ليلة النصف من شعبان

 

                             17/8/1428ـــ30/8/2007                        

 

 

الحديث الذي مضمونه أن الله يطلع على عباده ليلة النصف من شعبان فيغفر لهم إلا لِمُشرك أو مُشاحِن حديث وَرَدَ من طُرُق ، وأخرجه ابن ماجه والطبراني وابن حبان والبيهقي ، وهو حديث صحيح كما ذكر الألباني بسبب تَعدُّد هذه الطرق .

وقد يذكر الألباني في بعض كتبه أنه حسن باعتبار الطريق التي ذكرها هناك ، أو يذكر أنه حسن صحيح باعتبار أنه بالنظر إلى بعض الطرق حسن ، وبالنظر إليها بمجموعها أو بعضها الآخر صحيح .

وقال الألباني في سلسلته الصحيحة : " وفي فضل ليلة نصف شعبان أحاديث متعدّدة ، وقد اختُلف فيها فضعّفها الأكثرون " .

وقال ابن تيمية في ( اقتضاء الصراط المستقيم ) عن ليلة النصف من شعبان : " الذي عليه كثير من أهل العلم أو أكثرهم من أصحابنا وغيرهم على تفضيلها ، وعليه يدل نصُّ أحمد لتعدّد الأحاديث الواردة فيها ، وما يصدّق ذلك من الآثار السلفية ، وقد رُوي بعض فضائلها في المسانيد والسنن وإن كان قد وُضِع فيها أشياء آُخَر " يعني أحاديث موضوعة " .

فأما صوم يوم النصف مُفْرداً ، فلا أصل له ، بل إفراده مكروه ، وكذلك اتخاذه موسماً تُصنع فيه الأطعمة وتظهر فيه الزينة هو من المواسم المحدثة المبتدعة التي لا أصل لها ، وكذلك ما أُحدِث في ليلة النصف من شعبان من الاجتماع العام للصلاة الألفية في المساجد الجامعة ومساجد الأحياء والدور والأسواق ، فإن هذا الاجتماع لصلاة نافلة مقيدة بزمانٍ وعددٍ وقدرٍ من القراءة مكروهٌ لم يشرع ... " .

وذكر الألباني في سلسلته الصحيحة أن المشرك الذي لا يغفر له المذكور في الحديث هو كل من أشرك مع الله شيئاً في ذاته أو في صفاته أو في عبادته ، وأن المُشاحِن كما قال ابن الأثير هو المُعادِي ، والشحناء : العداوة ... وأن الأوزاعي قال : المُشاحِن هو صاحب البدعة المفارق لجماعة الأمة اهـ .

هذا الحديث يدل على مناسبة في رأس العام يجب على المسلمين أن يستعدّوا لها بتصفية ما بينهم من العداوات ، ومن الابتداعات في الدين التي تسبّب لهم الفرقة والشحناء والبغضاء حتى تشملهم مغفرة الله ، وحتى تدوم عليهم أُخوّتهم ووحدتهم.

وهنالك مناسبة أسبوعية كذلك كما في الحديث الذي عند مسلم : ( أن الأعمال تُعرَض كل اثنين وخميس فيغفر الله لكل امرئ لا يشرك بالله شيئاً إلا امْرأً كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقول : اتركوا هذين حتى يصطلحا ) فهذه مناسبة أسبوعية لتفقّد الأُخوّة والوحدة بين المسلمين ولاسيما بين الدعاة إلى الله .

فهل آن لنا أن نستشعر ذلك أسبوعياً ، ثم في رأس العام لملاحقة ما يتبقّى ، لاسيما والمؤامرات علينا كثيرة من شياطين والإنس والجن ، وأُخوتنا ووحدتنا تعاني من الزلازل والهزّات .

والذنوب هي التي تمزّق الشعوب والله يقول : ( فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ ... ) ، وليس من مخرج للرعاة والرعية إلا التوبة بأن نتغافر فيما بيننا بصدق ونستغفر الله بعد ردّ الحقوق وإزالة البدع .

 

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©