الحياة ابتلاء دائم

خطبة جمعة في مسجد جامعة الإيمان في 12/4/1429هـ ــ 18/4/2008م

 

*الحياة دورات امتحانية يتخللها التنفيس ،  فليست الامتحانات في المدارس والجامعات فحسْب ( و نبلوكم بالشر والخير فتنة) الأنبياء.    (لقد خلقنا الإنسان في كبَــــــــد) البلد.        ( استعينوا بالصبر والصلاة) البقرة .   ( اصبروا وصابروا ورابطوا) آل عمران. ( وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) العصر. وقال صلى الله عليه وسلم: ( ما أعطي أحد عطاء خيرا و أوسع من الصبر) متفق عليه عن أبي سعيد .  ( والصبر ضياء) أحمد ومسلم والترمذي عن أبي مالك الأشعري . قول التهامي في قصيدته التي يرثي فيها ولده:

( حكم المنية في البريّة جـــــــاري ... ما هـــــذه الدنيا بدار قرار )

وفيها:

( ومُكلِّف الأيام ضد طباعهــــا ... متطلِّبٌ في الماء جذوةَ نــارِ )

( جُبِلتْ على كدَرٍ وأنت تريدها ... صفْوًا من الأقذاءِ والأقذارِ )

( وإذا رجوتَ المستحيل فإنـــما ... تبني الرجاءَ على شفــيرٍ هار )

( فالعيش نومٌ والمنيــة يقظــــــةٌ ... والمرء بينـــــــهما خيالٌ سار )

و قال أبو البقاء صالح بن شريف الرندي في رثاء الأندلس :

لكل شيءٍ إذا ما تمّ نقصانُ ... فلا يُغَرَّ بطيب العيش انســـانُ) )

( هي الأمور كما شاهدتُها دوَلٌ ... من سرَّهُ زمنٌ ساءتْه أزمان )

( وهذه الدار لا تُبقِي على أحدٍ ... ولا يدوم على حالٍ لها شان )

( يمزِّق الدهر حتْمًا كل سابغةٍ ... إذا نبَتْ مشرفياتٌ وخُرْصان )

( وينتضي كلَّ سيفٍ للفناء ولو ... كان ابن ذي يزنٍ والغِمْدُ غَمدانُ )

( أين الملوك ذَوُو التيجان من يمنٍ ... وأين منهم أكاليلٌ وتيجان )

( وأين ما شاده شدّادُ في إرمٍ ... وأين ما ساسه في الفرس ساسان )

( وأين ما حازه قارون من ذهبٍ ... وأين عادٌ وشدّادٌ وقحطان )

( أتَى على الكلّ أمرٌ لا مردَّ له ... حتى قضَوا فكأنّ القوم ما كانوا )

( وصار ماكان من مُلْكٍ ومن مَلِكٍ ... كما حكى عن خيال الطيف وَسْنان )

( دار الزمان على دارا وقاتلـــــــِه ... وأَم َّكســــــــــرى فما آواه إيوان )

( كأنما الصعب لم يسهل له سببٌ ... يومًا ولا ملَك الدنيــــا سليمان )

( فجائع الدهر أنواعٌ منوعّـــــــةٌ ... وللزمــــــــان مسراتٌ وأحزان )

* والتنفيسات فيها تخفيف .. قال ابن حجر في ( الفتح)  عند شرح حديث البخاري ( لا يأتي زمان إلا والذي بعده شرٌّ منه) : (وقد اشتهر الخير الذي كان في زمن عمر بن عبد العزيز، بل لو قيل ان الشر اضمحل في زمانه لما كان بعيدا فضلا عن أن يكون شرًّا من الزمن الذي قبله، وقد حمَله الحسن البصري على الأكثر الأغلب، فسُئل عن وجود عمر بن عبد العزيز بعد الحجاج فقال: لا بدّ للناس من تنفيس) .

* وهذا في الناس جميعا وليس في المسلمين فقط ( إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كـــــــما تألمون ) النساء.

* وهنالك من يزيد في الابتلاء بفعل نفسه ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم) الشورى. والمنكرات كلها تزيد في الابتلاء (فلما نسوا ما ذُكّروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيسٍ بما كانوا يفسقون) الأعراف .( واتقوا فتنةً لا تصيبنّ الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب) الأنفال . والاستقامة سبيل تخفيف الابتلاء( وألّو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا ، لنفتنهم فيه !) الجن .

* ومن أنواع الابتلاء بأفعالنا الأزمات التي نعاني منها وتوشك على التفاقم والتي قد تصل إلى حد تمزيق البلد (... فنسوا حظا مما ذكِّروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة) .. ومن المنكرات : منكر استيراد الأفكار والمصطلحات كالمجتمع المدني ،  والمساواة بين النساء و الرجال  وبين العلماء والجهال  وبين الصالحين والطالحين والمسلمين والكافرين ، والارتهان للأجانب ، والسكوت عن الإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم ، والسكوت عن النصرة المطلوبة لبلاد المسلمين المغْزُوَّة المضطهدة مثل فلسطين والعراق وأفغانستان والصومال، وانتشار القوانين المخالفة للشريعة كقوانين الربا وقوانين الإعلام والسياحة المتنكرة للضوابط الشرعية وقوانين الاتفاقيات ومنها ربوية ومنها جندرية.. ووصل الأمر إلى العمل على تقنين عطلة السبت والأحد مشابهةً لأهل الكتاب ... و استقدام المغنيات ، و انتشار المظالم ( ولم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتحرّوا فيما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم) ابن ماجه والحاكــــــــــــــــــم وهو صحيح كما قال الألباني.ومعنى ذلك أن النهي عن هذه المنكرات وإزالتها مسؤولية الحكام بالدرجة الأولى ، ولايُعفَى الآخرون ( من رأى منكم...) مسلم. والذين ينهَون من الآخرين عن المنكر كثير منهم لم يلتزمـــــــوا الأولــــــــويات ..فيتكلمون على منكرات البطون دون المنكرات في العقيـــــــــدة والأخلاق .

يهون علينا أن تصاب جسومنا ...... وتسلم أعراضٌ لنا وعقولُ

    

 

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©