الإسلام يعاقب بحدِّ الردَّة وهو
القتل للمسلم الذي يكفُر , لأنه
بردَّته ينتهك حرمة الدين بالخروج
منه ويشجع السفهاء على مثل هذا
الفعل الذي يجرُّ إلى تقويض
المجتمع المسلم , وقاعدة الإسلام
- التي هي أعظم قاعدة فيه ورابطته
التي هي أقوى رابطة - هي العقيدة
, والردة تقويض للعقيدة ,
فاستحقَّ المرتدُّ القتل لهذا
السبب .
وطريقة الكفر بعد الإسلام
والارتداد عنه طريقة قديمة انتبه
لها اليهود لمحاولة تقويض الأمة
والتشكيك في الإسلام , قال تعالى
: (وقالت طائفة مِن أهل الكتاب
آمنوا بالذي أُنزل على الذين
آمنوا وجْهَ النهار واكفروا آخره
لعلهم يرجعون) آل عمران , فجاء حد
الردة حاسماً لمواجهة التلاعب
بالدين , وحد الردة في الإسلام لا
يقام إلا بعد مراجعة المرتد
ومناقشته لدحض الشبهات واستتابته
وتقديمه لمحاكمة قضائية عادلة
تُراعى فيها الضمانات الشرعية
الكثيرة مثل : تحقق الشروط
وانتفاء الموانع والشبهات , ثم
يصدر الحكم عليه بعد ذلك , ولا
يتم تنفيذه إلا بموافقة ولي الأمر
.
وليس هذا غريباً حتى في
الأنظمة البشرية , فمعلوم أن مَن
يعمل على تقويض المجتمع في أي
دولة كثيراً ما تكون عقوبته
الإعدام بتهمة الخيانة العظمى ,
بل إن المعروف في الجيوش أن الذي
يقوِّض العُرف العسكري في الميدان
تنتهي محاكمته الميدانية بالإعدام
.
وأما آية (فمن شاء فليؤمن
...) فهي في سياق التهديد وليست
في سياق السماح بالردة , وآية (لا
إكراه في الدين) المقصود منها أنه
لا يجوز إكراه شخص غير مسلم على
الدخول في الإسلام ,
أما
إذا دخل في الإسلام بمحض اختياره
فلا يجوز له الخروج بعد ذلك ,
وهذا شبيه بعقد البيع أو عقد
الزواج ونحوهما فإنه لا يجوز
إكراه أحد على صفقة بيع أو على
الزواج بامرأة , لكنه إذا أبرم
عقد البيع باختياره أو عقد الزواج
باختياره فإنه لا يستطيع أن يتهرب
من المسؤوليات التي
تترتب على البيع أو تترتب
على الزواج , بل عليه الالتزام
بها رضي أم كره , وبالله التوفيق
.