واقع الدعوة الإسلامية(والتجديد)

مشاركة للصادق في ندوة مع الشيخ أحمد حسن المعلّم رئيس جمعية الحكمة في حضرموت في 8/2/1429هـ  14/2/2008م في مسجد الشاطبي(مركز الجمعية بصنعاء)

 

الواقع قبل التجديد:

*عرفتُ الدعوة الإسلامية صغيرًا ــ في الثمانينيــــــات من القرن الهـــجري الماضي والستينيات من القرن الميلادي الماضي ــ والمتجاوبون معها محدودون  ، والملتزمون قلّة ، والمتّجهون إلى دراسة العلم الشرعي أقلّ .. سُخْرية من العلماء والعلــــــــم الشرعي ، ومن أداء العبادات ، ومن السمْت الإسلامي كالعمامة والقميــــــــص والِّلحية .. يتنَدَّرون بالدعاة والعلماء ويصِمُونهم بالرجعية  والعمالــة!

لمستُ ذلك في عدن و في تعز ... ووجـــــدت شخصيا بسبـــب اللباس المحــــــلي مضــــــــايقات ..

*كانت الأحزاب التي تتبنّى العلمانية في أوج نشاطها .. وتستقطب الطــــــلاب والشباب والمثقفين ، وينبهر بها العامة .. و في بعض الأحيان تقوم مظاهـــــرات للانتقاص من المحافظين على دينهم.

* لا توجد للمتديّنين جهات رسمية تدعمهم في الجملة ، بل هم تحت المطاردة وأمام المحاكم وفي السجون في العديد من البلاد الإسلاميــــــة ظلمًا ، ومنهـــــــم من يتعرّض للقتل و التعذيب ! لا صحافة و لا كتب ولا مدارس و لا مــــراكز .. و مضايقات  شديدة في المساجد .

* الحكومات في بلاد المسلمين بعضها تتبنّى المنهج الاشتراكي ، وبعضها يتطرّف فيه في عنفوان المدّ الشيوعي ، وبعضها يتبنى المنهج الرأسمالي الليبرالي ، ولا يهمّها أمر الدين ، والنادر من الحكومات هي التي تقف على الحياد ، أو تُظهر شيئا من التديّن .

* سبُّ الدين وانتشار الفجور والخمور  واستعلان الدعوات الهدامة كالتنصير وتبجُّح المرتدين عن دينهم . .والمدارس والجامعـــــــات ووسائل الإعلام بؤرٌ للإلحــــــــاد المنتشر في المدرسين والطلاب والمثقفين والسياسيين .

التجديد :

*ظهر التجديد مع مطلع القرن الهجري الجديد كما في الحديث ( إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كــــــل مائة ســـــــــــنة من يُجـــــــــدّد لها دينها) د ك هق في المعرفة عن أبي هريرة . والمجدِّدون هم علماء يأتي مطلــــــــع القرن وهم بارزون ظاهرون معروفون كما ذكر الحافظ في (الفتح) وكما ذكر غيره .

     لقد جاء مطْلع هذا القرن الهجري وهنالك دعاة وعلماء كبار وقرّاء وسياسيون وقادة مصلحون ــ كما نحسب و لا نزكيهم على لله ــ و هم بارزون على مستـــــوى العالم الإسلامي كالألباني وابن باز وابن عثيمين والندوي وكشك والحُصــــــري وعزام وضياء الحق وأحمد ياسين ، وانطلق تيار التجديد   ــ فيما نحســــــــــــب ــ في القرآن والقراءات وفي الحديث وفي العقيدة وفي الفقه وفي الدعوة وفي الجهاد وفي السياسة وفي التعليم ... إلخ . وانتشرتْ معاهـــد وحلقات وكليــــات العلم في طول العالم الإسلامي وعرضـــــــه ، ونشــــط التأليــــف والإنتاج والبحــــث والرسائل العلمية ،وتكاثرت الكتب والصحف والأشرطة الإسلامية وتزايدتْ أخيرًا مواقع الإنترنت الإسلامية والقنوات الفضائية الإسلامية .

* عمّت الصحوة الإسلامية إثْر هذا التجديد ، وبرز منهج أهل السنة والجماعة بقوّة ، وتراجعت البدع ، وخفَتَ التعصب المذهبي ، وتحوّل بعضٌ من قيادات وأتباع الأحزاب العلمانية إلى التديّن الشخصي على الأقل ، وإلى احترام المتدينـــين والقبول بالإسلام عقيدة وشريعة ، وغابت المجاهرة بالإلحاد و بمحاربة الدين وسبّه إلى حدٍّ كبير.. وأصبح الإسلام يشقّ طريقه في ديار الكفر ذاتها .. وأخذت  عدد من الحكومات تتعامل مع هذا الواقع ، وبعضــــــها تطبّق بعـــــض أحكام الشــــــــريعة ، وبعضها تسمح بشيء من الطرح السياسي الإسلامي وتضع بعضًا من الدعاة والعلماء أحيانًا في الحُكم  ، وتسمَح لشيء من الإعــــــــلام الإسلامي وللمؤتمرات الإسلامية وللمصــــــارف الإسلامــــية وللمؤسسات والجمعيات والمراكز والحركات الإسلامية ...إلخ .

طبيعة آخر الزمان :

* بسبب طبيعة الأوضاع في آخر الزمان وغَلَبَة الفتن فإنه رغم التجديد وتحسُّـــن الأحوال في العقود التي تُشَكِّل أواخر القرن السابق ومطلع القرن الجديد ، إلا  أنه لا مفرّ من طبيعة الحياة وهي الابتلاء ،  ومن طبيعة آخر الزمـــــــــان وهي الفتن ، فلذلك يوجد النفاق ... وتنتشر الخلافات بين العاملين للإسلام فضلًا عن الدول ، وهذه أبرز سلبية الآن ، و علاجـــــــها هو محاولــة تثبيـــــــت مرجعية واحـــدة مقبولة موثوقة من العلماء يجتمع عليها الشمل .

 

بداية عودة السلبيات  رغم أن الصحوة لا زالت قوية:

* و خلال توديعنا الآن للثلث الأول من القرن الجديد والتّهيُّؤ للدخول في أعماقهِ نجد أنه عادت بعـــــض السلبيات  كانتشار الرجوع إلى عـــلم الكلام ومدارسه ، والعـــــــــــــــودة إلى شيء من التمــــذهــــب المتعــــــصِّب ، والعــــــودة إلى شيء من التصوّف الغالي والعودة إلى التشيّع الغالي والرفض ، والعودة إلى نشر الفــــكر المســــــــتورد والترويج لـــه ولكــــثير من المنكــــرات في ظـــــــله ، كالحريات غير المنضبطة بضوابط الشرع .. ومن ذلك الرأي والرأي الآخر ، ولو كان مناقضــــــا للدين أو كان رِدّة .. ومن ذلك فتنــــــــة النساء  ونشْرها على أوسع نطاق تحت مظلة حقوق المرأة .. ومن ذلك فتح المجال للكلام في أحكام الشرع لكل أحد ، وعدم احترام العلماء وتخصّصهم ،  ومن ذلك عودة فتنة المصطلحات الأجنبية وخلْطها بالإسلام ،  ومن ذلك التسويق لبعض هــــذه الأفكار باسم الإسلام .. ومن ذلك استمرار الخــــــــــلافات والاحتكاكات بين العاملين للإسلام الذين هم على منهج أهل السنة فضلًا عن غيرهم، واستمرار الشقاق بين الحـــركات الإسلامية فضلا عن الدول ، والتساهل الملحوظ في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. إلخ . وهذه سنة الله الماضية في الابتلاء وما سوف يعقبه من التجديد .

* لكن الصحوة بفضل الله لا زالت قوية ، ويطلــــق الأعداء مابين وقت وآخر اختبــاراتهم لها فتأتي النتائج مخيّبة لِآمال الأعداء : فمن ذلك الرسوم المسيئة للنبي صــــلى الله عليه وسلم التي أشعــلت الغضب في العالم الإسلامي.. وانتشرت بسببها التوعية برســـــول الإسلام والمقـــــــاطعة للمسيئين . ومن ذلك حصـــــار غـــــــزة الذي أطلــــق صيحات التعــــاطف والدعاء والجهاد بالمال في طول العالم الإســـــلامي وعرضـــه ، و من ذلك من قــــــبل قضية تدنيس المصحف في غوانتانامو وعنــــد اليهود ، وكذلك الاعتداء على صلاة الجمعة من قبل بوش ووزير خارجيتــــــــــه باستئجار بعض النساء لذلك ، ومن ذلك أفعال المغضوب عليهم والضالين  في فلسطين وأفغانستان والعراق والصومال وغيرها التي عمّقت عقيدة البراء منهم ...  

سنة التجديد وما ينبغي الحرص عليه :

*إن سنّة التجديد ماضيــــــــــــة ، وإن الدين خالــــد (إنا نحن نزّلنا الذكر وإنا له لحافظون) الحجر . ( وممّن خلقنا أمّة يهدون بالحـــق وبه يعدلــــون) الأعـــــراف. (لا تزال طــــــــــــائفة من أمتي على الحـــق ظاهرين لا يضــــرّهم من خـــــالفهم و لا من خذلهم) متفق عليه.  (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متــــم نوره و لو كره الكافرون)الصف . ( والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون) يوسف.

*إن أهم ماينبغي الحرص عليه من أجل لمّ الشمْل والحفاظ على ثمار التجديد كما سبق القول  هو إيجاد مرجعية واحدة لأهل السنة والجماعــة على تعدُّد جماعاتهم ، كماكان عليه الحال في مطلع القرن بالنسبة  لمرجعية المجددين ابن باز وابن عثيمين والألباني والندوي وأحمد ياسين وعزام ...إلخ . ولعل ذلك هو سرّ التجديد .... فهذا هوسبيـــــــل جمْع الكلمة , وتقوية  الصف و توحيد الأمة ... وهذا هــو الامتداد الحقيقي للتجديد . 

 

 

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©