فتنة الدهيماء في العالم الإسلامي الفساد والديمقراطية ( شرح قصيدة)

أصل الموضوع محاضرة في مسجد الإيمان في السُّنَينة بصنعاء في  1425هـ ــ 2005م

 

 

مقدمة

فتنة السراء

إحراق آبار النفط

الصلح بعد فتنة السراء وبدء فتنة الدهيماء

تمادي فتنة الدهيماء

تنكر الغربيين لما كانوا يدّعون

قصيدة فتنة الدهيماء في العالم الإسلامي الفساد والديمقراطية

تقريظ

شرح القصيدة

واجب النصيحة

 

اجتياح الفتنة

 

آثار الفتنة وثمارها

 

الفرقة والشتات

 

فتح الباب للمجاهرة بأفكار تنافي الإسلام

 

الانفلات الإعلامي والصحفي

 

الفساد الأخلاقي

 

التسلط الأجنبي

 

تحرير المرأة باب من أبواب التسلط الديمقراطي والتدمير الأخلاقي

 

انعكاس الحقائق

 

امتهان المرأة واستغلالها

 

اللهاث وراء زيف الديمقراطية

 

خيبة أمل

البديل الإسلامي

 

التداول السلمي للسلطة وهمٌ أم حقيقة؟!

 

منازعة الحكام مادانوا مسلمين ليست من منهج الإسلام

 

واقع الديمقراطية في الأقطار الإسلامية

 

إخوان مصر

 

التجربة الديمقراطية في الأردن

 

مآسي الأتراك الديمقراطية

 

ثمار الديمقراطية  في اليمن والجزائر

 

الحقيقة الشرعية الكاشفة لضلال الديمقراطية

 

اطّراح الديمقراطيين للشريعة

 

تصحيـح مفهومات

 

خطورة السكوت عن المنكرات

 

عدم مصداقية الديمقراطية

 

لن تكون الديمقراطية طريقًا إلى الخلافة الراشدة أبدًا

 

كلمة أخيرة

 

تنبيـه وبيان

 

الاختلالات في الانتخابات  الديمقراطية والبديل

 

أولاً: أنه منهج مستورد

 

ثانياً: أنه منهج مخالف للإسلام

 

ثالثاً: أن الانتخابات منهج لا جدوى فيه في الواقع

 

البديل للانتخابات الديمقراطية

 

التداول السلمي للسلطة

 
 

                                                       مقدمة
 

الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن

 يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى

 آله وصحبه وسلم.

( ياأيها الذين آمنوا  اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)   [آل عمران:102].

( ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به

والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)   [النساء:1].

( ياأيها الذين آمنوا  اتقوا الله وقولوا قولا سديدا* يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)

[الأحزاب:70-71].

 

أما بعد:

 

فإن موضوعنا الذي سوف يكون محور الصفحات التالية هو شرح القصيدة التي قلتها قبل نحو ست سنوات، وهي

 بعنوان: (فتنة الدهيماء في العالم الإسلامي)، أو: (الفساد والديمقراطية).وكان شرح القصيدة قبل نحو سنتين في مسجد

 الإيمان في السنينة بصنعاء.

والدهيماء فتنة ورد ذكرها في حديث الرسول عليه الصلاة والسلام الذي رواه أحمد وأبو داود وذكر الألباني في صحيح

 الجامع وغيره أنه صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا قعودًا عند رسول الله ^ فذكر الفتن فأكثر في ذكرها

 حتى ذكر فتنة الأحلاس فقال قائل يا رسول الله وما فتنة الأحلاس ؟ قال: «هي هَرَبٌ وحَرَبٌ، ثم فتنة السراء دَخَنها

 من تحت قَدمَيْ رجل من أهل بيتي، يزعم أنه مِنّي وليس مِنّيِ، إنما أوليائي المتقون ثم يصطلح الناس على رجُل كَوَرِكٍ

 على ضِلَع، ثم فتنة الدهيماء لا تدع أحدًا من هذه الأمة إلا لطمته لطمة، كلما قيل: انقضت تمادت يصبح الرجل فيها

 مؤمنًا ويمسي كافرًا؛ حتى يصير الناس إلى فُسطاطين فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه، فإذا كان

 ذاكم فانتظروا الدجال من يومه أو من غَدِهِ».

 

فتنة السراء :

 

ومن العلماء  المعاصرين من قال بأن المقصود بالسراء: الثروة  . والنفط في هذا الزمان يمثل ثروة كبرى، والعالم يتصارع

 بعضه مع بعض من أجل الاستيلاء على هذه الثروة، ودول الغرب حريصة على الاستيلاء على منابع النفط في بلاد

 المسلمين، ولاسيما في جزيرة العرب، ولذلك كان للغرب مكر وكيد بحيث دفعوا العراق إلى دخول الكويت قبل نحو

 خمس عشرة سنة، وجعلوا ذلك مبررًا لهم لكي ينشئوا تحالفًا من دول شتى، وجاءت جيوش دول هذا التحالف وعلى

 رأسها أمريكا فدخلت جزيرة العرب بحجة إخراج العراق من الكويت، ووقعت تلك الحرب المشئومة، والهدف

الحقيقي هو الاستيلاء على النفط والسيطرة على منابعه في جزيرة العرب؛ لأنها -كما نعلم- معقل الإسلام، حتى إن

 الرسول عليه الصلاة والسلام أمر بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب وقال: «لا يجتمع دينان في جزيرة

 العرب» ولكن أعداء الإسلام يريدون أن يدخلوا إلى هذا المعقل لإطفاء نور الإسلام، واستعباد المسلمين، ونهب ثرواتهم

 ومقدراتهم.

 

إحراق آبار النفط :

 

دخلت قوات التحالف، وكان هدفها المعلن  تحرير الكويت.

الكويت فيها ما يقارب من سبعمائة بئر من آبار النفط، وكان قد أشعلها العراقيون فارتفعت في السماء سحب هائلة من

 الدخان، وهذا الدخان لم يغطِّ أرض الكويت فحسب، وإنما غشيت سحب الدخان الكثيف منطقة واسعة جدًا فوق

 جزيرة العرب، حتى وصل ذلك الدخان إلى اليمن، -جاوز مئات الكيلو مترات، إن لم نقل: آلاف الكيلو مترات-

 ورأيت بعيني المطر ينزل من السماء وقد اختلط بسواد الدخان، وظهر سواده على الأرصفة والسطوح كأنه المستعمَل من

 زيوت السيارات..

كنت -إذ ذاك- في وزارة العدل قاضيًا في التفتيش، ولم يغب عن ذهني ذلك السواد الذي طغى على بياض بلاط ساحة

 الوزارة؛ وكان ذلك جراء اختلاط ماء المطر -في السحب- بالدخان الذي حملته الرياح من سماء الكويت، وحقيقةً: فإنه

 دخانٌ دخل التاريخ.

قال بعض العلماء المعاصرين -كما أسلفت-: إن فتنة السراء هي هذه الفتنة، أي: فتنة حرب البترول التي ذكرها الرسول

 عليه الصلاة والسلام في قوله: «ثم تكون فتنة السراء، دخَنُها من تحت قدمي رجل من أهل بيتي، يزعم أنه مني! وليس

 مني» ولك أن تتأمل معي قوله: «دخَنُها» وأنت تتذكر ذلك الدخان الآنف الذكر.

قال العلماء -الذين ذكروا بأن فتنة السراء هي فتنة حرب البترول هذه-: كأن الحديث يشير بلفظ: (الدَّخَن) إلى هذا

 الدخان الهائل، الذي تسببت فيه قوات العراق لما دخلت الكويت -كما قدمنا-

إذ أشعلتْ آبار النفط، بأمر الرئيس العراقي، و سمعنا أنه ينتمي إلى آل البيت،  ( دخنها من تحت قدمي رجل من أهل

 بيتي )وكأنّ الحديث يشير إلى ذلك، وهذا على اعتبار أن هذا هو معنى الحديث؛ فيكون بهذا الاعتبار مطابقًا للواقع. وإذا

 لم يكن الرئيس العراقي صدام حسين هو المقصود ولا ينطبق عليه ذلك  ، فقد ينطبق هذا الوصف على الخميني الذي

 أحيا فتنة التشيع في صورة دولة، فأثار مخاوف المنطقة ، فاندلعت بسبب ذلك حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران ،

 ونتيجةً لآثار هذه الحرب فقد استُدرج العراق من قبل الغرب لدخول الكويت ووقعت حرب الخليج الثانية،بحيث

 جعلها الغرب ذريعة له لدخول المنطقة والسيطرة عليها، فيكون الخميني بثورته الرافضية السبب الأول للأحداث التي

 أنتجت فتنة السراء، والتي أعقبتها فتنة الدهيماء .

«يزعم أنه مني» ويظهر هذا  الزعْم بالنسبة للرئيس العراقي من خلال شعارات الإيمان التي رفعها، وكتابته في العلَم

 (الله أكبر) محاولًا إظهار  الصبغة الإسلامية، مع أنه كان يحكم بغير ما أنزل الله...    وإن كان في ماضي الرئيس العراقي

 ماكان ...فإن باب التوبة مفتوح، وخاتمته المشهورة نظنها خاتمة خير ، و لا نزكيه على الله    .  ويمكن القول بأن الحديث

 النبوي تحدَّث عن ماضي الرجل وليس عن خاتمته ...!    وذلك مثل ما تحدَّث القرآن وتحدَّثت السنة عن أولئك الذين

 واجهوا الإسلام في مثل أحُد والخندق كأبي سفيان و خالد ، ثم انتهى بهم المطاف بالدخول في الإسلام ! و لم ُيستَثْنَ من

 ذلك إلاّمن صرّحت النصوص بأن عاقبتهم النارلموتهم على الكفر كأبي لهب والوليد بن المغيرة  ...   وأما

 بالنسبة للخميني فزعْمه ظاهر في دعوى إقامة دولة إسلامية ، مع أنها في حقيقتها دولة رافضية لا تقبل سنة رسول الله

 صلى الله عليه و سلم و لا تقبل أصحابه الذين هم أحبابه رضي الله عنهم .

قال: «وليس مني، إنْ أوليائي إلا المتقون ) .و قال بعد ذلك:( ثم يصطلح الناس على رجلٍ كَوَرِكٍ على ضِلَع ) .                                                                                                                                                                                                                                                                                                           

الصلح بعد فتنة السراء و بدء فتنة الدهيماء :

 

  بعد أن أَخرجت القوات الأمريكية القوات العراقية من الكويت دخلت القوات الأمريكية العراق بغرض احتلاله،

 لكنها منيتْ بهزيمة في محافظة ذي قار ،فتدخل الرئيس السوفيتي جورباتشوف للصلح بين أمريكا والعراق فتم الصلح ،

 قال أحد العلماء المعاصرين  : فتم هذا الصلح على يد رجل هو (جورباتشوف) ، وكان وضع هذا الرجل غير مستقر

 ،لأنه كان في آخر أيام رئاسته للاتحاد السوفيتي ، وكان الاتحاد السوفيتي كذلك في آخر أيامه ، ولم يلبث أن تفكّك،

 وجاء التعبير في الحديث عن عدم الاستقرار بقوله: ( كورك على ضلع ) ، والورك هو جانب المقعدة التي يقعد عليها

 الانسان، والضلع هو الشيئ الأعوج ، فإذا جلس الإنسان بوركه على شيئ أعوج فإنه يكون غير مستقر ،  و قد كان هذا

 هو وصف الرجل (جورباتشوف) أنه كورك على ضلع ، وكذلك وضع الاتحاد السوفيتي ، مما يدل على أن الحديث كأنه

 يشير إلى المرحلة القادمة التي سوف ينفرد بالسيطرة فيها قطب واحد ، بعد سقوط القطب الآخر ( الاتحاد السوفيتي )،

 وهذه المرحلة هي (فتنة الدهيماء) التي تفرّد بالسيطرة فيها قطب التحالف الغربي،  كما أن التعبير في الحديث قد يكون

 المقصود منه وصف الصلح نفسه بأنه غير مستقر،  وقد كان الصلح فعلاً بين الأمريكان والعراقيين  غير مستقر ...  و

 قال عليــه الصــلاة والسلام بعد ذلك  : (ثم تكون فتنة الدهيماء» أي: بعد فتنة السراء تظهر فتنة الدهيماء، و(الدهيماء)

 تصغير للدهْماء، والدهماء: مؤنث أدهم، والأدهم معناه: الشيء المائل إلى السواد، والتصغير هاهنا للتعظيم، أي: أنها

فتنة عظيمة، كما يقال في الداهية: دويهية، تعظيمًا لها، فالتصغير يأتي أحيانًا للتعظيم، كما يقول اللغويون، فهي فتنة

عظيمة، وهي دهماء، أي: سوداء، فجمعت بين وصفين: العِظَم والظُّلمة، والحديث يصفها بأوصاف تدل على ذلك.

ومن معاني الدهْماء كذلك -كما في قواميس اللغة-: عامة الناس، والعامة وسواد الناس يطلق عليهم الدهماء؛ فهي

 موصوفة بـ(الدهيماء) باعتبار أنها عظيمة ومظلمة، وهي أيضًا متصفة بذلك باعتبار أنها تعم الناس جميعًا، ويتأثر بها

 العامة.   وهي كذلك فتنة العامة من حيث الحقوق الوهمية الضخمة التي تكيلها الديمقراطية للعامة فتفتنهم بها

 ويصدّقونها ، مع أنها في الحقيقة لا تثمر في بلاد المسلمين سوى الصراعات في أوساط العامة والتحزبات وتعدد

 الولاءات وإهدار الطاقات وتتابع النكبات ، كما يدل على ذلك الواقع ، وكما سوف نبينه  .

وهنالك حديث -في البخاري وغيره من حديث عوف بن مالك- ذكر فيه الرسول عليه الصلاة والسلام لعوف بن

 مالك ست علامات تدل على قرب الساعة قال له: «اعدد ستًا بين يدي الساعة: موتي» فذكر أولها: موت الرسول عليه

الصلاة والسلام، ثم عدَّد إلى أن قال: «وفتنة لا تدع بيتًا من العرب إلا دخلتْه» الحديث.

هكذا ذكر – عليه الصلاة والسلام- فتنة تدخل كل بيت، وفي إحدى الروايات، قال: «يدخل حرُّها بيت كل مسلم»

 أي: أنها لا تقتصر على بلاد العرب فقط، وإنما تدخل إلى بيت كل مسلم، وتعم العالم الإسلامي قاطبة، وهو ما دلت

 عليه لفظة: (كل)، فلعل هذه الفتنة التي وردت في هذا الحديث -حديث البخاري- هي فتنة الدهيماء التي وردت في

 الحديث المتقدم.

انظروا كيف وصفها الرسول عليه الصلاة والسلام، قال: «ثم تكون فتنة الدهيماء لا تدع أحدًا من هذه الأمة إلا لطمتْه

 لطمة» أي: أنه يتأثر بها وبضررها كل أحد من أفراد الأمة، فهذا يلتقي مع قوله: «لا تدَع ُبيتًا من العرب إلا دخلتْه» ومع

 الرواية الأخرى: «يدخل حرها بيت كل مسلم» أي: يتضرر بها كل مسلم كما يتضرر من الحر  الذي لا يقي منه سكن ولا

 غيره.

«كلما قيل: انقضت؛ تمادت» أي: أن مدتها تطول، وكلما تفاءل الناس بانقضائها تمادت، فإذا اعتبرنا أن فتنة السراء كانت

 قبل خمس عشرة سنة، حين دخل العراق الكويت، ثم أخرجته قوات التحالف، فمعنى هذا أنها قد دخلت فتنة الدهيماء

 منذ انتهاء تلك الحرب، وقد مرَّ عليها حتى الآن خمس عشرة سنة تقريبًا، ولا زالت مستمرة، وستستمر وتتمادى.

«يصبح الرجل فيها مؤمنًا، ويمسي كافرًا»، ومن شدّتها وَرَد عند نعيم بن حماد أنها «تعرُك الناس عرْك الأديم»، فيغيّر

 الناس ولاءاتهم، ومبادئهم، وعقائدهم بسبب شدة وطأتها على نفوسهم، فتضغط على الناس -كما ذكرنا في القصيدة-

 من جميع النواحي: الإعلامية، الاقتصادية، السياسية، العسكرية، الاستخباراتية...إلخ.

بعض الناس يغيّر دينه ويصدُق عليه قوله ^: «يصبح الرجل فيها مؤمنًا ويمسي كافرًا».

 «حتى يصير الناس إلى فسطاطين» أي: إلى معسكرين، ولكن أين يكون تمايز الناس؟ في المكان الذي فيه الفتنة... وأين

 المكان الذي فيه الفتنة؟... بلاد المسلمين أوالعالم الإسلامي.

«فسطاط إيمانٍ لا نفاق فيه» أي أنهم ما زادتهم شدة المحنة إلا صفاءً، كالذهب إذا أدخلته إلى الكِير لا يزداد إلا بهاء

 ولمعانًا وصفاءً.

«وفسطاط نفاقٍ لا إيمان فيه» أين يكون ذلكم النفاق؟ لا يكون إلا في بلاد المسلمين، إذ إن النفاق هو: إظهار الإسلام

 وإبطان الكفر، ولا يكون الإسلام مبطّناً بكفر إلا في ديار المسلمين؛ ولذلك قال: «وفسطاط نفاق لا إيمان فيه» ليس فيه

 إيمان، ولكن -في الظاهر- يقولون: نحن مسلمون، ولذلك اعتبرهم منافقين، وحكَم على معسكرهم بالنفاق، ولو كانوا

 في ديار الكفر لقال: وفسطاط كفر، لكن لأنهم يتظاهرون بالإسلام، قال: «وفسطاط نفاق لا إيمان فيه» أي أن في حقيقته

 الكفر ،ويدل على ذلك أيضاً قوله: «يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا».

«فإذا كان ذلكم فانتظروا الدجال من يومه أو غده» يعني: إذا تمايز الناس إلى فسطاطين حتى بلغ التمايز ذروته؛ فانتظروا

 خروج الدجال...!  وأحاديث الدجال متواترة، وهنالك أحاديث أخرى تتحدث عن المهدي عليه السلام، وأحاديثه

 كذلك متواترة من حيث المعنى وأنه يكون قبل خروج الدجال، وأنه يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملئت ظلمًا وجورًا،

 ويقيم الخلافة الإسلامية، فالدجال لا يخرج إلا في عصر المهدي، ويكون قد خاض المهدي والمسلمون معارك مع

 الكفار، -مع أهل الكتاب بالذات- ومن ضمن ذلك الملحمة التي ورد ذكرها في أحاديث نبوية، ولعلها التي يشير إليها

 أهل الكتاب -استنادًا إلى بعض نقولات كتبهم - ويسمونها (معركة هرمجدون)؛ والله أعلم.

فهذه الفتنة تتمادى إلى أن تنتهي بظهور فتنة الدجال ، وفي أثنائها  يظهر المهدي، فهي فتنة طويلة.

 

تمادي فتنة الدهيماء:

 

فإذا كان ما قاله هؤلاء العلماء المعاصرون - بأن فتنة السراء هي فتنة حرب النفط في الخليج - صحيحًا؛ فمعنى ذلك أننا

 في فتنة الدهيماء، وأنها ستتمادى إلى أن يظهر المهدي، وإلى أن يخرج الدجال بعد ذلك، فتبدأ فتنة جديدة هي فتنة الدجال،

 وهي أعظم فتنة يبتلي الله بها عباده، فقد ورد في الحديث: «لم تكن فتنة في الأرض منذ ذرأ الله ذرية آدم عليه السلام أعظم

 من فتنة الدجال..».

فالقصيدة تتحدث عن (فتنة الدهيماء) هذه الفتنة التي وُصفت -كما تقدم- بأنها هائلة مظلمة، وعلى الوصف الآخر أنها

 تعم الدهْماء من الناس وهم العامة، فجميع الناس يتأثرون بها، وهذه الفتنة لعلها (فتنة الديمقراطية) كما أشرنا من قبل

 ، فقد عم بلاؤها في الآونة الأخيرة العالم كله، حتى صارت الشعوب قاطبة تتشدق بالديمقراطية، وتزعم قياداتها أنها

 تطبقها مع أنها شعارات كاذبة...تزلُّفاً للغرب ، وخوفاً من بطشه. وواقع الشعوب الإسلامية خير شاهد على التسلط

 الغربي والدكتاتورية المقيتة تحت المظلة الديمقراطية .    وقد استأسد الغربيون  عندما شعروا أنهم صاروا قطبا واحداً  -

وعلى رأسهم أمريكا  بعد حرب الخليج ، بعد سقوط القطب المنافس الاتحاد السوفيتي وكتلته الشرقية فأخذوا

 يطالبون وبإلحاح جميع الشعوب بتطبيق الديمقراطية، بل ويجعلون عدم تطبيقها عندما يحلو لهم ذلك ذريعة للتدخل

 واستعمال القوة حتى تتم لهم السيطرة والهيمنة، ويعتبرون الديمقراطية رسالتهم السامية التي لابد من نشرها في العالم،

 ويعدّونها المعيار الأساس للرقي السياسي والولاء المتناهي للنظم الكبرى، وأن من يرفضها فهو عدو المجتمع الدولي كله

 ويجب اتخاذ الأساليب الصارمة في التعامل معه، وهم الآن –وفي مقدمتهم قوات التحالف- يفرضون هذه الفكرة

 بأساليب متنوعة، ففي مجال التعليم أرغموا جميع الحكومات على تغيير التعليم وفقًا لذلك المنهج الديمقراطي، كما

 فرضوا التغييرات الاقتصاديةوالثقافية والاجتماعية وغيرها، وهنالك اتفاقية -بل اتفاقيات- دولية تحت مسمى عولمة

 التجارة..عولمة الثقافة..عولمة الفكر... إلخ.

ودخول قوات التحالف إلى أفغانستان كان كما يقولون لغرض نشر الديمقراطيةومحاربة الإرهاب ، ودخولها إلى العراق

 هو للغرض نفسه، ولمحاربة الإرهاب أيضاً ، بل إن الوجود اليهودي في قلب العالم الإسلامي هو أيضًا بغرض نشر

 الديمقراطية ! و يقولون عن إسرائيل: هي الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط!

 

إذًا! فالديمقراطية هي المظلة السائدة اليوم، وفي ظل هذه المظلة هل صار العالم أحسن حالًا؟ كلاّ. بل العكس فالناس في

 ضيق شديد وبلاء ... لينظر كل واحد في بلده ...هل أوضاع المسلمين تسُرّ؟ أوضاع المسلمين لا تسرّ... لا من الناحية

السياسية، ولا الاجتماعية، ولا الدينية، ولا الاقتصادية،ولا العسكرية، وإنما كان أهم ثمرات الديمقراطية أو الدهيماء:

 الحروب ، الدمار ، الاعتقالات ، التلفيقات ، التعذيبات الاستعباد، الخيانة، الجوع، المرتبات الضئيلة، الفقر، ........

ورغم أن البترول والثروات متوافرة في بلاد المسلمين، لكنهم يزدادون فقراً!!

و الأفكار والثقافات ... هل هناك أفكار وثقافات سليمة يجري التباحث لنشرها في ديار المسلمين؟ بالعكس، لا ترى إلا

 أفكارًا و ثقافات تحارب الخير، وتتنكر للمعروف، وتنشر المنكرات، وما القنوات الفضائية إلا شاهد  على تلك الحرب

الضروس ضد المبادئ والقيم في آثارها السيئة على الأمة. ولا تقل خطرًا عنها؛ شبكة العنكبوت العالمية الجديدة -شبكة

 الإنترنت-.

فالناس الآن في وضع سيء جدًا، ولا يشك عاقل أننا في فتنة مظلمة مدلهمة، وكلما ظنوا أن ثمة بصيصًا من نور قد لاح

لهم إذا بهم يكتشفون أنه لا يعدو أن يكون سرابًا، وأنهم يقتحمون دوّامة جديدة، وهكذا كما قال عليه الصلاة والسلام:

 «كلما قيل انقضتْ تمادتْ» فهي –حقًا- فتنة هائلة في جميع المجالات: السياسية، الاقتصادية، الفكرية، العَقَدية،

 الاجتماعية، العسكرية، الاستخباراتية.. في كل المجالات.

كل هذا يجري في ظل الديمقراطية... فلا يبعد أن تكون الديمقراطية هي الفتنة المنصوص عليها في الحديث.

وأساطين الغرب يبشرون الناس أنهم سيخرجونهم من أزماتهم ويعِدُونهم ويُمنّونهم أن الأرض ستتحول في ظل

 الديمقراطية إلى نعيم.

وما أشبه الليلة بالبارحة، ففي الأمس القريب كان الاشتراكيون -الشيوعيون- يقولون: سنحول الأرض إلى فردوس،

 واستمرت الشيوعية -ممثّلةً بما يسمى بالاتحاد السوفييتي- سبعين سنة، فهل أخرجت الناس إلى الفردوس؟! لقد

 أقحموهم في الجحيم، ثم ذهب الاتحاد السوفييتي بشيوعيته وفردوسه الكاذب الموهوم... واليوم دول الغرب تعيد الكَرّة

 مبشرة بالديمقراطية، وحقوق الإنسان، وبحُريّة ستحُلّ جميع أزمات الناس... وإذا بأزمات الناس تزداد، ومحنهم

 تستشري، ويئنون؛ بل يكاد أكثرهم من الشدة أن يخرج من جلده، فيا لها من فتنة عظيمة! وما أصدق الوصف النبوي لها:

«الدهيماء»!!

والقصيدة تتحدث عن هذه المعاني، وتدور كلماتها حول تلك الفتنة التي يعبّر عنها الغرب وأتباعه بغير حقيقتها،

 ويسمونها بغير كُنهها، ويطلقون عليها: الحرية والرخاء والازدهار، وهي في حقيقتها -كما قلنا-: فقر وضيق وشدة

واعتداء ...ما أكثر ما يقولون: بأن الديمقراطية قرينة الحرية ... هل هناك حرية فعلًا؟ هل العالم الإسلامي أو حتى

 الدول الغربية -التي كان فيها من قبل حرية شكلية- هل تتمتع اليوم بوضع أفضل مما كان قبل عشر سنين؟ لا شك أن

 الوضع قبل عشر سنين أو قبل عشرين سنة أفضل بكثير، والناس من يوم إلى يوم يخرجون من ضيّق إلى أضيق، و يعلم

الله   كيف سيكون الوضع بعد عشر سنين من الآن، ألم يكن الناس في الشرق إذا تضايقوا  من بلدانهم سافروا إلى الغرب

 بحجة أن هنالك مراعاةً لحقوق الإنسان؟!

تنكُّر الغربيين لما كانوا يدَّعون :

 كان هذا في الماضي! أما الآن -كما يعلم الجميع- فما الذي جرى على سبيل المثال في فرنسا؟.... تلك الدولة التي تتشدق

 بالحرية والمساواة، وتقول عن نفسها بأنها هي التي أسست الحرية والديمقراطية؛ باعتبارها أول دولة أسست نظام

 الحكم الجمهوري الديمقراطي، والجمهورية هي أخت الديمقراطية، فالجمهورية تجعل الحكم للجمهور بواسطة

 ممثليهم، والديمقراطية تجعل الحكم للشعب يحكم نفسه بنفسه بواسطة ممثليه أيضًا، فالمعنى واحد.

في فرنسا دولة الحرية، والديمقراطية، وحقوق الإنسان؛ صدر قانون -في الآونة الأخيرة- بمنع الحجاب في المدارس ...

 وهذا يعني أنهم أرادوا من المسلمات في المدارس الفرنسية أن يظهرن متكشفات متبرجات، مع أن عدد المسلمين في فرنسا

 بالملايين، وهذا رقم هائل، ومع هذا لا تراعى لهم حرْمة و لاحرية.

أي حرية تزْعمها فرنسا، إذا لم يكن الإنسان حرًا في أن يلبس ما يشاء؟!......أي حرية وهم يتدخلون في خصوصياتك

 متجاهلين حقك في الفكر والملبس والتصرف الشخصي؟!.......هل هذه حرية يا أيها الديمقراطيون؟......| كم تتشدقون

 وتقولون: الديمقراطية قرينة الحرية؟ هل تسمون القيود التي تمنع الشخص من لبس ما يشاء حرية؟

منعوا البنات من الحجاب تماماً، وأصبحت أية طالبة تريد أن تدخل مدرسة أو جامعة لابد أن تكشف شعرها!!

لقد تنكروا لما يسمونه بالحرية والديمقراطية، وأصبحوا يتناقضون مع ما يزعمونه من مبادئهم ...... هذا مثال.

ومثال آخر: ما يسمّى بقوانين الأدلة السرية ... كانوا في الماضي في دول الغرب لا يقبضون على المتهم إلا بأمر من النيابة،

 والنيابة لا تحرِّر أمرًا بالقبض على شخص إلا إذا كانت عليه أدلة قوية واضحة، ثم إذا قُبض عليه يحال على القضاء فورًا

ويحاكَم، حتى إن الناس عندنا في الشرق كانوا يضربون المثل بالغرب، ويقولون: هنالك مراعاة لحقوق الإنسان، فلا

 يسجن أحد بغير ذنب وبدون محاكمة عادلة ... والآن أصدروا ما يسمى بقوانين الأدلة السرية، يقبضون عليك في

 منتصف الليل ــ وقد كان هذا في الماضي ممنوعًا ــ يقبضون عليك في منتصف الليل –سواء في بريطانيا أو أمريكا أو فرنسا

 أو ألمانيا- ثم تودع السجن إلى أجل غير مسمى، و كان في الماضي لا يبقى المقبوض عليه في السجن إلا فترة محدودة ثم

 يحال إلى القضاء، والآن يبقى في السجن على حسب مزاج ذلك القابض، وإذا قلت لهم: لماذا قبضتم عليّ؟ يقولون: أنت

 متهم بالإرهاب . تقول: أين أدلتكم؟ يقولون: هذه أدلة سرية لا نظهرها الآن ... وهذا يعني أنهم يقبضون على الإنسان

 بحسب المزاج، فأين ديمقراطيتهم؟ وأين حريتهم؟! ذهبتْ أدراج الرياح.... لم يعد التعسف  من عمل الحكومات في

 بلاد العالم الثالث كما كان يقال، بل أصبح شيئًا رسميًا لديهم في الغرب وبقوانين ! وكذلك الاختطاف... وما قضية

 المؤيد عنا ببعيد، فقد رأى كل متابع لهذه القضية كيف استدرجوا المؤيد استدراجاً، مع أن الاستدراج ممنوع منعاً قاطعًا

 كما يزعمون في القوانين الديمقراطية بشكل عام، وكذا المراقبة والتجسس على الإنسان، وإذا سُجل له كلام أو أثبتت

 عليه أدلة عن طريق التجسس؛ فإن الأدلة باطلة في القوانين الديمقراطية ولا يمكن أن يأخذ بها القضاء......هكذا كانوا

 يقولون ! وقضية المؤيد إلى الآن لها سنتان، وهي تلفيق من الأكاذيب والاستدراج والتجسس ..... بدأوا بألمانيا، مع أنه

 ليس لهم أي حق في القبض عليه، ومع هذا قبضوا عليه، وبقي فترة في سجون ألمانيا، ثم نُقلت القضية إلى المحكمة

 الابتدائية، ثم إلى الاستئنافية، ثم إلى المحكمة الاتحادية، ثم في النهاية، والناس ينتظرون أن يفرج عنه؛ إذا بهم ينقلونه إلى

 أمريكا، وفي أمريكا بدأوا محاكمته من الصفر... من المحكمة الابتدائية وحكموا عليه بخمس وسبعين سنة! وعلى

 مرافقة بخمس وأربعين سنة! ثم سينقلون القضية إلى الاستئناف... ثم المحكمة العليا... ثم الاتحادية... المهم أنهم

جسّدوا العبث بحقوق الإنسان في أبشع صورة ... وهؤلاء هم الذين يزعمون أنهم حماة الديمقراطية في العالم المدافعون

 عن حقوق الإنسان !           أما أبرز مفاخر الديمقراطية هذه الأيام فهي المذابح اليومية للشعب العراقي عقيب

 التعذيبات التي تقشعر لها أبدان الوحوش ! وكذلك ما تسرَّب من داخل غابة أبي غريب ، وغابة غوانتانامو من فنون

 النعيم ،في ظل حماية ورعاية حامية حِمَى الفردوس الديمقراطي في العالم ...!

كل هذه العجائب في ظل ومباركة الديمقراطية ...! أما تلك المثاليات المزعومة فقد تنكروا لها -إذا افترضنا أن لها مبادئ

 لديهم من قبل- .        إن كثيراً من المحللين والعقلاء كانوا يقولون: إنها سراب، حتى في الغرب، وإن المستفيد منها هم

 الأقوياء فقط، أما الضعيف فأنه لا يجني منها إلا الظلم والإهانة، بدليل أنه يوجد في أمريكا الكثير ممن ليسوا من البيض

 ليس لهم حقوق، بل في بعض الولايات لا يستطيع أحد من غير البيض أن يدخل إلى المطعم؛ لأنه ممنوع من الدخول،

 لأن ذلك المطعم خاص بالبيض! وهذه هي حقيقتهم العنصرية الوحشية.

إن الفساد والديمقراطية متلازمان، ومع أنهم  يزعمون أن الديمقراطية فردوس الشعوب! لكننا نجد أن الفساد ملازم

 للديمقراطية يحِل حيث حلّت كما هو ملموس ظاهر، بل ويزداد انتشارًا مع الأيام؛ للحرية الواسعة الممنوحة للباطل

 والفساد في ظل الديمقراطية، و بذلك يستشري الفساد ويستطير كلما تعمّرت الديمقراطية.. و أ صحاب مراكز القوى

 و أصحاب رؤوس الأموال يفعلون ما يشاؤون ... وكم تراجع كثير من المسلمين بسببها في قيمهم وأخلاقهم

وسعادتهم إلى الخلف .... فصارالفساد والديمقراطية قرينين لا يفترقان ، والله المستعان .

                                                                                                                                                     

                                       قصيــــــــــــــــدة

                                           فتنة الدهيماء في العالم الإسلامي
                                                        الفساد والديمقراطية

 

خِطَابي ليس بِدْعاً في الخطابِ

 

 

إلى الأحباب ِطلاّبِ الصوابِ

 

بَذَلْتُ القولَ والرحمنُ حسْبِي

 

 

رجاءَ النفعِ في يوم ِالحسابِ

 

كذلك أَرْتَجي بالقول ِرُشْداً

 

 

يُزيلُ يقينُهُ وَهْمَ السرابِ

 

غَزَتْنا فتنةُ الدهْماءِ غَزْواً

 

 

كما قال النبيُّ بِلا ارتيابِ

 

تُصيبُ المسلمين َبِكُلِّ أرْضٍ

 

 

وما يُغْنِي مصَابٌ عن ْمصابَِ

 

فعاثَتْ في حِمَى الإسلامِ حتَّى

 

 

تَشَعَّبَ جَمْعُنَا أيَّ انْشِعَابِ

 

وأضْحَى الدينُ فسطَاطَينِ هذا

 

 

علىَ صِدْقٍ وهذا في كِذَابِ

 

صَحَافَاتٌ سَخَافَاتٌ خَرَابٌ

 

 

وتِلْفَازٌ لِإِنْجَازِ الَخرَابِ

 

صحُونٌ في حصُونٍ جًارِفَاتٌ

 

 

جُذُورَ الخيرِ من عُمْقِ التُّرابِ

 

وتَميِيْعٌ وتَضْيِيْع ٌوقبْحٌ

 

 

ونَشْرٌ للرذيلةِ في الشبابِ

 

وتجْويع ٌوتطْبيعٌ وفتح ٌ

 

 

لِأَمريكا لتَدخلَ كلَّ بابِ

 

مُرَابَاة ٌوعَولَمةٌ ونزْعٌ

 

 

لأَيّةِ شَوكةٍ ولِأيِّ نابِ

 

ولِلنِّسوانِ شَهْرٌ كُلَّ شَهْرٍ

 

 

مسَاوَاةٌ ونَبْذٌ لِلْكِتابِ

 

َحملْنا بَعدَهُم فِكْرَ التَّساوِي

 

 

فَجاءَتْنا الجَنادِرُ بالعِقابِ

 

وكمْ مِن منكَر ٍقد صار عُرْفاً

 

 

بتقريبِ الخِطابِ من الخِطابِ

 

وألوانُ الخلاعةِ ألفُ لَونٍ

 

 

بلا ردْعٍ... وعَزْفٌ كالشرابِ

 

وعُرْس ٌكلَّ يومٍ وانتخابٌ

 

 

نَعيشُ الدهرَ أعراسَ انتخابِ

 

وللعمالِ ترشيحٌ وفَرْزٌ

 

 

وللطُّلاَّبِ من أجْلِ الطِّلاَبِ

 

وللفنّانِ والحِيطَانِ فَوْزٌ

 

 

نقَابَاتٌ تُكَالُ بلا حِسابِ

 

يعيشُ الناخبونَ على ظُنونٍ

 

 

وقانون ٍلِتمليكِ السَّحابِ

 

وكم أفْنَوْا جُهوداً أوْ نُقوداً

 

 

وكم ساروا ذهاباً في إيابِ

 

فلم يَجنُوا سِوَى هَم ٍّطويلٍ

 

 

وأوْهامٍ بِتَبْيِيْضِ الغرَابِ

 

ولوْ عَمِلوا قليلاً مِن كثيرٍ

 

 

على نُورٍ لَعادُوا بالجوابِ

 

وللتزويرِ فنٌّ لا يُبارَى

 

 

وقد يَعلُو الرُّوَيْبِضُ كالشِّهابِ

 

وَمَن لم يفعلِ التزويرَ مكْراً

 

 

أعاد َالفوزَ قهْراً بانقلابِ

 

وأحْلامُ التداوُلِ في انتخابٍ

 

 

لِإِحْكَامِ التّحايلِ في انتخابِ

 

وإنّا في الحديثِ لَفِي زمَانٍ

 

 

يُقامُ المُلْكُ جَبْراً بالحِرَابِ

 

وقد جزَمَ الرسولُ فلا مجالٌ

 

 

لِتنظيرٍ وأحلامٍ كِذَابِ

 

سَلُوا مِصْراً سَلُوا الإِخوانَ فيها

 

 

سَلُوا الأُردُنَّ في العملِ النِّيابِي

 

سَلُوا الأترَاكَ واليمَنَ المُعَنّى

 

وما جَنَتِ الجزائرُ مِن مصَابِ

 

أَمَا تَكْفِي تَجارَبُهم دُروساً

 

 

لِيرتَدِعَ المُؤَمِّلُ في السَّرابِ

 

وَزِدْ يَا صَاحِ فالمِقْرَاطُ نَهْجٌ

 

 

يُنَاقِضُ غَيُّهُ نَهْجَ الكتابِ

 

دِمُقْرَاطِيَّةٌ وَرَدَتْ شِعاراً

 

 

مُزَيَّنَةً مُزَيَّفَةَ الثيابِ

 

ُتخَادِعُ كُـلَّ قومٍ كلَّ يومٍ

 

بألْفاظٍ مُنَمَّقَةٍ عِذَابِ

 

يسَاوَى الوَغْدُ والمُرْتَدُّ فيها

 

 

بِأكْبَرِ عالمٍ بلْ بِالصَّحابِي

 

بَلِ التَّدْلِيلُ بِالقُرْآنِ رَأْيٌ

 

 

يسَاوِي أَيَّ رَأْيٍ في الخِطَابِ

 

يقولونَ الشريعةُ نَفْتَدِيْهَا

 

ويُثْخِنُهَا الذِّئَابُ بِألْفِ نَابِ

 

وفي التصْويتِ حسْمٌ واختيارٌ

 

 

وكم حَسَمُوا بِإِسْقَاطِ الصوابِ

 

فهلْ قدْ أصْبحَ المِقْرَاطُ رَبًّا

 

 

وفي القاعاتِ يُعْبَدُ بِالنِّصَابِ؟

 

وهل هو سافِرٌ عند النَّصَارَى

 

 

وعند المسلمينَ معَ الحجابِ؟

 

وبالشورَى يشَبِّهُهُ أُنَاسٌ

 

 

وأينَ التِّبْرُ مِن أَدْنَى التُّرَابِ؟

ُيجَارِي نَهْجَهُ نَفَرٌ نَفِيرٌ

 

 

ُمجَارَاةً لِتَخْفِيْفِ الخَرَابِ

 

فَطَوْراً قَدَّرُوافي الصَّمْتِ عُذْراً

 

 

وطَوْراً في مسَايَرَةِ الرِّكَابِ

 

وطَوراً يُقْحَمُ الإِرْهَابُ قَسْراً

 

 

ولا يَخْلو الجهادُ مِن المُصابِ

 

وَتَمْضِي المُنْكَرَاتُ بِلاَ أَنَاةٍ

 

 

وتُسْرِعُ بِالجميعِ إِلى تَبَابِ

 

ونَهْيُ المنكَراتِ بِهِ نَجَاةٌ

 

 

ولكنَّ المُجَارِيَ كم يحابِي

 

ويعصِي كي يطيعَ ولا فلاحٌ

 

 

لِمن شَابَ الوسيلةَ بالشِّياَبِ

 

وما الطاعاتُ تُطلَبُ بالمعاصي

 

 

ولا الغاياتُ تُكسَبُ بالمَعَابِ

 

وإنَّ التارِكِينَ لِمُنكَراتٍ

 

 

بِزَعْمِ الِجدِّ في نَيْلِ اكْتِسَابِ

 

كَمصْطَادِ الجَرَادَةِ بَعدَ جُهدٍ

 

 

وعَشْرٌ قد هَرَبْنَ مِن الجِرَابِ

 

ومَن ركِبَ السَّفِينَ بِلا احْتِسابٍ

 

 

سَيَغرَقُ  في السفينِ معَ الصِّحَابِ

 

ومَن لِلمدبِرينَ يَكُنْ جَلِيساً

 

 

يَكُنْ أيضاً شريكاً في العذابِ

 

وأنتَ بِمَنْطِقِ المِقْرَاطِ حرٌّ

 

 

فكيفَ تُلامُ مِن أجْلِ الغِيابِ؟

 

ولو دخَلَ الفِرَنْجَةُ جُحْرَ ضَبٍّ

 

 

فهل تَلِجُ الجُحُورَ معَ الضِّبَابِ؟

 

ولن تَرضَى الذُّيولُ وإن ْحرَصْنا

 

 

فأَذياَلُ الذئَابِ مِن الذئابِ

 

وهل تَرضَى اليهودُ أوِ النصارَى

 

 

وقد حَكَمَ الكتابُ بِلا ارْتِيابِ

 

ولِلإسلامِ رَبٌّ لن تَضِيعُوا

 

 

وإدْمَانُ التنازُلِ شَرُّ عَابِ

 

وحسْبُ العاجزينَ عنِ التَّنَاهِي

 

 

إذا حَجَبُوا التَّهَانِي َعَنْ خَرَابِ

 

فقُلْ لِلْحائِرينَ كَفَى اغتِرَاباً

 

 

فلَن تَرِثوا الخِلاَفَةَ بِاغتِرابِ

 

وخَلْطُ الدينِ بالطاغُوتِ نُكْرٌ

 

 

وإنْ طَرَقَ المؤَوِّلُ كُلَّ بَابِ

 

ومَن رَامَ الحَلاوَةَ لم يَنَلْهَا

 

 

إذا خَلَطَ الحلاوةَ بِالتُّرابِ

 

وهذا القولُ قوْلٌ مِن خَبِيرٍ

 

 

تَشَبَّعَ مِن سَرابٍ وانْتِخَابِ

 

وهذي الفتنةُ الكُبرَى بَلاءٌ

 

 

فكُنْ يا صَاحِ مِن أهْلِ الصوابِ

 

وما قَصْدُ القصيدةِ لَوْمَ قَوْمٍ

 

 

ولكنْ دَعْوَةٌ نَحْوَ الإِيَابِ

 

أُقَدِّمُهَا عُمُوماً لا خصُوصاً

 

 

لِمن شَرُفوا بِميراثِ الكتابِ

 

لِكُلِّ المسلمينَ بِكُلِّ أرْضٍ

 

 

وأَرْجو اللهَ حسْناً في الثوَابِ

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

تقريظ

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه.

أما بعد:

فجزى الله الشيخ محمداً الصادق خيرًا على المعاني التي تضمنتها هذه النصائح القيمة، والتي هي تحذير من أسوأ أدواء

العصر، والتي تحتاج من الدعاة إلى التنبه إلى مخاطرها...

* الدكتور عبد الوهاب الديلمي، مدير جامعة الإيمان، وزير العدل السابق، وكان عضوًا في مجلس النواب.

 

* الشيخ محمد الآنسي، نائب رئيس جامعة الإيمان لشئون التنمية.

 

* الشيخ محمد الغيلي، مدير عام مدارس تحفيظ القرآن بالمعاهد سابقا، وهو الآن مدير عام مدارس التحفيظ في وزارة

 التربية.

* الدكتور صالح أحمد الوعيل، أستاذ بجامعة صنعاء.

 

* الدكتور عبد اللطيف هائل، أستاذ بجامعة صنعاء، وهو عضو في مجلس النواب سابقًا.

 

* الأستاذ عبد العزيز الحشار، مدرس في جامعة الإيمان.

 

* الأستاذ محمد حمود الخميسي، عضو الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح.

 

* الدكتور حيدر أحمد الصافح، أستاذ بالمعهد العالي للتوجيه والإرشاد.

 

* الأستاذ عبد العزيز محمد الزبيري، الداعية المعروف.

 

* الدكتور صالح الظبياني، أستاذ بجامعة صنعاء، عضو مجلس النواب سابقًا.

 

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

              

                                                                                                            

 

*             *             *

 

 


 

شرح القصيدة

واجب النصيحة:

 

خطابي ليس بِدْعاً في الخِطابِ

 

 

إلى الأحبابِ طلابِ الصوابِ

 

 

هذا الخطاب هو إن شاء الله بغرض النصح، وكما يتكلم الناصحون في كل وقت ،فلنا أسوة حسنة بهم  ...هذا الخطاب

 موجَّه إلى من يطلب الصواب.

بذلتُ القولَ والرحمنُ حسْبي

 

 

رجاءَ النفعِ في يومِ الحسابِ

 

 

إن من يتكلم في أسوأ أدواء العصر وهي الديمقراطية كما في تقريظ الدكتور الديلمي لهذه القصيدة والذي وقّع عليه

الآخرون بعده، يصادف معارضة شديدة؛ لأن الإعلام المحلي والعالمي يمجّد الديمقراطية، ويتستّر على سلبياتها

 وأضرارها؛ فلا تجد غالبا صحيفة ولا قناة ولا إذاعة، بل ولا تجد سياسيًا، ولا محلِّلًا؛ إلا وهو يتحدث عن إيجابيات

 موهومة في هذه الديمقراطية، فالذي يعارض ذلك التيار لن يجد له نصيرًا إلا الله مع قلة من الواعين، ولذا عليه أن

 يستعين بالله قائلًا: (حسبي الله ونعم الوكيل) لما سيناله من مُعظِّمي الديمقراطية من أذى.

رجاءَ النفع في يوم الحساب: هذا هو الغرض من النصيحة والبيان اللذين تضمنتهما القصيدة.

نسأل الله أن ينفعنا بذلك يوم نلقاه.

كذلك أرتَجي بالقولِ رشْداً

 

 

يزيلُ يقينُه وهْم السرابِ

 

 

السراب: هو ما يراه الرائي في الأفق من لمَعَان ناتج عن انكسار الضوء عند موازاة امتداد البصر، فيهرع إليه المنقطع في

 الفيافي والقفار ظنًا منه أنه ماءٌ فإذا جاءه لم يجده شيئًا ... هذا اللمعان يبتعد كلما حاول الشخص الاقتراب منه، وهكذا

 الشعارات التي ترفع وتُزيَّن بها الديمقراطية، ويعلِّق الناس عليها آمالهم، ويعللون بها أنفسهم ، يظنون بهاأن الفرج

 قريب، ثم يكتشفون في أمد غير بعيد أنها سراب ... فأنا أرجو –بهذا النظْم- أن يعود الناس إلى رشدهم، وأن يعودوا إلى

 اليقين، وأن لا يخدعهم السراب.

اجتياح الفتنة:

 

غزتْنا فتنة ُالدهْماء غزْواً

 

 

كما قال النبيُّ بلا ارتيابِ

 

تصيبُ المسلمين بكلِّ أرضٍ

 

 

وما يُغْني مصابٌ عن مصابِ

 

 

هذه الفتنة غزتنا كما ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في  الحديث ،قال: «لا تدع أحدًا من هذه الأمة إلا لطمتْه لطمة».

هل يوجد الآن  بلد في بلاد المسلمين لا يرفع شعارات الديمقراطية؟! .....  الانتخابات !..... الحقوق السياسية للمرأة

 ... المجتمع المدني...  الحرية الشخصية... الرأي والرأي الآخر... الحوار الوطني...المساواة (المطلقة)...إلخ.   كل بلدان

 العالم الإسلامي تتابعت في رفع مثل هذه الشعارات الديمقراطية والعمل لها.

فهذه الحال المأساوية حدثت كما قال الصادق المصدوق: «لا تدع بيتًا من العرب إلا دخلته» ...لابد أن تدخل البطاقة

الانتخابية كل بيت؛ لأن الانتخابات الغوغائية وحقوق المرأة والمجتمع المدني والحرية الشخصية ...إلخ هي أجزاء من

 الديمقراطية الواسعة، بل هي سماتها البارزة.

لا تُعرَض الديمقراطية على أنها خيار  فحسب، بل تفرض فرضًا، وراعية الديمقراطية ( أمريكا )تصر على أن تعم

الديمقراطية العالم كله، وتحرص بصورة خاصة أن تفرضها على المسلمين كبديل عن الأحكام الشرعية الاجتماعية

 والسياسية في دينهم .                               

 

آثار الفتنة وثمارها:

الفرقة والشتات:

فعاثتْ في حِمى الإسلام ِحتّى

 

 

تشعَّب جمعُنا أيَّ انشعابِ

 

 

أول مظاهر الديمقراطية، وأهم أركانها: (التعددية)، فلن تكونوا ديمقراطيين حتى تتعددوا، وتفتحوا المجال للتحزب

 ... وفعلًا فتِح المجال في بلاد المسلمين، فلا يوجد بلد إلا وفيه عشرات الأحزاب، هذا البلد فيه أربعون حزبًا، وهذا

 البلد فيه ثلاثون حزبًا، وهذا البلد فيه عشرون حزبًا، وهذا البلد فيه ستون حزبًا..وهكذا كل بلاد المسلمين.

هل هذا مكسب؟!

 كثير من الناس يتخيلون أن هذا مكسب ... مع أن المعيار -الذي يكون في تحديد المكاسب- هو الشرع.

فما هو حكم الشرع في هذا الأمر؟!

الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه شبَّه المسلمين بالجسد الواحد فقال: «مثل المؤمنين في توادهم

 وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد »، والذي يُقطِّع جسده ويشتِّت أعضاءه حتى يصبح كل عضو كيانًا مستقلًا، هل

 صنع هذا بنفسه خيرًا عندما فعل ذلك؟!    لا ...  لم يكتفوا بأننا أصبحنا سبعًا وخمسين دولة، وكنا في الماضي يحكمنا

 خليفة واحد بدولة واحدة، لم يكتفوا بهذا، بل أرادوا أيضًا أن يمزقونا داخل كل دولة، فشكلوا منا أحزابًا وأقنعونا بهذا،

 وبعضنا يظن –لفرط غفلته- أن هذا خير.

والله سبحانه وتعالى يقول: ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)   [آل عمران:103] . والديمقراطية تؤكد مبدأ التعدد الحزبي

 كشرط بل ركن تقوم عليه، مع أن الله منع من ذلك بقوله: ( ولا تفرقوا) وبقوله: (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم

 في شيء)  [الأنعام:159].

وإن تعجبوا فعجبٌ قول بعضهم مؤصِّلاً للتعددية: كان المهاجرون حزبًا وكان الأنصار حزبًا في عهد الرسول ^....!

 هل هذه الدعوى صحيحة؟ نقول لهم: من هو الأمين العام لحزب المهاجرين؟ من هو الأمين العام المساعد؟ من هو رئيس

 اللجنة السياسية في المهاجرين؟! ومتى كان المهاجرون يعقدون مؤتمراتهم؟! وكذلك الأنصار؟! ومن هي التي كانت

 تمثل الدائرة النسوية في حزب المهاجرين أو حزب الأنصار؟! وما هو برنامج المهاجرين وما هو برنامج الأنصار؟!

والرسول عليه الصلاة والسلام مع من كان؟! هل كان مع هذا الحزب أو مع هذا الحزب؟!

لا أجد ما أعبر به عن هذا الافتتان المقيت!!

مع أن من لديه أدنى معرفة بالسيرة النبوية يعرف تمام المعرفة بطلان هذا الادعاء، وقد ورد حديث صحيح متفق عليه

 يصف التعصب بما يستحق ... فقد حدث أن أحد المهاجرين اختلف مع أنصاري في غزوة المريسيع فصاح: يا

 للمهاجرين! وقال الآخر: يا للأنصار! -مع أنهما مصطلَحان شرعيان، لكنهما لما استُعملا استعمالًا حزبيًا- قال الرسول

 عليه الصلاة والسلام: «أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟!! دعوها فإنها منتنة» أي: قذرة! وسار بهم حتى أرهقهم

 بالمسير كي ينسوا تلك الدعوى.

فتح الباب للمجاهرة بأفكار تنافي الإسلام:

وأضحى الدينُ فسطاطينِ هذا

 

 

على صِدْقٍ وهذا في كِذَابِ

 

 

 بدأ التمايز في ظل فتنة الديمقراطية، ومضى بعضهم فأسسوا أحزابًا منحرفة في ديار المسلمين، وأصبحوا يقولون –

متشدقين-: كل شخص حر يفعل ما يشاء، وبعضهم يقول –بكل جراءة-: نحن علمانيون... هكذا في بلاد المسلمين...

 هذه بداية التمايز، وهنالك في الجانب الآخر أناس صالحون قالوا: نحن ننتمي  إلى كتاب الله وسنة رسوله، نحن نعتقد أن

 الكتاب والسنة فيهما كل شيء، ولا نحتاج للاستيراد... فبدأ التمايز، وهنالك أناس في وسط الساحة لا زالوا مضطربين،

 ومع الأيام سيتمايزون إلى هذا الفسطاط أو إلى هذا الفسطاط، فالتمايز جارٍ ومستمر، حتى ينتهي الناس إلى فسطاطين كم

 أخبر المصطفى صلوات الله وسلامه عليه.

الانفلات الإعلامي والصحفي:

صحافاتٌ سخافاتٌ خرابٌ

 

 

وتلفاز ٌلإنجازِ الخرابِ

 

 

هذه بعض المظاهر التي أنتجتها التعددية، فكل حزب له صحافته لنشر آرائه، بل في بعض البلدان الإسلامية هنالك

 قنوات فضائية وإذاعات تتبع بعض الأحزاب، وكثير منها تتبنى هذه الأفكار الديمقراطية، وفي كثير منها سخافات

 وأمور مضحكة -وشر البلية ما يضحك- ولا تُخرج الناس إلى حلٍّ ولا إلى نتيجة. ..وهذا بالإضافة إلى إعلام الدول ،

 والإعلام العالمي المنحرف الذي تقف وراءه جهات مغضوب عليها وضالة .

صحونٌ في حصون ٍجارفاتٌ

 

 

جذورَ الخيرِ من عمْقِ الترابِ

 

 

المقصود: صحون الاستقبال، فقد علت العمارات الشاهقة والفنادق والوزارات والمقرات، وصارت على سطوح كثير من

 بيوت المسلمين، تتفنن في نشر الأفكار الهدامة، و بعضها تنشر ثقافة الجنس، وبعضها موجَّهٌ إلى ديار المسلمين  لمحاربة

 للإسلام صراحة؛ فتزيل الخير من عمق التراب.. وتُجهْز على ما بقي من الخير في نفوس المشاهدين.

 الفساد الأخلاقي:

وتمييعٌ وتضييعٌ وقبحٌ

 

 

ونشرٌ للرذيلةِ في الشبابِ

 

 

الميوعة منتشرة وتُشجَّع، كم تجدون في العالم الإسلامي من الملاهي؟ كم من الفساد في السواحل وغيرها؟ يتوسع المترفون

 في هذا ... هل تجدون هذه المظاهر تقل في ظل الديمقراطية أو تزداد؟ الواقع يشهد والديمقراطيون أنفسهم يشهدون أن

 هذه السلوكيات لم تظهر ـ بهذه الصورةـ إلا  في أجواء الديمقراطية وجهود رموزها !

ونشر للرذيلة في الشباب: إلى درجة أن أصبح الناس يتداولون أخبار حوادث الاعتداء على المحارم -والعياذ بالله-

 ...منذ متى سمعنا أن أناسًا يعتدون على محارمهم؟! لم يكن لهذا الشذوذ وجود من قبل في بلاد المسلمين... أما الآن

 فلعلكم تسمعون ذلك -عافانا الله وإياكم-.

التسلط الأجنبي:

وتجويعٌ وتطبيعٌ وفتح ٌ

 

 

لِأمريكا لتدخُلَ كلَّ بابِ

 

 

كل بلد يجيعونه بطريقة تناسب وضعه، والبنك الدولي ينشط في هذا الاتجاه، ولك أن ترى نماذج التجويع إذا نظرت إلى

 أوضاع ليبيا على سبيل المثال وهي دولة نفطية، وأوضاع مصر وهي دولة غنية متعددة الموارد، فعندها زراعة، ونفط،

 وصناعة،  وأوضاع العــراق   و أوضاع السودان و أوضاع اليمن وأوضاع إندونيسيا ،  بل إن أوضاع دول الخليج

 صارت تتردى وتقترب من الهاوية جراء تسديد الفواتير التي عليها لدول التحالف.

وتطبيعٌ : التطبيع مع إسرائيل مطلب أمريكي وغربي مُلِحّ لابد منه، وقد أصبح التعاطي مع التطبيع علامة على السير في

 ركاب العالم المتحضر التي تتزعمه دول الغرب، أما الذي لا يطبِّع علاقاته مع إسرائيل فهذا عليه  علامات استفهام،

 ويُتَّهم أنه متطرف ويعين على الإرهاب !

وفتحٌ لأمريكا لتدخل كل باب : هذه القصيدة قيلت قبل ست سنوات، وكان التدخل الأمريكي محدودًا، أما الآن فأمريكا

تتدخل في كل مكان؛ في السودان تدخلت لدعم التمرد في الجنوب، ولم تكتفِ بذلك، بل صارت الآن تتدخل في دارفور

 ... ما هو المبرر لتدخلها؟! هل هي وصية على العالم؟

 تدخلتْ في لبنان، وأجبرت القوات السورية على الانسحاب من لبنان، مع أن السوريين عرب، واللبنانيين عرب،

 والقوات السورية ما دخلت إلا بحكم اتفاقية الطائف للمساندة الأمنية، ضغطت أمريكا  عن طريق مجلس الأمن

 وبشدة لخروج القوات السورية من لبنان... لماذا لا يضغط مجلس الأمن على أمريكا بالمثل للخروج من أفغانستان و من

العراق؟... لماذا؟ مع أنها قوات أجنبية، ووجودها أساس كل دمار، ولا يرضى أحد بهذا الاحتلال.

هذا كله يجري تحت مظلة -الديمقراطية- التي تسعى أمريكا حثيثًا لنشرها في العالم.

و تتدخل أمريكا في (توجو) أيضاً فإذا تولى رئيس قالت: يجب على هذا الرئيس أن يتنازل!

ما شأنها في هذه الدولة؟!

وكذا تتدخل في كوريا الشمالية ... تتدخل هنا وهناك... أصبحت تصدر التعليمات للناس جميعًا، وتريد من الناس جميعًا

 أن يستجيبوا لها        بل أن يخنعوا لها..

مراباةٌ وعولمةٌ ونزعٌ

 

 

لأيَّةِ شوكةٍ ولأيِّ نابِ

 

 

مراباةٌ: الربا  يزداد في ظل الديمقراطية ... إنه يزداد وبوتيرة عالية، ويعتبر من ضرورات مجاراة العولمة.

وعولمةٌ: العولمة  في الاقتصاد، في الثقافة، في الفكر،  في السياسة...إلخ .

ونزعٌ لأية شوكةٍ ولأي نابِ: الشوكة كناية عن القوة والنفوذ، فلو وجدوا شوكة -مهما كانت- نزعوها... أيُّ شخص

 معه قوة أو فكر أو مال لابد أن يُنزع و يكسَر، ليبقى الناس لا ناب لهم ولا شوكة.

لماذا غزِيَ العراق واحتُل؟... بحجة أن عنده أسلحة دمار شامل... ثم اكتشفوا أنه لا وجود لشيء مما ادعوه! فما دام

 الأمر كذلك  لماذا لاتخرجون إذنْ....؟ لماذا لا تعتذرون لهذا الشعب، وتعوضونه عما دمرته الحرب، وتعيدون  له

 استقراره كما كان ؟! أليس المنطق يقضي أن من غلط فليصحح غلطته ولينسحب ؟

فهل حصل هذا؟ ... لم يحصل ولن يحصل؛ لأن أطماع وأحقاد الحلفاء لا تعرف هذا المنطق أبدًا.

 أليس كيان اليهود يمتلك أسلحة دمار شامل؟ يقال بأن لديه مائتي رأس نووي منذ فترة طويلة... لماذا له الحق في إنتاج

 أسلحة الدمار الشامل؟! لا أحد ينتقد، أو ينذر اليهود ، أو يخوّفهم بأنهم إذا لم يتخلصوا من أسلحة الدمار الشامل،

 ويسلموها للأمم المتحدة؛ فسوف يحصل لهم ما حصل للعراق، أو -على الأقل- ما يحصل لكوريا الشمالية، لا أحد

 يتكلم، وهذه الدول الغربية أيضًا كلها عندها أسلحة دمار شامل، لماذا يجوز لها أن تمتلك أسلحة الدمار الشامل ولا يجوز

 للآخرين؟ ما هذا المنطق؟ أين العدالة؟ أين الإنصاف؟ المفترض أن تُمنع هذه الأسلحة عن الناس جميعًا، أو أن يسمح بها

 للناس جميعًا من أجل التوازن حتى لا يطغى أحد على أحد، لكن هكذا ديمقراطيتهم! وهكذا تعسُّفهم!

                                                                                                                                                        

تحرير المرأة باب من أبواب التسلط الديمقراطي والتدمير الأخلاقي:

 

وللنِّسوانِ شهْرٌ كلَّ شهْرٍ

 

 

مساواةٌ ونبْذ ٌللكتابِ

 

 

الشيطان يستغل فتنة النساء كما قال الرسول ^ -في الحديث الذي رواه الترمذي-: «المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها

 الشيطان»،  يستشرفها لكي يُضل الناس ويفتنهم بها، هكذا جعلها الله فتنة ، وحتى لا تحصل هذه الفتنة وضع الإسلام

 ضوابط للمرأة في حركتها وسكونها وكلامها ودخولها وخروجها؛ فقال الله لأفضل النساء -وهن نساء النبي-: ( وقرن

في بيوتكن) [الأحزاب:33] وأباح الله للمرأة أن تخرج  بقدر الحاجة وتعود إلى بيتها، لكن هؤلاء يريدون أن تخرج المرأة

 عن القيم والمبادئ.      والديمقراطية تفرض المساواة، وتطالب بخروج المرأة، ومشاركتها في مؤتمرات وجمعيات

 ومسئوليات، ويزعم الديمقراطيون أن ذلك من حقها، ويطالبون بإلحاح فيقولون: أين حقوق المرأة السياسية؟! أين

حقوقها الاجتماعية؟ أين حقوقها الاقتصادية؟ وهذا كلام تسمعونه كثيرًا.

وللنسوان شهْرٌ أي: إشهار وإظهار.

 [كلَّ شهرٍ] فلا يكاد شهر يمر إلا وفيه إشهار لقضايا المرأة من خلال: مؤتمر، أو لقاء، أو تأسيس جمعية نسوية، أو

 تدشين دوريات رياضية(1)، أو.. أو..

مساواة ونبْذٌ للكتاب: هل تعلمون أن القول بـ(مساواة المرأة للرجل) نبذٌ للقرآن؟  لماذا؟

أليس في كتاب الله قوله تعالى: ( وللرجال عليهن درجة) [البقرة:228] ؟... هذه الآية كافية في إبطال تلك الدعوى ! وهناك

آيات عديدة في القرآن تدل على أنه لا مساواة بين الرجل والمرأة كما يزعم الديمقراطيون؛ لأن للمرأة خصائصَ ومميزاتٍ

وتركيباً جسدياً وعقلياً يختلف عن الرجل، وكلٌّ له مهمته.. والتفاضل سنة كونية لا يستطيع أحد إنكارها مهما جازف

 وجحد ورام طمسًا لشمس الحقيقة.. والحياة أدوار وتخصصات، فالقول بالمساواة ليس إنصافًا ولا عدلًا. والقرآن يؤكد

 تلك السُّنة  ويضع الميزان القسط في المسألة، قال تعالى: ( ولا تتمنوا مافضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا

وللنساء نصيب مما اكتسبن)  [النساء:32] ومن  معنى الآية: لا يجوز للمرأة أن تتمنى أن تكون رجلًا، ولا تستطيع ذلك أبدًا

 لأن تركيب جسمها لا يسمح بذلك فلديها الدورة الشهرية والحمل والوضع والرضاع، وتعاني خلال ذلك من متاعب

 جمة وتغيرات نفسية لا تسمح لها بتولي منصب أو مسئولية، ولا أن تكون مثل الرجل في تحمل تلك الأعباء ...  يريدون

 أن تكون نائبة أو وزيرة أو رئيسة وزراء!

كيف ستصنع وهي في حالة الحمل والوِحام وغيره ؟! وثمة لقاءات واجتماعات ومؤتمرات وورش عمل: مغلقة

 وعلنية، داخلية وخارجية، إقليمية ودولية؟!

كيف ستصنع هذه المسكينة وهي أم أولاد وهي زوجة؟!

كيف وهي في الإسلام لا تخرج إلًّا بإذن الزوج؟!

كيف تصنع بحق زوجها عليها، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «لو أمرت أحدًا أن يسجد لأحدٍ لأمرت المرأة أن تسجد

 لزوجها» لِماَ له عليها من حق؟!

وإذا كان كثير من الرجال قد أثبتت الأيام فشلهم في معترك السياسة، ولم يستطع الصمود والتحمل لتكاليفها إلا القلة

 القليلة.. من الساسة الأذكياء والنوابغ، ومع ذلك كله يجدون العناء الشديد والمشقة المضنية، و أقاصيص

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1])تكلموا على رياضة المرأة ... ومع المطالبة الملحة تمّ لهم ما أرادوا فأسّسوا كيانات لذلك! قالوا: وانطلاقًا من الحرص على عدم

 المساس بالعادات والتقاليد، وتعاليم ديننا الحنيف؛ فسيكون كادر التدريب والإشراف والإدارة نسائيًّا 100% ... وهذا من قبيل ذرّ

 الرماد في العيون، لأن الكاميرات قد نقلت -ولازالت تنقل- أخبار تلك الرياضة أولًا بأول ... وصور الرياضيات تملأ  صفحات

 الصحف والمجلات، وأخيرًا سمعنا بالمطالبة بالمشاركة في رياضة المرأة عربيًّا وإقليميًّا ودوليًّا، فياترى  أي كادر نسائي (100%) في

 الخارج؟! وأية مراعاة للعادات والتقاليد وتعاليم الدين الحنيف ؟! ... .

اللهم إنا نبرأ إليك مما يصنعه هؤلاء..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

الكثير منهم معروفة من حيث الإخلال بحقوق الزوجات والبنيين وغيرهم جراء معاناتهم السياسية ... فكيف يطالب

 عاقل بالمساواة ؟ وأين المساواة، والمرأة لها ظروفها وواجباتها  ...وكيف ستوفق المرأة بين ذلك  و ما يريدون منها؟

 هذه الأسئلة وغيرها كثير ، نتركها للعقلاء ...

حمَلْنا بَعدَهُم فِكْرَ التَّسَاوِي

 

 

فَجَاءَتْنَا الجَنَادِرُ بِالعِقَابِ

 

 

بعضٌ من الدعاة -مع الأسف- يطالب بالمساواة بين الرجل وبين المرأة! ...فإن كان يقصد أنها مساواة في بعض الجوانب

 

 فهذا  له حظٌّ من النظر،فمثلًا: المرأة مخاطَبة -كالرجل- بعموم وتفاصيل الشريعة إلا ما خصه الدليل، فإن كان هذا هو

 

 المقصود فلا بأس.. قال الله تعالى:(فاستجاب لهم ربهم أني لاأضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض)   [آل

 

عمران:195].                                                   إننا نجد  الإسلام يحرص كل الحرص على المحافظة على المرأة ويحرص

 

  ألّا تفارق مقر عملها -البيت- ما أمْكَنَ حتى للصلاة ... أخرج أبو داود بإسناد صحيح من حديث ابن عمر مرفوعاً:

 

 «لا تمنعوا نساءكم المساجد، وبيوتهن خير لهن» .      والنهي عن منعهن من المساجد حتى لا تملّ المرأة من طول بقائها في

 

 قصر مملكتها الصغيرة -البيت-، ولأجل أن تتعلم أمور دينها من  خلال ما يطرح في المساجد ، و مع ذلك فصلاتها في

 

 البيت خير لها ، و الأجر أفضل(1).

 

 

أما أن تكون مساواة في كل شيء فليس هذا معقولًا أبدًا، فعلى سبيل المثال:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (3/295-296): وأما النساء فصلاتهن في بيوتهن أفضل لهن لما رواه أبو داود عن عبد الله بن

مسعود رضي الله عنه عن النبي ^ قال: «صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في

 بيتها» وأخرج الإمام أحمد عن السائب مولى أم سلمة عن رسول الله ^ قال: «خير مساجد النساء قعر بيوتهن» وأخرج أيضًا عن أم

 حميد امرأة أبي حميد الساعدي أنها جاءت إلى النبي ^ فقالت: يا رسول الله! إني أحب الصلاة معك. قال: «قد علمت أنك تحبين

الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك

 خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي» فأمرتْ فبُنِيَ لها مسجد في أقصى بيت من

بيوتها، فكانت -والله- تصلي فيه حتى لقيت الله تعالى.

هذا ويجوز لها شهود جماعة الرجال بشرط أن لا تؤذي أحدًا من الرجال بظهور زينة ولاريح طيب كما ثبت في الصحيحين [خ

873 م442] عن عبد الله بن عمر أنه قال: قال رسول الله ^: «لاتمنعوا إماء الله مساجد الله» ، ولأحمد وأبي داود: «وبيوتهن خير لهن»

 وفي رواية: «وليخرجن وهن تفلات» أي لاريح لهن، وقد ثبت في صحيح مسلم عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت: قال لنا

 رسول الله ^: «إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبًا».

وفي الصحيحين [خ372 م645] عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كان نساء المؤمنين يشهدن الفجر مع رسول الله ^ ثم يرجعن

 متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس).

وفي الصحيحين [خ869 م445] عنها أيضًا أنها قالت: (لو أدرك رسول الله ^ ما أحدث النساء لمنعهن من المساجد كما مُنعت نساء

 بني إسرائيل)..اهـ بتصرف يسير.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

* في الميراث: لا مساواة في الإسلام  بين الرجل والمرأة...أعطى الإسلام الرجل ضعف ما أعطى المرأة.

 * في النفقة: ليست المرأة في الإسلام مكلفة بالنفقة كما هو الأصل ... ومقتضى المساواة  أن الرجل ينفق شهرًا مثلاً،

 والمرأة تنفق شهرًا، أو الرجل ينفق سنة والمرأة تنفق سنة ... هذا -طبعاً- لا يريدونه، وإنما مقصودهم تمليكها أمر

 نفسها بلا ضوابط، وخروجها عن طاعة ربها ووالديها وزوجها، وتكون حرة حرية مطلقة. ولم يكتفوا بذلك بل طالبوا

 بأن يملّكوها من خلال الولاية العامة أمر الرجل وشئونه، وإلا فهي -في زعمهم- مظلومة... لا حرية ، ولا مساواة،

 ولا ديمقراطية... والمقصود هوالتغرير بالمرأة  واستغلالها لنشر الفساد في الأرض كما حصل للأمم من قبل(1)،

 والمسكينة تظن أنهم حريصون على مصلحتها ... و لو كانوا حقًّا يحبون الخير للمرأة لكَفُّوا عن جرائمهم ضد المرأة في

فلسطين والعراق وأفغانستان... وخير شاهد على تغريرهم بالمرأة ما يجري في حقها في سجون أبي غريب، وأمثالها..

فهل تعي الأخت المسلمة ذلك..؟!

وهل تعي أنهم لا يريدونها إلا لأجل رغباتهم ونزواتهم؟..

فجاءتْنا الجنادرُ بالعِقابِ: الجَنْدَر هو استقلال الفرد سواء كان رجلًا أو امرأة، بغض النظر عن جنسه فله شخصيته، إلى

 حد أن بعضهم فرَّع على هذا أن صاحب هذه الشخصية يمكن أن يتزوج بشخصية من نفس الجنس...! والترويج

 مستمر لهذا المصطلح تحت مظلة التساوي، وهنالك جمعيات ومنظمات مشبوهة نسائية وغير نسائية تسعى لتسويق ذلك

 في المجتمعات الإسلامية  ...  فكان من آثار السكوت عن دعوى المساواة والتساهل فيها، أنهم تجرّأوا فطرحوا فكرة

 الجندر الفاجرة !

انعكاس الحقائق:

وكم من مُنكَرٍ قد صار عُرْفاً

 

 

بتقريبِ الخطابِ من الخطابِ

 

 

كم هنالك من منكرات أصبحت عُرفًا!

ومن هذه المنكرات مساواة المرأة بالرجل ...   لقدأصبح ذلك عرفًا ... فلو قال شخص: لا مساواة مطلقة بين الرجل

 والمرأة. لقيل له: أنت لاتدرك طبيعة العصر!  أنت  بعيد عن الواقع ! أنت لم تستوعب التحوّلات الديمقراطية !

ما هو السبب؟! ... السبب أن بعضنا أخذ يُقرِّب خطابه من خطاب الغربيين، بأفكارهم، ويستورد مصطلحاتهم، وأصبح

 التشبه بالكافرين ومحاكاتهم وتتبع خطواتهم علامة للتحضر ...!

مع أن الأصل في ديننا التَّمَيُّز والمخالفة لسبل الذين كفروا، فكل مسلم يقول في كل ركعة: ( اهدنا الصراط المستقيم* صراط

 الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين)  [الفاتحة:6-7]، في كل ركعة مفاصلة وتمايز ... فهل واقع بعضنا هو

 الالتزام بذلك؟

يا لها من مصيبة وتناقض. .. عندما لا يلتزم بعضنا ، ويستمر تشبُّههم بهم!

 كان الرسول عليه الصلاة والسلام يجتهد في أن يخالف اليهود والنصارى ما استطاع، حتى أنه قال: «صلوا في نعالكم؛

 خالفوا اليهود»، ولما علم أنهم يتسرْوَلون -أي: يلبسون البناطيل- ولا يأتزرون، قال: «تسرولوا وائتزروا»، ولما علم

 أنهم لا يصبغون الشعر الأبيض أمر بمخالفتهم(2).

ولما كانوا يصومون يوم عاشوراء، قال: «لأصومن التاسع»..

 وكم هي تلك الأمور التي حث  على فعلها بهدف مخالفة أهل الكتاب خاصة والمشركين عامة.

وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أعطى هذا الموضوع حقه، بقدر كافٍ وافٍ -مجمَل ومفصَّل- في كتابه العظيم (اقتضاء

 الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم)، وننصح كل مسلم بقراءته؛ لأن المحافظة على الهوية الإسلامية أمرٌ عَقَدِيٌّ

 مهمٌّ جدّاً.

امتهان المرأة واستغلالها:

 في الفضائيات وكافة الوسائل الإعلامية والدعائية:

وألوانُ الخلاعةِ ألفُ لونٍ

 

 

بلا رَدْعٍ وعزْفٌ كالشرَابِ

 

 

خلاعة في الملاهي والشوارع والمحلات والمدارس والجامعات... إلخ... فكم فيها من النساء المتبرجات ...  في بلاد

 المسلمين !

خلاعة في القنوات الفضائية ...فكم تُعرَض فيها من النساء

الكاسيات العاريات المائلات المميلات ! و كم من الاستغلال الفاضح لِذَاتِ و جسد المرأة للإغراء(3) ! حتى

 نشرات الأخبار لم تسلم من ذلك الاستغلال، فمن يريد أن يستمع الأخبار يفاجأ بأن من يقدمها امرأة متبرجة...!


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) يراجَع كتاب (المرأة في سوق النخاسة) وغيره من الكتب التي تحدثت عن أن خروج المرأة من بيتها سبب رئيس في تقويض

 دعائم حضارات ماضية ...    

([2]) عن أبي أمامة قال خرج رسول الله ^ على مشيخة من الأنصار بيض لحاهم -أي: لا يصبغون لحاهم البيضاء بالحناء ونحوه-

 فقال: «يا معشر الأنصار! حمِّرُوا وصفِّروا؛ وخالفوا أهل الكتاب» قال: فقلنا: يا رسول الله! إن أهل الكتاب يتسرولون ولا يأتزرون.

 فقال رسول الله ^: «تسرولوا وائتزروا؛ وخالفوا أهل الكتاب» قلنا: يا رسول الله! إن أهل الكتاب يتخففون ولا ينتعلون -أي:

 يلبسون الخفاف بدون نعال- فقال رسول الله ^: «فتخففوا وانتعلوا؛ وخالفوا أهل الكتاب» فقلنا: يا رسول الله! يقصون عثانينهم -

أي: لحاهم- ويوفِّرون سِبَالهم -أي:شواربهم- قال: فقال النبي ^: «قصوا سبالكم، ووفِّروا عثانينكم؛ وخالفوا اهل الكتاب» قال

 الهيثمي في مجمع الزوائد(5/131) رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح خلا القاسم، وهو ثقة، وفيه كلام لا يضر.

(3) هذا غير ما تعرضه بعض القنوات -الموجهة إلى البلدان الإسلامية- من الجنس والجريمة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

حتى في بعض القنوات التي تقول: إنها إسلامية، تجد المرأة ... وتعْجَبُ من قولهم إظهار الوجه جائز، ليس هناك مانع

 من أن تظهر المرأة سافرة الوجه ... و نسألهم: هل كشْفُ الوجه بقصد أن يراه الناس جائز ؟! مع أن العلماء الذين أجازوا

للمرأة كشف الوجه أرادوا بذلك التخفيف عنها ، واشترطوا  الأمن من الفتنة، ولم يريدوا أن يعمل المخرج التلفزيوني

  على إظهار وجهها لكي يراه الملايين عبر القنوات ...! فإذا قلنا: يجوز لها كشف وجهها - على قول من يقول بجوازه-

 فإنما يجوز لها ذلك حتى تستطيع أن تمشي وتتحرك بسهولة و تعمل ، لكن الرجال ممنوعون من أن ينظروا إليها،

 ومأمورون بغض أبصارهم عنها ...  فهل المقصود من عرضها في القنوات أن يغض الناس  أبصارهم عنها؟!  وإذا كان

 سيحدث من المشاهدين غض البصر ، والقائمون على هذه القنوات الموصوفة بالإسلامية يهتمّون بغض البصر من

 المشاهدين ويحرصون عليه... فما هي الحكمة والغاية بعد ذلك من نشر الصورة ؟... أو أن المقصود أنهم يمارسون عملية

الابتلاء للمشاهدين لاسيما عندما يعرضون الفاتنات ، ولا ندري  هل ذلك  بقصد أوبغير قصد... والفتنة أمر نسبي ...

 ولكل امرأة نصيبها من الفتنة و لها  جمهورها المعجَب، ما دامت الصورة قد صارت في متناول عيون الملايين... وهل

 يجوز للمخلوق أن يمارس مثل هذا الابتلاءبمثل هذه الفتنة، على المخلوقين أمثاله القابلين للافتتان؟ ... أو أن عرض

 صور النساءفي القنوات لايعدو ببساطة أن يكون منكرًا مكشوفاً من منكرات الديمقراطية التي تساوي بين الرجال

 والنساء، ويحاول بعضهم في القنوات أن يبرّر لذلك باسم الإسلام، ويذبح السمك على الطريقة الإسلامية !

                قد يقولون :إن عرْض المرأة من أجل جذْب بنات جنسها والتأثير عليهن ... ونقول لهم: هل هناك

 ضمانة لمنع عيون الملايين من الرجال المتشوّقين؟!  وهل تصيرالقناة الفضائية عندما تظهر المرأة فيها صالة مغلقة على

 النساء؟  سيقولون: إن المرأة تمضي في عملها أو في الشارع ، وليس ذلك صالة مغلقة ، ويراها من يراها ... ونقول: هل

 يقارَن الأفراد أو العشرات الذين قد يرون المرأة في الشارع، بالملايين في بقاع الأرض الذين يشاهدونها عبْر القناة الفضائية

 ؟ والتي ليس للعرْض فيها من غاية ولا من هدفٍ إلا المشاهدة  ؟! ثم أين قاعدة :سدّ الذرائع في الشريعة؟ وأين قاعدة:

 درْء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح؟ ... هؤلاء الغربيون أنفسهم الذين استورد بعضنا منهم الانفتاح والديمقراطية قد

 يقدّمون درْء المفاسد ، فيمنعون مثلاً بيع الأدوية للجمهور إلا بإذن مكتوب من الطبيب، حرْصًا على سلامة الناس، ولا

 يكتفون بالطلب الشفوي ، و يمنعون تداول الأسلحة و حملها إلا بترخيص، وكذلك يمنعون سير السيارات ،

 ويمنعون قيادتها إلا بترخيص إلى غير ذلك من القيود والأنظمة... ولا يعتبر العقلاء شيئا من ذلك حجْراً على

 الحريات،ولا يقال : يُكتفى بوعي الناس وحرصهم على حياتهم ... بل تُحتمل التقييدات ، وإن كانت قد تفوت بها

 مصالح كثير من الناس في التيسير، وتضيع بسببها كثير من أوقاتهم وجهودهم ، يُحتمل ذلك درْءًا للمفاسد ... فكذلك

 هنا فيما نحن بصدده في عرض المرأة في القنوات ، قد يفيد ذلك النساء المشاهدات ، ولكن المفسدة عظيمة على الرجال ،

 ويكفي في بيان ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء) ، متفق عليه .

  والواقع المنظور يؤيد ذلك .

خلاعة في الصحافة ... فتراهم ينشرون صورة المرأة كأسلوب جذْب ومتاجرة بالأجساد البيضاء، حتى في بعض

الصحف الإسلامية ينشرون صورتها كاشفة الوجه. ويقولون هذا حجاب إسلامي... هل من لوازم الحجاب أن تنشروها

 للناس لكي يغضوا أبصارهم عنها؟!  وإذا كانوا سيغضون أبصارهم عن الصورة ، فلماذا يتم نشر الصورة إذن؟  ... أو

 أن المقصود التخفُّف من الأحكام الشرعية والظهور بمظهر الا نفتاح ، والتقرُّب من المنسلخين مداهنةً وخوفًا  من تهمة

 التزمت ، وترجيحا ً لخيار الانخراط في سلك التحرُّر والديمقراطية....!

خلاعة في دور السينما في بلاد المسلمين. ..ولم نعدم في هذا العصر الديمقراطي من يفتي بجواز تمثيل النساء أمام

 الجمهور، و يضع لذلك ضوابط، مع أنه معلوم أنه لايتم الالتزام بالضوابط ،  وحتى لو تم الالتزام فرْضاً، فالمرأة في

 النهاية هي المرأة ، وعندما تقف أمام الجمهور للتمثيل فلا بد أن تستقطب إعجاب الرجال، وتثير شجونهم ، ولا بد أن

 ينظروا إليها على الأقل ، لأن المقصود من التمثيل أن ينظر الجمهور، فكيف يتفق هذا النظر مع فريضة غض البصر؟!

خلاعة فيما يسمى برياضة النساء ... سباق ، سباحة، كرة: طائرة وتنس وغيرها ... وكم من بلاء جرَّتْه رياضة النساء،

 كاللقاءات والاستعراضات والسفر من بلد إلى بلد، وأكثرهن يسافرن بدون محرم.

خلاعة فيما يُمتَهَن به جمال المرأة تحت مسمى (ملكات الجمال)...  إذ يتم انتقاء ملكات الجمال في مسابقات دولية يكون

 التنافس فيها وفق معايير لتحديد مفاتن المرأة... وما أرخصها من امرأة تلك التي تبيع نفسها للمال والشهرة ... وأفٍّ

 لها من حرية وديمقراطية!

وفيما أظن أنه قبل سنة أو سنتين كانت مسابقات انتقاء ملكات الجمال في نيجيريا ... جرأة عجيبة.. .أفي بلد إسلامي

 تختار ملكة الجمال؟!

خلاعة في الإعلانات ... هل هذه حقوق المرأة أن تتحول المرأة إلى سلعة ؟ بل تصبح وسيلة لترويج السلع والمنتجات؟!

                 خلاعة في عَرْض النساء المتبرجات... في المطاعم وفي المتنزهات و في البوفيهات وفي الفنادق وفي المسابح وفي

 السواحل وفي المحلات التجارية وفي الطائرات كمضيفات ، وفي الدوائر كموظفات وسكرتيرات ... واختلاط في

 المدارس والجامعات و الشوارع ... إلخ.    امتهان للمرأة، واستغلال لها كجسد ، وتغرير بها، وانتهاز للقابلية عندها

 للانخداع، من أجل أن تصير قريبة المتناوَل للراغب بالعبث في أي مكان بدون موانع ، وبغطاء فكري واسع منتشر

  متمكّن بشتى الوسائل ، هو الفكر الديمقراطي ، بحيث يُظن أنه الحق وما سواه الباطل ...

بلا ردْعٍ :سكَت عامة الناس وخاصتهم، و سكت عدد من العلماء والدعاة على هذه المنكرات إلا من رحم الله، مع أن

 فتنة المرأة عظيمة كما هو واضح من النصوص والواقع... ولم ينكروا ولو بكلمة ... هذا إن لم يمارس بعضٌ من

 العلماءوالدعاة التلبيس والتغرير وإضفاء الشرعية رغَبًا ورهَبًا ...  وعمّتْ الغرْبة  المذكورة في النصوص النبوية ...

 فكيف يرتدع الواقعون في تلك المنكرات !

وعزْفٌ كالشرابِ: العزْف بالموسيقى صار مثل الخمرمسْكرًا، وهذه الموسيقى المسكرة -والعياذ بالله- قد دخلت على

 بعض الإسلاميين، وأصبحت بعض الأناشيد تحاكي الموسيقى الغربية كالديسكو  ... إلى هذا الحد!   استهتار و تقليد

 أعمى ... وصدق الذي قال: الموسيقى أفيون الشعوب؛ فهي مخدّرةٌ و مسكرةٌ فعلا.      ( يراجع كتاب : الغناء وآلات

 الطرب بين حكم الشرع وتزيين الهوى ، للمؤلف مع آخرين) .

كل هذا -طبعًا- تحت المظلة، مظلة الانفتاح والتحرر والديمقراطية !

 

                                                                                                                    

اللهاث وراء زيف الديمقراطية:

وعرْسٌ كلَّ يومٍ وانتخابٌ

 

 

نعيش الدهرَ أعراسَ انتخابِ

 

 

كل يوم نعيش أعراس الديمقراطية!

  انتخابات للطلاب في المدارس ، ثم بعد فترة انتخابات لطلاب الجامعات، ثم بعد فترة انتخابات لاتحاد  الطلاب في

 القُطر ... هذا في الطلاب.

انتخابات لعمال البناء  على مستوى المديريات، ثم على مستوى المحافظات، ثم على مستوى القطر  ... عمال الموانئ أيضًا

لهم انتخابات على مستوى الموانئ، ثم على مستوى القطر...  عمال النظافة ... بقية العمال من حلاقين وخبازين وخياطين

 و غيرهم ...  انتخابات للعمال بمختلف قطاعاتهم ، ثم انتخابات لاتحاد العمال ...

والحقوقيون المحامون لهم انتخابات ... والحقوقيون القانونيون الآخرون لهم انتخابات ... والحقوقيون القضاة لهم

 انتخابات ... وفي النهاية اتحاد الحقوقيين... . ..                                                     والأطباءوالصيادلة... والمهندسون

 ...والطيارون...والمعلمون ... وأساتذة الجامعات...

والمجالس البلدية أو ما يسمى بالمحلية أيضًا لها انتخابات على مستوى المديريات، ثم المحافظات...

وتأتي بعد ذلك الانتخابات البرلمانية لاختيار أعضاء البرلمان، ثم انتخابات داخل البرلمان لاختيار هيئة إدارية...

 ثم الانتخابات الرئاسية... المهم أننا في انتخابات في كل وقت وحين.

في الحقيقة قد تكون الانتخابات في بعض المجالات بالضوابط الشرعية لا غبار عليها؛ إذ ليس هناك مانع من أن الناس

يختارون من يمثلهم في بعض المجالات،  فمع الضوابط لا يوجد إشكال شرعي، لكن هذه الدورات الانتخابية الشكلية

 المستمرة ... هل  تُحَقِّقُ ــ فعلاً ــ مطالب الناخبين أو أنهاتحقق فقط أطماع المرشحين؟!

لو نظر متأمل إلى العالم الإسلامي: هل الذين تم انتخابهم في أي مجال يمثلون الناخبين فعلًا؟...  يجد المراقب أن الذين

 يتسلقون وينالون المناصب هم الذين ترضى عنهم السلطات ... فهي إذا أرادتْ وصول شخصٍ لمنصبٍ أو مكانة ،

 أعطتْه الأموال لشراء الأصوات، ونشر الدعايات، وخلعتْ عليه عبارات المدح والثناء، وقلدتْه الأوسمة ... والناخب

 المسكين في معاناته لا يصعد من يمثّله حقًا، ولا من يطالب بحقوقه في الغالب ! ...والناخبون خليط من الصالحين

والطالحين ... و كفة الطالحين هي الراجحة غالباً ، إن لم يكن بالأصوات فبالتزوير ...!

في الانتخابات للسلطات العليافي بلاد المسلمين ومنها الرئاسة- لا تتغير السلطات...

لا يحصل شيء من ذلك في المستويات الدنيا فضْلاً عن العليا ... وما الانتخابات إلا إشغالًا للناس، وإرهاقًا للمال العام،

 ثم في النهاية يجد الناس أمامهم نفس الطاقم الأول، سواء كانوا في اتحادات، أم نقابات، أم مجالس نيابية، أم مناصب

محلية، أم  مناصب رئاسية...  غالبًا يبقى الوضع السابق نفسه لا يتغير منه شيء ...! إذًا: لماذا هذا التعب كله؟ ولماذا

 الصراع وإهدار الأموال؟ وأحياناً سفْك الدماء ! ما دامت المحصِّلة في النهاية هي الأوضاع السابقة؟... لماذا لا يدخر

الناس هذه الجهود؟...  ربما تنفعهم هذه الجهود -على الأقل- في مجال آخر.

وللعمالِ ترشيحٌ وفرزٌ

 

 

وللطُّلاّبِ من أجل الطِّلاَب ِ

 

 

حتى الطلاب الذين يُفترض أن ينشغلوا بطلب العلم بدلًا من الانشغال بالسياسة لهم انتخابات... كان ينبغي أن يجتَنبوا

 الانشغال بالسياسة حتى يتخرجوا ...  تجد الطالب مشغولًا بالسياسة ،بل فقيهًا فيها بفقهها المستورد ، و قد تجده في

 الدروس ضائعًا... الطالب محتاج إلى التفرغ وخاصة  في الأقسام العلمية كما هو معلوم، كالهندسة والطب،والمفترض أن

 يصل الليل بالنهار من أجل التحصيل...  محتاج كذلك للتفرغ في الأقسام الشرعية ... لأنه محتاج إلى حفظ القرآن،

 والمتون الحديثية والفقهية والأصولية واللغوية،  بدلًا من أن  يشتغل بما لا يعنيه و بمالا يثمر...

                                                  

وللفنّانِ والحيطانِ فوزٌ

 

 

نقابات تكالُ بلا حسابِ

 

 

الفنانون أيضًا لهم نقابات ! ...حتى الجدران لعله أن يكون لها نقابات وانتخابات في المستقبل...!

خيبـة أمـل..

يعيش الناخبون على ظنونٍ

 

 

وقانونٍ لتمليكِ السحابِ

 

 

ظنونٌ و(آمال زئبقية) يروِّج لها الديمقراطيون وكأنها حقائق،  يثيرون بها الشهية لدى الجمهور، ويعِدونهم بأن عصا

 التحويل بأيديهم ، وأن قرار التغيير مرتهنٌ بإرادتهم ... و يطلقون العنان للأحلام  ... وما أكثر ما يردّدُون... : يا أخي!

 مارس حقك ... فأنت بهذه البطاقة الانتخابية تعزل حكومة وترفع أخرى !

تمامًا كالذي يقول: أنت بالنقود التي في جيبك ستمتلك  ناصية السحاب ، وتحكُم مَن تحتك مِن فوق السحاب!

             ...                                 شعاراتٌ و كلامٌ للاستهلاك !.....

وكم أفْنَوا جهودًا أو نقودًا

 

 

وكم ساروا ذهاباً في إيابِ

 

 

الموسم الانتخابي يستمر أحياناً كما في الانتخابات البرلمانية والرئاسية والمحلية فترة غير قصيرة ... بعض الأحزاب تستعد

 لها وتنشغل بها  لمدة سنة كاملة؛  تبذل فيها  الجهود الهائلة والأموال الطائلة...!

وقتٌ وجهدٌ ومال ... على مستوى الأحزاب ... الأفراد ... الدولة ... إهدار لإمكانات رهيبة بلا نتائج تُذكر.

 

البديل الإسلامي :

لو أن كل إنسان يهتم بعمله و تخصصه.. فالأساتذة يهتمون باختصاصاتهم، والطلاب يهتمون بدروسهم، والعمال

 يهتمون بأعمالهم... إلخ . والدولة من جهتها توفر الإمكانات والاحتياجات... وتفاديًا للقصور والظلم يقوم المجتمع

 بإحياء نظام الحسبة ، بدلاًمن العمليات الانتخابية الطويلة العريضة التي لا تثمر ... يحتسب أي شخص ويقوم بواجب

 الدفاع عن المظلوم، ويستعين بكل الوسائل المشروعة حتى يستجاب له، ولاشك أنه سيجد من قوى المجتمع الخيّر ة

 ومن العناصر الصالحة في السلطة من يدعمه.. ولن تثور حساسيات مادام ليس في هذا النشاط منافسة للسلطة في سلطتها

 ..ومع الأيام سيصير ذلك عرْفًا كما كان ذلك من قبل على مدا ر التاريخ الإسلامي .والأجهزة الرقابية والتفتيشية في

 مختلف القطاعات تقوم بواحبها في ذلك ابتداءً، كما تتعاون مع المحتسبين ... وكذلك جهات النيابة والقضاء ... وقد

 عاش المسلمون على مدى أربعة عشر قرنا يواجهون المظالم بهذا الأسلوب ، وكانت مجتمعاتهم أرقى بكثير في عدالتها من

مجتمعاتنا اليوم ، وكذلك من كل مجتمعات الكافرين  ... و لا يمكن أن يصلح آخر الأمة إلا بما صلح به أولها . .. لا

 يمكن أن تصلحها المستوردات الديمقراطية ! والواقع أكبر شاهد .

إن الاستجابة  لرفع المظالم بالطريقة الإسلامية أيسر بكثير على نفوس الحكام من الاستجابة لمن ينافسهم بالطرق

 الديمقراطية ويريد أن يحلّ محلّهم.

فَلَمْ يجْنُوا سِوى همٍّ طويلٍ

 

 

وأوهامٍ بتبييضِ الغرابِ

 

 

الهمّ الطويل ناتجٌ عن الإعدادات واللقاءات والاجتماعات الدورية، والمؤتمرات العامة والمهرجانات والدعايات...

مشاغل مستمرة، وحركة دائمة ... والمحصِّلة كما في المثل القائل: (أسمع ُجعجعةً ولا أرى طِحْنًا) -طحنا بكسر الطاء-

 أي: لا أرى دقيقًا، ويضرب هذا المثل فيمن يبذل جهودًا كبيرة ولكن لا توجد لها  نتيجة.

وأوهامٌ بتبييض الغراب: وهذا مُـحال، ولو غُسِل الغراب عامًا كاملًا.

والفساد ليس علاجه في الانتخابات، وإنما علاجه في إصلاح النفوس، ليس في أي شيء آخر، كما يقول سبحانه وتعالى:

 ( إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم)   [الرعد:11].

ولو عملوا قليلًا من كثيرٍ

 

 

على نُورٍ لَعادُوا بالجوابِ

 

 

لو أن الناس  وَفَّروا  الجهود الانتخابية الهائلة : النقابية، والبرلمانية، والمحلية، والرئاسية.. ووجهوها لإصلاح

 نفوسهم،بالإضافة لطريقة الحسبة التي ذكرناها قبل قليل، واجتهدوا في إدخال الناس إلى المساجد، مثلما تصنع جماعة

 التبليغ... أفراد ضعفاء، بأموال قليلة ، يسافرون من بلد إلى بلد ... يعالجون النفوس ... لو أصبح  الدعاة عندنا

 يشتغلون بمثل هذا -وكذا الجماعات- وتركزت الجهود لإدخال الناس إلى المساجد، ما هي النتيجة؟..... سوف تصلح

 كل الأموربالتدريج بقدر انتشار الصلاة ؛ لأن الله يقول: ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر)  [العنكبوت:45] والرسول

 صلى الله عليه و سلم يقول: «أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة، فإذا صلحت صلح سائر عمله» ...لو أن إنسانًا يصلي

 الفجر جماعةً صلاةً حقيقية ، هل سنجده وهو –مثلًا- مدير أو وزير يظلم الناس في حقوقهم؟ هل سنجده يغلق

 الأبواب دون المحتاجين والمساكين؟ هل سنجده يختلس أموال الدولة؟ لن يكون ذلك! وإذا أدخلنا التاجر إلى المسجد

 وصلى الفجر هل سيغش؟ هل سيرفع الأسعار بغير مبرر؟ هل سيرابي؟ ستصلح أوضاعنا كلها لو دخلنا المسجد ... و

 سوف يمكّن الله سبحانه لنا في الأرض ، لأننا أخذنا بأسباب التمكين الصحيحة؛  يقول سبحانه:( الذين إن مكناهم في

 الأرض  ...) ما هو أول واجبهم ؟... يقول:( أقاموا الصلاة) [الحج:41].

يا عباد الله! إن أهم شيء كان في اهتمامات الرسول ^ العملية -الذي بعثه الله نورًا للبشرية- هي الصلاة ... لقد كانت

 آخر وصية له قبل موته: «الصلاة وما ملكت أيمانكم» ...وما ذاك إلا لأهمية الصلاة... ولكن أين الصلاة في (أجِنْدة)

 هذه الجهود الهائلة؟ هل يهتم هؤلاء بها الاهتمام المطلوب؟ للأسف الاهتمامات بالدرجة الأولى مركَّزة على الحملة

 الانتخابية وأخواتها من الحملات السياسية المماثلة ...

وما هي النتيجة؟ النتيجة هي بقاء الأوضاع كما هي!

بينما لو أنفقوا قليلًا من هذه الجهود -كما قلنا- في إقامة الصلاة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونصْح الناس

 النصح الهادئ،  كما في طباعة ونشر بعض الكتيبات والأشرطة وما يتيسر من الأنشطة...

 لو سخَّروا مثلاً شيئا من هذه الجهود الهائلة  لطباعة كتاب مبسَّط يوزع على الناس جميعًا، أو شريط مبسط يوزع على

 الناس جميعًا، يذكّرهم باليوم الآخر؛ لأن كثيرًا من الناس ينسون أنهم سيموتون، وكثيراً من المسئولين ينسون أنهم

 سيموتون، فلو سمع أحدهم شريطًا كشريط (هاذم اللذات) مثلًا؛ ماذا سيكون حاله؟ ... ثم تتمّ المواصلة معه والتدرُّج

 ...كيف ستكون معاملاته؟ لو أن هذا يعمم على الناس  بشكل مشروع المليون شريط، أو مشروع عشرة الملايين شريط

 في بلد من البلدان، ويجتهد في ذلك شباب الدعوة بدلاً من الاجتهاد في الانتخابات ... يجتهدون بأساليبهم المتنوعة أن

 يصل هذا الشريط  إلى كل شخص... كيف سيكون أثره عندما يصل إلى كل مسئول؟... لا شك أنه سوف يوجد من

 المسئولين من يسمعه وسوف يهزّه هزًًّا من الأعماق.

بخلاف ما لو صرف الشباب جهودهم في انتخابات من الآن إلى ما بعد عشر سنين ... فإنه قلَّما يهتز المسئول... ؛ لأن بيده

 الإعلام والمال والجيش، فكيف يهتزّ؟ ...  لكن شريطًا يصل إلى قلبه لعله أن يهزّه ... ويصبح شخصًا آخر له قيمه

 ومبادئه التي ترسم حياته وتتحكم في سلوكياته وسياسته ... وإذا لم يتأثر هو فيمكن أن تتأثر بطانته ... وإذا لم تتأثر

 بطانته كلها فبعضهم ... وسيتأثر من يؤثرون على البطانة... وسيتأثر الرأي العام ... ولا شك أن الرأي العام مؤثر على

 البطانة وعلى المسئول ... ومع المثابرة والإصرار والصبر والاستعانة بالله لابد من النتائج المباركة ... وهذا نموذج

 لمشروع واحد ... ويمكن أن تتعدد المشاريع والأساليب الدعوية المؤثرة سنَةً بعد سنة... والدعاة أذكياء في التنويع..

على نور أي: على نور الكتاب والسنة وهديهما كما ذكرنا في الأمثلة السابقة ، و ليس على ظلمات الديمقراطية.

 لعادوا بالجواب: لحصلوا على النتيجة المرجوة، وظفروا بسعادة الدنيا والأخرة.

 

                                                                                                                 

التداول السلمي للسلطة وهمٌ أم حقيقة؟!

وللتزوير فنٌّ لا يُبارَى

 

 

وقد يعلو الرُّوَيْبِضُ كالشِّهابِ

 

 

وللتزوير فنٌّ لا يُبارَى: في أثناء الانتخابات في الغرب يحصل التزوير عندهم بصورة غير مباشرة، أي أن الأغنياء

 والأثرياء والرأسماليين يستطيعون أن يصلوا؛ لأنهم يدفعون أموالًا للإعلام، وللقائمين بالحملات الانتخابية، لخداع

 الناس؛ فهو تزوير، لكن بطريقة غير مباشرة .       أما في بلاد العالم الإسلامي حيث الديمقراطية غريبة مستوردة لا

 أصالة لها و لا رحم ولا قرابة ، فإنها ممتهَنةٌ ذليلة في الواقع العملي في جانبها الانتخابي و إن كان يُطنطِن  بها السياسيون

  تزلفًا للغرب إلا أنها بدون رصيد ... ولذلك تُنتهك أغلى مفرداتها عندها وهي الانتخابات بلا رحمة ولا كرامة،

 فتمارَس معها جميع فنون الترغيب والترهيب و التزوير ، وهي فنونٌ كثيرة بطرقٍ مباشرة وغير مباشرة.

وقد يعلو الرويبض كالشهاب: كما ورد في الحديث(1)، والرويبضة هو الرجل غير المؤهل، وتجد كثيرا من

 الرويبضات  يصعدون بالتزوير...!

ومن لم يفعلِ التزويرَ مكْرًا
 

 

أعاد الفوزَ قهرًا بانقلابِ
 

 

في بعض البلدان إذا عجزوا عن التزوير، أو لم يتم التزوير وصعد أناس صالحون -وهذا نادر جدًا كماحدث  في الجزائر-

 فإنهم يستولون على الحكم بالقوة ... ولعلكم سمعتم قبل نحو بضع عشرة سنة في الجزائر أنه تُرك للناس أن يختاروا من

 يشاءون وصعد الإسلاميون فماذا كانت النتيجة؟

 النتيجةأنه حصل انقلاب.. .كان الحاكم في تلك الآونة اسمه الشاذلي بن جديد، فانقلب عليه الجيش فورًا بسبب أنه

 ترك الانتخابات بدون تزوير، وأتوا برجل اسمه بوضياف وبدأت الحرب على الإسلاميين ... وإلى اليوم والجزائر في

 دوامة ... حتى أصبح الأطفال والنساء يذبحون ذبحًا .....!    َمن وراء هذا ؟!  مَن هم الفاعلون؟!

قيل بأن هنالك عصابات -موّجَّهه ومموّلة من الخارج لارتكاب هذه المجازر- فيتظاهرون بمظهر إسلامي من لحًى

 مزورة، وثياب تشبه ملابس المتدينين، ويقومون بذبح الناس ذبحًا ...! هل يعقَل أن متديّناً يذبح الأطفال ذبحًا؟!

وقيل هذا عقاب الحكومة للشعب الجزائري عندما اختار الصالحين.

وهكذا الذي لا ينجح في التزوير ،يعالج المسألة بانقلاب مثلما حصل في الجزائر فانقلبوا على (الشرعية الديمقراطية) كما

 يقال!  

وأحلامُ التداوُلِ في انتخابٍ

 

 

لإِحكامِ التحايـُلِ في انتخابِ

 

 

يقولون لك :التداول السلمي للسلطة...!  شعار ديمقراطي...! لكن هل  حصل تداول في أي بلد في العالم

الإسلامي...؟ لم يحصل...! إلا أنهم يتحايلون بشتى الدعايات من أجل فتح الشهية للانتخابات.

لإحكام التحايل: يتحايلون على الناس ويثيرون عندهم الرغبة في أن يذهبوا إلى مراكز الاقتراع. والنتائج أحلام وأوهام!

 

 

وإنّا في الحديث لفي زمانٍ

 

 

يُقامُ الملْك جبرًا بالحرابِ

 

 

الرسول ^ قد ذكر لنا هذا الواقع، وأخبر أن الحكم في الإسلام سينقض ... روى أحمد وابن حبان والحاكم ، عن أبي

 أمامة مرفوعًا إلى النبي ^ قال: «لتنقضن عرى الإسلام عروةً عروة، كلما انتقضت عروة تشبَّث الناس بالتي تليها،

 فأوّلهنّ نقضًا الحكم، وآخرهن الصلاة» وثمة حديث آخر أيضًا يؤكد هذا المعنى ،يقول ^ كما عند أحمد وغيره:

«الخلافة بعدي ثلاثون سنة» وهي فترة الخلفاء الراشدين، قال: «ثم يكون بعد ذلك مُلْك» ، وحديث آخر يقول فيه ^

 –وقد رواه أحمد أيضًا-: «تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إن شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على

 منهاج النبوة، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم يكون ملك عضوض، ثم يرفعه الله إذا شاء أن يرفعه، ثم يكون ملك

 جبري ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعه الله إذا شاء أن يرفعه، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة.. ثم سكت» هذه

 الأحاديث  ذكر الألباني -في صحيح الجامع الصغير- أنها  صحيحة.

هذه الأحاديث تبين لنا المراحل التي سيمر بها الحكم في أمة الإسلام، وأنها بدأت بالنبوة والخلافة، وأن آخرها خلافة

 على منهاج النبوة، وما بين ذلك ملك عضوض وملك جبري، ويبدو أن الملك العضوض هو الملك الأُسري، وهو أن

 يُـحصَر الحكم في أسرة معينة يتوارثون الحكم توارثًا، تعضُّ الأسرة على الملك عضًّا، فالأب يوصي بولاية العهد لابنه،

 وعندما يموت يوصي ابنه لابنه من بعده وهكذا، وهذا حصل في بني أمية، ثم في بني العباس، ثم في الدويلات المتفرقة،

 مرورًا بالمماليك، ثم في الدولة العثمانية.

فلما انتهت هذه الأُسرية جاء الملك الجبري ــ أي بالقوة ــ المتمثل بالحكم العسكري، وهذا هو الحكم السائد في كثيرٍ من

 بلاد المسلمين اليوم، فمن تمكّن بالجيش والإعلام والاقتصاد آلت إليه السلطة .

نحن الآن في مرحلة الحكم الجبري بالإضافة إلى بعض أُسَر الملك العضوض و هي نادرة ، فالذي يقول لنا: عليكم

 بالديمقراطية؛ لأنها سوف تخرجكم من الاستبداد، ويحاول أن يقول: الديمقراطية لا تختلف مع الشورى، والشورى من

 روح إسلامنا، ومن ديننا؛ فلنسِر ْفي ركْب الديمقراطية حتى نزيل الاستبداد!

منازعة الحكام ما داموا مسلمين ليست من منهج الإسلام:

 نقول له: لو كان هنالك حرصٌ على النصوص وعلى كلام الرسول ^، لوجدنا أن هذه الأحاديث  -والتي ذكرنا منها

 أمثلة- تختصر لنا الجهود وتعطينا قراءة مسبقة للنتائج، وتخبرنا عن خيبة أملٍ للديمقراطيين  ... وهنالك أحاديث

 أخرى من ضمنها حديث فتنة الدهيماء، وهو يدل على أن الأمة تدخل في فتنة متمادية إلى حين ظهور المهدي.

وعند البخاري عن النبي ^ -في وصف هذه الفتنة- قال: «فتنة لا تدع بيتًا من العرب إلا دخلته» في أحاديث كثيرة

 تتضافر كلها لتبين أنه من الصعب أن يزول الاستبداد؛ لأن الله قدَّر هذا ابتلاءً للناس وتأديبًا لهم بسبب الانحرافات ،

 والرسول لا ينطق عن الهوى، و قدأخبرنا عن هذا الغيب حتى لا نتعب و نحرث في البحر، وحتى نوجه طاقاتنا إلى ما

 ينفع من الدعوة والنصيحة لأئمة المسلمين وعامتهم، وإلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و التواصي بالحق ،

 والتضحية من أجل ذلك أمام الجائرين من غير خروج عليهم أو هزٍّ لكراسيهم ما داموا مسلمين في الجملة ، وحتى

 نحْرِم الجائرين من دعوى حرص الدعاة على السلطة .                 ومن أحاديث الرسول الكثيرة التي تفيد تواتر

 هذاالمعنى  ، و تؤكد تواتر معنى اختلال الحكم ، وأن العلاج الشرعي هو ما ذكرتْه الأحاديث ، وليس النضال

 الديمقراطي ومن ذلك ما  في الحديث المتفق عليه:( و ألاّ ننازع الأمر أهله إلاّ أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله

 برهان) .  و قوله صلى الله عليه وسلم كما في المتفق عليه أيضا :( تؤدّون الحق الذي عليكم ، و تسألون الله الذي لكم) .

 و قوله كما في المتفق عليه  عن عدم منازعة أمراء الجور : ( لو أن الناس اعتزلوهم ) وقوله كما في المتفق عليه عن عدم

 الخروج عليهم : ( أن تلزم جماعة المسلمين  و إمامهم ) . و كما عند مسلم : (لا ما صلّوا ) . وكما عند مسلم أيضا : (

 فليكره ما يأتي ــ يعني الأمير ــ من معصية الله ، ولا ينزعنَّ يدًا من طاعة)  وكما عند مسلم : ( من أتاكم وأمركم جميع

 يريد أن يشق عصاكم و يفرق جماعتكم فاضربوه بالسيف كائنا من كان) وكما عند مسلم: ( أطعْه في طاعة الله و اعْصه في

 معصية الله ــ يعني دون خـروج ــ) و كما عند أحمد : ( والسمع والطاعة وإن تأمّر عليكم عبد حبشي) ...إلخ الأحاديث

 . و بسبب ذلك انتهى الحال إلى إجماع أهل السنة والجماعة على عدم الخروج على أمراء الجور إلا في حال كفرهم ،كما ذكر

 ذلك النووي وغيره ، ويكون الخروج بالجهاد وليس بالانتخابات ! ويتم الإعداد لذلك عند عدم توفّر القدرة ، ولا بد

 أن يكون الكفر بواحاً فيه من الله برهان ، بحكْم علماء راسخين مجتهدين  وليس بناء على نزوات سياسية .             وقد

 سئم الناس الروح التمردية الثورية التي لم تثمر سوى استهلاك طاقات الأمة ، وإذلالها أمام أعدائها......... و إنّ صبْر

الأمة على حكامها مع النصح لهم أهون من عواقب الصراع معهم ، وأهون من الصبر على مرارة الذل تجاه العدو ...

 والفِرَق الخارجة عن منهج أهل السنة والجماعة كالمعتزلة والخوارج لم يقيموا أيّ حضارة في التاريخ بناء على منهجهم في

 الخروج  والصراع، وتلاميذهم اليوم لم يغيّروا واقع أيّ بلد إسلامي إلى الأفضل ، في حين إن أهل السنة والجماعة هم

 الذين حكموا العالم الإسلامي على مدار القرون ، وهم الذين أقاموا تلك الحضارة العظيمة التي لم يشهد لها التاريخ مثيلا

 . وبصبْرهم على الحكام ومناصحتهم لهم وصدعهم بالحق خفّفوا كثيرا من الشرور وأصلحوا كثيرا من الأوضاع دون

 إضرار ، كما فعل الحسن بن علي رضي الله عنه والحسن البصري وأحمد بن حنبل وابن تيمية وابن حجر والشوكاني

  رحمهم الله وغيرهم من المجددين . ونحن في اليمن في هذا العصر على سبيل المثال ما حقّقنا المنجزات الحقيقية إلا

بالتفاهم مع الحكام ومناصحتهم وليس منازعتهم، ومن تلك المنجزات : مناهج التربية والتعليم ، و تمكين المدرسين

 الصالحين ، وإقامة المعاهد الشرعية في أنحاء البلد ، وهزيمة الشيوعيين في المناطق الوسطى ، وهزيمتهم كذلك في حرب

 الانفصال ، والتمكن في كثير من المساجد... إلخ . في حين إنه عندما تأجّج الصراع خسرنا كثيرا من تلك المكاسب .

 وألغـت السلطة المعاهد في بلدنا رغم أنه بلد محافظ خوفاً من الثقل الانتخابي للمنافسين ، في حين بقيت المعاهد

 الإسلامية في بلاد أخرى ، لأنه لاخوف منها في المنافسة السياسية كما في مصر وسوريا والسعودية ، وتمّ تعطيل كثير من

 المدرسين والموظفين الصالحين ، بسبب انتمائهم الحزبي ، خوفا من استغلالهم لمواقعهم في المنافسة السياسية ، وتم تشذيب

 المناهج الإسلامية في التربية والتعليم ، خوفًا من توظيفها سياسيا كذلك بزعمهم ، وجرى نزْع مساجد من أئمة صالحين

 بهذا المبرّر ، والمزيد من ذلك قادم... ومضت السلطة في تمكين من قد يعملون على نشر البدع الصوفية أو بدع الرفض،

 ليكونوا البديل بحجة ولائهم للسلطة وبُعدهم عن السياسة، مع أنهم في عمق السياسة ! وخطرُهم على وحدة الأمة ،

 وعلى السلطة نفسها كبير، ومن الأدلة على ذلك فتنة الحوثي .........والروافض ومبتدعة الصوفية في الجملة منسّقون

 ، لأنهم يسعون جميعا من أجل أن تكون السيادة والتقديس لعنصر معيّن .             فالصراع مع السلطة والمنافسة على

 كرسيها بحجة فسادها ــ مع أنها لا تزال في دائرة الإسلام ــ يفضي إلى هذه المفاسد وغيرها ، و يبقى الوصول إلى السلطة

 أحلاما وخيالات! ...والتنازع دومًا يضعف المتنازعين معاً و لا يأتي بخير ،ويكون سببًا لتمكين المبتدعة والعلمانيين في

 الداخل والارتماء في أحضانهم وفي أحضان العدو الخارجي المتآمر المتربص ، قال تعالى: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب

 ريحكم) ...

لو أن مركزًا من مراكز الدراسات الاستراتيجية المشهورة أصدر نشرة ودراسة تتضمن قراءة مستقبلية للنتائج المتوقعة

 واستنتج أن المحاولات الديمقراطية ستنتهي لا محالة إلى حضيض الفشل، سيقول الناس: هذا تحليل ٌمعتبر... وسواء

 كان هذا التحليل من مركز دراسات، أم من فيلسوف، أم من خبير سياسي، أم من بروفيسور أكاديمي، فإن الناس

 يتفاعلون مع أمثال هؤلاء، ويعظِّمون ما صدر منهم من كلام.

إن الذي قال هذا الكلام وأخبر بتلك النتيجة هو أعظم من هؤلاء جميعاً ... هو رسول الله ^ ... أليس حريًّا بنا أن نثق

 بما جاءنا به ...؟ إن الذي أطْلعه على ذلك هو الله علام الغيوب سبحانه، وإن إهمال ذلك إنما سببه الجهل وغياب

 اليقين، والإغراق في التبعية، فيا ليت الناس يعقلون! والرسول عليه الصلاة والسلام أعْلَمه ربه بذلك رحمةً بالمسلمين ،

 والرسول كذلك حريص عليهم ، فهل نقدِّر قيمة هذه المعلومات التي لا تُقَدَّر بثمن ، والتي يصدقهاالواقع ؟!

وبدلًا من أن نحرث في البحر؛ فإن المفروض أن نلتزم بمقتضاها و نثق بها ؛ كما يثق كثيرون بأقوال الفلاسفة والخبراء ،

 بل ثقتنا بها أشد، والتزامنا بكلامه ^ أعظم ، فهو الذي بلّغ الرسالة و نصح الأمة  . وقد بيَّن لنا ــ فيما نحن بصدده ــ

 أنه لا  يزول الاستبداد  إلا عندما تعود الخلافة التي هي على منهاج النبوة في آخر الزمان.

و الخلافة لن تعود  بالطريقة الديمقراطية الدخيلة ، لأنها ستعود على منهاج النبوة ... والديمقراطية ليست من منهاج

 النبوة قطعًا كما هو معلوم.

 

وإنّا في الحديث لفي زمانٍ

 

 

يُقامُ الملْك جبرًا بالحِرابِ

 

 

ملك جبري، سواءً كان شعاره ادّعاء الشورى أو كان شعاره  ادّعاء الديمقراطية ...ولا يمكن أن تتحقق الخلافة في زمان

 الملك الجبري، والواقع خير شاهد ... أعطوني دليلًا واحدًا على حكم إسلامي رشيد أو خلافة راشدة قد قامت طوال

 هذه الفترة...

كم قضت أمتنا الإسلامية في هذه الدوامة ؟!!

وقد جزَم َالرسولُ فلاَ مجالٌ

 

 

لِتَنْظِيرٍ وأحلامٍ كِذَابِ

 

 

 وقد جزم الرسول كما في الأحاديث بالمراحل السياسية للأمة ، وجاء الواقع مصدّقًّا له ،فكان ذلك معجزة له عليه

 الصلاة والسلام.

فلا مجال لتنظيرٍلهؤلاء المنظِّرين!

  ولا لأحلامٍ كاذبة!

 واقع الديمقراطية في الأقطار الإسلامية :

من المعلوم أن النظريات لا توصف بالإيجاب إلَّا إذا أثبت الواقع جدواها، فهل أثبتت الديمقراطية في الديار الإسلامية

 جدواها في إصلاح الأوضاع؟

هذه بعض الأمثلة التي تتحدث عن واقع الديمقراطية :

 

سَلُوا مصرًا سَلُوا الأخوانَ فيها

 

 

سَلُوا الأردنَّ في العمل النيابي

 

سَلُوا الأتراكَ واليمنَ المعنَّى

 

 

وما جَنَتِ الجزائرُ من مُـصابِ

 

إخوان مصر:

كم عُمْر دعوة الأخوان في مصر؟ عشرات السنوات... و رغم الإيجابيات التي حققوها فهل نفعتهم  الطرق الديمقراطية

 التي يتيحها النظام على طريقته ما بين وقت وآخر ؟ و هل أصلحوا الوضع وعدّلوا في الحكم في مصر؟... ما بين وقت

 وآخر يأخذهم سلاطين الجور وملوك الجبر إلى السجون  !

 ... وقد يقول قائل: الأمر سهل، وما علينا إلا الصبر ولو طالت المدة، نقول له: أليس الله يقول: ( لقد كان لكم في

 رسول الله أسوة حسنة)  [الأحزاب:21]، والرسول ^ أقام الحق والعدل خلال ثلاث وعشرين سنة، وبدأ من الصفر،

 وكان الناسُ إذ ذاك كفارًا أجمعون، فأقام بهم الحق والعدل ، بل أقام الإسلام كله خلال ثلاث وعشرين سنة، ومعناه أنه

 عندما يقول الله لنا: ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)   أي: أنه يمكن أن يتكرر مافعله الرسول؛ وذلك إذا مشى

 الناس في الطريق الصحيح، بمعنى أنه يمكنهم أن يعيدوا الحق في خلال هذه الفترة أو أقل؛ لأن الرسول -كما قلنا:-

 بدأها من الصفر، أما اليوم فالمسلمون كثيرون، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أننا نمشي على الأقل في هذا الجانب

 في غير الطريق الصحيح، تمامًا مثلما لو أنك تريد أن تتجه جنوبًا فمشيت جهة الشمال؛ لن تصل حتى تدور على الكرة

 الأرضية... هذا إذا تمكنت من مواصلة السير ، حتى ولو قلت: الأمر سهل.. ولو في الجيل الثاني. هذا كلام غير دقيق،

 فالإسلام منهج يمكن إقامته في جيل كما فعل ذلك النبي القدوة صلى الله عليه وسلم، إلا أنه في مجال الحكم سوف يظل

 الحكم جبرياً؛ لأن النبي القدوة أخبرنا بذلك، ولكن يمكن الإصلاح في المجالات الأخرى ، ويكون النظام عموماً

 إسلاميا ،ويبقى العيب محصورا في ذات الحكم الجبري ،  تـماماً كما كان الحال في القرون الإسلامية الماضية التي ساد فيها

 الملك العضوض ، ولكن كانت الشريعة مطبَّقة ، وبقي العيب محصورا في ذات الملك العضوض ... بل وجدت فترات

 مشرقة كمافي عهد عمر بن عبد العزيز و عهد صلاح الدين وعهد قطز وعهد أورانك زيب وعهد الفاتح ... إلخ .

إن تعثُّر الإصلاح اليوم ــ مع أن الإصلاح النسبي ممْكِن مع بقاء الملك الجبري ــ إنما هو بسبب المنهج الديمقراطي الذي

 يُـسَوِّي بين العلماء والجهال، ولا يقبل بمرجعية العلماء وحْدَهم ، حتى في الحركات الإسلامية، فصوت العالم كصوت

 غيره في مجالس الشورى  في القضايا الشرعية.

التجربة الديمقراطية في الأردن:

وصل الإخوان في مرحلة من المراحل الانتخابية في الأردن إلى أن كان رئيس مجلس النواب ــ عبد اللطيف عربيات

 منهم ... فماذا صنعوا؟! المفترض أن يحصل تطور في المرة التالية ... فكما كان رئيس مجلس النواب منهم في المرة الأولى

 ففي الدورة القادمة يكون رئيس الوزراء منهم مثلا ... لكن ما هو الذي حصل؟! غيّرت السلطة قانون الانتخابات

 وفرّقوا الناس، وتراجع الإخوان إلى الخلف ! وذلك لأن السلطة لما رأت تفوّق الإخوان نسبياً وبصورة محدودة عزمت

 على عدم تمكينهم من العودة المحدودة مرة ثانية؛ لأن الملك الجبري لا مفر منه.

مآسي الأتراك الديمقراطية:

تركيا؛ لا يوجد تزوير فيها -في الظاهر- بدليل صعود حزب أربكان مرتين، مرة في السبعينيات، ومرة في التسعينيات،

 لكن هل استمر أربكان مع أنه قدم  منجزات و خدمات  ؟  كلاّ !  ... في المرة الأخيرة أراد أن يؤسس منظمة الدول

 الثماني الكبرى في العالم الإسلامي: تركيا، مصر، باكستان، نيجيريا، إندونيسيا، ماليزيا، السعودية، إيران، أسوة بالدول

 الثماني الصناعية الكبرى، إذ إن هذه الدول الإسلامية صناعية إلى حدّ ما ... هذا بالنسبة للسياسة الخارجية . 

أما بالنسبة للسياسة الداخلية فقد رفع المرتبات (100%) ... من أين وفَّر هذا المال كله؟! لم يحمّل الشعب أية ضرائب،

 وإنما وفّر الأموال التي كانت تئول إلى الفاسدين ،ورفع -جرّاء ذلك- المرتبات (100%).

فماذا كانت النتيجة؟

 مع تساهله، وتطبيقه للديمقراطية... ومن  تساهله زيارته لضريح أتاتورك، وأنه جعل نائبته امرأة، واسمها تانسو

 تشيلر، ومع انفتاحه في مجالات عديدة ... رغم  ذلك ... ماذا صنعوا له؟

استمر تسعة أشهر فقط في المرة الأخيرة ... ويا ليتهم أسقطوه ليعود إلى بيته!

لا ... بل حاكموه وأدخلوه السجن، بدعوى أنه مجرم، وما زالوا به حتى دمروا حزبه... وعاد وأسس حزبًا ثانيًا  ثم

 حزباً ثالثاً ... والمهم تجارب بلا جدوى!

فاسألوا الأتراك ما هي تجربتهم في الديمقراطية؟

قد يقول قائل: الآن حزب العدالة والتنمية يحكم تركيا، منذ  سنوات ، وهو حزب إسلامي.

نقول لهم: نعم، رجب أردوغان تلميذ من تلاميذ أربكان، و ذات مرة أجْرت قناة الجزيرة مقابلة مع أربكان استمرت

 أكثر من ساعة، فشَرَّح أردوغان  تشريحًا وهاجمه مهاجمةً ،وبيّن خطورة فكره،وضرر طريقته ... و نسأل: لماذا سكت

 الغرب والجيش التركي عن أردوغان، مع أن الجيش التركي يسيطر عليه العلمانيون؟  و مع أن الغرب لايمكن أن يقبل

 تركيا في حلف الأطلسي وقد صار يحكمها الإسلاميون؟  الجواب : لأن الرجل رفع شعار الإسلام ...لكنه في الواقع طبق

 العلمانية .

وأنا سمعت بأذني وزير خارجيتهم يتكلم إلى إذاعة لندن في مقابلة بلغة عربية ركيكة، يقول له المذيع: أنتم

الإسلاميون...!

فأجاب: من قال لك إننا إسلاميون؟ نحن علمانيون !  ... ثم فيما بعد ساعدوا أمريكا في دخول العراق ... والبرلمان ــ

 وهم يشكِّلون أغلبيَّته ــ سمح لقوات التحالف بمرور الطائرات جوًّا إلى الموصل، وكذلك سمح للصواريخ أنْ تقصف

 العراق من البحر المتوسط وتمر عبْر تركيا، وبعض هذه الصواريخ سقطت داخل تركيا خطأً.

وأمريكا ترتاح -طبعًا- لمثل هذا النظام؛ إذ إنه باسم الإسلام تُنَفَّذ المخططات الأمريكية !

وفي مايو (2004م) عُقد مؤتمر دول حلف الأطلسي في اسطنبول في تركيا، وحضره رؤساء دول الحلف بمن فيهم

 الرئيس الأمريكي، وسمعت في حينه أن الرئيس الأمريكي مدح هذا النظام ... وقال: هذا هو النظام العلماني الإسلامي

 الذي نريد أن نعمّمه في العالم الإسلامي ! هكذا قال ... ومن أراد التأكد فعليه بالرجوع إلى الصحف الصادرة في ذلك

 الوقت  .      قد يقول قائل هذه التسهيلات تقوم بها كثير من دول المنطقة الإسلامية ، فلماذا تكون مستنكَرة فقط من

 حكام تركيا؟... ونقول: إن الآخرين لا يستعلنون بالعلمانية ،  ولا يُفلسِفون الممارسات العلمانية  بأنها قمّة الحكمة

 السياسية الناجحة المفيدة للإسلام !

هل يستطيع هذا الحزب  الحاكم في تركيا أن يسمح مثلاً بالحجاب فقط؟! ...الحجاب الذي ذكرنا أن فرنسا منعتْه ... كان

 مسموحًا به في فرنسا والغرب كله إلى أن جاء القانون أخيراً في فرنسا فمنعه، أما في تركيا فهو ممنوع من زمن أتاتورك ...

 هذا الحزب  لديه أغلبية مريحة في البرلمان  ويستطيع أن يصدر أيّ قانون ، بل ويستطيع أن يعدّل الدستور، بل عدّله فعلاً

لإزالة بعض الموانع  من طريق أردوغان حتى يتولّى شخصيًّا رئاسة الوزراء ...  لكنهم لا يستطيعون أن يقولوا للناس

 أنتم أحرار في مسألة الحجاب مثلاً !  النساء ملزمات بالتبرج  في الأعمال ... في المدارس ... في الجامعات ...   بل حتى لو

 كانوا يطبقون الديمقراطية التي تزعم الحرية الشخصية!  ...فأين الحرية الشخصية وهم يتدخلون في ملابس الشخص؟!

 لقد حاولوا إصدار قانون لتجريم الزنا من أحد الزوجين أثناء فترة الزوجية فتصاعدت الاعتراضات  فأوقفوا القانون !

 أصبحت العلمانية إرهابا ورعبا يمنع من أدنى إظهار رسمي للالتزام بالدين ... وبسبب ذلك أُعدم مندريس رئيس

الوزراء الأسبق ، واغتيل على الراحج أوزال رئيس الدولة الأسبق  وأُسقط أربكان من رئاسة الوزراء مرتين وسُجِن ...!

   والحزب الحاكم الحالي بزعامة أردوغان مرتَهَنٌ لذلك ، وإن كان حاكما فهو في الحقيقة محكوم  ...إنه مُلْكٌ جبري علماني

 تطوّر فيه الجبر إلى أن خضع له الحكام أنفسهم! فأيُّ أمل للتغيير يبقى بعد ذلك فيهم؟! و متى سيكون هذا التغيير؟!

 والرسول صلى الله عليه وسلم ذكر أن القسطنطينية ( اسطنبول) سوف تفتح في أيام المهدي كما في الحديث الذي عند

 مسلم ، مما يوقع في الذهن أنها ستبقى على علمانيتها إلى ذلك الحين  .

ولذا فإن الغرب يرضى أن يقوم حزب باسم الإسلام ويطبق العلمانية  ... ليس العلمانية التقليدية التي لاتتدخل في

 خصوصيات الناس ... وإنما العلمانية التعسفية الجبرية المفروضة على الحكام والمحكومين   !   مع أن الحكام ليسوا

 مُجـبَرين على أن يكونوا حكاما  على كل حال كما هو معلوم...    فهذا الوضع الذي اختار فيه هؤلاء الحكام أن يحكموا ــ 

 بل في الحقيقة أن يُحكَموا (بفتح الكاف) بالعلمانية  ــ مكسب بالنسبة للغرب، ولذلك يريد الغرب تعميمه على العالم

 الإسلامي كما قال الرئيس الأمريكي !                                                 قد يقال في تونس ونحوها يمنعون الحجاب

 ويحكمون بالعلمانية ، فلماذا لا يتعرضون منكم لمثل هذه الحملة  ؟ نقول هؤلاء مفروغٌ منهم ، ليس لهم وجهان : وجه

 علماني ووجه إسلامي ... بل وجْههم علماني واحد عند الجميع ... فهم لا يقولون في الخفاء عند المتديّنين و عند

 التنظيمات الإسلامية بأنهم يخدمون الإسلام بالممارسات العلمانية! ولا يشكِّلون بفعلهم فتنةً لبعـــض الناس


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله ^: «إن أمام الدجال سنين خداعة يكذَّب فيها الصادق، ويصدَّق فيها

 الكاذب، ويخوَّن فيها الأمين، ويؤتمن فيها الخائن، ويتكلم فيها الرويبضة» قيل: وما الرويبضة؟ قال: «الفاسق يتكلم في أمر العامة»

 رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في الأوسط..مجمع الزوائد (7/284).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 وبعض القيــــــــــادات!     ثم مَن هُم العلماء المعتبرون الذين يفتون بخدمة الإسلام بهذه الطريقة العجيبة في تركيا

 التي لم يسبق لها مثيل ؟!  وإلى مدىً ليس له ضوابط ولا نهاية منظورة في الأفق ؟!         قد يكون الشعب يجد في هؤلاء

 الحكام نزاهة ،ويعيش في ظلهم في رخاء اقتصادي ، ويَلْقَى متنفَسًا  في بعض المجالات ... ولكن هل يجوز أن يكون ذلك

 على حساب تديُّن الحكام أنفســـهم ؟  و على حساب تفريطهم بالمبـادئ القطعيــــــــــة في العقيـــــــــدة و في الممارسة

 اليومية رسميا على الدوام ... في مقابل مصالح محدودة موهومة ؟ وهل الغاية تبرر الوسيلة؟ وهل يجوز شرعًا الحكم

 بالعلمانية (وهي كفْر) من أناس مسلمين ، ويعلنون في المناسبات أنهم علمانيون ، ويستمرون على ذلك إلى أجل غير

 مسمى ؟! مع إغفال الفريضة الأصلية في مثل هذه الأحوال وهي الإعداد والجهاد ؟!

( هذا الكلام الذي تحت عنوان مآسي الأتراك الديمقراطية تم التراجع

 عنه مؤخرا انظر http://www.ssadek.com/jomaa/fth1.htm )

                                                                                                               

                    

ثمار الديمقراطية  في اليمن والجزائر:

في اليمن -أيضًا- ماذا جنَيْنَا؟     منكرات ومنكرات ...        اختلالات  و انحرافات ... جرعات وابتلاءات ... ضاق

 الناس  ... هل استطاعت الأساليب الديمقراطية أن تخفّف شيئا من ذلك ؟!...

ماذا جنَتْ الجزائر؟! لا زالت الديمقراطية تريق الدماء وترتكب أبشع الجرائم إلى اليوم.

 

أما تكفي تجاربُهم دروسًا

 

 

ليرتدعَ المؤمّلُ بالسرابِ

 

بلى إن في ذلك لكفاية لمن كان له وعيٌ وإدراك ... ونسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه               .      
الحقيقة الشرعية الكاشفة لضلال الديمقراطية:

 

وَزِدْ يا صاحِ فالمِقراطُ نهجٌ

 

 

يناقضُ غيُّهُ نهْجَ الكتابِ

 

 

المقراط، أي: الديمقراطية، نهْجٌ، أي: منهج.

والمعنى العام للبيت: أن الديمقراطية تختلف مع الكتاب –وهو القرآن- كما تقدم، ونضرب أمثلة للمناقضة:

 - القرآن لا يسوِّي بين الرجل والمرأة في كل شيء... والديمقراطية تجعل الرجل والمرأة سواء؛   في الانتخابات ...في

 المناصب ... في مخالطة الآخرين والتعامل معهم ...وفي كل شيء.

- القرآن لا يسوي بين العالم والجاهل، يقول تعالى: ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)  [المجادلة:11].

 في الديمقراطية صوْت العالم وصوت الجاهل سواء ، في الانتخابات...  في داخل قبة البرلمان...  في اللجان ... في مختلف

المسئوليات ... هما على بساط الديمقراطية سواء ... كلاهما مواطن ... أما في الإسلام وفي الكتاب والسنة فلا توجد هذه

 المساواة  بين الجهلة وبين العلماء .

- التشريع في الإسلام لله ...  في الديمقراطية للبرلمان  أن يشرع ما شاء، حتى إن البرلمان صوَّت في بريطانيا و في غيرها

 على إباحة الشذوذ الجنسي -الزواج المثلي- فالرجل يتزوج برجل، والمرأة تتزوج بامرأة  !... الإسلام لايجيز لأحد أن

 يشرع من دون الله  مطلقًا... فكيف بمثل هذا الانحدار الذي لا يوجد في عالم البهائم ؟! الله يقول: ( أم لهم شركاء

 شرعوا لهم من الدين مالم يأذن به الله)  [الشورى:21]... في الإسلام لا شرْع إلا ما شرعه الله ... أجاز الإسلام الاجتهاد فقط،

 والاجتهاد إنما هو للعلماء المجتهدين، وليس لأي أحد، وليس في كل شيء، إنما هو في غير ما نص الشرع عليه، أو في

 طريقة تطبيقه على مستجدات الحياة ... لكنْ في البرلمانات ... كلهم يجتهد ويشرِّع، وكل شيء قابل للنقاش ويحسمون

 القول فيه بالتصويت، وهذا -أيضًا- من الأمور التي تتناقض فيها الديمقراطية مع الإسلام.

في ظل الديمقراطية في بلاد المسلمين يُستبعد أن يشرِّعوا للزواج المثلي ...لكنهم يشرعون مثلاً لإباحة الربا، وإباحة

 المنكرات السياحية، وإباحة المنكرات الإعلامية والإعلانية ، وحرية الانحرافات العقدية والفكرية ، ومساواة الرجل

 بالمرأة، ومنع المسلم الذي ليس من أهل البلد من حقوق المواطنة ما دام لا يحمل جنسية البلد ، ومنع رفع الدعاوى

 الجنائية أمام المحاكم إلا بانضمام المدعي لزاماً للنيابة ، وإلغاء عقوبات الحدود الشرعية أو بعضها ... وهكذا.

- التداول للسلطة... هل في الإسلام تداول للسلطة؟... مع من تداول أبو بكر؟ وعمر مع من تداول؟ وعثمان مع من

تداول؟ وعلي مع من تداول؟ والرسول صلى الله عليه وسلم ماذا قال؟ قال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين»...

 هؤلاء الراشدون سنّوا هذه السنة وهي عدم التداول ... و الله تبارك وتعالى يقول: ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار

 والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه) [التوبة:100]، وهذا يعني أن الله لا يرضى عنا إلا إذا اتبعناهم.

هذا التداول غريب على الإسلام، ثم إن فيه إنهاكًا للشعوب، فالحاكم مع الأيام يزداد خبرة، ويزداد معرفة... وعدم

 إعطائه الفرصة للاستمرار يُفوّت على الأمة خيرهُ وفكرهُ وتجاربهُ ... في الإسلام لا نغيّره إلا بسبب يقتضي تغييره؛ إما

 جنون، أو ردة عن الإسلام، أو أسْر بحيث أصبحت عودته صعبة جدًا، ففي مثل هذه الحالات يغيَّر... أمّا في الأصل

 فهوأن يبقى حاكماً على ما هو عليه ما دام في دائرة الإسلام ... لا وجود لهذه الدورات الانتخابية المتلاحقة المستمرة ...

 ثم في الواقع في بلاد المسلمين -كما قلنا- هل حصل بواسطة الديمقراطية التغيير فعلًا؟

وهل تم هذا التداول؟

لم يحصل من ذلك شيء، وإنما الحاصل إتعاب الناس وإتلاف الأموال ... فلماذا إذن لا نترك الحاكم يبقى -ما دام أنه لن

 يتزحزح لا بديمقراطية ولا بغيرها- ونقول له فقط: احكُمنا بالحكم الإسلامي الصحيح، وأْمرْ بالمعروف وانْهَ عن

 المنكر... ونستمر نطالبه بهذا ،ونُطَمْئِنه أنا لانطمع فيما في يديه ... فلو اطمأنّ الحكام على كراسيهم لربما نفع فيهم

 النصح، ولعلهم يستجيبون لمطالب الناس،أو نكون قدأبرأنا ذمتنا ... و مع المثابرة لا بد أن يتناقص المنكر ، وهذا منهج

 كبار أئمتنا مع الحكام على مدار القرون ــ لا يخرجون عليهم ما داموا في دائرة الإسلام ــ بل يجتهدون في مقاومة المنكرات

 ، ومن هؤلاء الكبار ابن عباس والحسن وابن حنبل وابن عبد السلام والنووي وابن تيمية و ابن حجر وابن الأمير

 والشوكاني ، وقد أصلحوا إصلاحات كثيرة  ، و استقر إجماع أهل السنة على ذلك  ، ولم يشــــــذَّ في تجويز الخروج على

 الحاكم المسلم إلا المبتدعة كالخوارج والمعتزلة... وهذا هوديننا قبل كل شيء. والله حافظٌ دينه ، ولن يضيع ، والمهمّ هو

 أن نحافظ نحن على الالتزام بهذاالدين ،فمصلحتنا الحقيقية في ذلك ولانخلط به غيره، ولا نلفّق معه المستوردات

 كالديمقراطيـــــــــة      ، أو أفكار المبتدعة وعلينا أن ننقله إلى مَن بعدنا نقياًّ كما وصل إلينا .

هذه بعض الأمثلة التي تتناقض فيها الديمقراطية مع منهج القرآن.

 

دِمُقْراطيةٌ وردتْ شعارًا

 

 

مزيَّنةً.. مزيَّفةَ الثيابِ

 

 

البهرجة الإعلامية والهالات البرّاقة والوعود الخلاّبة التي يضفيها أساطين الدعاية على المرشحين  الذين راهنوا ــ

 بأموالهم أو بأموال أحزابهم أو بالأموال المقدمة من أطرافٍ - على الفوز.. .  إنما هي شِراكاتٌ نُصِبتْ لصيد أصوات

 الناخبين، والاستحواذ على إعجابهم، وتمنيتهم بالغد الزاهر، وأحلام اليقظة!!

تخادعُ كلَّ قومٍ كل يومٍ

 

 

بألفاظٍ منمّقةٍ عِذاب

 

 

الألفاظ والشعارات والشارات الديمقراطية بلا حساب  ...و الناس كلَّ يوم تزداد أحوالهم سوءًا.

يسَاوَى الوغْدُ والمرتدُّ فيها

 

 

بأكبرِ عالمٍ بل بالصَّحابي

 

 

قد يكون هناك علماني، فتساوي الديمقراطية بينه وبين العالم الكبير في التصويت، بل لو أن صحابيًا جاء ليشارك -

فرضًا- ماذا سيقولون له؟

سيقولون: أنت مواطن! وحقك مثل حق أي مواطن آخر! لا فرق بين المواطنين: مسلمين كانوا أم غير مسلمين، متدينين

 أم غير متدينين، جاهلين أم علماء.. .

بل التدليلُ بالقرآنِ رأيٌ

 

 

يساوي أيَّ رأْيٍ في الخطابِ

 

 

لو قال شخصٌ ما   في البرلمان قال الله: ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا مابقي من الربا إن كنتم مؤمنين* فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله

ورسوله)  [البقرة:278-279]، لو فعل ذلك، وقال لهم: يا جماعة! اتقوا الله! لقالوا له: تفضل اطرح رأيك على القاعة

 للتصويت ... و هذا يعني أن الاستدلال بالقرآن يخضع للتصويت ! بدليل أنه لا يوجد برلمان تقريبا في العالم الإسلامي

 استطاع أن يلغي بنكًا من البنوك الربوية ، أو قانونا مخالفا للشرع ... فإذًا يصبح الاستدلال بالقرآن  كأنه رأي من الآراء

يخضع للتصويت، ومراعاة المصلحة  كما يزعمون.

اطّراح الديمقراطيين للشريعة:

يقولون: الشريعةُ نفتديها

 

 

ويُثْخِنُها الذئابُ بألفِ نابِ

 

 

دعوى عريضة ... يقولون: الإسلام ديننا وشريعتنا ... وفي وقت التطبيق كل واحد يمزق الشريعة من جهته !

 قوانين البنوك ...  اتفاقيات القروض الربوية ... سياسات مكافحة الالتزام والتديُّن ... خِطَط تجفيف التمويل الخيري

 ...  استراتيجيات محاصرة وخنق التعليم الشرعي ... التحالفات المتربصة بالأبرياء ( تحت ستار مكافحة الإرهاب) ...

 من الذي شرعها وأمثالها في الجملة وسايَرَها إلاّ البرلمانات في العالم الإسلامي ؟  ... أليس هذا إثخانًا في ا لشريعة

 وتمزيقًا لها؟.                                            الإنسان إذا أكل مالًا حرامًا –كالربا مثلًا- ما هي النتيجة؟

النتيجة هي ما قاله الرسول  ^ كما في مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه :  «أيها الناس! إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا،

 وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين؛ فقال: ﴿يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم

 وقال: ﴿يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمدّ يديه إلى السماء: (يا

 رب! يا رب!) ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك»  . .. يكون الإنسان في

 أمس الحاجة عندما يكون في سفر لأنْ يستجيب الله له دعوته -والسفر من المواطن التي تستجاب فيها الدعوة كما في

 الأحاديث الواردة في ذلك- فإذا كان هذا الإنسان آكل حرام فأنى يستجاب له؟ أُغلقت أبواب السماء أمام دعائه بسبب

 الحرام، والربا من أكبر المحرمات والعياذ بالله!  ...فالتشريع للربا وحدَه  من الإثخان في الشريعة .

 أيضاً ... قوانين الجنسية وحق المواطنة... يقولون: لا يمكن أن يوظف إلا ابن البلد، ولا أن يتملّك إلا ابن البلد، وسائر

 الحقوق لابن البلد... وأما سائر المسلمين فهم أجانب...!!

من الذي يضع هذه القوانين في العالم الإسلامي؟

إنها البرلمانات ... هل هذا من الدين؟ ! ...وقد كان في الماضي يولد الشخص في الأندلس ويتولى القضاء في مصر أو في

 الشام؛ لأنه مسلم، وجنسية المسلم عقيدته، لكن القوانين الآن -قوانين الجوازات والجنسية-  قوانين تخالف الشريعة ...

الشريعة تقول: أنتم إخوة، والبرلمان يضع قوانين تقول: لا يمكن أن يتولى مدير أو وزير من بلد لا يحمل جنسية البلد؟

 ... و قد يكون المؤهل الكفْءُ مسلِمٌ من بلدآخر... فأين هذا من الشريعة؟

في بعض البلدان محاربة للحدود والقصاص ويرفضون إثباتها في القوانين، فمن يسن هذه القوانين؟! إنها البرلمانات.

 

وفي التصويت حسْمٌ واختيارٌ

 

 

وكم حَسَمُوا بإسقاطِ الصوابِ

 

 

اتخذوا التصويت ملجأً لحسم الخلاف، وعبْره يتم الاختيار والانتقاء للضلالات التي يريدونها.

وكم حسموا – أثناء التصويت-  بإسقاط الصواب الموافق للكتاب والسنة وإثبات الضلال.

فهل قد أصبح المقراطُ ربًّا

 

 

وفي القاعاتِ يُعبَد بالنصابِ

 

 

هذا تساؤل : هل الديمقراطية قد أصبحت ربًّا؟ عندما تجعل الحكم للقاعة لا لله  !... مع أن الله يقول: ( إن الحكم إلا

 لله)  [الأنعام:57]، ويقول: ( ألا له الخلق والأمر)   [الأعراف:54].     إن الحكم لديهم بالأغلبية، وهو النصاب الذي ينبني

عليه إصدار حكم أو تشريعٍ ما ... وهذا التساؤل مأخوذ من التساؤل في قوله تعالى: ( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين

مالم يأذن به الله)  [الشورى:21].

وهل هو سافرٌ عند النصارى

 

 

وعند المسلمين مع الحجاب ؟!

 

 

النصارى لا يبالون بهذا التعدي على الدين ، والباب لديهم مفتوح، وبكل صراحةو وقاحة.

وعند بعض المسلمين مع الحجاب... يمارسون التلبيس ... يقولون: نحن نمارس ديمقراطيتنا الشوروية في ضوء الإسلام

 ... وتجد في النهاية تشريعا وتقنينًا لكل الضلالات .

 

                                                                                                                                                   

تصحيـح مفهومات:

وبالشورى يشَبِّهُهُ أُناسٌ

 

 

وأين التّبْرُ من أدنَى التّرابِ ؟!

 

 

بعض الناس يشبِّه الديمقراطية بالشورى وبنظام الحكم الإسلامي..

 وأين التبر من أدنى التراب ؟... أين الذهب من أدنى أنواع التراب؟!

لا وجه للمقارنة... فالشورى منهج رباني شرعه الله سبحانه، والديمقراطية منهج وضعي ... وهل نُساوي تشريع

 الخالق بتشريع المخلوق؟... إن التسمية بالديمقراطية الشوروية تلبيس لا يغيّر من حقيقة الأمر شيئا !

 

يجاُرِي نهْجَهُ نَفَرٌ نفيرٌ

 

 

مجاراةً لتخفيفِ الخرابِ

 

        

نهج الديمقراطية يجاريه الكثير من الناس. 

مجاراة لتخفيف الخراب ...  بعض الدعاة يجارون الديمقراطية بحجة التخفيف من الشرور.

فهل خففوا شيئًا من معاناة الشعوب؟

هل خففوا من الابتزاز؟

هل خففوا شيئًا من المنكرات فأزالوها؟

الواقع أنه لا يوجد أي تخفيف، و الأمور تزداد سوءًا.

 

فَطَورًا قدَّروا في الصمت عذرًا

 

 

وطورًا في مسايرة الرِّكَابِ

 

 

أحيانًا تُظِلم الدنيا عليهم فيقولون: نفد الصبر؛ في هذه المرة نقاطع الانتخابات، وكم من أحزاب إسلامية تعلن أن لا

 فائدة في المشاركة، ويقولون: هذه المرة نصمت ونقاطع.. ونحن معذورون.

وقد حصل في الأردن أنهم قاطعوا  ذات مرة ... ومرةً في مصر، وتستمر المقاطعة فترة ؛ ثم إذا بالشهية ترجع من جديد

 للممارسة الديمقراطية طمعًا في إقامة الحكم الإسلامي!!

وطورًا في مسايرة الركاب ... يرجعون من جديد ... يرجعون  إلى تلك الحلقة المفرغة.

 

وطورًا يُقْحَمُ الإرهابُ قَسْرًا

 

 

ولا يَخْلو الجهادُ من المصُاَبِ

 

 

بعض الدعاة الإسلاميين في بعض الأحيان من أجل أنْ يظهر أنه ديمقراطي،  لكي يُسمح له بالمشاركة في الانتخابات،

 والاعتراف بحزبه- يقول: لابد أن نهاجم التطرف ونهاجم التزمّت، ونهاجم الإرهاب، ونشجع الرأي والرأي الآخر،

 ويأتي بشعارات من هذا القبيل، فيهاجم الإرهاب، مع أنه يعلم أن الإرهاب في مفهوم الغرب معناه (الجهاد والتديُّن

 الجادّ ) باختصار.

ولا يخلو الجهاد من المصاب ... تنزل المصيبة على الجهاد والتدين بألسنة من ينتسبون إلى الصف الإسلامي ...!

    المجاهدون في الشيشان... في كشمير... في فلسطين ... في العراق ... في أفغانستان... هؤلاء إرهابيون في المنطق

الديمقراطي  ... وإسرائيل والنظام في العراق والنظام في أفغانستان أنظمة ديمقراطية ...

وتمضي المنكراتُ بِلاَ أناةٍ

 

 

وتُسرِعُ بالجميعِ إلى تَبابِ

 

 

منكرات ماضية باستعجال.

     وتسرع بالجميع إلى تَباب المنكرات تقود الناس في النهاية إلى الهلاك -والعياذ بالله- وإلى العقاب، يقول الله

سبحانه: ( واتقوا فتنة لاتصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب)  [الأنفال:25] نحن منشغلون بالسياسة

 والديمقراطية والانتخابات.. والمنكرات ماضية.

 خطورة السكوت عن المنكرات:

ونهْيُ المنكراتِ بهِ نَجَاةٌ

 

 

ولكنَّ المُجَارِيَ كم يحاَبِي

 

 

النجاة الحقيقية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال جل وعلا: ( فلما نسوا ماذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء)

   [الأعراف:165].

ولكن المجاريَ كم يحابي كم يجامل؟

 الكثير من الناس سكت عن المنكرات ، وتغيّرت لغته الإسلامية وابتعد عن المصطلحات الشرعية ـ ولاسيما في البرامج

 الانتخابية ـ من أجل الديمقراطية هل تجدون الذين رضوا باللعبة الديمقراطية -في بلاد المسلمين من الأحزاب

 الإسلامية- يتكلمون مثلاً على الخمر، أو على الملاهي؟ أو على الفساد في السواحل والإعلام؟ هل يتكلمون على الذين

لا يؤدون الصلاة؟

تجدون في هذه البلدان في يوم الجمعة أن الشوارع مليئة والأسواق مليئة، ولا يوجد حزب من الأحزاب الإسلامية يتبنى

 دعوة الناس للمسجد لصلاة الجمعة ونهيهم عن هذا المنكر، ويقول: يا ناس! أغلقوا الأسواق في وقت صلاة الجمعة

  حتى في يوم واحد من الأسبوع في صلاة الجمعة لا يوجد من يفعل ذلك!

بعضهم يقولون: نحن عندنا أغلبية طلابية وأغلبية في أساتذة الجامعات حسنًا: هل ألزمتم هذه الأغلبية بإقامة

 الصلاة جماعة في المدارس والجامعات في وقتها؟

لم يحصل من ذلك شيء  يخجلون من اللغة الشرعية ويتكلمون فقط في السياسة والانتخابات والديمقراطية

 أصبحت مصطلحاتهم كلها  ديمقراطية الرأي والرأي الآخر، حرية القول، حرية الكلمة، حقوق الإنسان ، المجتمع

المدني، النضال السلمي، حقوق المرأة، المعارضة، الوطنية... نسوا –بل تناسوا- المصطلحات الإسلامية !... هذا كله في

 ظل فتنة الدهيماء (الفساد والديمقراطية).

ويَعصي كي يُطيعَ ولا فلاحٌ

 

 

لِمَنْ شَابَ الوسيلةَ بالشِّيابِ

 

 

يقع في المخالفات على أمل أنه إذا نجح في المستقبل، وأصبحت السلطة في يده سيطيع الله ... يقول: دعنا نشتغل, ولو

 تنازلنا -بعض الشيء- عن بعض المصطلحات وسكتنا عن المنكرات من أجل أننا فيما بعد إذا وصلنا للسلطة سنفعل

 ،وسنفعل... متى سيصل؟ عندما تقوم الساعة ! وعند ذلك يقوم بالطاعة !

ويعصي ... يعصي الآن كي يطيع عندما يصل، وتكون السلطة بيده، وهذا سراب ... لأن الملْك جبريٌّ ولا يمكن أن

يتحوّل إلى الحكم الراشد إلا على منهاج الخلافة الراشدة؛ منهاج النبي ^ والخلفاء الراشدين، رضي الله عنهم؛عندما

 يأذن الله، وليس على منهاج الديمقراطية.          والهمُّ الأساس عند المسلم هو إتقان الالتزام بالإسلام في نفسه وفيمن

 حوله ، والنصيحة لأئمة المسلمين وعامتهم، وتوسيع دائرة الخير ، حتى يصير الواقع مؤهلاً لأن يكافئه الله بحاكمٍ أقل

 شرًّا أو بحاكم فيه صلاح، لأن الحكم  إيتاءٌ وتوليةٌ ومسؤولية ٌيقلّدها الله من يشاء وتكون نسبة الخير في الحكم على قدر

 صلاح الناس ، فلا يشغل المسلم نفسه بمثل هذه النتيجة التي تكفّل الله بها، قال تعالى: ( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء

 وتنزع الملك ممن تشاء وتعزّ من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيئ قدير) وقال سبحانه: (وكذلك نولّي بعض الظالمين بعضا بما

 كانوا يكسبون)    ، وإنما يحرص المسلم على تعميم الخير والصلاح ما استطاع ،لأن هذه هي مسؤليته.

ولا فلاحٌ لمن شَابَ الوسيلةَ بالشِّيابِ ... الوسيلة المشوبة بالمخالفات الشرعية ...بالطرق الديمقراطية ...  على قاعدة

 (الغاية تبرر الوسيلة) منهج غير شرعي ... ولا فلاح لمن سار في طريقه.

وما الطاعاتُ تُطلَبُ بالمعاصي

 

 

ولا الغاياتُ تُكسَبُ بالمَعَابِ

 

 

أنت تريد أن تكون النتيجةهي الحكم بما أنزل الله ... وهذه طاعة ... فهل تطلب الطاعة بالمعصية؟... هل تسلك من

 أجل الشرع مسلكًا ديمقراطياً غير شرعي؟ !

ولا الغايات تكسب بالمعابِ ... الغايات النبيلة لا تكسب بالوسائل المعيبة المخالفة الشرع.

 

وإنّ التاركينَ لمنكَراتٍ

 

 

بِزَعْمِ الجِدِّ في نَيْلِ اكتسابِ

 

 

كثير من الناس يتغاضى وهو يرى المنكرات تزداد كل يوم ... يرى  النساء يزداد تبرجهن ... الإعلام يزداد  فساده ...

 الخمور تكثر... الانحرافات في كل اتجاه ... وهو ساكت! وإذا قلت له: لماذا أنت ساكت ؟! يقول: أنا أحافظ على

 المكاسب !... ما هي هذه المكاسب؟ قد ضيّعتَ الكثير ... و طغت المنكرات ... فأي مكسب بقي بعد ذلك ؟!

 

كمصُطادِ الجرادةِ بعدَ جُهدٍ

 

 

وعشرٌ قد هربْنَ من الجِرابِ

 

 

شخص يتبع جرادة ومعه جراب -وهو الكيس- وقد جمع فيه عشر جرادات، ووضعهن في الكيس، ثم نظر إلى جرادة،

 وذهب لأخذها فهربت العشر ... يقول لك: أنا عندي مكاسب، أحافظ عليها ... المنكرات تزداد، وما فطِن أنه

 بازديادها ضيّع المكاسب الأولى من أجل أن يبقى معه مكسب واحد في نظره، وهو أن يسمحوا له بمجرد الانتخابات،

 على أمل الوصول إلى السلطة... فهو مثْل الذي أمسك جرادة وضيَّع عشراً ... هو مثل عباس الواقف خلف المتراس...

 يعالج الوقوف  وصقْل السيف فقط ...تلحقه الإهانات وتنزل به الكوارث ،وهوصامد في سلبيته يزعم أنها قمة

 الإيجابية ... كما جاء في  شعر أحمد مطر.

ومن رَكِبَ السفينَ بلااحتسابٍ
 

 

سَيغرقُ في السفينِ مع الصِّحَابِ
 

 

المجتمع كالسفينة،  فإذا كان هناك أناس يخرقون في السفينة -كما ورد في الحديث الذي رواه البخاري(1)- وسكت

 الآخرون عنهم فما هي النتيجة؟ سوف تغرق السفينة بالجميع ... فهؤلاء الذين يقولون: نحن رضينا بلعبة الديمقراطية،

 ثم يسايرون اللاعبين ويتركونهم يخرقون - بمنكراتهم- السفينة وهم ساكتون، بحجة أنهم عندما يصلون إ لى السلطة

 سيغيِّرون ... نقول لهم : من يضمن لكم الوصول؟ ومن يجيز لكم السكوت إلى أن يتم الوصول؟ والشرع والواقع يدلاّن

 أنه وهم ... ربما تغرق السفينة، وتغرقون جميعًا قبل أن تصلوا إلى السلطة والقيادة  ... إن النصوص و السنن تؤكّدان أنه

 لا نجاة إذا لم يكن هناك احتساب ...

 والاحتساب هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . قال تعالى:(فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء)

(الأعراف: 165).

ومن لِلمدْبِرينَ يكنْ جليساً

 

 

يكنْ أيضاً شريكاً في العذابِ

 

 

ومن يجالس المدبرين بدون أمر بالمعروف أو نهي عن المنكر؛ بحجة أن الوقت غير مناسب، وبحجة المعايير الديمقراطية.

..

[يكن أيضًا شريكًا في العذاب] إذا نزل العذاب هل ينجو أحد؟... العقاب يعمّ، والعذاب قد ينزل بالقوم وإن كان فيهم

 صالحون! كما في حديث عائشة المتفق عليه(2)، فإذا جالست الأشرار لابد أن يصيبك ما أصابهم وقد قال سبحانه: (

واتقوا فتنة لاتصيبن الذين ظلموامنكم خاصة)   [الأنفال:25].

عدم مصداقية الديمقراطية:

وأنت بِمَنطقِ المقراطِ حرٌ

 

 

فكيف تُلامُ من أجلِ الغيابِ

 

 

المفترض بالمنطق الديمقراطي أنك حر!

قد تقول: لابد أن أساير الأوضاع وأسكت عن المنكرات، وأقول بعض الكلام الذي فيه تنازلات، وأتبنى بعض

 المصطلحات؛ من أجل أن يسمحوا لي بالممارسة الديمقراطية في الانتخابات... مع أن المفترض بالمنطق الديمقراطي نفسه

 أنك حر، تشارك وقت ما تريد، وتترك وقت ما تريد، وتقول ما تريد ... أليس كذلك؟

والمفترض أن لا تعاقب، لكن هذا يدلك على أن أكثر شعارات الديمقراطية في حدّ ذاتها كذب، وإلا المفروض أنك في

 منطق الديمقراطية -حتى لو لم تشارك، وحتى لو نهيت عن المنكرات ونهيت عن الديمقراطية ذاتها- لا تعاقب بالمنع،

 ولا بسحب الشرعية عنك ولا بتصنيفك خارجاً عن الثوابت معرّضاً للملاحقة.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) في صحيح البخاري والترمذي عن النعمان بن بشير عن النبي ^ قال: «مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم

 استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا:

 لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا، ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا وهلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا

 جميعًا».

([2]) عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله ^: «يغزو جيش الكعبة فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم وآخرهم»

 قالت: قلت: يا رسول الله! كيف يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم؟ قال: «يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون

على نياتهم».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ولو دخل الفِرَنْجَةُ جُحْرَ ضَبٍّ

 

 

فهل تَلِجُ الجُحورَ مَعَ الضِّبابِ

 

 

 رضيتَ باللعبة الديمقراطية ! ...  دخل أربابها ــ الفرنجة ــ جحر الضب  ...فهل تدخل معهم في  سلبيات وضلالات

 الفكر الديمقراطي، وتتنازل عن إيجابيات و هدايات  أحكام الشرع؟!

 

 ولن ترضَى الذيولُ وإن حرصنا
     

 

فأذيالُ الذئابِ من الذئابِ
 

 

هل سترضى عنك ذيول هؤلاء الغربيين ــ الفرنجة ــ في بلاد المسلمين ؟... هل سيرضون عنك بتنازلاتك هذه

هؤلاء الأذيال الذين هم في  بلاد المسلمين ... مهما تنازلتَ لن يرضوا عنك؛ لأنهم تبعٌ لرؤوسهم من اليهود والنصارى

... وهل ترضى عنك اليهود أو النصارى ما دام فيك إسلام؟ لن يرضوا عنك أبدًا؟

 

                                                                                                                                                

لن تكون الديمقراطية طريقًا إلى الخلافة الراشدة أبدًا..

وهل ترضَى اليهودُ أو النصارى
 

 

وقد حَكَم الكتابُ بلا ارتيابِ
 

الله سبحانه يقول في كتابه العظيم:( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم)   [البقرة:120]، حتى لو كنت

ديمقراطيًا إلى النخاع، ما دمت في بلاد الإسلام، وعندك أثر من الإسلام لا يمكن أن يرضوا عنك !    هل تعلمون

 أنه في البوسنة وفي لبنان أثناء الحرب الأهلية كانوا يقتلون الشخص مع أن شكله أوروبي، وليس في مظهره علاقة

 بالإسلام!               كيف يعرفون أنه من أصل مسلم؟ ... يكشفون عن عورته، فإذا وجدوه مختونًا قتلوه!! وهذا

 مصداق قوله تعالى: (وَلَنْ تَرْضَى)... وقد قالها الله لنا حتى لا نتعب ...فالتنازلات  مجرد استدراج، ولن يرضوا مهما طال

 الزمان، ومهما كثرت التنازلات إلا إذا صرنا مثلهم تماما !

ومع ذلك يقول المتنازلون:  دعْنا لعلنا نفوز هذه المرة؛ وهكذا دواليك ...

 

وللإسلام ربٌّ لن تَضِيعوا

 

 

وإدمانُ التنازلِ شرُ عَابِ

 

 

كثير من هذه التنازلات يبررّونها أنها من أجل مصلحة الإسلام، يا أخي! أنت عبدٌ لله، وهو أغْيَر على دينه منك ... فهل

 أمرَك بهذا؟ وهل يرضيه أن تموت وأنت على هذا؟

لا تحمل همَّ الإسلام، فالإسلام له رب قد تكفل بحفظه، فقال:( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)   [الحجر:9]، وما علينا

 ألا أن نحمل همّ الحفاظ على التزامنا بالإسلام  فلا نخلطه بغيره، والله ناصرٌ دينه، متمٌّ كلمته، ولو كره الكافرون.

 لن تضيعوا إن تمسكتم بالإسلام ... و هل  ضاع الرسول عليه الصلاة والسلام في مكة وهو مستضعف مع أصحابه؟...

 عرضوا عليه أن يعبد آلهتهم سنة وأن يعبدوا إلهه سنة، فهل قَبِل؟... لقد كان ذلك سببًا لنزول تلك السورة الكريمة :(

 قل ياأيها الكافرون)   [الكافرون:1]، سماهم باسمهم، ( لاأعبد ماتعبدون)   [الكافرون:2] ... كررها إمعانًا في التأكيد أنه لا

 يمكن أن يلتقي معهم، ولا أن يتنازل... وفي مرة من المرات كاد الرسول أن يحصل في نفسه شيء، فقال الله له:( وإن

كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا* ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا* إذا لأذقناك

ضعف الحياة وضعف الممات ثم لاتجد لك علينا نصيرا)   [الإسراء:73-75]، فكفّ الرسول ^ عن أن يفكر في شيء من التنازل

 .... ونحن لنا به أسوة حسنة ^.

المبادئ ليست سلعة، وإنما هي هوية وأساس حياة ، ولا حياة بدونها... والإسلام لا يمكن أن يضيع فالله يحفظه ...وما

 أعظمه من حافظ سبحانه! وهناك طائفة ظاهرة إلى قيام الساعة، فلنكن من أفراد هذه الطائفة ولنتمسك بديننا.

وإدمان التنازل ... عندما يبدأ الشخص بالتنازل خطوة خطوة يتحول إلى مدمن للتنازل، وكل فترة يتنازل.. ثم يتنازل..

 ثم يتنازل.

شرُّ عَابِ : شر عيبٍ أن يصير الإنسان مدمنًا للتنازلات.

 

وحسْبُ العاجزين عن التناهي

 

 

إذا حَجَبوا التهانيَ عن خَرابِ

 

 

الذي يعجز عن أن ينهى عن منكر... لا يهنئ -على الأقل-  المفسدين المخربين، ولا يجاملهم.

كثير من الناس في سبيل أن يُسمح له بممارسة اللعبة الديمقراطية يمضي في الزفّة -كما يقال-، في زفّة السلطة في بعض

 بلاد المسلمين، فيجامل السلطة ويهنئها ويقول: هذه منجزات، وهذه حرية، وهذه ديمقراطية، ويداهنهم  وهو يعلم أن

الحق والصدق أنه ملك جبري ، وأنه لا يجوز له مدح الديمقراطية لو كانت موجودة ... فكيف وهي ادعاءٌ وكذب؟!

 ... والأصل في الإسلام أنك إذا رأيت منكرًا أن تنهى عنه، فإذا كنت عاجزًا، فعلى الأقل فاسكت.. وهذا أقل ما يجب،

 كما قال عليه الصلاة والسلام: «..فإن لم يستطع فبقلبه» أي: ينكر بقلبه، «وذلك أضعف الإيمان»... إذا لم تستطع أن

تقول كلمة الحق فلا تروِّج للباطل، والخطورة هي في الترويج للباطل، إذ الرسول ^ يقول -في الحديث الذي رواه

 الإمام أحمد-: «فمن صدقهم بكذبهم»(1) أي أثنى عليهم ومجّد مخالفاتهم وادّعاءاتهم «وأعانهم على ظلمهم؛ فليس

 مني، ولست منه، ولن يرِدَ عليَّ الحوض، ومن لم يصدقهم بكذبهم، ولم يعنهم على ظلمهم؛ فهو مني، وأنا منه، وسيرِدُ

عليَّ الحوض»، فإذا كنت عاجزًا عن كلمة الحق فلا تقل كلمة الباطل -وهذا أقل الواجب-.

وحسب العاجزين عن التناهي: التناهي عن المنكرات.

إذا حجبوا التهانيَ عن خراب: لا يهنئون الخراب، ولا يباركون الفساد ولا يمدحون الديمقراطية المدعاة التي تسمح به.

 

كلمة أخيرة:

فقل للحائرين كفى اغترابًا

 

 

فلن تَرِثوا الخلافةَ باغترابِ

 

 

 فقل للحائرين الذين لا زالوا وسَط الفريقين لم يحْسِموا في تحديد الوجهة ... وتقدَّم أن فتنة الدهيماء تقسم الناس إلى

 فسطاطين، والتمايز يزداد حتى يصل التمايز إلى الانقسام التام :  إلى فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه.

 


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) أخرج الإمام أحمد -بسنده- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي ^ قال لكعب بن عجرة: «أعاذك الله من إمارة

 السفهاء» قال: وما إمارة السفهاء؟ قال: «أمراء يكونون بعدي، لا يهتدون بهداي، ولايستنون بسنتي، فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم

 على ظلمهم فأولئك ليسوا مني، ولست منهم، ولايرِدُون علي حوضي، ومن لم يعنهم على ظلمهم فأولئك مني، وأنا منهم، وسيردون

 عليَّ حوضي، ياكعب بن عجرة! الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة، والصلاة قربان -أو قال: برهان- ياكعب بن عجرة! إنه لا

 يدخل الجنة لحم نبت من سحت؛ النار أولى به، ياكعب! الناس غاديان: فمبتاع نفسه فمعتقها، وبائع نفسه فموبقها» اهـ.. تفسير ابن

كثير (ج 4ص 454).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

فقل للحائرين... كفى اغترابًا ... يكفيكم غربة ... هنالك من يريد لكم الغربة والتوجه إلى غير الاتجاه الصحيح، عودوا

 إلى دينكم وإلى أحكامه وإلى مبادئه.

 فلن ترثوا الخلافة باغتراب ... تريدون الخلافة؟! لا يمكن أن تقوم خلافة إلا على منهاج النبوة؛ كما قال الرسول ^،

 وليس من منهاج النبوة الديمقراطية بانحرافاتها المذكورة!... منهاج النبوة شيء آخر.

أول منهاج النبوة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لو بذلتم جهودًا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بدلًا من

الجهود الانتخابية لأسفرت عن خير كثير ولربما صلح الكثيرون ... نكثف جهودنا مثلاً شهراً -أو أشهراً- لإدخال

الناس المسجد للصلاة، ونقوم بحملة واسعة لأجل ذلك... وشهرًا أو أشهرًا لمقاومة الربا بالطرق السلمية، لإقناع

 الناس وتوعيتهم أن هذا الربا استجلاب حرب الله ورسوله ... وشهرًا أو أشهرًا لمقاومة الخمور... وشهرًا أو أشهرًا

 لمحاربة الفساد الإعلامي، وهكذا ... وسنجد أناسًا حتى في السلطة يتعاونون معنا؛ لأنهم سيشعرون أننا لا ننافسهم

على الكراسي، لكن عندما تنافس أحدهم في الدائرة الانتخابية يشعر أنك تريد أن تقتلعه من الكرسي، فلا يسكت عنك

ويضايقك بل ويحاربك، لكن لو جعلت موقفك هو أن تنهى عن المنكر فقط، وتقول له: أنا أقرُّك على سلطتك، وأريد

 منك أن تزيل المنكر فقط، سيقف معك كل الناس الذين لا يريدون المنكر، وستكون النتائج الإيجابية أكثر بكثير

 وسيكون موقف غير المستجيب ضعيفاً.

وخلْطُ الدين بالطاغوت نُكْرٌ

 

 

وإن طَرَقَ المؤوِّلُ كلَّ بابِ

 

 

أي أننا عندما نخلطُ الدين بالديمقراطية, التي هي طاغوت -لأنها تحكيم لغير حكم الله- فعندها نكون قد خلطنا الدين

بالطاغوت؛ وهذا منكر ... ولو طرقنا  كل أبواب التأويلات أو أتينا بالتلفيقات و قلنا: ديمقراطية شوروية، أو

 ديمقراطية إسلامية، فإن ذلك لا يجوز ،ولا يصلح أن نخلط الإسلام بغيره: ( ياأيها الذين آمنوا  اتقوا الله وقولوا قولا سديدا)

       [الأحزاب:70].

و في هذه التلفيقات... ما أشبه الليلة بالبارحة!

كلما قدمت علينا (موضة) سارع الناس فيها، ففي زمان الاشتراكية،لفّق بعضهم فقال : الاشتراكية الإسلامية ! ...وهل

 هناك اشتراكية في الإسلام؟!

تراجَع هؤلاء فيما بعد وتمنوا أنهم لم يهرولوا ... واليوم نحن في (موضة) الديمقراطية، والناس مهرولون نحوها

ويحتضنونها باسم الإسلام ...ويزعمون أن فيها ما يشبه الإسلام  ! فلذلك يقولون الديمقراطية الشوروية أو الإسلامية!

 نقول لهم:  ألا تتفق النصرانية مع الإسلام في بعض الأمور؟ النصارى يؤمنون بإله، وبالآخرة وبالحساب  ...  فهل يصح

 أن نقول:  النصرانية الإسلامية؟ !  .....

ومن رَامَ الحلاوةَ لمَ ينلْها

 

 

إذا خَلطَ الحلاوةَ بالترابِ

 

 

إنك سوف تفقد حلاوة الدين إذا خلطت الدين بالديمقراطية ... فكما أن خلط الحلوى بالتراب يفسدها، فإنّ خلْط

 الدين بغيره أشد إفساداً.

وهذا القول قول من خبيرٍ

 

 

تشبَّعَ من سرابٍ وانتخابِ

 

 

قائل القصيدة كان قد خاض في عضوية البرلمان لسنوات، وخاض في السياسات، وسافر إلى الخارج وحضر فعاليات،

ونظر بتأمل في التجارب الديمقراطية في بلاد المسلمين...

والنتيجة التي توصَّل إليها في القصيدة ليس منفردا بها ، فالقصيدة وقّع عليها عشرة من العلماء والدعاة، وبعضهم قد

 خاض كذلك التجربة الديمقراطية في البرلمان وغيره  ... وبعض المغرضين أشاع دعاية بأن قائل القصيدة لم يفز في

 الانتخابات، فغضب، ونظم القصيدة !

وهذا الكلام باطل... لكن على فرض صحته ماذا سيقول المغرضون في هؤلاء الباقين الموقعين؟!

 

وهذي الفتنةُ الكبرى بلاءٌ

 

 

فكنْ يا صاح من أهلِ الصوابِ

 

 

ويا لها من فتنة! استهدفت جوانب كثيرة في الحياة -وليس فقط في الانتخابات-: جوانب اقتصادية، وفكرية،

واجتماعية.. .إلخ .

فتنة كبرى  هي الديمقراطية التي يدين بها المغضوب عليهم والضالون وأذيالهم ... تدين بها دول التحالف الغربي

وحلفاؤهم اليهود  ومن لفَّ لفَّهم من الدول التي لا تدين بالإسلام ، وكثير من الدول التي تحكم في ديار المسلمين ...

 لقد فتَنَت الناس في كل اتجاه... فهي الفتنة الكبرى... يراد لها أن تحل محل المنهج الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا

 من خلفه...

فكن يا صاح من أهل الصواب... الآن و الناس في ديار الإسلام في طريقهم للتمايز إلى فسطاطين ... احرص على أن

 تكون من فسطاط الإيمان.

تنبيـه وبيان:

وما قصْدُ القصيدةِ لَوْمَ قومٍ

 

 

ولكنْ دعوةٌ نحوَ الإيابِ

 

ليس القصد في هذه القصيدة جرحَ أحد من المخدوعين المغرَّربهم ...  بعض الناس يظن أن قائل القصيدة يريد أن يهاجم

 أو يكفِّر جهة ما من هؤلاء، ليس هذا هو المقصود.

 نحن نعتقد أن كثيرًا من الإسلاميين الذين خاضوا في هذه التجربة دخلوها متأولين بنية حسنة، والناس الآن يستيقظون

 بالتدريج، وينضمون إلى أحد المعسكرين – الفسطاطين كما تقدم- نحن لا نريد أن نقول لهم: أنتم قد غرقتم، ولا أمل

 لكم في النجاة!

 نحن نريد أن نأخذ بأيديهم بهدوء، ونلتمس لهم العذر...نريد أن توعيتهم، والمفترض أن نتحول جميعًا إلى دعاة للتوعية

 في هذا الزمان الصعب الذي يعد فيه القابض على دينه كالقابض على الجمر ... نريد  تكوين فريق إنقاذ ، وينبغي أن

نصبر على إخواننا هؤلاء، وأن لا نكثر عليهم اللوم ... نفتح أعينهم حتى يروا الحقائق  ...كثير من الناس  لا يدرك

 حقيقة الأمر، وإن كان يشاركنا الشعور بالتدهور في الأوضاع العامة والخاصة ... الجميع يشكون ... حتى الحكام!

    الجميع يشكون ويبحث عن العلاج ... و العلاج قريب جدًّا  هو  (الكتاب والسنة)... نريد أن نفتح أعين الناس

 ونبصِّرهم بهذا العلاج الرباني، وهذا يحتاج إلى جهد وصبر و ذلك شرط النجاة من الخسارة في الدنيا والآخرة- (

 وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)  [العصر:3].

 نرفِق بالمخدوعين ولنا في  رسول الله ^ أسوة حسنة ...  لقد جاءه شاب ذات مرة يريد أن يستأذن في أمر عظيم فقال:

«يا رسول الله! ائذن لي بالزنا!!».

فترفَّق الرسول صلى الله عليه وسلم في محاورته وقال: «أتحبه لأمك؟! أتحبه لأختك؟!...» حتى أقنعه، وكذلك الأعرابي

 الذي بال في المسجد  همَّ به الصحابة، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم عامله بالحسنى.

نحن  نريد الحوار الهادئ مع هؤلاء فكثير منهم عندما يفيق سيتراجع.

 

أقدّمها عمومًا لا خصوصًا

 

 

لمن شرُفوا بميراثِ الكتابِ

 

 

 هذه النصيحة ليست مخصوصة ببلد معين ولا بجهة معينة، وإنما هي لكل المسلمين.

لمن شرُفوا بميراث الكتاب... للذين ورثوا القرآن... يقول تعالى: ( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا)  [فاطر:32].

 فعندهم النور ولا يحتاجون إلى أن يستوردوا الظلام.

لكلِّ المسلمين بكلّ أرضٍ

 

 

وأرجو الله حسنًا في الثوابِ

 

 

 القصيدة موجهة لكل مسلم في الأرض، وهي نصيحة مجرِّب إلى إخوانه... ألا هل بلغت؛ اللهم فاشهد.

 

 انتهت القصيدة...وأسماء المؤيدين لها مذكورة عقيب القصيدة في أول الكتيب  ، وبالله التوفيق .

 

                                                                                             

الاختلالات في الانتخابات
الديمقراطية والبديل

بتاريخ: 3/6/1424هـ الموافق 2/8/2003م

 

 

 

     الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.. أما بعد:     فإن الكلام كثير في هذا الموضوع وقد تكلمت عليه في دروس ومحاضرات ومقالات ، كما كتبت فيه قصيدة أرجو أن تكون مرفقة بهذا ، أيّدها عشرة من علماء ووجهاء اليمن ، بعضهم كان عضواً في مجلس النواب .

  ولا شك أن الكلام أو  التأييد ممن جرّب له أهميته  .   والكلام هاهنا سيكون مختصراً فأقول : إن الانتخابات الديمقراطية منهج منحرف ، وتتجلَّى أمهات الانحراف في هذا المنهج في ثلاثة أمور رئيسة هي:     1- أنه منهج مستورد .                     2- أنه منهج مخالف للإسلام .       3- أنه منهج لا جدوى فيه في الواقع .

     أولاً: أنه منهج مستورد:

     لقد حكم الإسلام المسلمين وغيرهم ما يزيد على ثلاثة عشر قرنا ، ومرت مراحل النبوة والخلافة الراشدة والملك العضوض ، ولم يعرف المسلمون ولا علماؤهم الانتخابات الديمقراطية التي تمس اختلالاتها العقيدة والشريعة كما سنرى  إلا في الفترة الأخيرة عندما وفَدتْ عليهم مع المستوردات الأخرى من ديار الكفر ، كالقومية والاشتراكية وتبنّتها  الحكومات والأحزاب وحتى بعض الجماعات الإسلامية في بلاد المسلمين  .  

  وهذا التبنّي هو من ضمن الدخول في جحر  الضب الذي حذّر منه الرسول صلى الله عليه و سلم ، ومن التشبه المحظور بالكافرين فيما هو من خصوصياتهم ، كما سنبينه ، ويجتهد الغرب اليوم في نشر الديمقراطية وفرْضها في ديار المسلمين بالترغيب والترهيب وباسم العولمة  .  والديمقراطية منهج  استورده الغرب النصراني ذو الديانة المحرّفة من اليونان التي تبنّتْ هذا المنهج قبل دخولها في النصرانية ، فهو منهج  في الحقيقة ليست له أصول سماوية .    

  ومعلوم أن أمة الإسلام لا يمكن أن يصلح حالها في آخر الزمان إلا بما صلح به حالها في أول الزمان  كما تدل على ذلك النصوص ، ولا يمكن أن تصلح بمنهج مستورد ، وقد قال تعالى: ( والذين اتبعوهم  ــ أي اتبعوا الصحابة ــ بإحسان)  [التوبة:100] وقال صلى الله عليه و سلم كما في الحديث الصحيح: (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين ،  عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور...) .                

     ثانياً: أنه منهج مخالف للإسلام:

     ويتجلى ذلك على الأقل فيما يلي:

     أ- في تشريع القوانين و الدساتير:

    إن الانتخابات الديمقراطية تنتهي بمجالس نيابية ونحوها ، يكون فيها الحكم والتشريع والقرار للأغلبية ولو خالفت شرع الله ، وهذا ليس في ديار الكفر فحسب وإنما في ديار المسلمين  .

    فكم أصدرت هذه المجالس في بلاد المسلمين  من دساتير وقوانين تناقض أحكاماً شرعية معلومة من الدين بالضرورة كالدساتير والقوانين التي توجب استقلال كل بلد ، بما في ذلك عن بلدان المسلمين الأخرى .      وكذا انفرد أبناء البلد وحدهم بالجنسية والحقوق المترتبة عليها دون سائر المسلمين من أبناء البلدان الأخرى مع أن الله يقول: ( إنما المؤمنون إخوة)  [الحجرات:10] ، ويقول: ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم  أولياء بعض)  [التوبة:71] ، وشبَّه الرسول صلى الله عليه و سلم المؤمنين بالجسد الواحد وبالبنيان...إلخ .      وكالقوانين التجارية التي تبيح الربا ، والله يقول مهدداً من لم يقلعوا عنه : ( فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله)  [البقرة:279]   .     وكالقوانين التي تبيح المنكرات باسم الإعلام والسياحة ونحو ذلك، وهي منكرات قطعية معلوم إنكارها من الدين بالضرورة ويعرفها الجميع، وهذا كله تشريع بما لم يأذن به الله ( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين مالم يأذن به الله)  [الشورى:21] .     والمسلم لا يقبل أيَّ حكم إلا لله ( إن الحكم إلا لله)   [يوسف:40] .  

    ومن التشريع بما يتناقض مع حكم الله أن الدساتير التي فيها أن الشريعة مصدر التشريع معرَّضة في ظل الديمقراطية للتعديل بالأغلبية ، وطريقة التعديل مذكورة في الدساتير ذاتها، وبعض الناس يظن ذلك مكسبا وليس كذلك ، لأن القابلية للتعديل  خلَلٌ هائل ليس في التشريع فقط وإنما في العقيدة أيضا  .  والقبول بمرجعية مثل هذه الدساتير القابلة للتعديل هو كالقبول بمرجعية تقرّ بعقيدة (إن الحكم إلا لله)  وتقرّ بقابلية هذه العقيدة للتعديل  .   ومثل ذلك يقال في القوانين الموافقة للشرع لأنها كقوانين قابلة للتعديل في أي وقت  !  والإسلام عقيدةً وشريعةً لا يقبل بأي حا ل أن تكون أحكامه تحت رحمة الأغلبية ، وقابلةً للتعديل .  وما كان من الأحكام الإسلامية اجتهاديا فالقابلية فيه للتعديل منوطة بالعلماء المجتهدين ، وليست كلأً مباحًا للغوغاء في قاعات  البرلمانات .   ومعلوم أن  لجان تقنين أحكام الشريعة إن وُجدتْ فإن مرجعيتها النهائية عند التصويت في الدول الملتزمة  بالديمقراطية هو تلك القاعات  .

   ب- في المساواة غير الشرعية :

    إن الانتخابات الديمقراطية فيها مساواة غير شرعية ، فعند الترشيحات مثلاً يتساوَى المسلم وغير المسلم كمرشحين ما دام كل منهما مواطنا ً، وكذا العالم والجاهل ، والرجل والمرأة والصالح والطالح ، وكذلك يتساوَى كل أصناف هؤلاء كناخبين عند انتخاب المرشحين ، ثم يتساوَى أيضاً كل أصناف هؤلاء من المرشحين الناجحين في المجلس النيابي عند التصويت في قاعة المجلس ، فصوت العالم المجتهد مثل صوت شبه الأمي ، بل مثل صوت العلماني ، والله يقول: ( أفنجعل  المسلمين كالمجرمين)  [القلم:35] ، ويقول: ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون)  [الزمر:9].

   ج- في طرْح القضايا الاجتهادية على غير العلماء المجتهدين :

   لو كانت القضايا التي تطرح في المجالس النيابية ليست قضايا شرعيةقطعية ، وإنما كانت على سبيل الفرض قضايا شرعية اجتهادية ، فإن الشرع يقضي بأن تطرح على علماء مجتهدين كما أشرنا من قبل ، لأنهم وحدهم الذين يميزون بين ما يجوز فيه الاجتهاد وما لا يجوز ، وولاية التصويت لهم وحدهم ، وليس لأغلبية الحاضرين (ولو كانوا جهَلة) كما هو  الحال في المجالس المنتخبة ديمقراطياً ، لأن الله يقول: ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون) [النحل:43] ، ولم يقل:  فاسألوا أغلبية ممثلي الشعب ، وهذا الاختلال مع الأسف موجود حتى في مجالس الحركات الإسلامية فتؤخذ الاجتهادات المرتبطة بالشرع بأغلبية الحاضرين من العلماء وغيرهم  ،  وما أقلّ العلماء !  في حين إنه كان القُرَّاء (العلماء) هم وحدهم أصحاب مجلس عمر رضي الله عنه كما في الحديث الصحيح دون سواهم .

   د- في المنافسة و طلَب السلطة :

  إن الانتخابات الديمقراطية النيابية أو المحلية أو الرئاسية أو النقابية أو غير ذلك تقوم على المنافسة وطلب السلطة ،  وهذا ليس من هدْي الإسلام بحال ، فإن الدعاة إلى الإسلام يدعون الناس جميعاً بمن فيهم أصحاب الكراسي إلى الإسلام إنْ كانو كفارا ، ويدعونهم إلى إقامة المعروف وإزالة المنكر إن ْ كانوا مسلمين عصاةً أو مقصرين ، ولا يقولون لهم  ننافسكم على الكراسي لنجلس عليها لنحكم بالإسلام أو بالمعروف بدلاً عنكم ، بل من أسلم من أصحاب الكراسي إذا  كان كافراً فإنه يُقَرُّ على كرسيّه بمجرد إسلامه ، ولو كان حديث عهدٍ بالإسلام ويُناصَح و لا ينافَس ، ولما أسلم (باذان)  عامل كسرى على اليمن وأسلم الملِكان في عُمان على سبيل المثال أقرهم الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يعيِّن أحداً من أصحابه بحجة الأولوية والأقدمية في الإسلام مثلاً بدلاً عن أيٍّ منهم ، و لا سمح بمنافسته ، وكذلك أقرَّ شيوخ القبائل حِفاظًا على الاستقرار ماأمكن في ديار الإسلام .  ومن لم يُسلِم من أصحاب الكراسي كان المسلمون يقاتلونه ، ثم يتهيأ وفق شرع الله من يحلُّ  محله دون أن يطْلب ذلك مسلم ملتزم أو ينافِس عليه مطلقاً ، وفي الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إنا والله لا نولي هذا  الأمر أحداً سأله أو حرص عليه) . . 

  وأما يوسف عليه السلام فإنه في الحقيقة لم يطلب الولاية ، وإنما أرسل إليه الملِك أكثر من مرة كما تدل الآيات ،  ثم ولاّه الملك ولاية مطلقة بقوله له كما حكى القرآن : ( إنك اليوم لدينا مكين أمين ) يوسف ، فقام يوسف صلى الله عليه وسلم بإنقاص هذه الولاية وتقييدها وحصْرها في خزائن الأرض وليس بطلبِها كما يظن بعضهم ، فقال كما حكى القرآن :(اجعلني على خزائن الأرض) يوسف ، وكان يوسف مطلوبا ولم يكن طالبا  .    وكم يحصل الامتهان والابتذال للدعاة والعلماء في الانتخابات الديمقراطية عندما ينافِسون ويبذلون جهوداً في تسجيل ترشيحاتهم وفي إنزال صورهم ودعاياتهم الانتخابية للمزاد العلني ، وغالباً ما يفشلون في النهاية ! فهل يليق هذا بهم شرعاً أو حتى ذوقاً؟!!

     هـ- في تمزيق المجتمع وسفْك الدماء أحيانا :

    الانتخابات الديمقراطية في بلاد المسلمين إذكاءٌ للصراعات وتمزيقٌ للمجتمعات ، وسفكٌ للدماء في بعض الأحيان ، وصرفٌ للأموال والجهود والطاقات في أنواع النزاعات والمنافسات المسماة بالانتخابات المحلية أو النيابية أو النقابية..إلخ ، ولا يمكن أن يصمد فيها أفراد بجهودهم الذاتية ، وإنما يعتمد أولئك الأفراد على التكتلات ، وفي ذلك تعميق للحزبيات في ديار المسلمين مشابَهةً لِمَا عليه الحال في ديار الكفر ، والله ينهانا عن كل ذلك ويأمرنا بالتآخي والتماسك فيقول : ( ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون)  [الروم:31-32] ، ويقول : ( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء)   [الأنعام:159] ، ويقول :( ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك) [هود:118-119]. ويقول عليه الصلاة والسلام كما في الصحيح : (مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم مثل الجسد الواحد) .    كما أن هذه الانتخابات تحصر الدعاة إلى الله في النهاية في زاوية من زوايا المجتمع فيصيرون محسوبين على حزب بعد إن كانوا للمجتمع كله .

     و- في مُسايَرة الأنظمة ، و منها الأنظمة العلمانية :

    من أضرار الانتخابات الديمقراطية أن الدعاة الذين يخوضونها يقعون في كثير من الأحيان في أنواع من المسايَرة  للأنظمة ، ويقدمون كثيراً من التنازلات عن الشرع أبرزها ما ذكرناه في النقاط السابقة ، إضافة إلى إحلال الفكر والنهج  الديمقراطي في كثير من مفرداته ومصطلحاته وممارساته محل المنهج الإسلامي فترُوج مصطلحات مثل : حقوق الإنسان  (أي مساواة المسلم بغير المسلم) ، وحقوق المرأة (أي مساواتها بالرجل) ، والرأي والرأي الآخر (ولو كان الرأي الآخر ردّة) ، والمجتمع المدني (أي الذي لا يقوم على الدين) ، والشعارات الوطنية (التي تحل محل مفهومات الدين) ، ويتحول  الدعاة إلى الدعوة لهذا المنهج في وسائل إعلامهم كما هو ملموس ، ويكون ذلك على حساب دعوتهم الأصلية للدين ،  ومعلوم أن الدين لا يقوم إلا بالتمسك بالدين ، وليس بالتنازلات عنه ، والله يقول : ( خذوا ماآتيناكم بقوة) [البقرة:63] ، ولا يجوز التنازل حتى في المصطلحات ( ياأيها الذين آمنوا لاتقولوا راعنا وقولوا انظرنا) [البقرة:104] ، ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا* يصلح لكم أعمالكم)  [الأحزاب:70-71] ، ويقول سبحانه : ( واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ماأنزل الله إليك) [المائدة:49] ، ويقول : ( ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا مانزل الله سنطيعكم في بعض الأمر)  [محمد:26] .

   حزب العدالة والتنمية في تركيا : 

   وحزب العدالة والتنمية في تركيا الذي هو محل إعجاب بعض الإسلاميين ضرب الرقم القياسي في التنازلات ، وهذا سر سكوت الجيش عنه وسكوت الغرب ، رغم أن تركيا عضوٌ لديهم في حلف الأطلسي !!  إلى حد أنهم في هذا الحزب ينفون عن أنفسهم الإسلام في تصريحاتهم ، و يقولون إنهم يحافظون على العلمانية ، وسمحوا باستخدام  أجوائهم لتدمير العراق ، وعرَضوا إرسال جيش إلى هناك ، ويدعمون القوانين العلمانية في برلمانهم ، وهم محل نقد حتى من أستاذهم السابق أربكان رغم انفتاحه ... فهل ينتصرالإسلام بنفْي الإسلام والتنازل عنه والتناقض مع قطعياته إلى أجل غير مسمى؟! ...

   إن العلمانية كفر بواح ، وحكم الله هو الجهاد لإزالة العلمانية أو الإعداد للجهاد حتى يكون ممكنا ، ولو أن هؤلاء التزموا حكم الله في وضع دولتهم العلمانية فعمِلوا للجهاد بدلا من التزام الديمقراطية ، لَرُبَّما كانوا قد قضَوا على العلمانية منذ أمد طويل ، بدلًا من تضييع الوقت في الديمقراطية ، و تمديد فترة العلمانية ،  و مثل ذلك يُقال في أنظمة الحكم االأخرى المماثلة في بلاد المسلمين .

     ز- القبول الفعلي لكل ما ذُكر ممارسةٌ للذنوب :

     القبول الفعلي بكل ما ذُكر وغيره لخوض الانتخابات الديمقراطية خطر عظيم على عقيدة الشخص و دينه ، فالذي يقبل في الواقع الاحتكام إلى الصندوق من أجل تحكيم الشرع أو رفضه، ويقبل الاحتكام إلى القاعة من أجل إثبات أمور قطعية أو رفضها ، ويقبل الاحتكام إلى الأغلبية في التحليل والتحريم دستوراً وقانوناً ، ويسلِّم بالمساواة المطلقة بين الناس ويعمل بنتائجها في الانتخابات وغيرها ، ويقبل بالصراعات والحزبيات في مجتمع المسلمين ، ويمارس ذلك كله مع ما سبق ذكره من التنازلات.. مَن كان هذا حاله.. هل يسلَم له دينه حتى يتمكن من إصلاح نفسه وإصلاح الآخرين؟ وبعبارة أخرى من مارس ما يمارسه العصاة هل يستطيع أن ينهض بنفسه ويأخذ بيدها وبيد العصاة إلى التغيير نحو الطاعات، ما دام يواصل هذه الممارسات لا ينفكُّ عنها ؟   

     إن ممارسة هذه الذنوب باستمرار وإلى أجل غير مسمى ، حتى مع دعوى عدم الرضا عنها أمر غير مقبول ولا مبرَّر شرعا ً.  و مَن هو العالِم المعتبَر الذي يمكن أن يفتي بجواز ذلك  ؟!

 

     ثالثاً: أن الانتخابات منهج لا جدوى فيه في الواقع:

    المستوردون للانتخابات الديمقراطية من الحكام والمتنفذين في بلاد المسلمين ينقلونها شعاراً فقط لشَغْل الناس وإلهائهم وليسوا صادقين في نقل السلطة وتداولها كما في الغرب ، فيشغلون الناس ويستهلكون طاقاتهم في انتخابات نيابية ومحلية ورئاسية ونقابية دون أن يحصل أي تغيير حقيقي ، وقد جرّب الناس ذلك ، فالتزويرات وشراء الذمم والضغوط المختلفة والترغيب والترهيب.. كل ذلك وغيره في خدمة بقاء الأغلبية باستمرار بيد الحزب الحاكم ، وهذا ما هو جار ٍفي البلاد التي يُـسمح فيها للإسلاميين بخوض الانتخابات المسرحية المعروفة نتائجها سلفاً مثل اليمن ومصر والأردن والباكستان والمغرب وغيرها .

     وعندما خرجت النتائج عن دائرة السيطرة في الجزائر كما هو معلوم عوقب الشعب الجزائري بالحرب القذرة المستمرة منذ الانقلاب على فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ وإلى اليوم ، وأما في بعض البلدان فلا يسمح للإسلاميين مطلقاً بخوض الانتخابات المسرحية باسم الإسلام وإنما باسم العلمانية ، كما في تونس وسوريا وتركيا ، فكيف يقوم الإسلام على يد من لا يتجرأ على ذكر اسمه ؟

     والأوّلون الذين يحصلون على مقاعد ومراكز محدودة في البرلمانات لا يستطيعون تغيير أي منكر ولا حماية أي مكْسب ،  وإنما يظلُّون معارضة مُزْمنة تصرخ باستمرار وتتراجع إلى الخلف ، ويُبقيها الحكام في حيّز هذا العذاب لا تموت فيه ولا  تحيا ، لإضفاء شرعية مزيفة على استبدادهم ، وهذه طبيعة الملك الجبري الذي ورد ذكره في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا يمكن أن تتخلف هذه الطبيعة ولا أن تزول بالديمقراطية المدجّنة المهجّنة الكاذبة ، فلا يمكن أن يتحول هذا الملك إلى حكم شوروي ولا حتى إلى حكم ديمقراطي .

    إن عدم الجدوى واضحة من كلام الذي لا ينطق عن الهوى ،  وكذلك من الواقع الملموس ، والمفترض أن الإسلاميين بعد أن جرَّبوا ذلك ألّا يُلدغوا من حجر واحد مرات ومرات، وأن يكتفوا بتشخيص الرسول صلى الله عليه و سلم لهذه الأنظمة ، وألاّ يصدِّقوا الحكام بكذبهم فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول فيما رواه أحمد وصححه الألباني وغيره : (فمن صدّقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم (ومن ذلك ا لاشتراك في الانتخابات الخادعة التي يعتبر الاشتراك فيها تلبيسًا على الناس ، ومسايَرةً للظلَمة وتغطية على الظلم) فليس منّي ولست منه ، ولن يَرِد عليّ الحوض) ، ولكن هل يمكن القول : إن هناك مَن استمرَأََوا هذه المسرحيات وصعُب عليهم الثبات ، وبعُدت عليهم الشُّقة ، فاكتفوا بالظهور الإعلامي والحضور في دائرة الضوء ولو لم يُحقَّقوا شيئاً حقيقياً للإسلام ، وربما انخدعوا بالرخاء الفردي والمجد الشخصي فصاروا يحرصون على (الكنَبات والانتخابات) ؟!...  هل يمكن أن نقول ذلك ؟  إن قلناه فإننا نقول : ما بال أقوام يفعلون ذلك ؟ نقول ذلك إشفاقاً وتنبيهاً لا تجريحاً وتشويهاً.                                                   

                                                                                          

     البديل للانتخابات الديمقراطية:

     إن البديل باختصار هو: أن يبقى الإسلاميون على منهجهم الأصيل في مواجهة الباطل قبل أن يدخل عليهم هذا المنهج الوافد المستورد ، ومنهجهم الأصيل هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بدرجاته الثلاث وضوابطه الشرعية ، وأن يدفعوا بمحبيهم وشعوبهم في فعاليات لذلك ، لا في فعاليات للانتخابات .. وهم أذكياء لو رغِبوا ، وعندهم قدرات مشهود لهم بها في تحريك الشارع عندما يريدون ، وأفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر . وعليهم أن يصرفوا جهودهم وأموالهم في محاولة إصلاح الناس وإصلاح المسئولين بدلاً من صرفها في انتخابات تُنافِس المسئولين وتثير غيظهم ، لا سيما إذا كانوا مسلمين ، لأن المنافسة  نوع من الخروج عليهم أو المنازعة الممنوعة في النصوص ، وإنْ تظاهرالمسؤولون  بقبول ذلك ، لكنهم في حقيقتهم المعروفة للجميع غير قابلين ، وإنما شعارات كاذبة ، ولا يجوز تصديق كذبهم كما سبق في الحديث ، وعسى أن يخفَّف الإسلاميون بهذا البديل من الشر، وعليهم أن يصبروا ولو قَبَضوا على الجمر، قال تعالى: ( وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) [العصر:3]، ولن يضيِّعهم الله ، ولا تزال طائفة على الحق ظاهرين ، والخلافة الراشدة قادمةبإذن الله ، ولن تقوم بالأسلوب الديمقراطي ، فالحق ليس من منتجات الباطل ، وعلى الدعاة ألاّ يتحيّزوا في كيانات حزبية بعيداً عن مجتمعاتهم ، بل يظلوا طلائع وروّاداً وملاذاً للجميع ، وعليهم أن يكسروا الحواجز والولاءات الوهمية المانعة من اندماج الجماعات الإسلامية ، وأن يتنازل بعضهم لبعض كما فعل الحسن رضي الله عنه مع معاوية رضي الله عنه .. هذه الولاءات التي ربما صنعتْها أهواء بعض الأشخاص ، لأنهم ليسوا معصومين ، قال تعالى: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب  ريحكم)[الأنفال:46] ، ومع المثابرة والصبر يأتي بالنصر بإذن الله، (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون)[يوسف:21].                                                                                          

 

التداول السلمي للسلطة 

 

     سؤال: التداول السلمي للسلطة مصطلح نسمعه كثيراً من بعض الأحزاب السياسية ذات التوجهات الاشتراكية والقومية و... كما نسمعه من بعض الأحزاب السياسية ذات التوجه الإسلامي، فماذا يعني هذا المصطلح؟ مع الأخذ في الاعتبار تصريح تلك الأحزاب الإسلامية أنها تُسلِّم لأي حزب يصعد للسلطة اشتراكياً أو نصرانياً أو...؟    سائل . 

     الجواب: التداول السلمي للسلطة مصطلح من مصطلحات الديمقراطية ، وهو معمول به في الدول الغربية والدول التي على شاكلتها ، بحيث من حاز الأغلبية يتولى السلطة ثم يتركها إن فقد الأغلبية وحازها غيره ، فيتم التداول للسلطة سلمياً بواسطة الانتخابات ، وهذا التداول يحصل حيث توجد التعددية الفكرية والعقَدية التي هي أيضاً إحدى أبْنِيَةِ الديمقراطية .   ولأن الغرب ومن على شاكلته يدينون بالعلمانية ، فإن الديمقراطية القائمة على التعددية العلمانية وعلى التداول تزدهر عندهم  ، فمرةً يحكم عندهم محافظون يؤمنون بمبادئ معينة ، ومرة يحكم عندهم متحرِّرون يؤمنون بعكس تلك المبادئ .

     وقد حاولت الأحزاب والأنظمة في ديار المسلمين استيراد الديمقراطية مع مكوناتها كالانتخابات والتعددية والتداول والعلمانية فلم تنجح في ديار المسلمين ، وبقيت مجرد شعارات ، فالهند وباكستان على سبيل المثال ظروفهما وتاريخهما واحد ، ونجحت الديمقراطية في الهند بمكوناتها ولم تنجح في الباكستان ،  كما أن الديمقراطية نجحت في الدول غير الإسلامية التي كانت في ظل الاتحاد السوفيتي مثل أوكرانيا وليتوانيا واستونيا ولاتفيا وملدافيا ، وفشلت في بلاد المسلمين مثل أوزبكستان، وكزخستان وتركمانستان، وطاجكستان وقرغيزستان ، ونجحت فيها الديكتاتورية والملك الجبري ، لأنهم يعلمون أنه لو وصل صالحون إلى السلطة ما تركوا بعد ذلك لغير الصالحين فرصة الوصول ، ولذلك  بقيت الديمقراطية مزوّرة في ديار المسلمين في بعض مفرداتها  بما في ذلك التداول ، ولم تنجح إلا في الدول التي صارت فيها أنظمة الحكم مُوغِلةً في العلمانية ، ولا أذكر إلا مثلاً واحداً أظن أنه لا يوجد سواه هو دولة تركيا التي بالغت في العلمانية لدرجة أن الإسلاميين فيها أصبحوا يحكمون بالعلمانية .

     إن الديمقراطية كما ذكرنا بتداولها لا يمكن أن تقوم إلا مع العلمانية ، أما النظام الإسلامي وهو نظامُ شورَى أهلِ الحل والعقد فهو يخالف الديمقراطية ، فليس فيه تعددية تَداوُلية ؛ لأن الإسلام منهجه العقدي واحد ، والخلافات التي في الفروع لا يمكن تسميتها تعددية سياسية ، إضافة إلى أن المذاهب الأربعة مع المذهب الظاهري ، وهم الذين يعتبرون أهل السنة والجماعة مرجعيتهم جميعاً واحدة هي الكتاب والسنة والإجماع والقياس ،  والمجتمع المسلم مجتمع واحد متماسك كالجسد لا يقبل التباين ، وعند الخلاف الفرعي فإن اجتهاد ولي الأمرــ إذا رغب في اختيار اجتهاد معين ــ فإن اختياره يكون هو المعمول به ، ويجب عليه مشاورة أهل الحل والعقد الذين يفرضهم علْمهم وثِقَلهم في المجتمع ، فانتفتْ بذلك التعددية ، وانتفى بذلك مبرر التداول .    ولذلك كان الخليفة على مدى القرون الإسلامية يبقَى غالباً خليفةً مدى حياته ، ويتم تقديم النصائح له عندما تقع مخالفات ، و لا يكون الخروج عليه إلا في حال الكفر البواح ؛ وهذا الخروج ليس تداولاً، وإنما إعادةٌ للحق إلى نصابه .   

     والأصل في اختيار الخليفة إذا كان موقعه شاغرًا بموت أو جنون أو أسْرٍ بلا أمَلٍ قريب في إطلاقه ،  أ ن يكون الاختيار من أهل الحل والعقد ، وهم كبار العلماء والوجاهات الذين يُفرِزهم المجتمع تلقائيا ، فيفرضهم ثِقَلهم  . فإذا تجاهل متغلّبٌ أهل الحل والعقد فنصب نفسه حاكماً واستقر له الأمر فهوآثمٌ بتجاهلهم ، ولكن طاعته واجبةٌ صيانة ًللمجتمع من الصراع وسفك الدماء ، ما دام المتغلّب لم يظهر منه الكفر البواح ، بمعنى أنه لم يغيّر المنهج الإسلامي . وهذه الطريقة بيّنتها النصوص وكتب الفقه على مدى القرون واستمر عليها واقع المسلمين ... وهي الطريقة الفطرية ، لأنها تكفل الولاية للأقوى سواء بالاختيار أم بالتغلّب ، والدولة الإسلامية الأفضل لها الحاكم الأقوى دائما ما دام في دائرة الإسلام بأي طريقةٍ وصل ، وإثمه على نفسه لو أساء ، وقُوَّتُه للمسلمين ، فيكون الحكم عند المسلمين للأقوى بالفرْز الفطري .  وقد ابتلي المسلمون بالحكم العَضُوض والحكم الجبري بسبب ذلك ، إلا أن الإيجابيات في الجملة كانت أكثر بكثير من السلبيات وأقام المسلمون في ظل ذلك حضارتهم التي بهرتْ العالم ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك و بالملك العضوض والملك الجبري وأمر بالسمع والطاعة للحاكم ما لم يكن أمرٌ بمعصية ولم يكن كفرٌ بواح ، وشجع على النهي عن المنكر ، وجعل أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ، وحرّم الخروج ، فأوجد بذلك الضمانات والتوازن  .  وفي هذه النصوص ، وفي الإِخبار بذلك معجزات له صلى الله عليه وسلم يدرك أبعادها أولو الألباب .  

  والشورى في الإسلام واجبة على الحاكم فإن فرّط فيها فهو آثم و تجب مناصحته ، وهو الذي يختار أهل شوراه أو يسمح للناس بالاختيار بضوابط شرعية وليست ديمقراطية  تُسَوِّي بين غير المتساوِين .  وفي حال الكفر البواح يجب الخروج عليه بالجهاد ، وعند عدم الاستطاعة يجب الإعداد لذلك  . والحاكم في الإسلام  بالنسبة للمجتمع كالقلب بالنسبة للجسد  ، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام شبّه المؤمنين بالجسد ، وكما أنه لايُعقَل التفكير بتبديل القلب إلا في حال التلَف التام ، فكذلك لا يُعقل التفكير بتبديل الحاكم إلا في حال الكفر الواضح ، كما أن الحاكم شبيه بإمام الصلاة أثناء الصلاة وشبيه برب الأسرة في القوامة ، يعطَى كل منهما صلاحيات واسعة ، ولا سَماحَ بالخروج عليهما ولا على الحاكم لِمَا يترتب على ذلك من الأضرار إلا في ظرْف مشدَّد ،   فلا نتنازل عن أحكام ديننا ،وأ نظمتنا الفريدة المحْكمة  للأهواء الديمقراطية الوضعية المستوردة  ، ولا لنزَوات الطامحين... قال تعالى : ( ثم جعلناك على شريعةٍ من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون ) . وبالله التوفيق...ِ

                                                             

المرجعية في الإسلام و المرجعية في الديمقراطية

     سؤال: ما الفرق بين المرجعية في الإسلام و المرجعية في الديمقراطية؟

     الجواب: المرجعية للحكم في الإسلام هم أهل الحل والعقد عندما يكون موقع ولي الأمر شاغرًا ، وهم

 العلماء والوجهاء أصحاب النفوذ في القطاعات الاجتماعية والجيش الذين يتيسر اجتماعهم لاختيار ولي الأمر

 ، وهم الذين يستشيرهم ولي الأمر أو مَن يتيَسَّر منهم عند الحاجة ، سواء اختاروه ، أو تأمّر عليهم بالأمر

 الواقع  ما دام مُسلِما  . وأما في الديمقراطية فالمرجعية بزعمهم للشعب بجميع أفراده بغض النظر عن الدين

 والأخلاق والنفوذ والذكورة والأنوثة إلخ .. فالشعب هو الذي يختار ولي الأمر كما يختار ممثليه في المرجعية

 لديهم و هي البرلمانات  .

     فالمرجعية في الإسلام هي للخاصة ، أي أن الشعب وهم العامة يرجعون في الحكم إلى أهل الحل والعقد و

 هم الخاصة . أما في الديمقراطية فإن الخاصة وهم كبار السياسيين يرجعون في اختيار ولي الأمر و اختيار

 الممثلين والسياسات الاستراتيجية إلى العامة (الشعب) .

     و إذا رجعنا إلى المنطق السليم فسنجد أن المنطق الديمقراطي غير سديد بدليل أن قضايا أقل أهمية من

 قضية الحكم لا يكون الرجوع فيها إلى العامة ، فمثلا إذا اختلف الأطباء في مستشفى فإنهم لا يرجعون إلى

 العامة في المستشفى من العمال والمرضى ، وإنما يقتصرون على مجلس الخاصة من الأطباء لحل الخلاف . وإذا

 اختلف المهندسون في مشروع بِناء فإنهم لا يرجعون إلى العامة من العمال والمستخدَمين ، وإنما يحلّون الخلاف

 في مجلس الخاصة من المهندسين .  و كذلك إذا اختلف ضباط الجيش فإنهم لا يرجعون إلى عامة العساكر

 لحل الخلاف ، وإنما يحلُّه مجلس الخاصة من كبار الضباط .... و هكذا في سائر المجالات . فهل يُعقَل أن

 البلاد  بكافة مقدََّراتها ومؤسساتها ، و مدنها وقراها و قبائلها و سائر أحوالها ....إلخ يَرجِع فيها الخاصة و هم

 الساسة وأصحاب النفوذ في أكبر قضية فيها و هي قضية الحكم .. يرجعون فيها إلى العوام؟!! ثم بسبب

 الاختلالات و الجهل عند العوام يجري شراء الذمم ، ويسهُل التضليل والتزييف ، ويمضي مراد أهل المكْر و

 الانحراف.. إن هذا قَلبٌ للأمور ، ولا يستقيم المشي بالمقلوب . قال تعالى مبينا هذه الحقيقة : (و إذا جاءهم

 أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ، و لو ردُّوه إلى الرسول وإلى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم)

 النساء .

لا تنفع الديمقراطية في تعديل الحكم في بلاد المسلمين

     سؤال: هل يمكن أن تنفع الديمقراطية في إصلاح الحكم في بلاد المسلمين ؟

     الجواب: لايمكن ذلك لِمَا سبق ، و الديمقراطية فسادٌ في حد ذاتها ، و إضافة إلى ذلك فإن أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم تدل على أن الحكم سيظل مُلْكا عضوضا أومُلْكا جبريا ، للحديث الذي رواه أحمد والبيهقي وذكر الألباني و الأرناؤوط أنه حسن ، إلى أن تعود الخلافة ، التي هي على منهاج النبوة ولبس على منهاج الديمقراطية . و الخلافة على منهاج النبوة تكون فترة قصيرة فبل قيام الساعة ، تماما كما كانت الخلافة على منهاج النبوة قصيرة كذلك ، فإن فترة الخلفاء الراشدين ثلاثون عاما كما في الحديث الذي رواه أحمد والترمذي وأبو داود والطبراني والحاكم وغيرهم و ذكر الألباني أنه صحيح .

     و قد ذكر عليه الصلاة و السلام أن الخلافة الراشدة سوف تُنقَض فقال : (لَـتُنـْقضَنَّ عُرَى الإسلام عُروةً عروةً فكلما انتقضتْ عروةٌ تشبَّثَ الناسُ بالتي تليها فأولهنَّ نقضاً الحكمُ و آخرهن الصلاة ) رواه أحمد و ابن حبان و الحاكم و قال لألباني إنه صحيح . وغير ذلك من الأحاديث . فهذا مع واقع  الدول الإسلامية كالدولة الأموية و الدولة العباسية و دولة المماليك والدولة العثمانية و دول الحكم العسكري في عصرنا يدلُّ على ذلك , و هذا الحديث و أمثاله معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك لأن الله يريد ابتلاء المسلمين ، ولو صلح الحكْم تماما لتحوّل العالم الإسلامي إلى جنة في الدنيا، و لكن الله يقول: (و نبلوكم بالشر والخير فتنة) الأنبياء . فلذلك لا بد أن تظل الأوضاع كما ذكر النبي صلى الله عليه و سلم ، حتى توجد بيئة  للأمربالمعروف والنهي عن المنكر في ظل الحكْم المختلّ ويظل الابتلاء ..

     وأوضاع المسلمين في كل الأحوال أفضل بما لايقاس من أوضاع الكافرين التي لادين فيها ولا أخلاق ولا قِيـَم للأسرة و لا لغيرها ، وبعيش فيها الناس كالأنعام رغم التقدم الشكْليّ ، قال تعالى في المسلمين : (كنتم خير أمة أُخْرجت للناس) آل عمران .         ويكفي للدلالة على حقيقة الكافرين المجازر التي حدثتْ فيما بينهم خلال الحربين العالميتين و راح ضحيتها ستون مليونا من البشر ، قال تعالى : (إن الذين كفروا من أهل الكتاب و المشركين في نار حهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية) البينة .


 

                                                                                                                                       

                  

 .................................................                                        

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©