روى الشيخان عن أنس أن الرسول
عليه الصلاة والسلام قال لأنْجَشة
وهو يَحْدُو (يتغَنَّى) في السفر:
( ويحك يا أنْجَشة ! رويدَك
بالقوارير) .. قال النووي في (شرح
مسلم : كتاب الفضائل ) :والذي جزم
به الهروي وصاحب التحرير وآخرون
أن أنجشة كان حسن الصوت وكان يحدو
بالنساء ... فلم يأمن أن يفتنهن
ويقع في قلوبهن حداؤه فأمره بالكف
عن ذلك ، ومن أمثالهم المشهورة
:الغِناء رُقْية الزنى ... و نقَل
أن (وَيْحَ) زجرٌ لمن أشرف على
الوقوع في هلَكة . ثم ذكر أن
الحديث فيه مُباعدة النساء من
الرجال ومن سماع كلامهم ما عدا
الوعظ ونحوه . انتهى . ونقل
الحافظ في(الفتح : كتاب الأدب) عن
الخطابي نحو ما ذكره النووي عن
حُداء أنجشة ، و أنه جزم بذلك
الهروي و هو الراجح عند البخاري ،
ورجحه القاضي عياض لأنه أشبه
بمساق الكلام ، و أنه الذي يدل
عليه كلام أبي قلابة . كما ذكر
الحافظ أنه أخرج الطبراني من حديث
واثلة أن أنجشة كان ممن نفاهم
النبي صلى الله عليه وسلم . انتهى
.
و عندما يأتي رجل أو فِرْقة
من الرجال لِغَرَض الإنشاد
للنساء ، فلا شك أن الشيطان حاضر
، و لا يمكن أن يدع هذه الفرصة
تمرُّ دون أن يثير اهتمام و تركيز
الرجل أو الرجال لإثارة اهتمام و
تركيز النساء عليهم ـ حتى لو كان
الإنشاد من وراء حجاب ـ و ذلك من
خلال الأداء و الكلمات و سائر
المؤثرات ، استغلالاً للجاذبية
بين الجنسين ، و افتتانِ كلٍّ
منهما بالآخر ، قال عليه الصلاة و
السلام : (ماتركت بعدي فتنة أضر
على الرجال من النساء) رواه
الجماعة إلا أبا داود . و إذا
استدرج الشيطان النفوس إلى ذلك
انفتح باب التساهل والانحراف إلى
ما هو أكثر و أكبر . و عليه فلا
يجوز أن ينشد الرجال الأجانب
للنساء ولو من وراء حجاب ،
ويُكتَفى بإنشاد النساء للنساء
منعاً للفتنة و سدّاً للذريعة و
بالله التوفيق .