يُسر المنجزات في الإسلام

خطبة جمعة في مسجد جامعة الإيمان في 6 شوال1430هـ الموافق 25سبتمبر2009م

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  لسماع الخطبة اضغط على الرابط التالي:

http://www.ssadek.com/jomaa/ysr.mp3

    *كثير من المنجزات تكون بأسباب يسيرة و هذا من فضل الله على الناس (ونيسرك لليسرى) الأعلى .(فسنيسره لليسرى) الليل . وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير فقلت : يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار . قال: (لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه )الحديث رواه أحمد والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجه وقال الألباني والأرناؤوط صحيح  .

     *فمن ذلك اكتساب الأجر الكثير بالعمل اليسير كالعمل في ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ، وكالتبكير والتهيئة في يوم الجمعة .. فعن أوس بن أوس الثقفي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من غسل يوم الجمعة واغتسل وبكّر وابتكر ومشى ولم يركب ، ودنا من الإمام فاستمع ولم يلْغُ  ،كان له بكل خطوة عملُ سنةٍ أجرُ صيامها وقيامها) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال حديث حسن والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم وصححه وكذلك الألباني والأرناؤوط .  و كالصدقة .. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من تصدق بعِدْل تمرة من كسْب طيب ، ولا يقبل الله إلا الطيب ، فإن الله يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوّه حتى تكون مثل الجبل) رواه البخاري ومسلم وأحمد والنسائي والترمذي وابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه وله طرق عديدة . و كالقيام في الجهاد (قيام ساعة في الصف للقتال في سبيل الله خير من قيام ستين سنة) ابن عدي و ابن عساكر  عن أبي هريرة .و قال الألباني  صحيح. وكصلاة الشروق .. (من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة و عمرة تامة تامة تامة) رواه الترمذي عن أنس وقال حسن غريب ، و قال الألباني  صحيح .1

     ومن ذلك ماورد في الأذكار كالكلمات الأربع و دعاء السوق وقراءة سورة الإخلاص .. ومن ذلك صيام رمضان وإتباعه ستا من شوال (من صام رمضان و أتبعه ستا من شوال كان كصوم الدهر) رواه الجماعة عن أبي أيوب إلا البخاري  .1

     * ومن ذلك سهولة جمع الكلمة (وألّف بين قلوبهم لو أنفقت مافي الأرض جميعا ما ألفتَ بين قلوبهم ، و لكن الله ألف بينهم ) الأنفال ..إن أهل السنة هم الجماعة وهم معظم الأمة  ولم تجتمع كلمتهم بسبب ضعف الصدق أحيانا ، و العدو حريص على ذلك بالتآمر عليهم  ، فكان ذلك سبباً في تسلّط أعدائهم عليهم و فشلهم  وجبنهم و وَهْنهم وذهاب قوّتهم ، و قد قال تعالى: ( و لا تنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم ) الأنفال ، في حين إن الكافرين يتحالفون رغم التخالف بينهم ، وكذلك المبتدعة رغم أنهم أقلياتٌ في الأمة ، فهم كالجراثيم يضرون الجسد و إن قلُّوا . في حين اجتمعت الكلمة مع الصدق رغم ضعف الإمكانات كما في أفغانستان الآن ، وكما في غزة فحققوا ما لم تحققه الكثرة (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله ) البقرة .1

     وبهذا يتبيّن أن الذي يصيب الأمة في أجواء الفتن كما في أيام الصليبيين والتتار والاستعمار وهذه الأيام إنما هو الفشل والجبن والوهن بسبب التنازع والتفرّد وعدم التشاوُر وإعجاب كل ذي رأي برأيه ، و هي أمور يسهل تجاوزها مع الصدق و عدم التنافس في الدنيا .. عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعَى الأكلة إلى قصعتها) . فقال قائل : ومن قلة نحن يومئذ ؟ قال : (بل أنتم يومئذ كثير، ولكن غثاءٌ كغُثاء السيل ،  ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن ) . قال قائل : يا رسول الله وما الوهن ؟ قال : ( حب الدنيا وكراهية الموت) . رواه أحمد و أبو داود والبيهقي في ( شعب الإيمان) وقال الألباني إنه صحيح والأرناؤوط إنه حسن . والوهن كما هو ظاهر يساوي الفشل .1

     * في تفسير ابن كثير : (حتى إذا فشلتم) آل عمران . قال ابن جريج : قال ابن عباس : الفشل الجبن . اهـ .

     وقال ابن حجر في (الفتح) : (وتذهب ريحكم) يعني الحرب كذا لأبي ذر ، وقوله : يعني الحرب للكشميهني وحده  ، ووقع في رواية الأصيلي في هذا الموضع قال قتادة : الريح الحرب ، وهذا قد وصله عبد الرزاق في تفسيره عن معمر عن قتادة بهذا نحوه ، وهو تفسير مجازي فالمراد بالريح القوة في الحرب ، والفشل بفتح الفاء والمعجمة الجبن يقال فشل إذا هاب أن يقدم جُبنا . و قال في قوله تعالى : (إذْ همّتْ طائفتان منكم أن تفشلا) آل عمران  : الفشل بالفاء والمعجمة الجبن ، وقيل : الفشل في الرأي العجز ،وفي البدن الإعياء ، وفي الحرب الجبن اهـ .

    و قال السيوطي في (الدر المنثور) في تفسير (إذْ همّتْ طائفتان منكم أن تفشلا) آل عمران  :  أخرج ابن جرير من طريق ابن جريج قال ابن عباس : الفشل الجبن  . و قال في قوله تعالى : (حتى إذا فشلتم) آل عمران : أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس قال : الفشل الجبن  . و قال : أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله تعالى : (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) الأنفال . قال : يقول : لا تختلفوا فتجبُنوا ويذهب نصركم .اهـ .

     وفي (مختار الصحاح) : ف ش ل : الفَشِلُ الرجل الضعيف الجبان والجمع أفْشَالٌ ، وقد فَشِلَ من باب طرِب أي جبُن .

    * فيجبُن المسلمون ويهِنون ويفشلون رغم كثرتهم الكاثرة بسبب التنازع .. و الحل في التنازل و الذلة على المؤمنين لجمع الكلمة ، و ذلك يسيرٌ على مَن يسّره الله عليه كما فعل الحسن مع معاوية رضي الله عنهما  ، ومدَح النبي صلى الله عليه وسلم ذلك منه كما في البخاري . وهذا هو الحل اليوم في مواجهة الفوضى الخلاّقة التي يريد أعداء الإسلام مع عملائهم فرْضها علينا .

    

 

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©