاصٌّ فِي قِصَّةِ عَائِشَةَ ، وَاحْتَمَلَ إِذْنَ الرسول لأن إِبْطَالَهُ آتٍ فِي هذه القصة وهي قضية عَيْنٍ لَا عُمُومَ لَهَا .   

     وَالْحِكْمَةُ فِي إِذْنِهِ ثُمَّ إِبْطَالِهِ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ فِي زجْرهم عن مِثْلِهِ  ، كَمَا أَذِنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِفَسْخِهِ إلى العُمْرَة لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي زَجْرِهِمْ وَقَطْعِهِمْ عَمَّا اعْتَادُوهُ مِنْ مَنْعِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ، وَقَدْ تُحْتَمَلُ الْمَفْسَدَةُ الْيَسِيرَةُ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ عَظِيمَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ...

    2- لا بدّ من تصحيح الشروط التي دلَّتْ عليها أصول الشرع وإبطال ما سواها . اهـ . بتصرُّف .

     وجاء في فتح الباري لابن حجر عن هذا الحديث:

   حَكَى الطَّحَاوِيُّ تَأْوِيلَ لَفْظِ (اشْتَرِطِي) وَأَنَّ اللَّامَ بِمَعْنَى عَلَى عَنِ الْمُزَنِيِّ وَجَزَمَ بِهِ عَنْهُ الْخَطَّابِيُّ وَهُوَ صَحِيحٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَسْنَدَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ .  وَالتَّأْوِيلُ الْمَنْقُولَ عَنِ الْمُزَنِيِّ لا يصحّ ، وضعَّف النووي هذا التَأْوِيل وَضَعّفه أَيْضا ابن دَقِيقِ الْعِيدِ ، وَقَالَ آخَرُونَ : الْأَمْرُ فِي قَوْلِهِ (اشْتَرِطِي) لِلْإِبَاحَةِ ، وَكَأَنَّهُ يَقُول اشترطي أَولا تَشْتَرِطِي فَذَلِكَ لَا يُفِيدُهُمْ ، وَيُقَوِّي هَذَا التَّأْوِيلَ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ أَيْمَنَ الْآتِيَةِ آخِرَ أَبْوَابِ الْمُكَاتَبِ: (اشْتَرِيهَا وَدَعِيهِمْ يَشْتَرِطُونَ مَا شَاءُوا) ، وَقِيلَ : لَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَشْتَرِطُوا مَا تَقَدَّمَ لَهُمُ الْعِلْمُ بِبُطْلَانِهِ أَطْلَقَ الْأَمْرَ مُرِيدًا بِهِ التَّهْدِيدَ عَلَى مَآلِ الْحَالِ ، كَقَوْلِهِ: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى الله عَمَلكُمْ وَرَسُوله) وكقوله : (ألقُوا مَا أَنْتُم مُلْقُون) فَلَيْسَ ذَلِكَ بِنَافِعِكُمْ ، وَقِيلَ ظَاهِرُهُ الْأَمْرُ وَبَاطِنُهُ النَّهْيُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى (اعْمَلُوا مَا شِئْتُم) .

    وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي (الْأُمِّ) : تأَدَيبٌ للعَاصِينَ بتعطيل شُرُوطَهُمْ لِيَرْتَدِعُوا وَيَرْتَدِعَ  غَيْرُهُمْ ، وَقَالَ غَيْرُهُ : اتْرُكِي مُخَالَفَتَهُمْ فِيمَا شَرَطُوهُ وَلَا تُظْهِرِي نِزَاعَهُمْ مُرَاعَاةً لِتَنْجِيزِ الْعِتْقِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إِلَيْهِ ، وَقَدْ يُعْبَّرُ عَنِ التَّرْكِ بِالْفِعْلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى (وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ الا بِإِذن الله) أَيْ نَتْرُكُهُمْ يَفْعَلُونَ ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْإِذْنِ إِبَاحَة الإضرار بِالسحرِ .

    قَالَ ابن دَقِيقِ الْعِيدِ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مُحْتَمَلًا إِلَّا أَنَّهُ خَارِجٌ عَنِ الْحَقِيقَةِ مِنْ غَيْرِ دَلَالَةٍ عَلَى الْمَجَازِ في السِّيَاق . ثم ذكر الحافظ ترجيح النووي ، وقال إنَّهُ اسْتِدْلَالٌ بِمُخْتَلَفٍ فِيهِ على مُخْتَلف فِيهِ ، وَتعقَّبه ابن دَقِيقِ الْعِيدِ بِأَنَّ التَّخْصِيصَ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِدَلِيلٍ ، وَأَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ على خلاف هَذِه الْمقَالة .

     وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ لَا يَنْتَقِلُ النَسَبُ إلى غَيْرِهِ فَكَذَلِكَ ولاءُ العتْق ، وَلَوْ أَرَادَ نَقْلَ وَلَائِهِ أَوْ أَذِنَ فِي نَقْلِهِ لَمْ يَنْتَقِلْ فَلَمْ يَعْبَأْ بِاشْتِرَاطِهِمُ الْوَلَاء . وَقيل اشترِطي ودعيهم يشترطون ماشاءوا لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ قَادِحٍ فِي الْعَقْدِ ، بَلْ هُوَ لَغْوٌ وَأَخَّرَ إِعْلَامَهُمْ بِذَلِكَ لِيَكُونَ رَدُّهُ وَإِبْطَالُهُ قَوْلًا شَهِيرًا عَلَى الْمِنْبَرِ أَبْلَغُ فِي النَّكِيرِ وَأَوْكَدُ فِي التَّعْبِيرِ . اهـ . بتصرُّف .

     وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ) الممتحِنة .

     جاء في الدُّرِّ المنثور عن هذه الآية :

     أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن سعد وَابْن الْمُنْذر عَن عُرْوَة بن الزبير رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة ، فَكتب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ صَالح قُريْشًا يَوْم الْحُدَيْبِيَة على أَن يردَّ على قُرَيْش من جَاءَ ، فَلَمَّا هَاجر النِّسَاء أَبى الله أَن يُرْدَدْن إِلَى الْمُشْركين إِذا هنَّ امتُحِنَّ بمحنة الإِسلام ، فعرفوا أَنَّهُنَّ إِنَّمَا جِئنَ رَغْبَةً فِيهِ ، وَأمر بردِّ صداقهنَّ إِلَيْهِم إِذا حُبِسْنَ عَنْهُم ، وَأَنَّهُمْ يَرُدُّون على الْمُسلمين صدقَاتِ من حُبِسوا عَنْهُم من نِسَائِهِم ، ثمَّ قَالَ: (ذَلِكُم حُكْمُ اللهِ يحْكُم بَيْنكُم) فَأمْسك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النِّسَاءوردَّ الرِّجَال ، وَلَوْلَا الَّذِي حكَم الله بِهِ من هَذَا الحكْم ردَّ النِّسَاء كَمَا ردَّ الرِّجَال ، وَلَوْلَا الْهُدْنَة والعهْد أمسك النِّسَاء وَلم يردَّ لهنَّ صَدَاقا .

    وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: خرج سُهَيْل بن عَمْرو فَقَالَ رجل من أَصْحَابه: يَا رَسُول الله أَلسنا على حق وهم على بَاطِل ؟ قَالَ: بلَى ، قَالَ: فَمَا بَال من أسلم مِنْهُم رُدَّ إِلَيْهِم ، وَمن اتبعهم منا نَرُدُّه إِلَيْهِم ؟ قَالَ: أما من أسلم مِنْهُم فَعرف الله مِنْهُ الصدْق أَنْجَاهُ ، وَمن رَجَعَ منا سلَّم اللهُ مِنْهُ ، قَالَ: وَنزلت سُورَة الممتحنة بعد ذَلِك الصُّلْح ، وَكَانَت من أسلم من نِسَائِهِم فَسُئِلت: مَا أخرجكِ فَإِن كَانَت خرجت فِرَارًا من زَوجهَا ورغبةً عَنهُ رُدَّتْ ، وَإِن كَانَت خرجت رَغْبَةً فِي الإِسلام أُمْسِكت ورُدَّ على زَوجهَا مثل مَا أنْفق .اهـ .

     وجاء في تفسير الشوكاني عن هذه الآية:

     (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ) مِنْ بَيْنِ الْكُفَّارِ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا صَالَحَ قُرَيْشًا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ مَنْ جَاءَهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا هَاجَرَ إِلَيْهِ النِّسَاءُ أَبَى اللَّهُ أَنْ يُرْدَدْنَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ، وَأَمَرَ بامتحانهنّ فقال: فَامْتَحِنُوهُنَّ أي: فاختبروهنّ. وقد اختلف فيما كان يمتحنّ به، فقيل: كنّ يستحلفن بِاللَّهِ مَا خَرَجْنَ مِنْ بُغْضِ زَوْجٍ، وَلَا رَغْبَةٍ مِنْ أَرْضٍ إِلَى أَرْضٍ، وَلَا لِالْتِمَاسِ دُنْيَا، بَلْ حُبًّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَرَغْبَةً فِي دِينِهِ، فَإِذَا حَلَفَتْ كَذَلِكَ أَعْطَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوْجَهَا مَهْرَهَا، وَمَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا، وَلَمْ يَرُدَّهَا إِلَيْهِ ...

     وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ هَلْ دَخَلَ النِّسَاءُ فِي عَهْدِ الْهُدْنَةِ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، فَعَلَى الْقَوْلِ بِالدُّخُولِ: تَكُونُ هَذِهِ الْآيَةُ مُخَصِّصَةً لِذَلِكَ الْعَهْدِ، وَبِهِ قَالَ الْأَكْثَرُ. وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِهِ: لَا نَسْخَ وَلَا تَخْصِيصَ...

    وَجُمْلَةُ (لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) تَعْلِيلٌ لِلنَّهْيِ عَنْ إِرْجَاعِهِنَّ ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَةَ لَا تَحِلُّ لِكَافِرٍ، وَأَنَّ إِسْلَامَ الْمَرْأَةِ يُوجِبُ فُرْقَتَهَا مِنْ زَوْجِهَا، لَا مُجَرَّدَ هِجْرَتِهَا، وَالتَّكْرِيرُ لِتَأْكِيدِ الْحُرْمَةِ ... قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: كَانَ مَنْ ذَهَبَ مِنَ الْمُسْلِمَاتِ مُرْتَدَّةً إِلَى الْكُفَّارِ مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ يُقَالُ لِلْكُفَّارِ: هَاتُوا مَهْرَهَا، وَيُقَالُ لِلْمُسْلِمِينَ إِذَا جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْكُفَّارِ إِلَى الْمُسْلِمِينَ وَأَسْلَمَتْ: رُدُّوا مَهْرَهَا عَلَى زَوْجِهَا الْكَافِرِ ، ذلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ أَيْ: ذَلِكُمُ الْمَذْكُورُ مِنْ إِرْجَاعِ الْمُهُورِ مِنَ الْجِهَتَيْنِ حُكْمُ اللَّهِ ... قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَكَانَ هَذَا مَخْصُوصًا بِذَلِكَ الزَّمَانِ فِي تِلْكَ النَّازِلَةِ خَاصَّةً بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ...

     وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا عَاهَدَ كُفَّارَ قُرَيْشٍ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ جَاءَهُ نِسَاءٌ مسلمات، فأنزل الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ) حَتَّى بَلَغَ: (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ) فَطَلَّقَ عُمَرُ يَوْمَئِذٍ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا لَهُ فِي الشِّرْكِ . وَأَخْرَجَهُ البخاري أَيْضًا مِنْ حَدِيثِهِمَا بِأَطْوَلَ مِنْ هذا، وفيه وكانت أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ مِمَّنْ خَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهي عاتق (شابَّة) ، فَجَاءَ أَهْلُهَا يَسْأَلُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ يُرْجِعُهَا إِلَيْهِمْ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ فِي الْمُؤْمِنَاتِ مَا أَنْزَلَ.

     وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: (فَامْتَحِنُوهُنَّ) قَالَ: كَانَ امْتِحَانُهُنَّ أَنْ يَشْهَدْنَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَإِذَا عَلِمُوا أَنَّ ذَلِكَ حَقًّا مِنْهُنَّ لَمْ يَرْجِعْنَ إِلَى الْكُفَّارِ، وَأَعْطَى بَعْلَهَا فِي الْكُفَّارِ الَّذِينَ عَقَدَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَاقَهَا الَّذِي أَصْدَقَهَا وَأَحَلَّهُنَّ لِلْمُؤْمِنِينَ إِذَا آتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ.    

     وأخرج ابن مردويه عَنْهُ قَالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ الْمُمْتَحَنَةِ بَعْدَ ذَلِكَ الصُّلْحِ، فَكَانَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ نِسَائِهِمْ، فَسُئِلَتْ: مَا أَخْرَجَكِ؟ فَإِنْ كَانَتْ خَرَجَتْ فِرَارًا مِنْ زَوْجِهَا وَرَغْبَةً عَنْهُ رُدَّتْ، وَإِنْ كَانَتْ خَرَجَتْ رغبةً في الإسلام أُمسِكتْ وَرُدَّ عَلَى زَوْجِهَا مِثْلُ مَا أَنْفَقَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي أُسَامَةَ وَالْبَزَّارُ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، بِسَنَدٍ حَسَنٍ كَمَا قَالَ السُّيُوطِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: (إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ) قَالَ: كَانَ إِذَا جَاءَتِ الْمَرْأَةُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلَّفَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِاللَّهِ مَا خَرَجَتْ رَغْبَةً بِأَرْضٍ عَنْ أَرْضٍ، وَبِاللَّهِ مَا خَرَجَتْ مِنْ بُغْضِ زَوْجٍ، وَبِاللَّهِ مَا خَرَجَتِ الْتِمَاسَ دُنْيَا، وَبِاللَّهِ مَا خَرَجَتْ إِلَّا حُبًّا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ. اهـ . بتصرُّف .

     وفي البخاري : ثُمَّ جَاءَهُ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ المُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ) الممتحنة ، (حَتَّى بَلَغَ بِعِصَمِ الكَوَافِرِ) ، فَطَلَّقَ عُمَرُ يَوْمَئِذٍ امْرَأَتَيْنِ، كَانَتَا لَهُ فِي الشِّرْكِ  فَتَزَوَّجَ إِحْدَاهُمَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَالأُخْرَى صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، ثُمَّ رَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى المَدِينَةِ، فَجَاءَهُ أَبُو بَصِيرٍ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَهُوَ مُسْلِمٌ، فَأَرْسَلُوا فِي طَلَبِهِ رَجُلَيْنِ، فَقَالُوا: العَهْدَ الَّذِي جَعَلْتَ لَنَا، فَدَفَعَهُ إِلَى الرَّجُلَيْنِ، فَخَرَجَا بِهِ حَتَّى بَلَغَا ذَا الحُلَيْفَةِ، فَنَزَلُوا يَأْكُلُونَ مِنْ تَمْرٍ لَهُمْ، فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَى سَيْفَكَ هَذَا يَا فُلاَنُ جَيِّدًا، فَاسْتَلَّهُ الآخَرُ، فَقَالَ: أَجَلْ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَجَيِّدٌ، لَقَدْ جَرَّبْتُ بِهِ، ثُمَّ جَرَّبْتُ، فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ: أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْهِ، فَأَمْكَنَهُ مِنْهُ، فَضَرَبَهُ حَتَّى بَرَدَ، وَفَرَّ الآخَرُ حَتَّى أَتَى المَدِينَةَ، فَدَخَلَ المَسْجِدَ يَعْدُو، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَآهُ: (لَقَدْ رَأَى هَذَا ذُعْرًا) فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قُتِلَ وَاللَّهِ صَاحِبِي وَإِنِّي لَمَقْتُولٌ، فَجَاءَ أَبُو بَصِيرٍ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَدْ وَاللَّهِ أَوْفَى اللَّهُ ذِمَّتَكَ، قَدْ رَدَدْتَنِي إِلَيْهِمْ، ثُمَّ أَنْجَانِي اللَّهُ مِنْهُمْ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَيْلُ أُمِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ، لَوْ كَانَ لَهُ أَحَدٌ) .

    فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ عَرَفَ أَنَّهُ سَيَرُدُّهُ إِلَيْهِمْ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى سِيفَ البَحْرِ قَالَ: وَيَنْفَلِتُ مِنْهُمْ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلٍ، فَلَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ، فَجَعَلَ لاَ يَخْرُجُ مِنْ قُرَيْشٍ رَجُلٌ قَدْ أَسْلَمَ إِلَّا لَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ، حَتَّى اجْتَمَعَتْ مِنْهُمْ عِصَابَةٌ، فَوَاللَّهِ مَا يَسْمَعُونَ بِعِيرٍ خَرَجَتْ لِقُرَيْشٍ إِلَى الشَّأْمِ إِلَّا اعْتَرَضُوا لَهَا، فَقَتَلُوهُمْ وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ، فَأَرْسَلَتْ قُرَيْشٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُنَاشِدُهُ بِاللَّهِ وَالرَّحِمِ، لَمَّا أَرْسَلَ، فَمَنْ أَتَاهُ فَهُوَ آمِنٌ، فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ .

     وجاء في تفسير السعدي عن هذه الآية :

    لمَّا كان صلح الحديبية، صالح النبي صلى الله عليه وسلم المشركين، على أن من جاء منهم إلى المسلمين مسلما، أنه يُرَدُّ إلى المشركين، وكان هذا لفظا عاما، مطلقا يدخل في عمومه النساء والرجال، فأما الرجال فإن الله لم ينْهَ رسوله عن ردِّهم إلى المشركين وفاءً بالشرط وتتميمًا للصلح الذي هو من أكبر المصالح ، وأما النساء فلمَّا كان ردُّهنَّ فيه مفاسد كثيرة ، أمر الله المؤمنين إذا جاءهم المؤمنات مهاجرات، وشكُّوا في صدْق إيمانهن، أن يمتحنوهن ويختبروهن، بما يظهر به صدْقهن، من أيمانٍ مغلَّظة وغيرها، فإنه يحتمل أن يكون إيمانها غير صادق بل رغبةً في زوج أو بلَد أو غير ذلك من المقاصد الدنيوية.

     فإن كنَّ بهذا الوصف، تعين ردُّهن وفاءً بالشرط، من غير حصول مفسدة، وإن امتحنوهن فوُجِدن صادقات، أو علموا ذلك منهن من غير امتحان، فلا يرجعوهن إلى الكفار، (لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) فهذه مفسدة كبيرةٌ في ردِّهنَّ راعاها الشارع، وراعَى أيضا الوفاء بالشرط، بأن يعطوا الكفار أزواجهن ما أنفقوا عليهن من المهر وتوابعه عوضًا عنهن، ولا جناح حينئذ على المسلمين أن ينكحوهن ولو كان لهن أزواج في دار الشرك ، ولكن بشرط أن يؤتوهن أجورهن من المهر والنفقة، وكما أن المسلمة لا تحلُّ للكافر، فكذلك الكافرة لا تحلُّ للمسلم أن يمسكها ما دامتْ على كفْرها، غير أهل الكتاب، ولهذا قال تعالى: (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ) ، وإذا نهَى عن الإمساك بعصمتها فالنهْي عن ابتداء تزويجها أولَى، (وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ) أيها المؤمنون، حين ترجِع زوجاتكم مرتداتٍ إلى الكفار، فإذا كان الكفار يأخذون من المسلمين نفقة من أسلمتْ من نسائهم، استحقَّ المسلمون أن يأخذوا مقابلة ما ذهب من نسائهم إلى الكفار، وفي هذا دليل على أن خروج المرأة من الزوج متقوِّم، فإذا أفسد مُفِسِدٌ نكاح امرأة رجل، برضاعٍ أو غيره، كان عليه ضمان المهر، وقوله: (ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ) أي: ذلكم الحكْم الذي ذكَره الله لكم يحكُم به بينكم (وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) فيعلَم تعالى ما يصلح لكم من الأحكام، ويشرع لكم ما تقتضيه الحكمة .

     يُسْتفاد مِن الحديث والآية :

   1- في حالات الضرورة يكون السكوت عن الباطل من أجل اجتياز مرحلة ، والتخلُّصِ من سلبيَّاتها ، كما في حديث بريرة ، وليس ذلك إقرارً بالباطل ، فالمرجِع عند المسلم في النهاية هو الكتاب والسُّنَة ، ولا اعتماد إلا على ما فيهما .

    2- قد تنزِل بالمسلمين نازلة وبلاء وتكون في حقيقتها مَخْرَجًا وفتْحًا ، قال تعالى : (وعسى أن تَكْرَهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم) البقرة . وقد ضاق المسلمون بما جرَى في الحديبية فكان فتحًا ، قال تعالى : (إنَّا فتحنا لك فتحًا مبينًا) الفتح ، بشرط الاستعداد الدائم لرفْض الباطل فضلاً عن التأصيل له . ومَن حصلتْ له صفَعةٌ مِن شخصٍ فدَفَعَتْه عن الهاوية ، فقد جعل الله له في ذلك نجاةً ومَخْرَجًا مِن الهاوية ، وإن كرِهَ الصفعة ، و لكن لا يجوز أن يتحوِّل التغاضي عن الصَّفْعة إلى التغَنِّي بها .

    3- المبادرة الخليجية في اليمن كانت في الأصل مَخْرجًا من الحرب ، ثم تحوَّلتْ إلى مؤامرةٍ متشعِّبة ، فصار الخروج منها مكْسَبًا ، ولا يعنينا شرعًا ما فيها من ضلالاتٍ كالكوتا النسائية ، وإن أرْغَوا لها وأزْبَدوا .. فلن يَصِحَّ في بلَد الإيمان إلّا الصحيح بإذن الله ، وإذا كانت الكوتا وغيرها غير موجودةٍ في أيِّ بلَدٍ فأحْرَى ألَّا تكون في اليمن .. وإذا دعمتْها الأمم ومجلس الأمن فلنا عزاءٌ في غزَّة وأفغانستان ، حيث اندحرتْ المؤامرات الدولية عليهما ، و اندحرتْ كذلك أمثالها في اليمن على مدَى عشرات السنين الماضية ..

    وفي الختام يقول سبحانه : (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ) التوبة .  و يقول سبحانه: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا) الأحزاب .

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©