لسماع
الخطبة اضغط على الرابط التالي:
http://www.ssadek.com/jomaa/enklab.mp3
كلام الرئيس هادي عن اليمن .. و أوضاع
المسلمين في نصف القرن الماضي و ماقبله و
أسبابها:
ذكَر الرئيس اليمني الحالي عبد ربه
منصور هادي في خطابه يوم الأحد 8شوال1433هـ
24أغسطس2012م أمام الحكومة (مجلس الوزراء) أن
اليمن ملّ من التجارب على مدى خمسين عامًا ، و
لم يصِلْ إلى حلٍّ إلا الصراع و القتال ، و أن
الدُّول الراعية تنظُر ماذا نصنع .. اهـ . (و
الدوَل الراعية فيها دولٌ كُبْرى استعمارية!!
كما هو معلوم )
و هذا الكلام هو عين الحقيقة المُتّفِقة
مع النصوص التي ذكرتْ الانتقال من مرحلة
المُلْك العضوض إلى المُلْك الجبري ، و رغْم
الخيريّة الدائمة في الأمة إلا أن فساد الحكم
في المُلْك العضوض استمرّ و ازداد في المُلْك
العسكري الجبري ..
و لم تصل الأمة في الانقلابات العسكرية
على سبيل المثال في مصر و سورية و العراق و
اليمن وغيرها إلى حلٍّ ، بل ازداد الاستبداد
، وحصل التوريث لِلمُلك ، و انحسرتْ مرجعية
العلماء والشريعة أكثر ، بل اضطُهِد الدعاة و
العلماء بشكلٍ أكبر و سُجِنُوا و قُتِلوا كما
في مصر والعراق و الجزائر و ليبية و تونس ،
وازداد الأمر سوءًا في سورية بتدمير مدينة
حماة في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي ،
و اليوم كل المُدُن السورية تعاني من ذلك ،
كما عانتْ من ذلك ليبية و اليمن و غيرهما
طوَال العام الماضي ..
و السبب في كلّ ذلك ذنوبنا ، قال تعالى :
(و ما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبتْ أيديْكم و
يعْفُو عن كثير) الشورى . و قال تعالى : (قُلْ
هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ
عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن
تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ
شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ
انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ
يَفْقَهُونَ ، وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ
الْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ ،
لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ
تَعْلَمُونَ) الأنعام .
و في اليمن وصل الأمر في مرحلة الانقلاب
العسكري بعد 1962م إلى حدّ سبّ الدين من بعض
المسؤولين العسكريين في شوارع صنعاء في أواسط
الستينيات من القرن الميلادي الماضي ، و
أُلْقِيَتْ قنابل الغاز السام على الناس في
أرحب و كتاف من الطائرات المصرية في عهد عبد
الناصر ، الذي كان يزعم مناصرة اليمنيين ، و
اشتهرتْ في عهد هيْمَنَته قِصَص المتَنَفِّذ
هادي عيسى الذي ربّما قتَل من أحضرَه إليه
العساكر و لو على سبيل الخطأ ، بحجة أنه قد
حضَر !!.. و شرُّ البليّة ما يُضْحِك !!
وتمّ في تلك الفترة اعتقال عدَدٍ من
السياسيين اليمنيين ، و تمّ إرسالهم إلى مصر ،
وخضعوا لأنواع من التعذيب حتى قال قائلهم
الكلمة المشهورة : كنا نطالب بحُرّيّة القول
فأصبحنا نطالب بحُرّيّة البول !!
قصيدة (الكارثة) للزبيري في تشخيص أوضاع اليمن
بعد انقلاب 1962م :
و سجّل شاعر اليمن الكبير الأستاذ
الزبيري التحوُّلات السلبيية للمُلْك الجبري
في اليمن التي كانت سوداء كسواد المرحلة
الماضية مرحلة المُلك العضوض ، و أدَانَ
المرحلتين معًا في قصيدته الشهيرة (قصيدة
الكارثة) ، و دعا إلى مقاطعتهما و الرجوع إلى
شريعة الله ، و أسّس لذلك حزب الله .. و قد
حصل التآمر عليه بسبب ذلك من الطرفين
المتقاتلين أنصار المُلك العضوض و أنصار الملك
العسكري الجبري ، فقُتِل في منطقة بَرَط!!..
رحمه الله ، و مطلع القصيدة التي بيّنَ فيها
أن الماضي والحاضر سواء و أن الحاضر ليس
انفراجًا ، و إنما هو كارثةٌ جديدة :
هذا هو السيفُ و الميدانُ و الفرسُ *** و
اليومَ من أمْسِهِ الرَّجْعِيُّ يَنْبَجِسُ
و (البَدْرُ) في الجَرْفِ تَحْمِيْهِ
حماقَتُكم *** و أنْتُمُو مِثْلَمَا كنتُم لهُ
حَرَسُ
كأنَّ وَجْهَ الدُّجَى
مِرآة ُكارثةٍ ***
يَرْتَدُّ فيها لنا الماضي ويَنْعَكِسُ
و ممّا وَرَد في القصيدة عن الاستبداد
الجديد في المُلك الجبْري العسْكري :
و الحُكْمُ بالغصْبِ رَجْعِيٌّ
نُقَاوِمُهُ *** حتّى و إنْ لَبِس الحُكَّامُ
ما لبِسُوا
و ممّا وَرَد في القصيدة عن إقصاء
الشريعة :
و المُسْتشارون في القانون لوحضَروا ***
حرْبًا لَمَا كتبوا حرْفًا و لا نَبَسُوا
يُلَفِّقون قوانين العبيدِ لنا *** و نحنُ
شَعْبٌ أبِيٌّ مارِدٌ شَرِسُ
و ممّا ورد فيها عن عمليات القتْل و
الدّمار و الغاز السام :
و الموتُ من مِدْفَعٍ حُرٍّ نقولُ له *** موتٌ
و إنْ أوْهَمُونا أنَّهُ عُرُسُ
لَيْتَ الصواريخَ أعْطَتْهم تجاربَها ***
فإنها دَرَسَتْ أضعافَ ما درَسُوا
و ممّا ورد فيها عن تشابُهِ المرحلتين
المُلْك العضوض و المُلْك الجبري :
و أنتُمُو طبْعَةٌ للظُّلْمِ ثانِيَةٌ ***
تَدارَكَتْ كلَّ ما قدْ أَهْمَلوا و نَسُوا
ما أشْبَهَ الليلةَ الشَّنْعَا بِبَارِحَةٍ
*** مَرَّتْ و أشْنَعَ مَن يَهْوِي و
يَنْتَكِسُ
و ممّا ورد فيها عن تدهْوُر الاقتصاد و
استبدال العُمْلة الفِضية التي نُهِبَت
بعُمْلةٍ وَرَقِيّةٍ تَنْهارُ في كلّ وقت ،
كما نلمسُ إلى اليوم .. أنه شَبَّهَ هذه
العُمْلة في شراء الذِّمَم بِصكُوك الغُفران
الوهمية التي كان يُصْدِرُها القُسُس في
أوروبا فقال :
أوراقُكم لشِراءِ الشَّعْبِ تُذْكِرُنا *** ما
باعَهُ قُسُسٌ بالصكِّ و اخْتَلَسُوا
أَتُنْكِرُونَ عليهم بَيْعَ جَنَّتِهم ***
ياقومِ لا تَخْدَعُونا كُلُّكم قُسُسُ
و أذكُر بعد الانقلاب و أنا صغير أنني
كنت أسمع أنشودة من إذاعة صنعاء ، و سمعتُ
كثيرين غيري يذكرونها فيما بعد .. و فيها :
لا يَحْكُم الشّعْبَ بعدَ اليومِ مَن
صَلَّى!! ..
و بعد توقُّفٍ و انتظارٍ يقول المُنْشِد
(لِطاغوتٍ) .. فيظنُّ السامع غير المُنْتَبِه
أن المعنى في شطْر البيت الأول هو المقصود .
و أنشودة أخرى .. و ذكَّرَني بها الشيخ
عبد الملك داود ، وفيها :
يَتَحدَّى مِدْفَعي عُنْفَ القَدَر!! ..
ما حدث بعد الخلافة العثمانية :
لقد كانتْ الخلافة العثمانية رغم عيوبها
و كونها مُلكاً عضوضاً ، مظلّةً تجْمَع
المسلمين ، كما أنها كانت تحمل شِعار الإسلام
.. ثم أسقطها الكفار و العملاء و استعمَروا
أرض المسلمين ، ثم جاء بعدهم الملك الجبري
العسكري ..
و هنالك بعض البلاد الإسلامية بقيتْ على
المُلْك العَضوض بعد الاستعمار ، كالمغرب و
الأردن و ليبية ،و بعضها تحوّلتْ إلى المُلْك
الجبْري بعد العَضوض مثل ليبية ، و بعضها
كاليمن تحوّلتْ من العَضوض إلى الجبْري و لم
يُسْتَعْمَر إلا الجُزْءُ الجنوبي منها وتحوّل
هذا الجُزْءُ إلى الحكم البوليسي الاشتراكي
الجبري .
بعض
الإرهاصات لعودة الأمة إلى الخلافة من جديد إن
شاء الله :
إنّ هنالك اليوم إرهاصاتٍ إيجابيةً
عديدةً هي مُقَدِّماتٌ في اتجاه استيقاظ الأمة
، و كلام الرئيس عبد ربه منصور في نفس اتجاه
كلام الزبيري الذي أوردناه ، و جزءٌ من
الاعتراف بالحقيقة ، و إدانةٌ للماضي . و إن
العلاج هو في رجوع الأمة إلى الإسلام ، بعيدًا
عن التزييف و التلبيس ، و بعيدًا عن تحريف
الوعي الذي كان يصوّر للناس أنهم بالانقلابات
خرَجوا من الظلمات إلى النور ، و الحقيقة أنهم
إنما انتقلوا في الفترة الماضية بالانقلابات و
الصراعات من ظلماتٍ إلى ظلمات .
و من الإرهاصات الإيجابية المواقف الرائدة
للرئيس المصري في الاعتداد بالإسلام على منهج
أهل السنّة و الجماعة و رفْع شعاراته بكل قوّة
، و آخرها ما فعله يوم أمس في قمة دول عدم
الانحياز التي انعقَدتْ في عُقْر دار الروافض
حيث أسْمَعهم الرئيس المصري الحقَّ و صدَع به
..
لقد أعلن بوضوح وجوب نصْرة سورية
المظلومة التي يذيقها الروافض و حلفاؤهم منذ
سنةٍ و نصف سوءَ الدمار و سوءَ التقتيل و سـوءَ
العذاب ، و ينفّذون في مُدنها سياسة الأرض
المحروقة ..
كما أن الرئيس المصري ترضَّى عن الخلفاء
الراشدين الذين هم مرجعية أهل السنة والجماعة
بوضوح و قوّة دون خنوع أو نفاق سياسي دبلوماسي
، و ظهر الرجل بذلك أنه صاحب مشروعٍ يهدِف
لإقامته و إعادة الأمة إلى الصواب .. نسأل
الله له و لأمثاله الحِفْظ و التوفيق و السداد
.
و في الختام يقول الله سبحانه : (وَمَنْ
أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ
وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ
الْمُسْلِمِينَ) فصلت . |