لسماع
الخطبة اضغط على الرابط التالي:
http://www.ssadek.com/jomaa/ahzab.mp3
المسلمون
جسد واحد لا يجوز تمزيقه و لا بد من مصارحة من
يرى التحزّب السياسي ، و المنْع من إرهاب مَن
يُصارِح:
المسلمون كيان
واحد لا يجوز توزيعه ، قال صلى الله عليه و
سلم: (مثل المؤمنين في توادّهم... مثل الجسد)
متفق عليه . و قال صلى الله عليه و سلم:
(المؤمن للمؤمن كالبنيان...) متفق عليه . و
لا يدخل في تمزيق هذا الكيان التكتلات
الفِطرية التخصُّصية كا لأُسَر و
العشائر و القبائل و الشعوب و المذاهب الفقهية
و الحلقات و الجامعات و المؤسسات العلمية و
الجماعات الدعوية ، لأن هذه التكتلات فيها
معنى الأبوية و الرعاية و الرحِمِيّة و
التربية و الأستاذية ، و لا كذلك مثل
الجمعيات و لا الشركات لأن فيها معاني التعاون
و التملُّك ، و لأنها كلها من قبيل التخصُّص
و الروابط المأمونة كالأجهزة المتخصصة في جسم
الأنسان ، بشرط مُهِمٍّ و هو عدم التعصُّب .
أما التشكيلات
السياسية أو الأحزاب فإنها تشكيلات صراعٍ و
تمزيقٍ سياسيّ و استقواءٍ بالعامة و الخاصة
حتى بالنساء ، و إذكاءٍ للعصبيات ، و فيها
يتم استغلال العامة (الدهيماء أو
الديمقراطية) ، و فتنة الديمقراطية من
عناصرها القومية و الوطنية و الجنسية و
الاستقلالية و الحدود .. و الفيدرالية
التي قد تعني التقنين الخاص و تعني نسبةً أعلى
من الثروة.. و ما تمزّقتْ دولة الخلافة
العثمانية إلا بهذه الفتنة ،
و بدأ التَّمزُّق
بانتشار الأحزاب القومية العربية و التركية ،
ثم تحوّلت هذه الأفكار الديمقراطية من أحزاب
إلى دول ، و انقسم العالم الإسلامي إلى سبع و
خمسين دولة بعد هذه الصناعة الغربية
(الفتنة) التي كان من وسائلها احتلال الأرض و
احتلال العقول .
أُسُس الحزبية السياسية :
إن التشكيلات الحزبية السياسية تقوم على
أساس طلَب الحكم و الولاية و تداوُل ذلك ،
و من سلبيات ذلك أن هذا الطلب مذموم شرعًا ،
لأنه :
1ـ صناعةٌ
متعدّدة للشوكة و للسيادة الدينية في وسط
المسلمين ، و منازعةٌ لا مناصحةٌ لأهل الشوكة
و تفريخٌ و تكثيرٌ للدِّيُوك ، (و الإسلام
حريص على وحدة القيادة و السياسة و السياقة و
التوجيه كما في السيارة) ، و افتئاتٌ كذلك على
النصوص .. مثل قوله تعالى : ( ... أن أقيموا
الدين و لا تتفرّقوا فيه ... و ما تفرَّقوا
إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيًا بينهم)
الشورى ، و مثل قوله تعالى : (و لا
يزالون مختلفين إلا من رحم ربك) هود ، و مثل
قوله صلى الله عليه و سلم : ( إنا و الله لا
نولّي هذا الأمر أحداً سأله أو حرص عليه) متفق
عليه ، و مثل قوله صلى الله عليه و سلم : (و
ألاّ ننازع الأمر أهله) متفق عليه ، و مثل
قوله صلى الله عليه و سلم : (الأئمة من قريش)
قال الألباني رواه أحمد بإسناد جيد واللفظ له
وأبو يعلى والطبراني و غيرهم ، كما ذكر أنه
صحيح في بعض كتبه ، و في (السلسلة) نقل عن
القاري أنه نقل عن ابن حجر أن الحديث متواتر ،
و قال الأرنؤوط : حديث صحيح بطرقه وشواهده
، و حكم الأقاليم في ذلك عند انفرادها واقعًا
بتعدُّد الحكام ،كحكم دولة الخلافة الأمّ كما
ذكر العلماء و منهم الشوكاني في (السيل) ، و
مثل قوله صلى الله عليه و سلم: (و إن تأمّر
عليكم عبد ...) قال الألباني : صحيح ,
رواه أبو داود
والترمذي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه وقال
الترمذي حديث حسن صحيح ، و مثل قوله
صلى الله عليه و سلم: (لن يفلح قوم ولَّوا
أمْرَهم امرأة) رواه البخاري ، لأنهم
يَسْتَقْوُون أيضا بالنساء .
2ـ و على أساس
زَرْع الولاء و البراء في وسط المسلمين و ذلك
تجديدٌ لعصبيات الدول في تمزيق المجتمع و
تكرارِ ما يشبه الجنسيات في صناعة الامتيازات
في الوظائف و الكفالات و الأستملاك و التعامل
الانتقائي مع الكفاءات و منهم العلماء و
الدعاة و الجماعات الإسلامية ، و الدليل على
سلبية هذه الأحزاب أنها لا تستطيع أن تصلح
نفسها بأن تتوحّد مثلاً أو تتبادل الكفاءات في
مواقع المسؤولية ، رغم أنها تظن أنها
صفوة المجتمع ، فإذا فشلتْ في ذلك فكيف ستصلح
المجتمع و تُوَحِّده ؟ و في الوقت نفسه تتساهل
في مبدأ البراء من الكافرين في المبادئ و
التعامل .. إنها
تهرُب من كثير من الواجبات عند العتاب
بالهروب إلى الأمام
بالقول بأنها ستفعل ذلك في المستقبل ؟!
، و الله يقول في وصف الولاء (و ليس البراءَ)
بين المؤمنين : (و المؤمنون و المؤمنات بعضهم
أولياءُ بعض) التوبة . و يقول سبحانه: (أذلةٍ
على المؤمنين أعزةٍ على الكافرين) المائدة . و
يقول جل و علا: ( أشداءُ على الكفار رحماءُ
بينهم) الفتح ، و يقول عليه الصلاة و السلام :
(المؤمنون تتكافأ
دماؤهم ، و هم يدٌ على مَن سِواهم ، و
يسعى بذِمّتهم أدناهم) رواه النسائي و أبو
داود و الحاكم و قال الألباني و الأرناؤوط
صحيح
3ـ و على أساس
التعاون المزعوم في داخل هذه الأحزاب ، و
إهمال ذلك مع بقية المسلمين ، و الله
يقول لعموم المسلمين مع عموم المسلمين : (و
تعاونوا ) المائدة ، و في النهاية يتم اختزال
التعاون المزعوم في فئات و لوبيهات داخل
الأحزاب نفسها ، و
تنتشر من جديد ثقافة المُلك العضوض و المُلك
الجبري .. فما كان بنو أمية و بنو العباس و
بنو عثمان إلا أحزابا ، ثم يتم اختزال التكتل
في أقلية في الداخل ، وما المماليك والحكام
العصريون الجبْريون إلا أحزاباً أيضاً.
البديل :
و البديل هو أن
تبقى الروابط الفطرية التي سبق ذكرها و تتم
المُطاوَعة و تقليل الخلافات السياسية إلى
أقصى حد ممكن ، و توحيد مرجعية العلماء للأمة
لاسيما في مجال السياسة ، لا تحزيبها و
تشتيتها ، و تقليل الوعول و اليعاسيب ،
و يبقى وضع الجميع كما كان الأسلاف شيوخاً و
تلاميذ مُناصِحين ، لا منازعين و لا متنازعين
مُتَحَزِّبين .. و يسعى جميع المسلمين إلى
لَمِّ الشَّمْل بكل اجتهاد إلى أن يعيدوا
كيانهم العالَمي المُوحَّد ،
و الذين يعيشون في
الظل من القامات العلمية و الدعوية من
الجماعات و يتنازلون عن الواجهة ، محمودون
بتنازلهم كما فعل أهل الشورى الذين اختارهم
عمر ، و كذلك سعدٌ و ابن عمر و ابن عباس و
الحسن بن علي و الحسن البصْري و الأئمة
الأربعة ، عندما لم يزاحموا أهل الشوكة ، و لا
يصنع الكيانات المستقرة و التحالفات إلا
التواضعات و التنازلات و الإيثارات في هذه
المجالات .. و ليست التحالفات و الكيانات
الضخمة حِكْرًا على الكافرين بل
المسلمون أوْلَى بها .. قال تعالى: (إن الذين
فرقوا دينهم و كانوا شيَعًا لستَ منهم في شيء،
إنما أمرهم إلى الله ثمّ يُنَبِّئُهم بما
كانوا يفعلون) الأنعام .
و بسبب التمزُّق
بين المسلمين يتفرّجُ اليوم أكثر من مليار
مسلم على إخوانهم في سورية ، و لا يكادون
يفعلون شيئا يُذْكَر ، و في الماضي قام
النبي عليه الصلاة و السلام مع الصحابة بحصار
بني قينقاع ثم طردِهم لأجل امرأة أساء إليها
يهودي ، و تحرّك المعتصم بجيش عرمرم لفتح
عمُّوريّة من أجل استغاثة امرأة .
و كثيرًا ما يضحك الكافرون على المسلمين
بزعْم التسامح المائع و محاربة الكراهية ، و
هم أكثر الناس تماسُكًا و توحُّدًا فيما بينهم
على الكراهية لمواجهة المسلمين إلى درجة
استكثار الحجاب على الملايين الكثيرة من
المسلمين الأوروبيين ، و كما فعلوا في العراق
، عندما لم يخرجوا حتى مزّقوه ، و كما فعلوا
أخيراً في تقسيم السودان ، و فيما يريدون
الآن فِعْله فينا في اليمن تحت مزعوم العدالة
الانتقالية . |