الحياء في الإسلام

محاضرة في مسجد بلال في شارع هائل في 21جمادى الآخر 1433هـ الموافق 11 أبريل 2012م

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    ما جاء عن الحياء في شرح الأربعين النووية لسليمان بن محمد اللهيميد:

     عن أبي مسعود البدري . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن مما أدرك الناسَ من كلام النبوة الأولى إذا لم تسْتحِ فاصنع ما شئت ) رواه البخاري .

      إذا لم تستَحِ فاصنع ما شئت : قال ابن القيم : " في معناه قولان :

     أحدهما : أنه أمر تهديد ، ومعناه الخبر : أي من لم يستح صنعَ ما شاء .

     والثاني : أنه أمر إباحة ، أي انظر إلى الفعل الذي تريد أن تفعله ، فإن كان مما لا يُستحيَا منه فافعله ، والأول أصح وهو قول الأكثرين " .

      قال الشاعر :

إذا قلّ ماءُ الوجهِ قلّ حياؤُهُ        فلا خيرَ في وجهٍ إذا قلّ ماؤُهُ

حياءَك فاحفظْه عليك فإنما          يدلُّ على وجهِ الكريم حياؤُهُ

          قال ابن القيم رحمه الله : وقد قُسّم الحياء على عشرة أوجه :

    حياء الجناية : ومنه حياء آدم لما فر هارباً في الجنة .

    وحياء التقصير : كحياء الملائكة الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون ، فإذا كان يوم القيامة      قالوا : سبحانك ! ما عبدناك حق عبادتك .

     وحياء الإجلال : وهو حياء المعرفة ، وعلى حسب معرفة العبد بربه يكون حياؤه منه .

     وحياء الكرم : كحياء النبي صلى الله عليه وسلم من القوم الذين دعاهم إلى وليمة زينب وطولوا الجلوس عنده ، فقام واستحيا أن يقول لهم : انصرفوا .

     وحياء الحشمة : كحياء علي بن أبي طالب أن يسال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  عن المذْي لمكان ابنته منه .

     وحياء الاستحقار واستصغار النفس كحياء العبد من ربه حين يسأله حوائجه احتقاراً لشأن نفسه.

     الحياء يوصَف الله به :

    قال تعالى : (إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَـذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ ) البقرة .

     و قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً ) الأحزاب . و قد بَلّغ النبي صلى الله عليه و سلم هذه الآية فلم يستحْيِ من الحق و اقتدى بربه و استجاب له في التبليغ .

     و قال البخاري : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ إِذْ أَقْبَلَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ ، فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَهَبَ وَاحِدٌ ، قَالَ فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرْجَةً فِي الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ  ،وَأَمَّا الثَّالِثُ فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا ، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَن النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ : أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ) و رواه مسلم فهو متفق عليه .

     و قال أبو داود : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُفَيْلٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِى سُلَيْمَانَ الْعَرْزَمِىِّ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ يَعْلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلاً يَغْتَسِلُ بِالْبَرَازِ (الفضاء) بِلاَ إِزَارٍ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَيِىٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ) و رواه أيضا أحمد و النسائي . قال الشيخ الألباني : صحيح . و قال الأوناؤوط إسناده حسن .

     حَيِىٌّ سِتِّيرٌ ( يروى بكسر السين وتشديد التاء مكسورة ويروى بفتح السين وكسر التاء مخففة) .

      قال في المرقاة : لم يوجب أن الله حيي ستير إطلاق ذلك عليه (بالتسمية) وإنما أراد به إيضاح معنى لم يكن يقع في الأفهام إلا من هذا الطريق . قال الفاضل الطيبي...إن ذلك إخبار.اهـ.

     الحياء صفةٌ للنبي عليه الصلاة و السلام :

     قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً ) الأحزاب . و كان النبي عليه الصلاة و السلام استحيا أول الأمر ، و لكنه بعد ذلك بَلّغ هذه الآية فلم يستحْيِ من الحق و اقتدى بربه و استجاب له في التبليغ .   

    و قال البخاري :حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عُتْبَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ حَيَاءً مِنْ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا.

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى وَابْنُ مَهْدِيٍّ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ مِثْلَهُ وَإِذَا كَرِهَ شَيْئًا عُرِفَ فِي وَجْهِهِ .  و رواه مسلم أيضا فهو متفق عليه .

    وفي حديث مراجعة موسى للنبي صلى الله عليه و سلم عِدَّة مرات ليُراجع ربّه في عدد الصلوات قال عليه الصلاة و السلام في آخر مرة : (فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ رَاجِعْ رَبَّكَ فَقُلْتُ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي ثُمَّ انْطَلَقَ بِي حَتَّى انْتَهَى بِي إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى) متفق عليه .

    الحياء من شُعَب الإيمان و هو صفة المؤمنين الصالحين لا الكفار :

    عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : (الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شُعبة . فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شُعبة من الإيمان) متفق عليه .

 البِضع  بكسر الباء ويجوز فتحها وهو : من الثلاثة إلى العشرة . و الشعبة : القطعة والخصلة

 و الإماطة : الإزالة . و الأذى : ما يؤذي كحجر وشوك وطين ورماد وقذَر ونحو ذلك .

    و عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (ما كان الفُحْش في شيء إلا شانَه و ما كان الحياء في شيء إلا زانَه) رواه أحمد و الترمذي و ابن ماجه و غيرهم وقال الضياء و الألباني صحيح و قال الأرنؤوط إسناده على شرطهما .

     و قال ابن ماجه : حدثنا إسماعيل بن عبد الله الرقي . حدثنا عيسى بن يونس عن معاوية بن يحيى عن الزهري عن أنس قال قـال رسـول الله  : (إن لكل دين خلقا ، وخلق الإسلام الحياء)  ..

 في الزوائد حديث أنس ضعيف . ومعاوية بن يحيى الصدفي أبو روح الدمشقي ضعفوه .

قال الشيخ الألباني : حسن .   لعله للشاهد عن يزيد بن طلحة (تابعي) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  : (إن لكل دين خلُقاً ، وخلُق الإسلام الحياء ) . رواه مالك في الموطأ .

     و الكفار كالحيوانات لا حياء عندهم في الجملة فالأسرة و هي الأساس مفكّكة لا ثقة بين الزوجين و لا بِرّ للوالدين ، و الُّلقَطاء بلا حساب!! فلا ننخدع بحضارتهم الشكلية المزعومة .

   و عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم مرّ على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء . فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (دعه فإن الحياء من الإيمان) متفق عليه .

    و عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (الحياء لا يأتي إلا بخير) متفق عليه .  و في رواية لمسلم : (الحياء خيرٌ كله) أو قال : (الحياء كله خير) .

     و قال الشوكاني في النيل : ويدل على مشروعية مطلق الاستتار ما أخرجه أبو داود والترمذي من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال : قلت يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر ؟ قال : (احفظ عورتك إلا من زوجك أو ما ملكتْ يمينك) قلت : يا رسول الله فالرجل يكون خاليا؟ قال : (الله أحق أن يستحيا منه من الناس) . رواه أبو داود و الترمذي و قال حسن و بعده الألباني.

    و قال البخاري : بَاب مَنْ اغْتَسَلَ عُرْيَانًا وَحْدَهُ فِي الْخَلْوَةِ وَمَنْ تَسَتَّرَ فَالتَّسَتُّرُ أَفْضَلُ وَقَالَ بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنْ النَّاسِ) .

     حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ ، وَكَانَ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ ، فَقَالُوا وَاللَّهِ مَا يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا إِلَّا أَنَّهُ آدَرُ، فَذَهَبَ مَرَّةً يَغْتَسِلُ فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ فَفَرَّ الْحَجَرُ بِثَوْبِهِ ، فَخَرَجَ مُوسَى فِي إِثْرِهِ يَقُولُ ثَوْبِي يَا حَجَرُ ، حَتَّى نَظَرَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى مُوسَى فَقَالُوا وَاللَّهِ مَا بِمُوسَى مِنْ بَأْسٍ ، وَأَخَذَ ثَوْبَهُ فَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرْبًا ) ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَنَدَبٌ بِالْحَجَرِ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ ضَرْبًا بِالْحَجَرِ . و رواه مسلم فهو متفق عليه .

     الحياء صفة النساء الصالحات :

    قال البخاري :حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عُتْبَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ حَيَاءً مِنْ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا.

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى وَابْنُ مَهْدِيٍّ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ مِثْلَهُ وَإِذَا كَرِهَ شَيْئًا عُرِفَ فِي وَجْهِهِ .  و رواه مسلم أيضا فهو متفق عليه .

     و قال تعالى : (فجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) القصص .

     قال ابن كثير : ... و قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا أبو نعيم حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمر بن ميمون قال : قال عمر رضي الله عنه: جاءت تمشي على استحياء، قائلة بثوبها على وجهها، ليست بسلْفَعٍ  خَرَّاجةٍ ولَّاجةٍ. هذا إسناد صحيح.

قال الجوهري: السلْفع من الرجال الجسور، ومن النساء الجريئة السليطة، ومن النُّوق الشديدة.اهـ .        

     قال البخاري :   بَاب الْحَيَاءِ فِي الْعِلْمِ ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لَا يَتَعَلَّمُ الْعِلْمَ مُسْتَحْيٍ وَلَا مُسْتَكْبِرٌ , وَقَالَتْ عَائِشَةُ : نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ لَمْ يَمْنَعْهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ .

    و قال مسلم :   حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ قَالَ سَمِعْتُ صَفِيَّةَ تُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَسْمَاءَ (تعني بنت شَكَل) سَأَلَتِ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ غُسْلِ الْمَحِيضِ فَقَالَ : (تَأْخُذُ إِحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وَسِدْرَتَهَا فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ دَلْكًا شَدِيدًا حَتَّى تَبْلُغَ شُئُونَ رَأْسِهَا ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ ، ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَطَهَّرُ بِهَا ) . فَقَالَتْ أَسْمَاءُ وَكَيْفَ تَطَهَّرُ بِهَا فَقَالَ : (سُبْحَانَ اللَّهِ تَطَهَّرِينَ بِهَا) ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ كَأَنَّهَا تُخْفِى ذَلِكَ تَتَبَّعِينَ أَثَرَ الدَّمِ . وَسَأَلَتْهُ عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ فَقَالَ: (تَأْخُذُ مَاءً فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ - أَوْ تُبْلِغُ الطُّهُورَ - ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ حَتَّى تَبْلُغَ شُئُونَ رَأْسِهَا ثُمَّ تُفِيضُ عَلَيْهَا الْمَاءَ ) . فَقَالَتْ عَائِشَةُ نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنْصَارِ لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِى الدِّينِ.

     سدرتها : السدرة شجر النبق والمراد هنا ورقها الذي ينتفع به في الغسل .

     شؤون رأسها : معناه أصول شعر رأسها وأصول الشؤون الخطوط التي في عظم الجمجمة وهو مجتمع شعب عظامها الواحد منها شأن .

    كأنها تخفي ذلك : معناه قالت لها كلاما خفيا تسمعه المخاطبة لا يسمعه الحاضرون وهذه الجملة مدرجة أدخلها الراوي بين الحكاية والمحكيّ وهو قولها تتبعين أثر الدم .

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©