بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبد ه ورسوله صلى الله عليه وسلم ((يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)) ((يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)) ((يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)) أما بعد:-

 لكل واحد من الناس أجل، والساعة أجل الجيل الأخير:-

 فإن الله تبارك وتعالى خلق الإنسان في هذه الحياة وجعل له أجلا، فكل فرد من أفراد بني الإنسان له أجله فإذا جاء أجله فإنه ينتقل إلى ربه ((فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون)) هكذا يخرج الناس من هذه الحياة وتنقضي الأجيال جيلا بعد جيل، ثم إن هذه الحياة أيضا بمجموع ما فيها من أجيال لها كذلك نهاية، فهناك جيل لا بد أن يكون هو آخر جيل على وجه هذه الأرض، هذا الجيل يموت دفعة واحدة بالنفح في الصور، وهذا النفخ في الصور هو قيام الساعة، وقيام الساعة معناه انتهاء هذه الدنيا وبدء دار الآخرة، انتهاء الدنيا التي هي دار العمل، وابتداء دار الآخرة التي هي دار الجزاء، والقرآن الكريم ملئ بالآيات التي تذكر هذه النهاية وتذكر الساعة وتبين أنها ستقوم ولابد.

 .................................................                                   

موعد الساعة:-

وهذه الساعة لم يحدد الله تبارك وتعالى لأحد من عباده موعدها بالضبط وإنما جعل سبحانه وتعالى ذلك من العلم الذي استأثر به فلم يخبر به أحداً لا من الملائكة ولا من الأنبياء ولا من سائر عباده، يقول سبحانه وتعالى: ((إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت، إن الله عليم خبير)) وفي الحديث الصحيح أن رسول الله عليه الصلاة السلام قال: (خمس لا يعلمهن إلا الله ثم تلا هذه الآية) ونحن نجد في هذه الآية أن أول خصلة من هذه الخصال الخمس هو علم الساعة، فعلم الساعة عند الله وحده لا شريك له لا يشاركه أحد في هذا العلم ((يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي)) هكذا بصيغة الحصر((قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو)) أي لا يظهرها في وقتها المحدد إلا هو سبحانه، ففي وقتها المحدد يؤمر المكلف بالنفخ في الصور وهو إسرافيل يؤمر بالنفخ فلا يعلم هذا الملك الذي هو مكلف بالنفخ بالميعاد إلا حين يؤمر بالنفخ، فإذا كان الملك لا يعلم فغيره بالأولى، يقول سبحانه ((إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى)). قال المفسرون في قوله جل وعلا: ((أكاد أخفيها)) إنه تعبير المقصود به أكاد أخفيها حتى عن نفسي.

ولكن للساعة علامات:-

ولكن مع إخفاء الموعد المحدد لقيام الساعة فإن الله تبارك وتعالى ذكر لعباده في كتابه وكذلك عن طريق أحاديث نبيه عليه الصلاة و السلام ذكر علامات وأشراطاً لهذه الساعة حتى يعلم الناس عند وقوع هذه العلامات وعند تحقق هذه الأشراط أن الساعة قد صارت قريبة يقول الله ((فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشرطها)) أي علاماتها ومن أبرز علاماتها بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وقد ورد في الحديث الصحيح أنه عليه الصلاة والسلام قال: (بعثت أنا والساعة كهاتين) بمعنى أنه كانت بعثته عليه الصلاة و السلام قريبة من الساعة كقرب هذه الإصبع من هذه، أو المقصود أنه ؛ لا يكاد يوجد بينهما فرق إلا كالفرق بين هذه الإصبع وهذه، والفرق يسير في طول هذه عن هذه، ومن ضمن علامات الساعة، الأحاديث الكثيرة التي ذكرها رسول اللهصلى الله عليه وسلم وبيّن لنا بها تفاصيل، هذه التفاصيل كثيرة، فمن ضمنها الحديث الذي سمعتموه من الشاب الذي تكلم قبلي أن الرسول عليه الصلاة والسلام لما سأله جبريل عن الساعة في الحديث المتفق عليه قال: (ما المسئول عنها بأعلم من السائل) أي أنا وأنت، أنت السائل وأنا المسئول كلانا علمنا واحد، لست أنا بأعلم منك، أي لا نعلم عنها شيئاً، فقال له أخبرني عن أماراتها، والأمارات: هي العلامات فذكر بعض العلامات، قال له: (أن تلد الأمة ربتها)، وهذه أمارة قدر مرت وهي تدل على كثرة الجواري، وقد كثرت الجواري أو الإماء في أمة محمد صلى الله عليه وسلم والأَمَةُ حين يستولدها سيدها فتلد بنتاً أو ابناً فيكون الابن أو البنت في مقام السيد، لأن الابن أو البنت يتبعان الأب.(أن تلد الأمة ربتها أي سيدتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان).

العلامة الأولى قد مرت وانقرضت ولا توجد الآن إماء والعلامة الثانية: نحن عايشناها فرأينا فعلاً الفقراء في جزيرة العرب الذين ما كان أحدهم يملك شيئاً، أصبحوا أغنياء وأثرياء، كانوا من قبل عالةً أي فقراء يرعون الشياه، كانوا في البادية يرعون الأغنام، ثم لَمّا فتح الله سبحانه وتعالى أبواب الرزق وظهر النفط في بلاد العرب استغنى الناس جميعاً، واستغنى من ضمنهم هؤلاء الفقراء الذين ما كانوا يتصورون أنهم سيغنون ولا كان يتصور أحدٌ أنهم يصلون إلى هذا المستوى من الغنى، كان أحدهم في أحسن أحواله يجد خيمة يسكن فيها، ثم صاروا بعد ذلك يبنون العمارات الشاهقة والبيوت المرتفعة، يتطاولون، كل واحد منهم يريد أن يستطيل على الآخر، يريد أن يكون بناؤه أطول من بناء صاحبه، وهذا كما قلنا موجود في قلب الجزيرة العربية. العمارات الشاهقة يمتلكها أولئك البدو الذين كانوا قبل عقود من الزمن من أفقر الناس.

 أحاديث الساعة كثيرة وسنختار حديثا ذَكَر بضع علامات ونتكلم على هذا الحديث، ومن أراد أن يطلع على مجمل الأحاديث فعليه أن يرجع إلى كتب الحديث، فلا يكاد يوجد كتابٌ من كتب الحديث إلا وفيه تبويب لعلامات الساعة ولأشراط الساعة

 .................................................                                   

ست من علامات الساعة:

 هذا الحديث الذي سنتكلم عليه رواه البخاري في كتاب الجزية عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في تبوك فقال له: (اعدد ستاً بين يدي الساعة: موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم مُوتانٌ يأخذ فيكم كقُعاص الغنم، ثم استفاضة المال حتى يُعطَى الرجل مائة دينار فيظل ساخطاً، ثم فتنة لا تدع بيتا من العرب إلا دخلته ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون فيأتونكم في ثمانيين غاية تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً) هذا الحديث ذكر فيه الرسول عليه الصلاة والسلام ست علامات من علامات الساعة، وهي علامات كبيرة بارزة ولعلها تنتظم الفترة ما بين حياة الرسول عليه الصلاة والسلام و قيام الساعة، أو إلى الوقت القريب جداً من قيام الساعة. (اعدد ستاً بين يدي الساعة: موتي).

 .................................................                                   

1- موت الرسول صلى الله عليه وسلم:

 هذه هي العلامة الأولى موت الرسول عليه الصلاة والسلام فهو واحد من البشر يجري عليه ما يجري على البشر من انقضاء الأجل، ولذلك قال الله تبارك وتعالى له عليه السلام (إنك ميت وإنهم ميتون) وقال له: (وماجعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإِنْ مِتّ فهم الخالدون) فالرسول عليه الصلاة والسلام توفي كما يتوفى سائر الأنبياء وسائر عباد الله، وكان موته علامة من هذه العلامات.

 .................................................                                   

2- فتح بيت المقدس:

وهذه العلامة الثانية فتح بيت المقدس(ثم فتح بيت المقدس): بيت المقدس فيه المسجد الأقصى وقد أسرى ربنا تبارك وتعالى بعبده محمد من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، فلذلك للمسجد الأقصى مكانة خاصة عند المسلمين، ومكانته تأتي في الدرجة الثانية بعد الحرمين، حرم مكة ثم حرم المدينة ثم المسجد الأقصى، وهذه البقاع الثلاث هي أفضل البقاع على وجه الأرض، ثم بعد ذلك تتساوى المساجد، فالرسول عليه الصلاة والسلام ذكر أمارة من أمارات الساعة هي فتح بيت المقدس وذلك لأهمية بيت المقدس بالنسبة للمسلمين. المسلمون فتحوا بلدانا كثيرة، فتحوا مصر وشمال أفريقيا وفتحوا العراق وفارس، وفتحوا الهند وفتحوا الأندلس إلى غير ذلك من الديار، لكن الرسول عليه الصلاة السلام ذكر بيت المقدس بالذات لأهمية بيت المقدس لأنها أرض مقدسة، أرض مباركة، أشار القرآن إلى قداستها، فقال تبارك وتعالى: ((سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله) المسجد الأقصى أرض مباركة وموسى عليه السلام حين أنجاه الله من فرعون وقومه، وأغرق فرعون وقومه، حين صار في سيناء أمره الله بأن يأمر قومه بأن يدخلوا أرض فلسطين وفي مقدمة أرض فلسطين بيت المقدس قال الله حكاية عما قاله موسى لقومه((و إذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكاً وآتاكم مالم يؤتِ أحداً من العالمين * يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم)) والأرض المقدسة المراد بها هنا ـ أرض فلسطين ـ وفي مقدمتها بيت المقدس، واقسم الله في قرآنه بالتين و الزيتون وبطور سينين، وبالبلد الأمين، قال العلماء المقصود بالتين والزيتون ـ الأرض التي تكثر فيها زراعة التين والزيتون ـ وهي أرض فلسطين..! وبيت المقدس في وسطها، وطور سينين المقصود به ـ جبل الطور الذي كلم الله فيه موسى ـ وهو أيضا في فلسطين، وهذا البلد الأمين، أقسم الله بالبلد الأمين، أي: بمكة ؛ المهم أن أرض فلسطين مباركة، وبيت المقدس داخل هذه الأرض، والرسول عليه الصلاة والسلام ذكر أن المسلمين سيفتحون بيت المقدس، وأن هذا الفتح يعد معلماً بارزاً، وأمارة من أمارات الساعة، وكانت بيت المقدس في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام تحت سيطرة دولة كبرى في ذلك العصر هي دولة الروم، وفي خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسر الله تبارك وتعالى فتح بيت المقدس، ودخلها المسلمون وورثوها من أهل الكتاب، كان أهل الكتاب هم المستولين عليها، ولكن لما انتقل الدين الحق من أهل الكتاب إلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ورثت أمة محمد كل خير كان عند أهل الكتاب ومن ضمن ذلك أنها ورثت الولاية على الأرض، وفي مقدمة الأرض الديار المقدسة، فصارت الولاية لهذه الأمة؛ لأنها هي التي تمثل إقامة دين الله تبارك وتعالى في الأرض.

 .................................................                                   

3- مُوتان يأخذ في الأمة كقعاص الغنم:

 (ثم مُوْتَانٌ يأخذ فيكم كقُعاص الغنم) المُوتان بمعنى الموت ويضبط بضم الميم مُوْتَان أو بفتح الميم مَوْتَان وبعضهم يقول مَوَتاَن ولكن الصحيح أنه لا يقال مَوَتان للموت، وإنما يقال مَوَتَان في الأرض الميتة غير المزروعة، أما بمعني الموت فتضبط بضم الميم أو بفتحها، هذا الموتان أو هذا الموت حدث كذلك في خلافة عمر رضي الله عنه وهو الطاعون الذي انتشر في بلاد الشام والمسمى بطاعون عمواس ومات فيه عدد كبير من الصحابة عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما في الحديث الصحيح لما نزل هذا الوباء أو هذا الطاعون استشار من حوله فكانت النتيجة أنه لم يدخل بلاد الشام، رجع بمن معه إلى المدينة. هذا الوباء أو هذا الطاعون كان يفتك بالناس بسرعة كما ذكر الرسول عليه الصلاة والسلام يأخذ فيكم كقعاص الغنم، قُعَاص الغنم مرض ينتشر في الغنم، يسيل شيء من أنوفها ثم تموت فجأة تموت بسرعة، والإقعاص في اللغة هو أن يموت الشخص بمكانه، يعني: أن يموت في موضعه بسرعة دون أن يمهله الموت، فهكذا كان هذا الطاعون يفعل بالناس كانوا يموتون بسرعة. هذه العلامات الثلاث مرت في حياة الصحابي الذي روى هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عوف بن مالك، فقد ذكر ابن حجر في (الفتح) أنه توجد رواية من طريق الحاكم عن الشعبي أن عوف بن مالك رضي الله عنه قال لمعاذ بن جبل: قد وقع ثلاث منهن أي من هذه الست التي أخبره بها الرسول صلى الله عليه وسلم ويعني بهذه الثلاث وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وفتح بيت المقدس وهذا الطاعون، فهذه الثلاث وقعت وعوف بن مالك لا زال حياً و معاذ بن جبل مات في الشام في هذا الطاعون رضي الله عنه فيما بعد.

 .................................................                                   

4- استفاضة المال:

 (ثم استفاضة المال حتى يُعَطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطا) يستفيض المال و يكثر ويزداد، كان المال قليلا عند العرب وكانت أرضهم فقيرة مقفرة ثم فتح الله تبارك وتعالى عليهم مشارق الأرض ومغاربها، وسيقت إليهم الكنوز من كل مكان فصارت دولة الإسلام دولة غنية، وانتشر المال في أفراد أمة الإسلام بكثرة ووصل الأمر إلى حد العبث من قِبَل بعض الملوك الذين تولوا في الدولة الإسلامية، ومن ضمن مظاهر العبث أنهم كانوا ينفقون الأموال الطائلة على الشعراء، كان الشعراء يترددون على قصور الحاكمين يمدحونهم ويلقون قصائدهم، فكان الشاعر لا يخرج إلا بمال كثير من الحاكم، وبدأ هذا في عصر بني أمية وتلاهم بنو العباس ولم يكن استثناءً إلا عمر بن عبد العزيز رحمه الله فما كان يهدر الأموال للشعراء، ولذلك ورد في التاريخ أنه جاءه جرير وجرير هو الشاعر المعروف لكي يأخذ منه مالاً فقال عمر بن عبد العزيز هذا المال إنما هو حق للمساكين واليتامى والأرامل وأخذ يعدد له أصناف الناس الذين لهم حق في هذا المال، و قال له فإن كنت واحداً منهم أعطيتك، أما أنه فقط مجرد شاعر فليس له حق في هذا المال، فالمهم أن الأموال كان يُعبَث بها واستفاضت كثيراً، وكان الواحد من هؤلاء الشعراء تعطى لـه المئات من الدنانير، وفي بعض الأحيان قد تصل الدنانير التي تُعطى له إلى الآلاف، حتى ورد في بعض الأخبار أن أحد الشعراء كتب قصيدته على حجر، وأنه ذهب إلى الخليفة فألقاها عليه وكان الخليفة يحفظ من مرة، وكان بجانبه من يحفظ من مرتين، ومن يحفظ من ثلاث مرات، فكان الخليفة إذا أراد أن يتحايل على الشاعر يقول له:هذه القصيدة أنا أعرفها من قبل. ولأنه سمعها وحفظها من أول مرة فإنه يعيدها على الشاعر، ثم من بجواره يعيدها أيضاً وقد سمعها مرتين ثم يعيدها الثالث !! إلا أن هذه القصيدة كانت صعبة فلم يتمكن الخليفة من حفظها، ولا اللذان بحواره، وكان الشاعر قد كتبها في حجر واشترط على الخليفة أنها إذا كانت جديدة أن يدفع له وزن ما كُتِبتْ عليه، ثم جاء بذلك الحجر الذي كتب عليه القصيدة فأخذ مالاً طائلاً، هكذا يقال في الأخبار والله أعلم بمدى صحة هذا، وإنما ذكرنا ذلك لبيان ما كان قد وصل إليه الحال من العبث بالأموال، فلعله في ذلك الزمان كان إذا أُعطيَ الشاعر مائة دينار يظل ساخطاً، يعتبر أن هذا المبلغ لا يليق بقدره، وأنه يحتاج إلى مبلغ أكبر.

كم تساوي مائة الدينار: ومائة الدينار تساوي شيئاً كثيراً حتى في عصرنا، لأن الدينار الذهبي أربعة جرامات وربعاً من الذهب في عصرنا، كما قرر ذلك القرضاوي في كتابه (فقه الزكاة) بعد استقراء وبعد وزن للدنانير التي كان يُتعَامَل بها في صدر الإسلام، ولذلك حدد نصاب الزكاة الذي هو عشرون ديناراً أو عشرون مثقالاً بخمسة وثمانين جراماً من الذهب. فمائة الدينار كم تساوي بالجرامات؟ لو ضربناها في أربعة وربع، تساوي أربع مائة وخمسة وعشرين جراماً يعني أنها تساوي ما يقرب من نصف كيلو جرام من الذهب ! ونصف الكيلو كم ثمنه الآن؟ لو اعتبرنا الجرام بألفٍ وكسور من الريالات ستكون النتيجة ما يقرب من خمس مائة إلى ستمائة ألف ريال، يعني أنه مائة الدينار تساوي هذا القدر من الريالات، بالعملة المحلية، وهو مبلغ كبير ولكن في فترة من الفترات نتيجة لانتشار الرخاء واستفاضة الأموال، كان لو أُعطي الرجل الذي يتردد على بلاط الخليفة سواء كان شاعراً أم وجيهاً من الوجهاء أم كبير قوم لو أعطى مبلغ مائة دينار فإنه يعتبر ذلك قليلاً، فالراجح أن هذه العلامة من علامات الساعة قد مرت.

 .................................................                                   

5- فتنة تدخل كل بيت:

(ثم فتنة لا تدع بيتاً من العرب إلا دخلته): ـ هذه هي العلامة الخامسة ـ هذه فتنة تنتشر وتستشري فلا تترك بيتاً من العرب إلا وتدخله، والرسول عليه الصلاة والسلام في هذه الرواية ذكر بيوت العرب من باب التغليب، وإلا فقد ورد في رواية عند أحمد أنه عليه الصلاة والسلام قال: (يدخل حَرّها بيت كل مسلم) أي يدخل حر هذه الفتنة بيت كل مسلم فهي تعم المسلمين، ليست خاصة بالعرب فقط، فهي فتنة شاملة عامة، ولعلها هي الفتنة التي ذكرها الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر الذي رواه أحمد وأبو داود وسمّاها بفتنة الدهيماء، قال عليه الصلاة والسلام (ثم تكون فتنة الدهيماء لا تدع أحداً من هذه الأمة ـ أي كل المسلمين ـ إلا لطمته لطمة، كلما قيل انقضت تمادت) فتنة عظَّمها عليه الصلاة والسلام و طوَّل فترتها فقال: (كلما قيل انقضت تمادت) تتمادى: أي كلما ظن الناس أنها قد انتهت إذا بهم يجدونها تفتح بعد كل مدة صفحة جديدة، وهكذا فهي فتنة متطاولة، وسماها الرسول عليه الصلاة والسلام (الدهيماء). والدهيماء تصغير الدهماء، والتصغير في بعض الأحيان يكون للتعظيم فمثلاً يقال: داهية للمصيبة، فإذا أريد تعظيمها يقال دويهيه يعني: داهية عظيمة، فهي فتنة عظيمة، والدهيماء تأنيث الأدهم، والأدهم هو الذي يميل إلى السواد،فهي فتنة كما يبدو سوداء أي مظلمة، يصفها الرسول عليه الصلاة والسلام بأنها مظلمة وبأنها عظيمة وبأنها متطاولة، ومن ضمن شرها والعياذ بالله أن الرسول عليه الصلاة والسلام في هذه الرواية التي عند أحمد وأبي داود يقول عنها: (يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً)، يعني أنها شر مستطير، يخرج فيها الناس من الإسلام ـ والعياذ بالله ـ تكون هذه الفتنة في المسلمين، تدخل عليهم بيوتهم بحيث لا يبقى بيت إلا دخلته، بحيث لا يبقى فرد إلا لطمته، ويكون من ضحاياها أناس يخرجون من الإيمان إلى الكفر، يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً.

انقسام الناس إلى فسطاطين: وفي هذا الحديث الذي عند أحمد وأبي دواود يقول صلى الله عليه وسلم: (حتى يصير الناس إلى فسطاطين) يعني: أنها تكون فتنة يتمايز فيها الناس حتى يصير الناس إلى جماعتين كبيرتين أو معسكرَين ـ والفسطاط: هو الخيمة ـ فالمسلمون ينقسمون إلى معسكرين نتيجة لهذه الفتنة (فسطاط إيمان لا نفاق فيه)، أي: يتخلص أصحاب هذه الفسطاط من كل أنواع المعاصي والضلالات ومن كل أنواع النفاق فيصيرون خُلَّصاً في إيمانهم، (وفسطاط نفاق لا إيمان فيه)، والفسطاط: الآخر لا يُظهِر الكفر صراحة، وإنما لا يزال أفراده يتظاهرون بالإسلام، ولذلك سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسطاطهم، ومعسكرهم فسطاط نفاق، لم يقل (فسطاط كفر) لأنهم يغَلِّفون كفرهم بمظهر إسلامي، مع أنه ذكر أنهم كفار في ثنايا الحديث عن هذه الفتنة حيث قال: (يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً) فهو كفر ولكنه ملبِّس، كفر مغلَّف. مغلّف بالمظهر الإسلامي نفاق حقيقته الكفر، ولذلك قال: (وفسطاط نفاق لا إيمان فيه).

من قبل الدهيماء فتنة الأحلاس وفتنة السراء:

 فهذه الفتنة فتنة هائلة ليست فتنة عادية، ولعلنا نعاصر هذه الفتنة ـ والعياذ بالله ـ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود بدأ أولاً: فذكر فتنة الأحلاس، وقال عنها حَرَبٌ وهَرَب والحَرَب: بمعنى السلب والنهب، هذه فتنة الأحلاس لعل المقصود بها قطع الطرق، وحرب العصابات، وهذا قد مر في المراحل التاريخية الماضية، ثم ذكر فتنة السراء وقال (دَخَنها من تحت قَدَميْ رجل من أهل بيتي) والسراء: بمعنى النعمة وبمعنى الرخاء وبمعنى الثروة قال: (دخنها من تحت قَدمَيْ رجلٍ من أهل بيتي) يعني أن بدايتها وأن سببها رجل من أهل بيت الرسول عليه الصلاة والسلام وقال: (يزعم أنه مني)، نفى الرسول دعواه في الانتساب إلى الإسلام ولم ينف دعواه الانتساب إلى آل بيت النبوه، ولا قيمة للانتساب إلى آل بيت النبوة إذا لم يعزز هذا الانتساب تَمَسُكٌ بالإسلام،فقال: (يزعم أنه مني، وليس مني إن أوليائي إلا المتقون)، والرسول عليه الصلاة والسلام أولياؤه المتقون سواء أكانوا من أهل بيته..!! أم كانوا من غير أهل بيته..!، وقال: (ثم يصطلح الناس على رجل) فالشاهد: أن فتنة السراء تحدث ويعقبها صلح يصطلح الناس فيه، وهذه الفتنة قال بعض العلماء: لعلها فتنة حرب الخليج فهي فعلاً فتنة السراء، أي: فتنة النعماء..! فتنة الرخاء..! فتنة المال..! هناك مال كثير نتيجة لوجود النفط في بلاد العرب، وحرب الخليج إنما ثارت بسبب النفط، وبسبب المال. لماذا جاء الأمريكان؟ وجاءت معهم القوات التي تحالفت معهم؟ جاء ما يقرب من ثلاثين دولة إلى أرض الخليج وخاضت كلها الحرب متحالفة، لماذا جاءت هذه الدول؟

جاءت من أجل الاستيلاء على آبار النفط؟! من أجل السيطرة على النفط، وعلى المال الذي يأتي به هذا النفط، فهي فعلاً فتنة السراء.

مَنْ وراء دَخَن فتنة السراء؟.. ودخنها من تحت قدمَيْ رجل من أهل بيت الرسول عليه الصلاة والسلام، ورئيس العراق يقول إنه من ذرية الحسين، وجماعته في(تكريت) يقولون ذلك وهو الذي كان السبب في دَخَن هذه الفتنة حين استولى على الكويت، قال عليه الصلاة والسلام (يزعم أنه مني) فعلاً يقول: (الله أكبر) ووضع في العلم (الله أكبر) ولكن حين ينزل المرء في العراق لا يجد تطبيقاً لشرع الله. قال عليه الصلاة والسلام: (ثم يصطلح الناس) حصل صلح، وهذا الصلح هو الذي نراه مع ما فيه من الإشكالات التي تظهر ما بين وقت وآخر، ثم بعد ذلك ماذا قال؟ قال: (ثم تكون فتنة الدهيماء) فتنة الدهيماء تأتي عقب فتنة السراء، فإذا اعتبرنا أن فتنة السراء قد وقعت وهي حرب الخليج. وحتى أشار الرسول صلى الله عليه وسلم) إلى دَخَنها، فهو دَخَنٌ فعلاً، وهو أنه لما دخل جيش العراق الكويت أوقَدَ كل آبار البترول، أحرق ما يقرب من ست مائة بئر فارتفع الدخان في السماء بكميات هائلة، ولم يُغَطِّ سَمَاءَ الكويت فقط وإنما انتشر حتى وصل إلى سمائنا، وأنا أذكر قبل عشر سنوات أنه نزل مطر أسود، وكنت أرى ماء المطر في ساحة وزارة العدل، كنت أعمل في وزارة العدل وساحة الوزارة مبلطة ببلاط أبيض، فكنت أرى الماء الذي نزل من السماء أسود؛ لأنه اختلط بذلك الدخان..!! من أين أتى هذا الدخان؟ أتى من الكويت، قطع هذه المسافة الهائلة، آلاف الكيلومترات، مما يدل على أنه دخان هائل! ولذلك كأنّ الرسول عليه الصلاة والسلام أشار بقوله: (دخنها من تحت قدمي رجل) كأنه أشار إلى هذا والله أعلم.

هل نحن في فتنة الدهيماء؟

فإذا اعتبرنا أن فتنة السراء قد وقعت فمعنى ذلك أنها وقعت وانتهت قبل عشر سنوات من اليوم، معنى هذا أنه يعقبها فتنة الدهيماء التي ذكرها الرسول عليه الصلاة والسلام (ثم تكون فتنة الدهيماء) بمعنى: أننا قد مضت علينا عشر سنوات، ونحن في فتنة الدهيماء، وهي فتنة كما يبدو مركبّة من فتن، والله أعلم.

 ليست بمظهر واحد، بل هي فتنة مظلمة، كلما ظن الناس أنها ستنقضي انفتحت لهم أبواب جديدة من هذه الفتنة، ولعلها فتنة في مجالات متعددة، في مجالات السياسة والاقتصاد والإعلام والحروب وغير ذلك. فانظروا على سبيل المثال في مجال الإعلام، المفاسد تزداد خلال هذه السنوات، وما سيأتي من السنوات لعل المفاسد تكون أكثر.

لعل منها القنوات الفضائية:

ماذا تصنع القنوات الفضائية في ديار المسلمين؟ إنها فتنة!! فتنة فعلاً دخلت بيت كل مسلم، لا يكاد يوجد بيت مسلم إلا وفيه جهاز التلفزيون وهذا الجهاز تعرض فيه البلايا والرزايا، لا تكاد توجد قناة، واحدة ليس فيها فتنة، لا تكاد توجد قناة واحدة لا تظهر فيها المرأة، كل القنوات على الإطلاق تظهر فيها المرأة ! لماذا يأتون بالمرأة؟ لكي يجذبوا الناس إلى المشاهدة؟! لأن المرأة فتنة، والناس يحبون أن ينجذبوا إليها، فلذلك جُعلت المرأة وسيلة في هذه القنوات كافة، فهذه وحدها فتنة والرسول عليه الصلاة والسلام يقول كما في الحديث المتفق عليه:(ما تركت بعدي فتنة أضّر على الرجال من النساء) فالمرأة فتنة والرسول عليه الصلاة والسلام يقول كما في الحديث الذي رواه الترمذي وقال الألباني إنه صحيح: (المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان) يعني: أنه يستشرفها لكي يفتن بها الرجال، ولذلك فالأصل ألاَّ تخرج المرأة إلا للحاجة وأن تبقى في بيتها لكي تَقِلّ الفتنة، والله تبارك وتعالى يقول لنساء النبي وهن في المقام الرفيع لا ترقى إليهن شبهه والناس يحترمونهن أكثر من احترامهم لغيرهن من النساء يقول الله لهن ((: وقرن في بيوتكن)) يعني: هذا هو الأصل، لا بأس أن تخرج المرأة لحاجتها، ولكن الأصل ألاَّ تكثر من الخروج ((وقرن في بيوتكن)) وهذا في نساء النبي فما بالكم في غير نساء النبي؟ ولكن هذه القنوات تأتينا بالمرأة في أبهى زينتها وفي قمة تبرجها فهي فتنة في كل بيت، ويا ليت أن الأمر يقف عند هذا الحد، بل يتعدى ذلك إلى الأفلام القذرة في الفيديو، وإلى الفواحش والمنكرات التي تعلمون عنها الكثير وتبثها القنوات، أو تسمعون عنها الكثير، فهذه في حد ذاتها فتنة، وقد دخلت كل بيت قال: (يدخل حرَّها بيت كل مسلم) أو (لا تدع بيتاً من العرب إلا دخلته) أو (لا تدع أحداً من هذه الأمة إلا لطمته) هذا مظهر من مظاهر هذه الفتنة في المجال الأخلاقي أو الإعلامي.

لعل منها جرعات الفقر والأزمات الاقتصادية:

وفي المجال الاقتصادي الفقر مظهر من مظاهر هذه الفتنة، الفقر صار منتشراً في ديار المسلمين رغم غناهم، رغم ثراوتهم الهائلة يقال بأن70% من الثروات في الأرض هي في ديار المسلمين، ومع هذا، فإن أفراد المسلمين فقراء، كيف حال المسلمين في إندونيسيا؟ في فقر شديد وعندهم تضخم، رغم أن إندونيسيا كان يقال عنها بأنها أحد النمور السبعة، قبل سنوات هنالك دول في جنوب شرق أسيا نهضت نهضة كبيرة، وفي خلال سنوات قليلة أصبحت دولاً صناعية فتآمر عليها الغرب، وفي مقدمة الغرب أمريكا، في مقدمة أمريكا اليهود، تآمروا على هذه الدول لا سيما الإسلامية. فتآمروا على إندونيسيا وماليزيا فأصبحت إندونيسيا فقيرة بعد أن كانت تصنع الطائرات، وتصنع أنواعاً من الإلكترونيات، أصبحت دولة فقيرة، وأصبح الشعب فقيراً ويعاني من الصراعات، هذه أزمة ! وهذه فتنة دخلت كل بيت في إندونيسيا. انظروا إلى العراق، كيف حال العراق؟ فقر كذلك دخل كل بيت ! حصار ! كيف حال ليبيا؟ حوصرت كذلك عشر سنوات وابتلي شعبها بنتائج هذا الحصار. كيف حال السودان؟ كذلك ابتليت بالحصار. كيف حال أفغانستان؟ ابتليت بالحصار. كيف حالنا نحن في اليمن؟ عدة جرعات صُبَّت علينا من البنك الدولي، والبنك الدولي بعض الناس يظنه أنه ناصح أمين وعلى رأسه اليهود والنصارى !! هل ينصح اليهود والنصارى للمسلمين؟ هم الذين نصحونا بهذا الجرع، ذقنا تقريباً خمس جرع ! فصار معظم الشعب اليمني في حالة من الفقر. بعض الأسر قد تقع في بيع العرض. فهذه أيضاً صورة من صور هذه الفتنة في المجال الاقتصادي. الدول النفطية أصبحت تقترض كانت عندها عشرات ومئات المليارات من الدولارات في البنوك الأجنبية، كل المليارات امتُصت بسبب حرب الخليج وأصبحت هذه الدول تفترض. وهي الآن تدفع في كل سنة استحقاقات هائلة لهذه القوى المتحالفة الموجودة على أراضيها، فهذا مظهر من مظاهر فتنة الدهيماء لا قوة إلا بالله.

لعل منها الديمقراطية والتعددية في مجال السياسة:

في مجال السياسة كيف حال المسلمين؟ تشتتوا، وتشرذموا، وتفرقوا، صاروا ستين دولة بعد أن كانوا دولة واحدة يحكمها خليفة واحد، وياليت الأمر وقف عند هذا الحد؟! إذا جئنا إلى داخل كل دولة كيف نجدها؟ نجدها قد تشتت شعبها إلى شيع وأحزاب، وصار كل حزب يتجه اتجاهاً، أحزاب كثيرة، في داخل كل حزب هناك أجنحة، وهناك تيارات، وهكذا، فالتشتت سرى إلى كل بيت بحيث تجد في داخل البيت الواحد الأب في حزب !! وأحد أولاده في حزب..! والولد الثاني في حزب..!! والزوجة هواها في حزب رابع..!!! وهكذا دخل التشرذم إلى كل بيت، فلطم كل فرد في هذا المجال، ثم إذا بهذا البلاء يُنَظَّر له بالديمقراطية.. والتعددية وهلم جرا؟!! وهل جنى الناس خيراً من وراء هذه الشعارات؟ هل جنوا خيراً من وراء هذه التعددية؟ إذا كانوا في الغرب قد استفادوا بعض الشيء، وفعلاً توجد عندهم حرية يختارون أحسن من يريدون من الكفاءات أو من الأحزاب لقيادتهم دون صراع، ودون سفك دماء، وإنما بصناديق الانتخابات. إذا كان هذا يحدث في الغرب فذلك شأنهم، ولكن هل هناك مَثَلٌ واحد لدولة واحدة في ديار الإسلام حصل فيها مثل هذا؟ لا يوجد ! وإنما العكس هو الذي يحصل حدث في تركيا أنه نتيجة لعدم وجود التزوير؛ لأنها تعتبر نفسها دولة من أوربا، أنْ صعد حزب إسلامي إلى السلطة فهل أمهلوه؟ لم يكادوا يمهلونه سنة واحدة! رغم أنه قدم خدمات كبيرة للبلد رفع المرتبات وضاعفها 100% واستفاد الناس كثيراً ولكن رغم هذا أُسقِط هذا الحزب وحلوّه وأدخل قادته السجون، في الجزائر ماذا حدث؟ حرب إلى اليوم ما هي الجريمة التي ارتكبها شعب الجزائر؟ أنه صوَّت للإسلاميين، وهو يدفع الثمن إلى اليوم! قتْلٌ لا يعرف الأخلاق ! ولا يعرف القيم، ولا الإنسانية، حتى الصبيان، حتى النساء حتى العجزة، يذبحون ذبحاً..!. وهكذا، فهذه المصيبة أو هذه الفتنة لم تثمر إلا البلاء في ديار المسلمين وإن كان يُنظَّر لها، وإن كانت تظهر ببهرج وخداع، الانتخابات والديمقراطية التي وردت إلى ديار المسلمين لم تنتج لهم إلا هذا البلاء ـ والعياذ بالله ـ فالخلاصة لعل فتنة الدهيماء التي تدخل كل بيت من بيوت المسلمين هي هذه الفتنة، وهي فتنة في المجالات المختلفة، يبدو أنها فتنة مركبة وليست فتنة بسيطة، وتلطم كل وأحد وتتمادى، كلما قيل انقضت تمادت، ومن مظاهرها السياسية أيضاً خضوعٌ للكفار، لليهود والنصارى، خضوعٌ تام من قبل حكام المسلمين ـ فمثلاً ـ الأمريكان، واليهود يقولون سلام؟! ويقول من يحكم المسلمين: سلام؟! ويلهثون وراء السلام رغم أن اليهود يقتلون حتى الأطفال ! وإلى اليوم يفعلون الأفاعيل يوجهون الأسلحة الثقيلة إلى المدن، ويقصفون البيوت، لم يسلم حديث الولادة ! قبل فترة قتلوا طفلة عمرها عشرون يوماً، ومع هذا يقولون سلام ! ومفاوضات ـ تحت رعاية كلنتون رئيس أمريكا ـ والعولمة قادمة وبلاؤها قادم ! كلما قيل انقضت تمادت ! لعلنا نعايش هذه الفتنة ـ والعياذ بالله ـ فسوف تستمر وستقسم الناس إلى فسطاطين، ولأن الصحوة الإسلامية منتشرة الآن، والكل يخطب ود الصحوة، فلذلك لا يستطيع أحد أن يعلن كفره، فماذا يصنعون؟ يُغلّفون كفرهم بالنفاق ! حتى يصير الناس كما قال عليه الصلاة السلام إلى فسطاطين: فسطاط إيمان لا نفاق فيه وهم الخلَّص الذين يصبرون ويتحملون، الغرباء القابضون على دينهم، وهؤلاء كما ورد في الحديث كالقابضين على الجمر، والآخرون الذين يسيرون مع كل ناعق ويحرصون على العَرَض العاجل، يبيعون دينهم بعرضٍ من الدنيا وهم (فسطاط نفاق لا إيمان فيه). قال عليه الصلاة والسلام: (فإذا كان ذلكم فانتظروا الدجال من يومه أو غده) يعني: أن هذه الفتنة سوف تستمر وتطول وفي نهايتها يظهر الدجال ـ والعياذ بالله ـ بمعنى: أنه يظهر المهدي في أثنائها وهو الذي يعيد الخلافة الراشدة، ويستمر التمايز في عهده، وفي آخرها يظهر الدجال الذي يقتله عيسى كما وردت بذلك الأحاديث.

 .................................................                                   

6- هدنة مع بني الأصفر:

 وأما العلامة السادسة:فهي (ثم تكون هدنة بينكم وبين بني الأصفر) هدنة، ومعاهدة بينكم وبين بني الأصفر، وبنو الأصفر: هم الروم أي النصارى: (فيغدرون فيأتونكم في ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً) هذه الهدنة بيننا وبين بني الأصفر، بيننا يعني المسلمين، أي أن للمسلمين شخصية واحدة، هل المسلمون اليوم لهم شخصية واحدة تعبِّر عنهم؟ لا توجد هذه الشخصية، ولذلك يبدو أن هذه العلامة إنما تكون عندما تعود للمسلمين خلافتهم الراشدة التي تعبر عنهم، وقد ذكر ابن حجر في " الفتح" أنه ورد في كتاب " الفتن" لنعيم بن حماد أن هذه الهدنة تكون بين المهدي وبين الروم، فالمهدي الذي هو الخليفة الراشد يعيد الخلافة الراشدة في آخر الزمان. وفي ذلك الوقت يكون لنا كيان، ولذلك قالصلى الله عليه وسلم (بينكم وبين بني الأصفر). أما اليوم فالمسلمون ليس لهم كيان موحد، المسلمون متشرذمون كما قلنا إلى ستين دولة، لا يوجد كيان واحد يمثلهم، لكن حين يوجد هذا الكيان ويمثلهم ستحصل معاهدة بينهم وبين الروم ستحصل معارك ثم يعترف الروم بدولة الإسلام وتحصل معاهدة، ولكن يعقب هذه المعاهدة غدر من الروم، ورد في حديث آخر رواه أبو دواود وهو صحيح كما قال الألباني قال صلى الله عليه وسلم  (ستصالحون الروم صلحاً آمناً) ستصالحون يعنى وأنتم كيان (صلحاً آمنا،فتغزون أنتم وهم عدوا من ورائكم) أي يغزو المسلمون والروم عدواً. قال (فتسلمون وتغنمون) يعني تنتصرون وتغنمون (وتنزلون بمرْج ذي تلول) يعني بأرض خضراء ذات تُلول (فيقوم رجل منهم ويقول:- غلب الصليب) رجل من الروم من النصارى (فيقوم له رجل مسلم فيقتله، فعند ذلك يغدر الروم فيأتونكم في ثمانين غاية) أي في ثمانين راية

 (تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً)،يعني الملحمة الكبرى في عهد المهدي، وهذه الملحمة الكبرى يذكرها أهل الكتاب عندهم ويسمونها معركة " هر مجدون "، عندنا في الأحاديث تسمى الملحمة الكبرى، وهي تحدث في عهد المهدي قبل خروج الدجال، وقبل نزول عيسى بن مريم، هذه علامة من ضمن العلامات ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم  وجعلها العلامة السادسة في هذا الحديث الذي رواه عوف بن مالك، والذي أخرجه البخاري، هذه علامات ست، وهي تمثل علامات رئيسة من علامات الساعة ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم  لكي تكون هذه الأمة على بينة من أمرها، ذكر هذه العلامات وذكر علامات أخرى أيضاً في الأحاديث الأخرى حتى لا تفاجأ الأمة، لأن الفتن تكثر في أخر الزمان، ونحن في فترة شيخوخة الدنيا، فانظروا إلى الشخص منا إذا شاب تكثر عليه المشاكل ومظاهر الضعف، والذين من قبله يخبرونه حتى لا يفاجأ، فالرسول عليه الصلاة والسلام يخبرنا بهذه الفتن حتى نستعد لها ونتحملها، وفي بعض الأحاديث يبين لنا كيف نسلك حتى نخرج منها، نسأل الله تبارك وتعالى أن يهيئ لنا من أمرنا رشدا وأن يهدينا إلى سواء السبيل وأن يوفقنا إلى ما يرضيه والحمد لله رب العالمين و صلى الله عليه وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه سوف تكون الأسئلة بعد الصلاة، ن شاء الله.

 .................................................                                   

 

 (الأسئلة والأجوبة)

سنحاول أن نجيب على الأسئلة باختصار

س: إذا كان في البيت تلفاز فماذا يفعل صاحبه هل يبيعه أو يكسره؟

ج: التلفاز في حد ذاته آلة يمكن أن يستفاد منها في الخير إذا كان يستطيع صاحبه أن يضبط أمره، وأن يستفيد منه في بعض أفلام الفيديو النافعة ؛ لأنه نادراً ما توجد أفلام نافعة، كثير من الأفلام فيها مخالفات، حتى هذه الأفلام التي يقولون عنها كرتونية هي عبارة عن رسم اليد، رسم اليد لا يجوز للكائنات التي فيها روح، فإذا كانت هناك محاضرات في أشرطة نافعة فلا بأس، إذا كان سيستفاد من التلفاز في مثل هذه فلا بأس ويضبط، وإذا كان لا يستطيع صاحبه أن يضبط فإنه يعطله، أما إذا باعه فهو سيبيع شراً للآخرين فلا ينبغي له أن يكون سبباً في نقل هذا الشر إلى الآخرين.

س: كم عدد مرات النفخ في الصور؟

ج: الله أعلم، بعض العلماء يقول نفختان بدليل قوله تعالى:((ونُفِخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله))وهي نفخة الصعق - ((ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون)) أي مرة أخرى وهي نفخة البعث، أما في سورة النازعات فيقول سبحانه: ((يوم ترجف الراجفة)) يعني هي النفخة الأولى ((تتبعها الرادفة))أي أن النفخة الثانية ((قلوب يومئذ واجفة * أبصارها خاشعة * يقولون أإنا لمردودون في الحافرة * أإذا كنا عظاماً نخرة * قالوا تلك إذاً كرة خاسرة فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة)) وبعضهم يقول هناك نفخة ثالثة تفهم من قوله تعالى: ((فإنما هي زجرة واحدة))يعني أن هناك نفخة ثالثة لجمْع الناس والله أعلم. فهل عددها ثلاث أو اثنتان؟ الله أعلم.

س: قيام الساعة ما المقصود به؟ هل هو شيء موجود وقاعد ثم يقوم عند الإذن له؟

ج: ليس شيئاً قاعداً، وإنما المقصود أن وضع الكون ساكن، فتغيرُّ الوضع عبرَّ عنه بالقيام يقال: قام الإعصار يعني أنه تحرك، فالساعة تحدث فيها حركة واضطراب في الكون كله، تدمَّر السماوات والأرض، ويموت الناس والمخلوقات، فهذه الحركة عبر عنها بالقيام.

س: ما نصيحتك للشباب في ضوء تعدد الجماعات الإسلامية في اليمن؟

ج: الأصل عدم التعدد. انظروا نحن في المسجد كيف نصلي؟ نصلي جماعة واحدة لو فعلنا هنا جماعة وهنا جماعة كيف سيُنظَر إلينا؟ سيقال هذه إساءة كبيرة إلى الإسلام، أن تصلي عدة جماعات في مسجد واحد وفي وقت واحد، وكذلك الأصل في ديار الإسلام أن لا يتشتت المسلمون، يقول الله سبحانه: ((واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)) ويقول: ((يا أيها الرسل -خطاب للرسل جميعاً- كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً إني بما تعملون عليم * وإن هذه أمتكم أمة واحدة))، فالرسل دينهم جميعاً دين واحد، واتجاههم اتجاه واحد وليس اتجاهات ولذلك نحن نقول في كل ركعة: ((اهدنا الصراط المستقيم)) يعني أنه صراط واحد ((صراط الذين أنعمت عليهم))من هم الذين أنعمت عليهم؟ في آية أخرى يقول: ((ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين))، فالأصل أننا جماعة واحدة ليس في هذا الزمان فقط وإنما على امتداد شعاب الزمان والمكان، كل المسلمين الأصل أنهم شيء واحد من اتباع الأنبياء جميعاً، فما بالكم في هذا الزمان ونحن يجمعنا قرآن واحد ونبي واحد وقبلة واحدة وحلال واحد، وحرام واحد إلى أخره؟ فلا يجوز التفرق. إذا كان يصعب أن يجتمع المسلمون في إطار الدول لوجود الفوارق والفواصل والحدود المصطنعة الكاذبة، فإن الله يقول: ((فاتقوا الله ما استطعتم)) ففي إطار البلد الواحد على الأقل ينبغي أن يكون الدعاة إلى الله شيئاً واحداً، وتفرقهم إلى جماعات أمر مستنكر تماماً كتفرق المصلين في مسجد إلى جماعات في وقت واحد، انظروا كيف نستنكر تفرق المصلين إلى جماعات، فكذلك يجب أن نستنكر وجود عدة جماعات في ساحة واحدة وفي وقت واحد، وكل جماعة تقول إنها تدعو إلى الإسلام، وعلى منهج أهل السنة والجماعة، ومع هذا لا تجتمع، هذا لا ينبغي. وسبب وجود هذه الجماعات المتعددة هو الأهواء في الغالب لا أكثر ولا أقل؛ لأن الإسلام يوحّد لا يشتت، والقرآن يجمع ولا يفرق، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: (ما تواد اثنان في الله -والأصل أن المسلمين يتوادون في الله- فيفرق بينهما إلا بذنب يحدثه أحدهما) رواه البخاري في الأدب المفرد، فالذنوب هي السبب، الذنوب و منها الأهواء ـ والعياذ بالله ـ زعامات !! كل واحد يريد أن يكون له أتباع، وهكذا، وإلا فالأصل أننا نكون شيئاً واحداً، ولذلك نصيحتي للشباب أن يعملوا على محاولة الدمج، أن تندمج هذه الجماعات وأن يحصل بينها الإخاء، والتواد، والمحبة، والولاء، الأصل أنك توالي كل مسلم وإلا كررنا العصبية المذهبية القديمة، المذهبية، وُجدت في ديار الإسلام فكان من بعض مساوئها أن تَفَرّقَ المسلمون، وما كان أئمة المذاهب يريدون هذا أبداً ولكن المتأخرين فعلوا هذا، حتى وُجد من لا يزوج ابنته وهو في مذهبٍ لرجلٍ من مذهب آخر، ووجد في المسجد الواحد أكثر من جماعة يقولون: هذه جماعة الحنفية وهؤلاء جماعة الشافعية، ووجد حتى في الحرم مقام الشافعي ومقام الأحناف، ومقام كذا، ويقال بأنها كانت تتعدد الجماعات في الحرم من قبل، الآن أزيل هذا ـ والحمد لله ـ فهذه الجماعات في هذا العصر إذا وصلت إلى هذا الحد في التفريق بين الناس فهي أشبه بالعصبية المذهبية التي فرقت الناس، فلا يجوز أن نكرس هذا، بل علينا أن نوجد ولاءً عاماً لكل المؤمنين ((إنما المؤمنون أخوة))وأن نستشعر أن علينا حقوقاً لجميع المسلمين: (حق المسلم على المسلم ست) كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم، ولم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم  بأن هذا الحق يخص المسلم الذي في جماعتك فقط، والذي في جماعة ثانية لا حق له !! الذي في مذهبك والذي في مذهب آخر لا حق لـه ! الرسول عليه الصلاة والسلام يقول كذلك: (كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه) متفق عليه، ولكن في ظل المذهبيات، وتعدد الجماعات بعض الناس يستبيح عرض الذي من جماعة أخرى أو مذهب آخر يطعن فيه ويسبه ويشتمه وهو أخوه المسلم عرضه حرام عليه، لا يجوز أن يغتابه، ولا أن ينم عليه، ولا أن يتجسس عليه فالأصل أننا شيء واحد ؛ والرسول صلى الله عليه وسلم  يقول: (إياكم وفساد ذات البين إنها الحالقة. قال: لا أقول تحلق الشعر ولكنها تحلق الدين) هذه الخلافات تحلق الدين، كل واحد لا يراعي الدين في الآخر حين يشتمه ويسبه ويغتابه، فعلينا أن نحرص على لمِّ الشمل قدر ما نستطيع، وعلى إزالة الخلافات بقدر ما نستطيع ـ لا سيما في إطار أهل السنة والجماعة ـ دعونا ـ مثلاً ـ من الباطنية، والمكارمة، والرافضة، ونحوهم الذين هم خارج الإطار، لكن الذين في إطار أهل السنة والجماعة لا يجوز أن يتشتتوا أبداً. فلنسع جميعاً لتوحيد الكلمة وتوحيد الصف، وإزالة كل العوائق ما استطعنا إلى ذلك، ولنصبر ؛ لأنه قد يؤذى الإنسان في هذا السبيل، لكن عليه أن يتحمل لقول الله سبحانه وتعالى: ((وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)) نتعاون مع كل الجماعات في الخير، وما كان ليس عليه دليل أو ليس خيراً، فلا تتعاون مع أحد في ذلك ؛ لأن الله يقول: ((وتعانوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)).

س: ما ذا يقصد بالعَوْلَمة؟

ج: العولمة يقصد بها أن يصير العالم كله كأنه قرية واحدة أو دولة واحدة تزول الحواجز الاقتصادية، الحواجز الثقافية، وغير ذلك وهي في الحقيقة لها علاقة بما يسمونه بالنظام العالمي الجديد، وهذا النظام وراءه أمريكا، وأمريكا وراءها اليهود، يعني في النهاية هي أمْرَكة وليست عولمة يعني أن يخضع الناس لأمريكا، وبعبارة أخرى: أن يخضعوا لليهود.

س: ماذا تقولون في الانتخابات؟ والديمقراطية؟

ج: أنا لي موقف في هذا الأمر قد بينته قبل أكثر من سنة في قصيدة وبيّنه معي غيري ممن وقع على تلك القصيدة فلا أريد أن أخوض الآن في هذا الموضوع.

س: قال تعالى: (ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله) أليس عدم الانتخابات كتماناً للشهادة؟

ج: لو شهدت لأتقى عباد الله ففي الغالب النتائج معروفة! قد جربنا هذا، أنا لي تجربة في هذا الموضوع طويلة وبقيت في مجلس النواب أربع سنوات وخضت الانتخابات أكثر من مرة، فمهما شهدتَ ففي النهاية يوجد عندنا مليون ومائتا ألف صوت مكرر مزوَّر، ولم تصحَّح الجداول إلى اليوم، فما قيمتك أنت بين هذه الأعداد الهائلة، ما قيمة شهادتك؟! وسلبيات الانتخابات الديمقراطية كثيرة، والكلام على المخالفات فيها لشرع الله طويل.

س: ما رأيكم في الانتماء إلى الأحزاب الإسلامية والعمل لها؟

ج: قلنا من قبل كفى المسلمين تشرذماً وتشتتاً، نريدهم أن يكونوا كما أراد الله لهم، أن يكونوا أخوة ((إنما المؤمنون أخوة)) وعلينا أن نجتمع كما نصلي الجماعة في المسجد الآن، هذا من جماعة وهذا من جماعة نصلي كلنا وراء إمام واحد، فينبغي في العمل الإسلامي أن نكون هكذا كما في الصلاة وراء إمام واحد، ولو اختلفت اجتهاداتنا ومذاهبنا، وعلينا أن نسعى لهذا. صحيح أنه صعب، ولكن يجب أن نسعى إليه.

س: ما رأيكم في فقه المصالح؟ وهل يُرَدْ الدليل الشرعي الصريح بعذر المصلحة الشرعية؟

ج: لا. العلماء سموها المصلحة المرسلة. ما معنى المرسلة؟ معناه أنه لا يوجد بخصوصها دليل، مسكوت عنها، مرسلة من النص، لا يوجد نص بخصوصها، أما المصلحة التي في مواجهتها نص، أي يعارضها نص، العلماء يسمونها مصلحة ملغاه لا قيمة لها؛ لأنها مصلحة متوهّمة فيعمل بالنص ولا يلتفت إلى الوهم. المصلحة لا يعمل بها إلا حيث لا يوجد نص، والمالكية هم الذين تبنوا المصلحة المرسلة، هم لا يعملون بالمصلحة إلا حيث لا نص، ولا تُقَدّم المصلحة على النص أبداً.

س: ما معنى (يصطلحون على رجل كَوَرك على ضلع) كما في الحديث؟

ج: الضلع الشيء الأعوج، من ذلك أضلاع الإنسان مفردها ضِلْع أو ضِلَع كذلك العود الأعوج يسمى ضِلْعاً أو ضِلَعاً. والورك هو العظم الذي يجلس عليه الإنسان، جلسة التشهد الأخيرة تسمى (التورّك) عندما يجلس المصلي على مقعدته، على وَرِكه، والوَرِك هذا عندما يقعد على ضِلْع، أي على شيء أعوج،يكون غير مستقر، فالمقصود (يصطلح الناس على رَجُلٍ كَوَرِكٍ على ضلع) يعني كما يجلس الورك على الشيء الأعوج، يعني يكون غير مستقر، وفي هذه العبارة إما أن يكون المقصود الرجل، أي أن الرجل الذي اصطلح الناس عليه غير مستقر، أو المقصود الصلح نفسه يكون غير مستقر، فإذا صح القول بأن فتنة السراء هي حرب الخليج كما سمعت من الشيخ عبد المجيد الزنداني، فإن الرجل هو " قرباتشوف " رئيس الاتحاد السوفيتي الذي تدخّلّ للصلح بين أمريكا والعراق، فإما أن يكون المقصود "قرباتشوف " نفسه ؛ لأنه في حكمه كان غير مستقر، وسرعان ما انتهى وانتهى الاتحاد السوفيتي،وإما أن يكون المقصود الصلح فالصلح نفسه مضطرب، ولذلك تجدون ما بين وقت وآخر أن قوات التحالف تقصف العراق فهو صلح غير مستقر.. والله أعلم.

س: ما معنى ظهور الدابة؟ وما هي صفاتها؟

ج: وردت صفات لها في روايات وفي أقوال ضعيفة، وبعض العلماء يقول لعلها الجساسة التي وردت في حديث فاطمة بنت قيس الذي عند مسلم، والجساسة في هذا الحديث وُصفت أنها دابة أهْلَبُ أي كثيرة الشعر، لا يُدرَى ما قبُلها من دبُرها وأنها تتكلم.. الله أعلم هل هي الدابة؟ أو الدابة غيرها؟.

س: قال الله عن موسى إنه قال: ((يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم)) ما معنى قوله تعالى: ((كتب الله لكم))؟

ج: يعني التي كتب الله لكم دخولها، والخطاب لبني إسرائيل، ولما أبَواْ ورفضوا عاقبهم الله بالتيه أربعين سنه ((قال فأنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض)) ومات موسى في التيه وأخوه هارون، ثم بعد ذلك نبُيِّءَ يوشع ـ وهو غلام موسى ـ، أي: صار نبيا فدخل بهم الأرض المقدسة وقاتل الجبارين وهزمهم، وأخّر الله الشمس له كما في الحديث المتفق عليه حتى دخل بيت المقدس، فهم كانوا أحق بها ؛ لأنهم كانوا على الدين الحق، فلما حرَّفوا وبدلوا صارت أمة محمد صلى الله عليه وسلم  هي الأحق بهذه الأرض المقدسة ؛ لأنها تمثل الدين الحق.

س:هل نستطيع أن نقول إن العولمة هي فتنة الدهيماء بما تحمله من فتن؟

ج: العولمة لعلها جزء من فتنة الدهيماء ؛ لأن الراجح كما قلنا إن الدهيماء فتنة في جميع مجالات الحياة.

س:من ِذكْركم الأحزاب هل هي محرمة؟

ج:التشتت محرم، لكن أن يصير المسلمون حزبا واحداً ثم يجاهدوا أحزاب الشيطان هذا واجب، والله يقول: ((ومن يتَولّ الله ورسوله والذين وآمنوا فإن حزب الله هم الغالبون)) فحزب الله هذا مطلوب منا شرعاً أن نكون جميعاً أعضاء فيه،ونتولى جميع المؤمنين الصالحين والرسول صلى الله عليه وسلم  يقول: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد) فالمؤمنون كيان واحد وحزب واحد في مواجهة حزب الشيطان، وأيضا ًيقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (المؤمن للمؤمن كالبنيان)والبنيان هو عبارة عن كيان واحد فكذلك ينبغي أن يكون المسلمون.

س:من هو المهدي المنتظر؟

ج: المهدي: وردت فيه أحاديث كثيرة وبمجموعها تفيد التواتر، بعضها ضعيف، لكن في مجموعها تفيد التواتر المعنوي، والرسولصلى الله عليه وسلم  وصَفَه، ووَرد ذكره حتى في البخاري ومسلم قال: (كيف بكم إذا نَزَلَ فيكم عيسى بن مريم وإمامكم منكم) قال العلماء: المقصود بـ(إمامكم منكم) المهدي الذي ورد في أحاديث أخرى في السنن، و وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم فيها بأنه أجلى الجبهة، يعني جبهته واسعة ليس في أعلاها شعر، وأنه أقنى الأنف، أي: أنه أنفه مرتفع ومقوّس قليلاً، وأن اسمه كاسم الرسول، واسم أبيه كاسم أبي الرسول أي أن اسمه محمد بن عبد الله، وأنه من ولد فاطمة، هذه كلها أحاديث وردت، فمجموعها يفيد التواتر المعنوي، وليس هو المهدي المنتظر الذي عند الروافض.الروافض عندهم مهدي آخر وهو مخبأ في السرداب في سامّراً بالعراق من قبل أكثر من ألف سنة، وينتظرونه بحارس وحصان، وكلما مات الحارس أو الحصان أتوا بحارس آخر وحصان، وهذا خرافه من الخرافات،ولكن عند أهل السنة هو إنسان عادي ويولد كما يولد الناس، ولا يدري هو عن نفسه، ثم يسوق الله تبارك و تعالى إليه الأمور، يبايع بجانب الكعبة على حين فرقة واختلاف، والناس يدرون أنه هو المهدي بالجيش الذي يأتي من الشام، ويخسف به، وهذا الجيش ورد ذكره في حديث متفق عليه، يقول عليه الصلاة والسلام: (يغزو جيش الكعبة فإذا كانوا ببيداء من الأرض وهذه البيداء هي بيداء المدينة ـ يخسف بأولهم وأخرهم) قلت: يا رسول الله كيف يُخسَف بأولهم، وآخرهم وفيهم أسواقهم، ومن ليس منهم؟ (قال يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون على نياتهم) وفي روايات أخرى أنهم يأتون لِرجل قد استعاذ بالبيت، أو قد عاذ بالبيت، أو لجأ إلى البيت فيأتون إليه، فيخسف الله بهذا الجيش، فيكون هذا كرامة تدل الناس على أن هذا الرجل هو المهدي، فيتجمعون إليه وتسقط الدول الموجودة، ويسير من نصر إلى نصر، و ورد في الحديث الذي رواه مسلم (تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله) ولعل المقصود أن هذا في عهد المهدي؛ لأن جزيرة العرب كانت في عهد الرسول قد غزيت كلها ودخل فيها الإسلام، واليمن من ضمنها دخلت في الإسلام في عهد الرسول، فلعل هذا في أيام المهدي بدليل أنه ذكر الدجال في آخر هذا الحديث قال: (تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله، وتغزون فارس فيفتحها الله) يبدو أن المهدي يغزو إيران ؛ لأن عندهم مهدياً أخر وعقيدة ثانية، فهم طبعاً سيحاربون المهدي حين يكتشفون أنه من أهل السنة لكن ينتصر عليهم قال:(وتغزون الروم فيفتحها الله) والروم موجودون الآن في جزيرة العرب، وهي هذه القوات المتحالفة: (وتغزون الدجال فيفتحه الله) وذِكْر الدجال في هذا الحديث يدل على أن هذه الغزوات تكون في آخر الزمان في أيام المهدي والله أعلم، والدجال يقتله عيسى في عهد المهدي لأن عيسى ينزل في عهد المهدي.

س: يرجى توضيح فتنة الدجال ونزول المسيح وأين ينزل؟

ج: الدجال فتنة عظيمة، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: (ما بين آدم إلى قيام الساعة أمرٌ أكبر من الدجال) يعني: لا توجد فتنة أعظم من الدجال حتى إن جميع الأنبياء أنذروا أممهم منه حتى نوح، وهو طبعاً لم يظهر في أي أمة من الأمم، فما بقي إلا أنه يظهر في أمة محمد عليه الصلاة والسلام، وفتنته عظيمة يأتي بخوارق هائلة، يقول للسماء أمطري فتمطر، وللأرض أنبتي فتنبت، ويحيي أمام الناس شخصاً يقطعه قطعتين، يعطيه الله قدرات لكي يبتلى بها الناس، ومع هذا هنالك دلائل تدل على أنه الدجال، فهو أعور، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول(إن ربكم ليس بأعور) لو كان رباً لما ظهر فيه مثل هذا العيب، وأيضاً مكتوب بين عينيه ك-ف-ر (كافر) يقرأها كل مؤمن حتى الأمي، وهذه بينة واضحة، وكذلك يتبعه اليهود، واليهود قوم الضلالة الخ، والدجال يخرج في طريق ما بين الشام والعراق، قال صلى الله عليه وسلم : (إنه خارج خَلَّة ما بين الشام والعراق) الخَلّة هي الطريق. وأما المسيح عيسى بن مريم فينزل في دمشق شرقي المنارة البيضاء كما في الحديث الصحيح، يدرك الدجال بعد أن ينتقل الدجال في الأرض كلها ما عدا مكة والمدينة، وأظن وبيت المقدس، لا يستطيع دخول هذه المناطق الثلاث، فيدركه عيسى بباب لد، وباب لُدّ بقرب بيت المقدس في فلسطين فيقتله هناك، يقتله بحربته.

س: تفرق المجتمع إلى الأحزاب وهذا ما ذكرته في المحاضرة فهل تكون الانتخابات تفريقاً آخر للمجتمع؟

ج: نحن ندعو إلى جمع الكلمة، ومن ضمن مشاكل الانتخابات أنه على مستوى الحارات والقرى الآن يتمزق النسيج الاجتماعي نتيجة للتنافسات، وهذه مصيبة وسيصاب بذلك حتى غير الحزبيين من المستقلين ونحوهم.

س: ما حكم الأناشيد بالدف وبالأصوات الجميلة من بعض الشباب المنشدين؟

ج: الأصوات الجميلة للمردان لا تجوز ؛ لأنها مثيرة، لكن الأصوات العادية من كبار لا بأس بها، والدف للنساء يجوز، لكن لا يجوز للرجال، وابن عباس رضي الله عنهما يقول: (الدف حرام). وحديث البخاري واضح في المعازف ومنها الدف لغةً، وارجعوا إلى الندوة قبل سنتين بخصوص ذلك والتي نشرت في كتيب، فيها تفاصيل في هذا الموضوع، وعلى الأقل المسألة فيها شبهة والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: (فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام).

س: هل يدخل حكم البنطلون في حكم الإزار في الإسبال؟

ج: يبدو هذا، والرسول عليه الصلاة والسلام قال: لما قيل له في الحديث الذي رواه أحمد عن أهل الكتاب إنهم يتسرولون ولا يأتزرون قال: (تسرولوا وأتزروا وخالفوا أهل الكتاب)، فالرسول ذكر السراويل والإزار معاً، فينبغي للشخص إذا لبس السراويل أن يكون فضفاضاً بحيث لا يحكي العورة إذا ركع وإذا سجد مثلاً، انظروا إلى إخواننا في الباكستان وفي أفغانستان عندهم سراويلات جيدة، فلو لُبست هذه السراويلات لا بأس، وينبغي أن ترفع فوق الكعب مثل الإزار الله وأعلم.

س: هل صحيح أنك أفتيت بجواز دخول المرأة في مجلس شورى التجمع؟

ج: لا. أنا ومجموعة من مشايخي كالعمراني والديملي والزنداني في هذا الأمر فتوانا عدم الجواز، والأكثر من لجنة الفتوى كانت فتواهم بخلاف ذلك.

س: هل توجد علامات لظهور المهدي؟ وهل قد تحقق جزء منها؟

ج: العلامات التي ذكرناها تدل على قرب ظهوره؛ لأن معظم علامات الساعة الصغرى قد حدثت إن لم نقل كلها، وورد في الحديث أنه يملؤها أي المهدي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، فيبدو أنه عندما يزداد الجور إلى أقصى حد، تكون هذه هي العلامة النهائية، يقولون يزداد الظلام في أخر الليل، ويعقبه ظهور الفجر، فهنا يزداد الظلم قبل المهدي، ومؤدى هذا كما يبدو أنه لا توجد قبله دولة إسلامية بمعنى الكلمة، لأنه لو كانت توجد دولة قبله لَمَا قال في الحديث (يملؤها عدلاً كما ملئت جَوْراً) ؛ لأنه بوجود دولة إسلامية سيوجد عدل، ولن تكون الأرض كلها مملؤة بالجور والله أعلم، لكن ليس معنى هذا أن الناس يستسلمون، لا. عليهم أن يحثوا أنفسهم على مزيد من العمل، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: (إن من ورائكم زمان الصبر المتسك فيه له أجر خمسين شهيداً منكم) يعني من الصحابة رواه الطبراني وقال الألباني أنه صحيح فعلينا أن نستفيد من هذه الأيام في العمل وليس في النوم، لا نقول مادام لا يوجد أمل، ننتظر حتى يأتي المهدي، لا أنت متعبَّد بأن تعمل، والمهدي متعبد بشخصه لأن يعمل لنفسه وأنت متعبد لنفسك، لن ينوب عنك المهدي، اعمل ! والرسول عليه الصلاة والسلام يحث على العمل حتى عند قيام الساعة فيقول: (إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة المقصود فسيلة النخل أي نبتة النخل- فإن استطاع ألاّ تقوم حتى يغرسها فليفعل) رواه أحمد فالمؤمن يفعل الخير ولو في أحلك الظروف، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويبذل الجهد في طاعة الله.

س: إن الناس ينقسمون إلى فسطاطين فسطاط إيمان لا نفاق فيه وفسطاط نفاق لا إيمان فيه فهل يلزم أن يكون كل فسطاط مجموعة لها قيادتها وقاعدتها أم أنه يجمعهم جانب العمل؟

ج: يقول الله تعالى: ((والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض)) الإيمان الحق يجعل المؤمنين جماعة واحدة، والنفاق أيضاً يجعل المنافقين مع بعضهم كالجماعة الواحدة يقول الله سبحانه: ((المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض)) ولذلك انظروا مثلاً لقضية "الثقافية" وإعادتها لنشر الرواية التي فيها سب الله؟ ألم ينقسم الناس فيها إلى قسمين؟ تجدون أن الأشرار تعاونوا رغم اختلاف أحزابهم ومشاربهم، تعاونوا فيما بينهم ووقفوا وقفةً واحدة، وكذلك المؤمنون الصادقون كان موقفهم واحداً، وكشف الله بعض وجوه كانت تزعم أنها من أهل هذا الفسطاط، وإذا بها تتملق الفسطاط الآخر.

س: هل سماع صوت المرأة في أشرطة الأناشيد حرام؟

ج: صوت المرأة الذي فيه خضوع حرام على الرجل الأجنبي والله يقول: ((فلا تخضعن بالقول)) والأنشودة فيها خضوع، فلا يجوز لأجنبي أن يسمع صوت المرأة في هذه الحالة. وقد يقول قائل: الجواري كان الرسول صلى الله عليه وسلم يسمعهن، ولكن يُرَدُّ عليه بأن الجارية يغتفر فيها مالا يغتفر في الحرة؛ لأن الجارية عبارة عن سلعة تباع وتشترى في السوق يأتي الشخص لكي يشتريها فيفتشها ! كيف شعرها؟! طويل أو قصير؟ ينظر إلى لونها ! كيف جسمها ! كيف كذا؟ لا يشتريها إلا بعد أن يفتشها فيغتفر فيها ما لا يغتفر في الحرة، لكن الحرة بخلاف ذلك، لا يمكن حتى مصافحتها والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا أمس أيدي النساء) فلا تصافح الحرة مجرد مصافحة، وصوتها لا يسمع إلا إذا كان صوتاً معروفاً. قال تعالى: ((وقلن قولاً معروفاً)) أما الصوت الذي فيه خضوع لا يجوز سماعه فصوتها في الأنشودة فيه خضوع فلا يسمعها الرجل الأجنبي.

س: بعض الأشخاص يلبسون قمصاناً فيها صور حيوانات فهل تجوز الصلاة بها؟

ج: لا يجوز أن يلبس الإنسان ثوباً فيه صورة حيوان؛ لأنه منهي عنه وهو آثم في الصلاة وخارج الصلاة، ولكن في الصلاة يكون الإثم أشد، لأن الله يقول: ((خذوا زينتكم عند كل مسجد)) وهذه الزينة لا يليق، بها أن تلبس ثوباً فيه كائن من ذوات الأرواح، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حرم هذه الصور.

س: هل هناك أحاديث صحيحة تحرم الغناء؟

ج: نعم. الغناء المحرم هو الذي فيه كلمات غير مباحة، أو تصحبه أدوات موسيقية، أو يكون بصوت امرأة، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: ((ليكونن قوم من أمتي يستحلون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف)) رواه البخاري. والمعازف أدوات الموسيقى، والرسول عليه الصلاة السلام يقول في الحديث الآخر وهو صحيح (الشعر كالكلام حَسَنهُ كحَسَن الكلام وقبيحه كقبيح الكلام). والغناء: ما هو إلا ألفاظ شعرية فإذا كانت ألفاظاً قبيحة فهي محرمة كالكلام المحرم، وأيضاً يقول عليه الصلاة السلام: (صوتان ملعونان) وهذا يقول فيه الألباني إنه حسن، واستدل به ابن تيمية، قال صلى الله عليه وسلم  (صوتان ملعونان، مزمارٌ عند نعمة ورنة عند مصيبة) فهذه الأحاديث أوردها ابن القيم وابن تيمية والألباني وغيرهم، واستدل بها جمهور علماء المسلمين على حرمة الغناء، ولم يبق إلا القلة مثل ابن حزم ومن سار على رأيه، وحتى ابن حزم علَّق كلامه على أنه لو صحت الأحاديث لأخذ بها، وأقسم يميناً في (المحلَّى) أنه لو صحت هذه الأحاديث لأخذ بها ! ولقد صححها غيره من العلماء الكبار في الحديث كابن حجر، وابن الصلاح، والنووي، والسخاوي، والسيوطي، وغيرهم من علماء الحديث.

س: هناك بعض الجهلة يقول: ليس هناك نص قرآني يحرم الغناء وأقوال بعض المفسرين ليست حجة؟

ج: معنى ذلك لا نأخذ إلا ما كان محرماً في القرآن، مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم  يقول: (أوتيت القرآن ومثله معه). هل يوجد نص قرآني يبين لنا أن صلاة العشاء أربع ركعات فهل يعني ذلك أن لا تصلي أربع ركعات؟

س: هل نعتبر بيت المقدس من حيث التاريخ لليهود، لأنه في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام كان في أيديهم؟

ج: نحن قلنا بأن الأرض للمؤمنين يقول سبحانه: ((إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين))اليهود تركوا الإيمان فاصبحوا ليسوا أهلاً للولاية فخلفهم المسلمون، فالولاية أصبحت للمسلمين، وهؤلاء اليهود لو اسلموا سيصيرون منا، عبد الله بن سلام أسلم وصار من خيار الصحابة، فالولاية لأهل الدين الحق، كان اليهود في الماضي أهل الدين الحق ثم نزع الله منهم هذا بكفرهم ((لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم الخ)) ((ضربت عليهم الذلة الخ)) الآية.

س: لو سمعتم أن تعطونا نبذة مختصرة عن الشيخ ابن عثيمين؟

ج: الشيخ ابن عثيمين هو العالم الكبير رحمه الله، والذي توفي قبل أيام وله مؤلفات كثيرة، وكان داعية من الدعاة إلى الله تبارك وتعالى، وكان آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، وكان مؤثراً في الناس، وقد رأيت حلقته في العام الماضي في رمضان أكبر حلقة في المسجد الحرام، لا تضاهيها حلقة، ومعظم رواد حلقته من الشباب، ولا يتركونه حتى في الشارع، يمشون بعده متجمهرين بأعداد كبيرة، لأن الرجل كان مؤثراً، وقد ورد في الحديث: (أن الله إذا أحب عبداً أمر جبريل بأن ينادي في السماء أن الله يحب فلاناً ثم يوضع له القبول في الأرض..) فهذا القبول ـ إن شاء الله ـ من علامات محبة الله له، ولا نزكيه على الله وينبغي لنا أن نستفيد من كتبه وفتاواه.

س: ما هو قولكم في كتاب(الفتح الرباني في ذكر القحطاني)؟

ج: هذا الكتاب جمع كلاماً كثيراً ولا سيما من كلام أهل الكتاب من التوراة والإنجيل، والجمع لا بأس به في حد ذاته، ولكن قد يوجد التكلف في بعض التأويلات، ويكاد الكتاب أن يركز على شخصية معينة وإن كان لم يسمِّ شخصية معينة، لكن يكاد أن يقول بأن القحطاني موجود، وبأن هذه الأوصاف تكاد تنطبق عليه، ولا شك أن صاحب الكتاب بذل جهداً غير عادي، ويمكن أن يستفاد من هذا الجمع الذي فيه، وفي الكتاب كلام مرجوح فقد زعم أن القحطاني هو الذي سيعرِّف بالمهدي، وأنه سيكون قبل المهدي، وأنه في عهد المهدي سيتنازل له المهدي، وهذا الكلام مرجوح، فالعلماء ومنهم ابن حجر رحمه الله- يقول بأن القحطاني يكون بعد المهدي، ويأتي بأدلة تدل على هذا، من ضمنها حديث صحيح مذكور في صحيح الجامع الصغير صححه الألباني قال صلى الله عليه وسلم : (كان هذا الأمر في حمير ثم نزعه الله منهم فصار في قريش ثم يعود الى حمير) فمعنى هذا أن الخلافة ستستمر في قريش إلى أن يظهر المهدي والمهدي من قريش،والقحطاني هو من قحطان أي من حمير، يعني أن الخلافة التي في حمير ستكون بعد المهدي، وليس أثناء خلافة المهدي والله أعلم. صاحب الكتاب يقول بأنه سيكون المهدي خليفة ثم يتنازل للقحطاني ثم يُقتَل القحطاني من قبل الدجال ويرجع المهدي خليفة من جديد، وهذه المسألة ليست مستساغة، والخلافة عندنا في الإسلام تستمر في الشخص إلى أن يموت. فالراجح أن القحطاني يكون بعد المهدي كما ذكر ابن حجر وغيره من العلماء والله أعلم.

س: هل صحيح أن صدام حسين هو السفياني الذي يخسف بجيشه؟

ج: ما أظن.

س: نرجو توضيحكم في صلاة القصر في جماعة سافروا من بلدهم إلى بلد آخر لطلب الرزق وهم منتقلون في سفنهم في البلد الذي قدموا إليه، خلاصة السؤال هل يقصرون الصلاة؟

ج:يرى الشوكاني أنه إذا كان الشخص لم ينوِ الإقامة أكثر من أربعة أيام فإنه يقصر، أما إذا نوى الإقامة أكثر من هذه المدة أصبح في حكم المقيم، لا يقصر، ويرى أنه إذا بقي متردداً لا يدري متى سيسافر فله أن يقصر إلى عشرين يوماً والله أعلم.

س: هل صحيح أنكم أفتيتم عن كتاب العديني دون أن تقرؤوه وهل لا زلتم على فتواكم؟

ج: هذا الكتاب أنا تصفحته وفيه كلام على المرأة ووقعت على الفتوى بعدما تصفحته ونظرته بعيني، فيه مخالفات كثيرة، وفيه شطحات، بعض هذه المخالفات ذُكِرتْ في الفتوى وبعضها لم تذكر فيه بعض السخرية يضع مثلاً حديث: (لا أحل المسجد لحائض) في تناقض مع حديث (جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً) فيقول الأرض كلها مسجد، ولا أحل المسجد للحائض يعني أن الأرض كلها لا تصلح للحائض، فأين تذهب الحائض؟ تذهب في السماء! هكذا يقول، مع أن الحديث الأول ضعيف عند بعض العلماء،ومع القول بالأخذ به وبما في معناه من الأدلة الصحيحة يمكن الجمع مع الحديث الآخر، تصور وامثل هذا الكلام هل يليق؟! أيضاً جمع أحاديث كثيرة بعضها موضوعة و مكذوبة حاول أن ينسبها إلى بعض العلماء لكي يسخر منهم مثل: (دفن البنات من المكرمات) ويقول بأن نظرة بعض العلماء هي نظرة مورثة من الجاهلية، ويقول مثلاً إن الضرب الذي في قوله تعالى: ((واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن)) يقول الضرب معناه الموقف الحازم أي أنه فسّر الضرب بتفسير بعيد ما قال به أحد من المفسرين، فالكتاب عبارة عن شذوات وشطحات، وبلغني أنه في الأخير حذف بعض ذلك وأصدر الكتاب، ولكن لا تزال فيه الشبهات، و بعض الأمور التي ذكرت في الفتوى ربما حذفت الآن. بعضهم يحتج ويقول الفتوى ذكرت أشياء غير موجودة في الكتاب، هؤلاء لم يطلعوا قبل الحذف، ونحن اطلعنا قبل الحذف على الملزمة، والملزمة وُزِّعت على كثيرين، بعضهم يقول لماذا لم تنصحوا الرجل مباشرة؟ نحن لم ننصحه مباشرة ؛ لأن الكتاب وهو ملزمة وزع على قطاع من الناس لا يستهان به، فما دام قد انتشر المنكر فلا بد أن يكون النهي عنه منتشراً، وبلغنا أن بعض العلماء نصحوه من قبل ولكنه لم يقبل، ثم شجعه بعض العصرانيين على طبع الكتاب ونشره على نطاق واسع بشبهاته بعد حذف قليل منها.

س:ما المسافة التي يجب فيها القصر في السفر؟

ج: هناك خلاف بين العلماء بعضهم يقول ثلاثة فراسخ بعضهم يقول ثلاثة أميال بعضهم يقول ثمانية وأربعون ميلاً (أربعة برد). والراجح أن كل ما سُمِّي سفراً جاز فيه القصر.

س:ما رأيكم في الصور الفوتوغرافية لمجرد الذكرى هل هي جائزة؟

ج: العلماء المعاصرون مختلفون بعضهم يجيز الصور الفوتوغرافية ويسمح بها مطلقاً، وبعضهم يجيزها للحاجة. فمثلاً الشيخ ابن باز رحمه الله يقول هي جائزة للحاجة، للبطاقة، للاستمارة، للجواز، لكن لغير الحاجة كالذكرى لا يسمح بها. لكن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله يجيزها، يقول الصور الفوتوغرافية لا بأس بها؛ لأنها ليست الصور التي قصدت في الأحاديث؛ لأن المقصود في الأحاديث هو رسم اليد أو التماثيل، أما هذه الفوتوغرافية فهي الصورة التي خلقها الله أصلاً، فهي مثل التي تراها في المرآة والتي تراها في سطح الماء، فهذا رأي، وهذا رأي، والسائل يختار أحدهما. إذا اختار الصورة للذكرى فينبغي أن يحتفظ بها ولا يعلِّقها؛ لأن التعليق لا يصلح.؛ والصورة الفوتوغرافية فيها شبهة على ما أظن ؛ لأنها تسمى صورة، فمن باب اتقاء الشبهات ينبغي للإنسان أن يجتنبها، ولا بأس بها للحاجة.

س: لقد ظهر كتاب أثار اختلافاً شديداً بين الناس وبين القلوب اسمه (إلى أين يتجه الإخوان المسلمون) ما مشروعية هذا من ناحية الشرع؟ ما هو رأيكم الشخصي فيه؟ هل هو من الاختلاف الذي حدث بسبب فتنة الدهيماء؟

ج:على كل حال أنا ما قرأت الكتاب، وباختصار فإن المسلم عنده معيار شرعي كل كلام يؤخذ منه ويترك كما قال الإمام مالك رحمه الله إلا صاحب هذا القبر يعني الرسول عليه الصلاة والسلام فالشيء الذي يرى المسلم أنه حق يأخذُهُ من أي مكان، والشيء الذي يرى أنه باطل يرده من أي مكان والله يقول: ((فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله و أولئك هم أولو الألباب)).

س: ما رأيكم في تفسير القرآن بالنظريات الحديثة وما يسمى بالإعجاز العلمي؟ قال ابن عثيمين إنه لا يصح لأن النظرية قد تتخلف؟

ج: النظرية: كلام قابل للصحة وقابل للخطأ، وفرقٌ بين النظرية والحقيقة، فالحقيقة هي الشيء الثابت الذي لا يتغير، وعند تفسير القرآن في ضوء الحقيقة لا بأس بذلك، لكن الشيء الذي لا زال نظرية، يمكن أن تنقلب هذه النظرية، فلذلك لا يجوز أن يفسر القرآن في ضوء النظرية.

س: ما حكم التمثيل الإسلامي في الشريعة الإسلامية من كل الجهات؟

ج:التمثيل إذا كان بالضوابط الشرعية لا بأس به، ويكون قصيراً نافعاً، ولا يكون طويلاً مخلاً ولا نقلد فيه الأجانب، نقلد فيه الصالحين نقلد فيه نبينا، ونقلد فيه أسلافنا، والله يقول: ((وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون)) انظروا إلى الرسول عليه الصلاة والسلام جاءه جبريل ومثّلَ أنه سائل، جاء يسأل عن الإيمان وعن الإسلام وعن الإحسان وعن علامات الساعة هل كان جبريل فعلاً سائلاً حقيقياً؟ لقد كان يمثِّل! لكنه تمثيل مفيد مركَّز، لم يُسِفَّ فيه جبريل، كذلك الرسول عليه الصلاة والسلام مثَّل ذات مرة، أخذ جَدْياً ميتا،ً والجدي هو الصغير من الماعز كان أسَكُّ أي قصير الأذنين فقال: (من يشتري هذا بدرهم)؟ هل كان الرسول يريد فعلاً أن يبيع هذا الجدي الميت بدرهم أو أراد أن يمثّل؟ أراد أن يمثّل !! قال: (من يشتري هذا بدرهم؟) قالوا: ما نحب أنه لنا بشيء وهو حي ؛ لأن فيه عيباً، لأنه أسك فكيف وهو ميت؟ فرد الرسولصلى الله عليه وسلم  قائلاً: (الدنيا أهون على الله من هذا عليكم) أخرجهم بهذه النتيجة! ‍‍‍تمثيل قصير مركَّز ليس فيه إسفاف، يوصل الناس إلى نتيجة وعبرة،فإذا وجد من جنس هذا التمثيل الذي يقرَّب المعاني للناس فهذا شيء طيب، أما التمثيل الذي فيه إسفاف وتقليد للأجانب، وكثرة إضحاك للناس وسخرية، ووقوع في المحرمات، وبعض الأحيان تشبُّه، قد يتشبه الرجل بالمرأة بصوتها،بشكلها،وتتشبه المرأة بالرجل، والرسول صلى الله عليه وسلم  يقول: (لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال)، فهذا كله مستورد لا ينبغي لنا أن نأخذه،وأيضاً أن يتحول التمثيل إلى فن يدرَّس وفِرَق ..الخ، وحفظ نصوص وتدريبات ! لا داعي لهذا،فصرف الأوقات في ما هو أهم أولى،لكن إذا وجد في بعض الأحيان تمثيل كما ذكرنا لتقريب المعاني للناس بشكل ليس فيه إسفاف ومنضبط بالضوابط الشرعية فيبدو أنه لا بأس به والله أعلم.

س:موقفك من الانتخابات فيه تثبيط للشباب عن العمل وللناس الصالحين وأنتم تعرفون الأحزاب الأخرى يجمعون الناس للتصويت لغير الصالحين فالأولى بنا أن ندعو الناس للتصويت لمن هو أصلح وأتقى ولا ينبغي الإعراض عن الانتخابات بمجرد أن فيها تزويراً؟

ج:في الحقيقة الكلام كثير في هذا الموضوع لو تكلمنا فيه ساعات، فإنها لا تكفي، وأنا رأيي الشخصي كما قلت لكم إن الانتخابات لو كانت نتيجتها نجاح صالحين سيغيرون الأوضاع بمقتضى هذا الصلاح لكان الأمر يهون، لكن نحن مجربون، وفيها مخالفات في العقيدة والمنهج سوف أبينها مستقبلاً في كتيب ـ إن شاء الله ـ وإذا تكلمت الآن في جزئية سياسية فأقول بقيت في مجلس النواب أربع سنين، والنهاية التي خرجت بها (قل ما تريد ونحن نفعل ما نريد)يعني مجرد كلام،تكلم فقط، ثم ضاقوا حتى من الكلام فللكلمة تأثيرها، وبذلوا إمكانات الدولة لمنع صعود كل من كان له قدرة على الكلام في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونجحوا في ذلك فعلاً،ونظن أنهم كلما سيكتشفون شخصاً جديداً له هذه القدرة فسيمنعون عودته إلى مجلس النواب بكل الوسائل، وقد ضربنا مثلاً من قبل بـ" الثقافية " وهي لا تزال إلى اليوم تفعل الأفاعيل وتتكلم كلاماً خطيراً.هل استطاع المتكلمون في مجلس النواب أن يوقفوها إيقافا فقط؟ لا نقول معاقبة القائمين عليها !أو محاسبة وزير الأعلام! فقط يوقفون هذه الصحيفة حتى تتم المحاكمة، هل استطاعوا أن يفعلوا شيئاً لإيقاف المهزلة؟ إلى الآن لم تحدَّد المحكمة التي تحاكمها! خرجت القضية من المحكمة، محكمة جنوب غرب صنعاء فطعن الطرف الآخر بأن المحكمة غير مختصة،طعنوا في هذا الحكم إلى الاستئناف،استمر الحكم في الاستئناف شهرين تقريباً، في النهاية أصدرت محكمة الاستئناف حكماً بأن المحكمة مختصة،طعنوا إلى النقض والآن القضية في النقض، تصوروا القضية لها سبعة أشهر تقريباً ولم تحدد المحكمة، القاضي حبس المتهم فتحركت جهات يقال إن مجلس الوزراء اجتمع وتدخل لكي يطلق سراح المتهم لأنه قضى تقريباً 12 ساعة في السجن ! ماذا صنع المتكلمون الصالحون في مجلس النواب؟ القول بأن الصالحين سيفعلون ويصنعون إنما هي أوهام، والصالحون في المجلس كثيرون وفي أكثر من حزب ولكنهم لا يقدمون ولا يؤخرون، هذه وجهة نظري ! أو تجربتي الطويلة في المجلس أوصلتني إلى هذه النتيجة والله أعلم. وأنا أقول هذا من باب تبرئة الذمة أمام إلحاح هذا السائل، فالصالحون حتى لو وصلوا إلى المجلس لا يستطيعون عمل شيء، لأن عملهم هو الكلام فقط، والكلام أيضاً يضيقون منه. هذا إذا افترضنا أنهم وصلوا وتجاوزوا التزوير، كل شيء يجندونه للانتخابات ومن ذلك المشاريع، الموارد طبعاً في يد السلطة فهي تعطيها لمن تشاء وتمنعها عمن تشاء، والآن تجدون أن المشاريع تعطى لبعض الدوائر، وبعض الدوائر لا توجد لهم مشاريع من أجل إحراق ممثليها، والمسألة أوسع مما نتصور، وأنا لا أقول إننا نترك الانتخابات إلى غير بدل، عندنا البدل الشرعي، الذين يخوضون الانتخابات يخوضون في مشاكل كثيرة، ومخالفات عديدة، المنافسات، الصراعات إلى حد الاقتتال، إهدار الأموال والجهود، الغيبة، التجسس على المنافسين، الكذب، إدخال النساء في الصراع، المساواة بين الجاهل والعالم والصالح والطالح أنتم تسمعون ماذا حصل قبل أيام في مسجد في محافظة عمران، في قرية خارف، قالوا: قتل مجموعة من الناس بسبب الانتخابات، فيخشى من مثل هذه المصائب الانتخابية التي تصل إلى الخمسين أو أكثر، يعني أنك ما تصل إلى هذا الهدف الذي تريده لو نجحت في الانتخابات كفرد إلا بعدما تقطع وتخوض بحاراً من المشاكل والمصائب، ثم إذا نجحت فأنت رقم ضمن أرقام في مجلس لا تقدم ولا تؤخر، ولا ثمرة لها كما ذكرنا، والبدل هو أن ننشط في النهي عن المنكرات ننهى عنها بالوسائل السلمية، يقول صلى الله عليه وسلم :(من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) رواه مسلم.

 لو أن الناس كما يحشدون في الانتخابات يحشدون في قضية سب الله مثلاً، هل تتصورون كانت ستبقى (الثقافة) على ماهي عليه لو يتحرك مئات من الناس بصورة سليمة للمتابعة عند المديرين في المديريات وعند المحافظين في المحافظات وعند النيابات وجهات القضاء بصورة نظامية ورأس كل شهر مثلا من أجل المتابعة فقط ورفع البرقيات والرسائل وشغل المسئولين وإقناعهم أننا لا يمكن أن نقبل في بلدنا شيئاً لا يرضاه ديننا، فهل ستبقى المنكرات وتزداد كل يوم؟ ويتمادى أصحابها؟ وهل الغرض من الانتخابات كما يقولون إلا النهى عن المنكرات؟ ولا جدوى من ذلك كما ذكرنا. أليس هذا الأسلوب هو الأجدى؟

هذه المدينة التي هي موجودة الآن داخل صنعاء، والناس يقولون عنها،والصحف كتبت عنها (المدينة السياحية) يقولون إن فيها وفيها وفيها.لو أن الناس حشدوا لها مثل الانتخابات أو كالنصف أو كالربع، أو كالعشر مما يحشدون للانتخابات وبالصورة القانونية هل ستبقى؟ فلو أن الناس سخروا طاقاتهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هل سيوجد واحد يقول:

 أنت منافس لي في هذا الموضوع كما يحدث في الانتخابات؟ وهل سيتخلف أحد من الصالحين من جميع الفئات؟!

أناس يروجون لسب الله، أو أناس يشربون الخمور، أو أناس يفسدون، لا يستطيع أحد أن يقف في وجهك بقوة معهم وأنت وسائر الجمهور تسعون بصورة نظامية لمنع المنكر أو لفساد وحتى لو وُجد الإيذاء والمواجهة فإن الحجة سوف تكون واهية عند المؤذين و سيكون عددهم محدوداً وتلبيسهم مكشوفاً. وخير للعقلاء أن يجروا خصومهم إلى المُربَّع الأرضَى لله الذي يكون فيه الخير والنصر لدين الله من أن يجرهم الخصوم إلى المربع الذي تظهر فيه النزاعات البشرية والتلبيسات والله الهادي إلى سواء السبيل.    

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©