ولن ترضى ..... فكيف إذا رضيت ؟

بتاريخ 6/3/1426هـ الموافق 15/4/2005م

 

بعض السياسيين الإسلاميين يتفاءلون وهم ماضون في سلسلة من الحوارات مع الغرب، وبالذات مع الأمريكان، هذه الحوارات التي تنتهي بتراجعات وتنازلات تتزايد يوماً بعد يوم، فمن القبول بإخراج المرأة من مملكتها في البيت، إلى القول بمشاركتها السياسية، إلى القول بنظام الكوتا -وهو فرض عدد من المقاعد خاص بالنساء في البرلمانات- وهو أمر لا يوجد حتى في الغرب نفسه! ومن القبول بالرأي والرأي الآخر، إلى القبول بالتعددية والاعتراف بالأحزاب العلمانية.

 من القبول بحرية الردة وحصر الإنكار على ما إذا اقترن ذلك بالعنف فقط، وأما تغيير العقيدة دون حمل السلاح فلا غبار عليه.

 ومن الحرص على ضرورة أن تكون الحاكمية المطلقة للشريعة، إلى القبول بأن تكون مصدراً رئيساً في بعض البلاد، إلى القبول بأن تكون مصدراً فقط، إلى القبول بأن يحكم بعض الإسلاميين باسم العلمانية، كما هو في دولة إسلامية كبرى، حتى شهد لها الرئيس الأمريكي في زيارته لها في العام الماضي في شهر مايو بأن نموذجها العلماني الإسلامي الذي يرى تعميمه على العالم الإسلامي.

 عندما طولبت الحكومة في هذه الدولة بالسماح بالحجاب للطالبات والموظفات باعتباره قضية شخصية يفترض أن النهج الديمقراطي لا يمنع منه، وكان الطلب من حزب إسلامي آخر؛ كان رد رئيس هذه الحكومة -وهو في نفس الوقت رئيس للحزب الإسلامي الحاكم- بأن الحجاب التقليدي غير ممكن، ولكن يمكن للنساء أن يحجبن شعور رؤوسهن بالباروكة (الشعر المستعار)!! وقد نشرت ذلك مجلة المجتمع الكويتية في تاريخ 5/3/2005م.

وفي الآونة الأخيرة انعقد مؤتمر في الدوحة بين إسلاميين وممثلين عن من منظمات أمريكية ذات نفوذ، وتوصل فيه الطرفان إلى أنه صار بالإمكان الآن أن ترضى أمريكا بصعود الإسلاميين إلى السلطة؛ بعد انفتاحهم في قضايا المرأة وقضايا العولمة والتعددية، وقضايا الثقافة والإعلام والتعليم، والتعايش مع إسرائيل... إلخ

ترى هل يمكن أن يرضى الغربيون فعلاً عن الإسلاميين؟ وهل هنالك مبرر للجدل الواسع الذي يدور في أوساط الإسلاميين أنفسهم في هذا الموضوع؟ حتى صار كثير منهم ينسى أو يتناسى العصبية الصليبية اليهودية، ويؤكد أن الغرب تحكمهم المصالح، والنفعية البرجماتية، وأنه يمكن التفاهم معه في ضوء ذلك!! أليس القرآن قد حسم هذا الأمر بوضوح في قوله تعالى: (( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ))[البقرة:120] ؟ وهل يجوز لمسلم أن يجادل أو يتكلم بعد كلمة القرآن؟!

 وقد وعد الغربيون -من قبل- الشريف حسيناً بأن يجعلوه ملكاً على العرب، ووعدوا الحكام في بلاد المسلمين كثيراً، ورغم مسارعة الكثير منهم في تنفيذ المراد منهم؛ إلا أنهم يؤتون ما أتوا وقلوبهم وجلة؛ لأن الغربيين لا زالوا قلقين وغير مطمئنين لوجود بعض مظاهر الدين، وهم لذالك يثيرون المتاعب والانقسامات والمعارضات لهؤلاء الحكام، وقد يسقطونهم ويغيرونهم، ولو وصل الأمر إلى الحد المفضوح كالمسموح ونحوها!

 فهل يمكن في نهاية المطاف أن يجوز الإسلاميون الرضا؟ إن الرضا الحقيقي لو حصل فهو شهادة سلبية لهذه القلة من الإسلاميين المسارعين، وذلك ظاهر من نص الآية الكريمة، وظاهر كذلك من شهادة الرئيس الأمريكي للنموذج الذي أشار إليه في الدولة الإسلامية الكبرى، إذ أنه لم يشهد له إلا بعد إثبات حرصه على العلمانية إلى حد الحرص على استمرار منع الحجاب، الأمر الذي ليس متنافياً مع الإسلام برمته فحسب، وإنما يتنافى مع الديمقراطية ذاتها.   

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©