عطاءٌ بلا حدود في الدارين

خطبة جمعة في مسجد جامعة الإيمان في 6 شوال 1433هـ الموافق 24 أغسطس 2012م

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  لسماع الخطبة اضغط على الرابط التالي:

http://www.ssadek.com/jomaa/ata.mp3

     مضاعفة أجر الصوم إلى عشرة أضعاف و من ذلك صيام ستّ شوال :

     قال عليه الصلاة و السلام لعبد الله بن عمرو: (بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ كُلَّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ) متفق عليه .

    و عَنْ أَبِي عُثْمَانَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ فِي سَفَرٍ فَلَمَّا نَزَلُوا أَرْسَلُوا إِلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي لِيَطْعَمَ ، فَقَالَ لِلرُّسُلِ إِنِّي صَائِمٌ ، فَلَمَّا وُضِعَ الطَّعَامُ وَكَادُوا يَفْرُغُونَ جَاءَ فَجَعَلَ يَأْكُلُ ، فَنَظَرَ الْقَوْمُ إِلَى رَسُولِهِمْ فَقَالَ مَا تَنْظُرُونَ؟ قَدْ أَخْبَرَنِي أَنَّهُ صَائِمٌ ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ صَدَقَ ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صَوْمُ الدَّهْرِ) ، فَقَدْ صُمْتُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَأَنَا مُفْطِرٌ فِي تَخْفِيفِ اللَّهِ ، وَصَائِمٌ فِي تَضْعِيفِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .

رواه أحمد وقال الأرناؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة فمن رجال مسلم .

    و عَنْ أَبِى أَيُّوبَ الأَنْصَارِىِّ رضي الله عنه أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ). رواه مسلم .        

     الجمع بين المضاعفة إلى عشرة أضعاف و بين عِظَم أجر الصوم :

    و عن أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( قَالَ اللَّهُ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ) متفق عليه .

     قال الحافظ في (الفتح) و ننقله بتصرّف يسير:

     قال القرطبي: معناه أن الأعمال قد كشفت مقادير ثوابها للناس وأنها تضاعف من عشرة إلى سبعمائة إلى ما شاء الله، إلا الصيام فإن الله يثيب عليه بغير تقدير. ويشهد لهذا السياق الرواية الأخرى يعني رواية (الموطأ)، وكذلك رواية الأعمش عن أبي صالح حيث قال: (كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى ما شاء الله ، - قال الله - إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) أي أجازي عليه جزاء كثيرا من غير تعيين لمقداره، وهذا كقوله تعالى: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) انتهى. والصابرون الصائمون في أكثر الأقوال.

     قلت: وسبق إلى هذا أبو عبيد في غريبه فقال: بلغني عن ابن عيينة أنه قال ذلك، واستدل له بأن الصوم هو الصبر لأن الصائم يصبر نفسه عن الشهوات، وقد قال الله تعالى: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) انتهى. ويشهد له رواية المسيب بن رافع عن أبي صالح عند سَمُّوْيَه (إلى سبعمائة ضعف، إلا الصوم فإنه لا يدري أحد ما فيه) ، ويشهد له أيضا ما رواه ابن وهب في جامعه عن عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر عن جده زيد مرسلا، ووصله الطبراني والبيهقي في (الشُّعَب) من طريق أخرى عن عمر بن محمد عن عبد الله بن مينار عن ابن عمر مرفوعا: (الأعمال عند الله سبع) الحديث... وفيه: (وعمل لا يعلم ثواب عامله إلا الله) ثم قال: وأما العمل الذي لا يعلم ثواب عامله إلى الله فالصيام .

     ثم قال القرطبي: هذا القول ظاهر الحُسْن، قال: غير أنه تقدم ويأتي في غير ما حديث أن صوم اليوم بعشرة أيام، وهي نص في إظهار التضعيف، فبَعُد هذا الجواب بل بطَل. قلت: لا يلزم من الذي ذكَر ، بطلانُه ، بل المراد بما أورده أن صيام اليوم الواحد يكتب بعشرة أيام، وأما مقدار ثواب ذلك فلا يعلمه إلا الله تعالى.

     و يؤيده أيضا العرف المستفاد من قوله: (أنا أجزي به) لأن الكريم إذا قال: أنا أتولى الإعطاء بنفسي كان في ذلك إشارة إلى تعظيم ذلك العطاء وتفخيمه ... وروى النسائي وغيره من حديث أبي أمامة مرفوعا: (عليك بالصوم فإنه لا مِثْل له)

     و في موضع آخر في (الفتح) ننقله بتصرّف :

     وقوله: (إلا الصيام) مستثنى من كلام غير محكيٍّ دل عليه ما قبله، والمعنى أن الحسنات يضاعف جزاؤها من عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصوم فلا يضاعف إلى هذا القدر بل ثوابه لا يقدر قدره ولا يحصيه إلا الله تعالى ، ولذلك يتولى الله جزاءه بنفسه ولا يكِلُه إلى غيره.

     قال: والسبب في اختصاص الصوم بهذه المزية أمران ، أحدهما: أن سائر العبادات مما يطلع العباد عليه، والصوم سر بين العبد وبين الله تعالى يفعله خالصا ويعامله به طالبا لرضاه، وإلى ذلك الإشارة بقوله: (فإنه لي) . والآخر: أن سائر الحسنات راجعة إلى صرف المال أو استعمال للبدن، والصوم يتضمن كسر النفس وتعريض البدن للنقصان، وفيه الصبر على مضَضِ الجوع والعطش وترْك الشهوات، وإلى ذلك أشار بقوله: (يدع شهوته من أجلي).

      قال الطيبي: وبيان هذا أن قوله: (يدع شهوته الخ) جملة مستأنفة وقعت موقع البيان لموجب الحكم المذكور، وأما قول البيضاوي: إن الاستثناء من كلام غير محكي، ففيه نظر، فقد يقال: هو مستثنى من كل عمل وهو مروي عن الله لقوله في أثناء الحديث: (قال الله تعالى) ولما لم يذكره في صدر الكلام أورده في أثنائه بيانا، وفائدته تفخيم شأن الكلام وأنه صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى .

     قوله: (والحسنة بعشر أمثالها) كذا وقع مختصرا عند البخاري، وقد قدمت البيان بأنه وقع في (الموطأ) تاما، وقد رواه أبو نعيم في (المستخرج) من طريق القعنبي شيخ البخاري فيه فقال بعد قوله (وأنا أجزي به) : (كل حسنة يعملها ابن آدم بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به) فأعاد قوله: (وأنا أجزي به) في آخر الكلام تأكيدا، وفيه إشارة إلى الوجه الثاني .

     و عند مسلم : عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ ، قالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلاَّ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لي وَأَنَا أَجْزِى بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِى) .

     المضاعفة في أعمال أخرى غير الصوم :

     عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَرْوِى عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً ، وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ ، وَإِنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً ، وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً) متفق عليه .

     و زاد مسلم بعده : وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنِ الْجَعْدِ أَبِى عُثْمَانَ في هَذَا الإِسْنَادِ بِمَعْنَى حَدِيثِ عَبْدِ الْوَارِثِ. وَزَادَ (وَمَحَاهَا اللَّهُ (يعني بالتكفير) ، وَلاَ يَهْلِكُ عَلَى اللَّهِ إِلاَّ هَالِكٌ) .

      كما أن التوبة النصوح تَتبَدَّل فيها السيئات حسنات مهما كانت كثيرة ، قال تعالى : (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً) الفرقان .

     و في شرح مسلم : أن الدارقطنى ذكَر في غريب حديث مالك : أن الكافر إذا حسن إسلامه يُكتَب له في الإسلام كل حسنة عمِلها في الشرك . و روى الحديث عن مالك من تسع طرق ، و ثبت ذلك في الطرُق كلها (و الحديث في المتفق عليه) .     

      و عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الطَّيِّبَ وَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَل) . رواه البخاري .

      و عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (لاَ يَتَصَدَّقُ أَحَدٌ بِتَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ إِلاَّ أَخَذَهَا اللَّهُ بِيَمِينِهِ ، فَيُرَبِّيهَا كَمَا يُرَبِّى أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ قَلُوصَهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ أَوْ أَعْظَمَ ) رواه مسلم .

      و في أجور الجمعة .. عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ غَسَّلَ وَاغْتَسَلَ ثُمَّ غَدَا فَابْتَكَرَ ، وَجَلَسَ مِنْ الْإِمَامِ قَرِيبًا فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ ، كَانَ بِكُلِّ خَطْوَةٍ أَجْرُ سَنَةٍ صِيَامُهَا وَقِيَامُهَا) رواه أحمد والترمذي ، وقال الألباني صحيح ، و الأرناؤوط إسناده صحيح .

     و لا غرابة في ذلك فالله كريمٌ واسعٌ وهَّاب ، و قد جعل ليلة القدْر وحدها خيرٌ من ألف شهر.

     و عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا ، وَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا ، وَالرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا الْعَبْدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ الْغَدْوَةُ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا) . رواه البخاري .

     و عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ السَّمِطِ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ ، وَإِنْ مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الذي كَانَ يَعْمَلُهُ ، وَأُجْرِىَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ وَأَمِنَ الْفَتَّانَ) . رواه مسلم .

      العطايا الدنيوية للأمة بلا حدود أيضًا :

     عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلاَتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: (إِنِّى فَرَطٌ لَكُمْ وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ وَإِنِّى وَاللَّهِ لأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِىَ الآنَ وَإِنِّى قَدْ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الأَرْضِ أَوْ مَفَاتِيحَ الأَرْضِ وَإِنِّى وَاللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِى وَلَكِنْ أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَتَنَافَسُوا فِيهَا) متفق عليه .

     و قد منح الله المسلمين في الدنيا هذه الخزائن فأقاموا أعظم حضارة و أعظم دولة حتى كان هارون الرشيد يقول للسحابة : أمطري حيث شئت فسيأتيني خَراجُك ! .

    و اليوم معظم ثروات الأرض هي في بلاد المسلمين ، و مقدارها سبعون في المائة من ثروات العالم ، و منها النفط وسائر المواد الخام .

    و قد قال الله تعالى : (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) النحل

     و قال تعالى : (وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْاْ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْراً لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ ) النحل .

     و دعاء المسلمين الشهير الوارد في الوحْيَيْن هو : (ربنا آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنةً و قنا عذاب النار) .

    و اليوم تظن الدويلات في بلاد المسلمين التي فيها النفط و الثروات أن الأموال أموالها ، وفي الحقيقة هي أموال المسلمين جميعًا ، و لا بد أن يعود المسلمون إلى وحدتهم ليستفيدوا من قوتهم و إمكاناتهم و ثرواتهم ، و قد جعل الله التغييرات في العام الماضي في بقعة متقاربة في الجغرافيا والتوجُّه (تونس ، ليبيا ، مصر ، إضافة إلى السودان وغزة و قُرْب تركيا ، و سورية في الطريق) ، و لعل الحكمة الإلهية في ذلك إقامة الحجة على أهل هذه البلدان بتيسير الوحدة لهم .

   و قد سمعتُ الرئيس الليبي الجديد قبل يومين يقول إن ثروات ليبيا كثيرةٌ بلا حدود ، و إن أولَى أولوياته رفْع مرتَّبات أبناء ليبيا .. و كنت أتمنى عندما ذكَر مصر و هي جارتُهم أن يُعلِن أن لها حقّا في الثروة الليبية ، فسكان مصر تسعون مليوناً و ليبيا ستة ملايين ، و مصر قلعة الإسلام و قلعة أهل السنة و الجماعة ، وهي التى ردّت الصليبيين و التتار ، وستردُّ إن شاء الله اليوم المؤامرات على الإسلام و المسلمين ، فلا يجوز حجْز الثروة عنها ، لاسيما و هي محتاجة و وقّعت قبل يومين أيضاً قرْضًا بنحو أربعة مليارات دولار من صندوق النقد الدولي (العدوّ المتآمِر المتعامل بالربا).

     و وجود الثروة في الدويلات الصغيرة في بلاد المسلمين يجعلها قصعة تتداعَى عليها الدُّوَل الكافرة  كما تَداعَى الأكَلَة على قصعتها  ، كما في الحديث ، فلا بد من إحراز الثروة والإمكانات في دولة إسلامية كبرى موحّدة قوية ، لتوظيفها في مصلحة الإسلام والمسلمين ، قال تعالى : (وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) الأنفال .

    إن عطاء الله للمسلمين عطاءٌ بلا حدود في الدنيا و الدين ، و عليهم  أن يُحسنوا التصرُّف ، قال تعالى : (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ) آل عمران .

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©