لسماع
الخطبة
عبر برنامج " الريل بلاير "
اضغط على الرابط التالي:
http://www.ssadek.com/jomaa/anfsahm.mp3
القدُرات
الكبيرة للإنسان المؤمن والكافر :
قال تعالى في الكافرين: (وَقَدْ مَكَرُوا
مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ
وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ
الْجِبَالُ) إبراهيم . وفي قراءة الكسائي:
(لَتَزُولُ) ،
وقال تعالى: ( وَمَكَروا مَكْرًا كُبَّارا)
نوح . ولكن مكر الله إلى جانب المؤمنين وهو
أعظم ، قال تعالى : (ويمكرونَ ويمكُرُ اللهُ
واللهُ خيرُ الماكرين) الأنفال .
وقال تعالى في المؤمنين من هذه الأمة
وعلى رأسهم الصحابة : (ولَيُمَكِّنَنَّ لهم
دينَهم الذي ارتَضَى لهم) النور ففتَحوا
المشارق والمغارب وأزالوا الطواغيت من
المشركين والمرتدين ودُوَل الفرس والروم
والسند والهند . وقال تعالى عن ذي القرنين:
(إنَّا مكَّنَّا له في الأرضِ وآتيناهُ من كل
شيءٍ سَبَبًا) الكهف ، فطاف المشرق والمغرب
وبَنَى السدّ حتى ساوَى بين الصَّدَفين . كما
أن الفراعنة بالمقابل شَيَّدوا الأهرام .
وقال تعالى في سليمان عليه السلام :
(قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا
لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ
أَنْتَ الْوَهَّابُ ، فَسَخَّرْنَا لَهُ
الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ
أَصَابَ ، وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ
وَغَوَّاصٍ ، وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي
الْأَصْفَادِ ، هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ
أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ، وَإِنَّ
لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ) ص .
وقال البخاري : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
عُبَيْدِ اللَّهِ أَبُو ثَابِتٍ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ
شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ،
عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: بَعَثَ
إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ لِمَقْتَلِ أَهْلِ
اليَمَامَةِ وَعِنْدَهُ عُمَرُ، فَقَالَ أَبُو
بَكْرٍ: " إِنَّ عُمَرَ أَتَانِي فَقَالَ:
إِنَّ القَتْلَ قَدْ اسْتَحَرَّ يَوْمَ
اليَمَامَةِ بِقُرَّاءِ القُرْآنِ، وَإِنِّي
أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ القَتْلُ بِقُرَّاءِ
القُرْآنِ فِي المَوَاطِنِ كُلِّهَا،
فَيَذْهَبَ قُرْآنٌ كَثِيرٌ، وَإِنِّي أَرَى
أَنْ تَأْمُرَ بِجَمْعِ القُرْآنِ "، قُلْتُ:
«كَيْفَ أَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ؟» ، فَقَالَ عُمَرُ: هُوَ وَاللَّهِ
خَيْرٌ، فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي
فِي ذَلِكَ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي
لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَ عُمَرَ،
وَرَأَيْتُ فِي ذَلِكَ الَّذِي رَأَى عُمَرُ.
قَالَ زَيْدٌ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ:
«وَإِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ، لاَ
نَتَّهِمُكَ قَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الوَحْيَ
لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، فَتَتَبَّعِ القُرْآنَ،
فَاجْمَعْهُ» ، قَالَ زَيْدٌ: فَوَاللَّهِ
لَوْ كَلَّفَنِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الجِبَالِ
مَا كَانَ بِأَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا
كَلَّفَنِي مِنْ جَمْعِ القُرْآنِ ،
قُلْتُ: كَيْفَ تَفْعَلاَنِ شَيْئًا لَمْ
يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ:
«هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ» ، فَلَمْ يَزَلْ
يَحُثُّ مُرَاجَعَتِي حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ
صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ اللَّهُ لَهُ صَدْرَ
أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَرَأَيْتُ فِي ذَلِكَ
الَّذِي رَأَيَا .
فَتَتَبَّعْتُ القُرْآنَ، أَجْمَعُهُ
مِنَ العُسُبِ وَالرِّقَاعِ وَاللِّخَافِ
وَصُدُورِ الرِّجَالِ، فَوَجَدْتُ فِي آخِرِ
سُورَةِ التَّوْبَةِ: (لَقَدْ جَاءَكُمْ
رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) التوبة . إِلَى
آخِرِهَا مَعَ خُزَيْمَةَ ، أَوْ أَبِي
خُزَيْمَةَ، فَأَلْحَقْتُهَا فِي سُورَتِهَا،
وَكَانَتِ الصُّحُفُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ
حَيَاتَهُ، حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ
وَجَلَّ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَيَاتَهُ،
حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ
حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ . قَالَ مُحَمَّدُ
بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: " اللِّخَافُ: يَعْنِي
الخَزَفَ " .
القدرة على تغيير النفس ولاسيما في رمضان :
ومن قُدُرات الإنسان أنه يستطيع تزكية
نفسه أوتدْسِيَتَها ، فيرتفع بنفسه إلى
القِمَّة أو ينحطُّ إلى الحضيض بحيث يكون
الفرْد الواحد الصالح بالتزكية خيرًا من ملء
الأرض من مثل من لا يعتني بنفسه في التزكية
كما في البخاري ، قال تعالى: (وَنَفْسٍ وَمَا
سَوَّاهَا ، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا
وَتَقْوَاهَا ، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا
، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) الشمس .
والتزكية بدايتها بالنفس اللَّوَّامة ،
قال تعالى: (لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ
الْقِيَامَةِ ، وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ
اللَّوَّامَةِ) القيامة .
ورمضان شهر التغيير , ولا يُحرَم من تغيير
النفس فيه إلا محروم ، فهو شهر تحصيل التقوى ،
قال تعالى: (لعلكم تَتَّقُون) البقرة ،
والتقوى فرقانٌ ، قال تعالى: (إنْ تَتَّقُوا
اللهَ يَجْعَلْ لكم فُرْقَانًا ويُكَفِّرْ
عنكم سيِّئَاتِكم ويَغْفِرْ لكم) الأنفال .
والتقوى وقايةٌ ونصْر ، قال تعالى: ( وإنْ
تَصْبِرُوا وتَتَّقُوا لا يَضُرُّكم كيدُهم
شيْئًا) آل عمران .
و المحروم من التغيير في شهر رمضان محروم
من نتائجه ومنها النصر ، وكم من الفتوحات
والانتصارات تحقَّقت للمسلمين في رمضان ..
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم صعِد المنبر فقال : (آمين
، آمين ، آمين) ، قيل يا رسول الله : إنك صعدت
المنبر فقلت : (آمين ، آمين ، آمين ) ، فقال :
(إن جبريل عليه السلام أتاني فقال : مَن
أدرك شهر رمضان فلم يُغفَر له فدخل النار
فأبْعَدَهُ الله ،
قل : آمين ، فقلت : آمين
، ومَن أدرك أبَوَيْه أو أحدَهما فلم
يَبَرَّهُما فمات فدخَل النار فأبْعَدَهُ الله
قل : آمين ، فقلت : آمين ، ومن ذُكِرتَ عنده
فلم يُصلِّ عليك فمات فدخَل النار فأبْعَدَهُ
الله
قل : آمين ، فقلت آمين) . رواه ابن خزيمة وابن
حبان في صحيحه واللفظ له ، وقال الألباني حسن
صحيح .
نحن في العشْر الأواخر من رمضان :
ونحن الآن في العشر الأواخر من رمضان ،
ولن يُنْجَيَنا ممّا نحن فيه من الفتن
والابتلاءات إلا اللجوء إلى الله والحرص على
تغيير أحوالنا ، والاستعانة بالذكر ، وقراءة
القرآن ، والاجتهاد في القيام ولاسيما آخر
الليل ، والاعتكاف لمن قَدَر عليه ، والدعاء
وتَحَرِّي ليلة القدْر في الأوتار ، والإنفاق
.
و الاستعانة بالله لإجراء التغيير في
أحوالنا بالتوبة من العادات السيئة كالقات ،
ومن المناهج والمصطلحات المستوردة
كالديمقراطية – وإن تَوَرَّمتْ لذلك أُنُوف -
، والدستور القائم على التصويت ، والدولة
المدنية ، والكوتا النسائية ، والمساواة بين
الرجال والنساء، والتعايُش مع الباطل المسمَّى
الرأي والرأي الآخر ، والانفلات من الأحكام
الشرعية باعتماد الاختلافات الفقهية وكأنها
دليلٌ ، في اتِّباع رُخَص الفقهاء والشذوذات
للخروج بدينٍ مُهَلْهل ، و اتِّباع الرُّخَص
الفقهية زنْدَقة كما يقول العلماء .
والنهي عن المنكرات ومن أبرزها المنكرات
الإعلامية ، ورفع المظالم والتَّحَلُّل منها ،
والقيام بالمسؤوليات وتفقُّد الأتباع والرعية
فكلُّكم راعٍ ومسؤول عن رعيّته ، فقد تخطَّى
النبي عليه الصلاة والسلام الرِّقاب بعد صلاة
العصر من أجل أن يستعجل في الخلاص من مسؤولية
توزيع تِبْرٍ كان عنده في البيت ، كما في
الحديث الذي رواه البخاري .
والتخلِّي عن الأثَرَة واستبدالها بالإيثار
، وعن الولاءاتِ الضيِّقة , كالولاء القَبَلي
أو الحزبي أو المذهبي أو الوطني أو التشكيلات
الجديدة التي تزيد الطين بِلَّة وتأتي بمزيدٍ
من التفتيت ، وتزعم أنها في الجانب الإيجابي
وهي في الواقع أصفار جديدة على الشمال تستجيش
مزيدًا من الولاءات الضَّيِّقة ، والمصارحة في
ذلك مطلوبة ، ولعله ما من أحدٍ إلا وقد كُتِب
عليه نصيبه من العصبيَّة مُدْرِكٌ ذلك لا
محالة .
وفي الختام يقول سبحانه : (أَوَلَمَّا
أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ
مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ
مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى
كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) آل عمران . |