لسماع
الخطبة اضغط على الرابط التالي:
http://www.ssadek.com/jomaa/aiam.mp3
قال تعالى : (لِيَشْهَدُوا منافِعَ لهم
وَ يَذْكُرُوا
اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ
عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ
الأنْعَامِ...) الحج .
جاء في تفسير ابن كثير الأقوال الواردة في
تفسير الآية ، و بيان الأيام المعلومات :
و قوله: (وَ يَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي
أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ
مِنْ بَهِيمَةِ الأنْعَامِ) قال ابن عباس:
الأيام المعلومات أيام العشر ،
والأيام المعدودات أيام التشريق . علّقه
البخاري بصيغة الجزم به . و يُروَى مثله عن
أبي موسى الأشعري و مجاهد و عطاء و سعيد بن
جبير و الحسن و قتادة و الضحاك و عطاء
الخراساني و إبراهيم النَّخعي . و هو مذهب
الشافعي ، و المشهور عن أحمد بن حنبل .
و قال البخاري: حدثنا محمد بن عَرْعَرَة
حدثنا شعبة عن سليمان عن مسلم البَطِين عن
سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : (ما العمل في أيام أفضل منها
في هذه) قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال:
(و لا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجل يخرج
يخاطِر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء) .
و رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي
وابن ماجه . وقال الترمذي: حديث حسن غريب
صحيح. وفي الباب عن ابن عمر و أبي هريرة و عبد
الله بن عمرو و جابر.
قلتُ: وقد تقصَّيتُ هذه الطرُق ، وأفردتُ
لها جزءًا على حِدَتِه ،
فمن ذلك ما قال الإمام أحمد: حدثنا عَفَّان
أنبأنا أبو عَوَانة عن يزيد بن أبي زياد عن
مجاهد عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: (ما من أيام أعظم عند الله
ولا أحبُّ إليه العملُ فيهن ، من هذه الأيام
العشر ، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير
والتحميد) ، قال الأرناؤوط صحيح ، و روي من
وجه آخر عن مجاهد عن ابن عمر بنحوه.
و قال البخاري: و كان ابن عمر و أبو
هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر،
فيُكبِّران ويُكبِّر الناس بتكبيرهما .
و قد روى أحمد عن جابر مرفوعا: أن هذا هو
العشر الذي أقسم الله به في قوله: (وَ
الْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ) الفجر . و قال
بعض السلف: إنه المراد بقوله: (وَ
أَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ) الأعراف.
و هذه العشر مشتملةٌ على يوم عرفة الذي
ثبت في صحيح مسلم عن أبي قتادة قال: سئل رسول
الله صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم عرفة ،
فقال: (أحتسب على الله أن يكفر السنة الماضية
والآتية) .
و عنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِىَّ
صلى الله عليه وسلم قَالَ : (إِذَا دَخَلَتِ
الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ
يُضَحِّيَ فَلاَ يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ
وَبَشَرِهِ شَيْئًا) رواه مسلم .
و تشتمل العشر على يوم النحر الذي هو يوم
الحج الأكبر ، وقد ورد في حديث أنه أفضل
الأيام عند الله .
و بالجملة ، فالعشر قد قيل: إنها أفضل
أيام السنة ، كما نطق به الحديث ، ففضلها كثير
على عشر رمضان الأخير؛ لأنها يُشرع فيه ما
يشرع في تلك، من صيام وصلاة وصدقة وغيره،
وتمتاز هذه باختصاصها بأداء فرض الحج فيها.
و قيل: تلك أفضل لاشتمالها على ليلة
القدر، التي هي خير من ألف شهر.
و توسّط آخرون فقالوا: أيام هذه أفضل،
وليالي تلك أفضل . وبهذا يجتمع شمل الأدلة،
والله أعلم.
قول ثان في الأيام المعلومات:
قال الحكم عن مِقْسَم عن ابن عباس: الأيام
المعلومات: يوم النحر وثلاثة أيام بعده .
ويروى هذا عن ابن عمر وإبراهيم النَّخَعي
وإليه ذهب أحمد بن حنبل في رواية عنه.
قول ثالث: قال ابن أبي حاتم:
حدثنا أبي، حدثنا علي بن المديني، حدثنا يحيى
بن سعيد ، حدثنا ابن عَجْلان، حدثني نافع؛ أن
ابن عمر كان يقول: الأيام المعلومات المعدودات
يوم النحر ويومان بعده ، والأيام المعدودات
ثلاثة أيام بعد يوم النحر. هذا إسناد صحيح
إليه .
و قاله السدي ، وهو مذهب الإمام مالك بن
أنس ، ويعضد هذا القول و الذي قبله قوله
تعالى: (عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ
الأنْعَامِ) يعني به: ذكْر الله عند ذبحها .
قول رابع: إنها يوم عرفة ويوم
النحر، ويوم آخر بعده. وهو مذهب أبي حنيفة .
وقال ابن وهب: حدثني ابن زيد بن أسلم، عن أبيه
أنه قال: المعلومات يوم عرفة ، ويوم النحر،
وأيام التشريق.
اهـ . بتصرُّف .
و جاء في فتح الباري تأكيدٌ لِمَا وَرَد عن
ابن عباس في الأيام المعلومات:
قوله تعالى: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ
فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا
رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ) الحج
.
ذكر البخاري عن ابن عباس تعليقًا : الأيام
المعلومات أيام العشر ، و الأيام المعدودات:
أيام التشريق ، و قد وصَل ذلك عبد بن حميد من
طريق عمرو بن دينار عن ابن عباس .
و روى ابن مردويه من طريق أبي بشر عن
سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الأيام
المعلومات التي قبل يوم التروية ويوم التروية
ويوم عرفة ، والمعدودات أيام التشريق . إسناده
صحيح . و قد روى ابن أبي شيبة من وجه آخر عن
ابن عباس أن المعلومات يوم النحر و ثلاثة أيام
بعده .
اهـ . بتصرُّف .
كلام ابن عباس يجْمَع الأقوال :
و لعل
المرويَّ عن ابن عباس يجمع بين أقوال الآخرين
و مَن جاءُوا بعده ، فالأخصّ في الأيام
المعلومات أنها يوم التروية واليوم الذي قبل
التروية ، ويوم عرفة ، على قولٍ لابن عباس عند
ابن مردويه كما سبق ، لأن هذه الأيام من أفضل
العشْر .
أو أنها أيام التشريق (يوم النحر و
ثلاثة أيام بعده) ، على قولِ ابن عباس عند ابن
أبي شيبة كما سبق ، لأنه يصْدُق على هذه
الأيام كما في الآية ، أنها أيام الذِّكْر
العام و الذِّكْر على الأَنعام.
أو الارتقاء إلى ماهو أعمّ باعتبار العشر
كلِّها معلومات ، على قول ابن عباس في البخاري
، بجانب قوله عند ابن أبي شيبة السابق في
اعتبار أيامِ التشريق المعدوداتِ معلوماتٍ
أيضًا (يومِ النحر و ثلاثةِ أيام بعده) ،
فيتمُّ جمْع العشْرِ إضافةً إلى أيام التشريق
فتكون ثلاثةَ عشَرَ يومًا ، لأنها كلَّها
أيامُ ذِكْرٍ عامٍّ و ذِكْرٍ على ذَبْح
الأنعام .
و العشْر نفسها بالإضافة إلى الذِّكْر هي
استعدادٌ لذبح الأنعام بالامتناع عن مسّ الشعر
والبشَر . و أيام النحر والتشريق بالإضافة
إلى الذِّكْر هي ذبْحٌ . فموضوع العشْر
والتشريق واحد ، فكلُّهنَّ إذَنْ مَعلوماتٌ..
و أقوال ابن عباس تجْمعها ، و الله أعلم .
و جاء في تفسير الطبَري ترجيح أنها أيام
الذّبْح :
ترجيحه أن الأيام المعلومات هي أيام الذبْح و
الأكْل و الذِّكْر مستدلاً
بالآية:(لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ
وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ
مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ
بَهِيمَةِ الأنْعَامِ ) وبالحديث عن أيام
التشريق: (إنها أيام أكل وشرب و ذكر الله) .
و ما سبَق أرْجح .
و جاء في فتح القدير شيءٌ من تقريب الأقوال و
ذِكْر بعض الإجماعات ، و كلام ابن زيد الذي
يجمع الأقوال و هو شبيهٌ بما ورَد عن ابن عباس
:
قال القرطبي
: لا خلاف بين العلماء أن الأيام المعدودات في
هذه الآية هي أيام مِنَى وهي أيام التشريق وهي
أيام رمْي الجمار ... قال القرطبي : الإجماع
على ما نقله أبو عمر بن عبد البر وغيره و روى
الطحاوي عن أبي يوسف أن الأيام المعلومات أيام
النحر ، قال : لقوله تعالى : (و يذكروا اسم
الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة
الأنعام) .
و حكى الكَرْخي عن محمد بن الحسن أن
الأيام المعلومات أيام النحر الثلاثة : يوم
الأضحى ويومان بعده ، قال الكَيَا الطبري :
فعلى قول أبي يوسف ومحمد لا فرْق بين
المعلومات و المعدودات ، لأن المعدودات
المذكورة في القرآن أيام التشريق بلا خلاف .
و رُوِي عن مالك أن الأيام المعدودات
والأيام المعلومات يجمعها أربعة أيام : يوم
النحر وثلاثة أيام بعده ، فيوم النحر معلوم
غير معدود ، واليومان بعده معلومان معدودان ،
واليوم الرابع معدود لا معلوم ، وهو مرويٌّ عن
ابن عمر (كما سبق فيما نقله ابن كثير) .
و قال ابن زيد : الأيام المعلومات : عشر ذي
الحجة وأيام التشريق .. (و هذا ما سبق ترجيحه
عند الكلام على أقوال ابن عباس) . اهـ .
بتصرُّف .
الذِّكْر أفضل ما يُسْتَعَدُّ به للأحداث :
و الذكر هو
أفضل ما يُسْتَعَدُّ به للأحداث لاسيما في
أيامنا هذه ، قال تعالى : (فاذكروني
أذْكُرْكم) البقرة ، و قال تعالى :
(إذا لقيتم فئةً فاثْبُتُوا و اذكُروا اللهَ
كثيراً) الأنفال . و قال عليه الصلاة و السلام
: (احفظِ اللهَ
يحفَظْك) رواه أحمد و ذكر الألباني أنه
حسن ، و في بعض لفْظِه : (تعرَّفْ إلى الله في
الرخاءِ يَعْرِفْك في الشِّدة) .
و قال عليه
الصلاة و السلام : (خذُوا جُنَّتكم من النار ،
قولوا : سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا
الله و الله أكبر ، فإنهن يأتين يوم القيامة
مقدِّمات و معقِّبات و مجنِّبات و هن الباقيات
الصالحات ) رواه النسائي و الحاكم عن أبي
هريرة و قال الألباني صحيح . مقدِّمات :
يسبِقْنَ الانسان و يَسِرْنَ أمامه . معقِّبات
: يَسِرْنَ خلْفَه . مجنِّبات : يَسِرْنَ عن
جانبَيْه .
و في صحيح
الأدب المفرد عن عبد الله موقوفا صحيحا في حكم
المرفوع كما قال الألباني : إن الله
قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم ، و
إن الله يعطي الدنيا من يحب و من لا يحب و لا
يعطي الإيمان إلا من أحب ،
فمن ضن بالمال أن ينفقه و خاف العدو أن يجاهده
و هاب الليل أن يكابده ، فليُكْثِر من قول :
سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و
الله أكبر " .
و عند البيهقي عن عبد الله رضي الله عنه :
عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال :
(إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم
أرزاقكم ، و إن الله يعطي المال من يحب و من
لا يحب ، و لا يعطي الإيمان إلا من يحب ، فإذا
أحبّ عبدًا أعطاه الإيمان ، فمن ضَنّ (بَخِل)
بالمال أن ينفقه ، و هاب الليل أن يُكابِده ،
و خاف العدوَّ أن يجاهدَه ، فليُكْثِر من
سبحان الله و الحمد و لا إله إلا الله و الله
أكبر ، فإنهن
مقدِّمات و مجنِّبات و معقِّبات ، و هن
الباقيات الصالحات) .
و عند مسلم
عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَنْ رَسُولِ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
(مُعَقِّبَاتٌ لاَ يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ -
أَوْ فَاعِلُهُنَّ - دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ
مَكْتُوبَةٍ ثَلاَثٌ وَثَلاَثُونَ تَسْبِيحَةً
، وَثَلاَثٌ وَثَلاَثُونَ تَحْمِيدَةً ،
وَأَرْبَعٌ وَثَلاَثُونَ تَكْبِيرَةً) .
والعجيب أنه
أثناء حادث أمس الذي هزّ صنعاء بالانفجارات
كان هنالك من
يُطَنْطِنون في حفل تكريم الأوائل و
يُمَوْسِقون عن قُرْب .. يتفاعلون وفي هذه
الأيام .. مع
الموسيقى صوت الشيطان ، قال تعالى : (و
استفْزِزْ من اسْتطَعْتَ منهم بصوتك) الإسراء
.
وقبل أيام جاءتني دعوة بحضور حفلٍ لتكريم
حفاظ القرآن ، فاشترطت عدَم الموسيقى فكبُر
عليهم الشرط ، و كأن الموسيقى ركنٌ من أركان
الإسلام ، فلم يتنازلوا عنها !!.. فلم أحضُر ،
و لا حول و لا قوة إلا بالله .. و هكذا فنحن
في زمان الغُرْبة .. يعتبرون اجتناب الشبهات
تشَدُّدًا ، و لا يعتبرون أنفسهم مُتَشَدِّدين
في الباطل !
و في الختام
يقول الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ
وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم
مُّسْلِمُونَ ) آل عمران . |