الأَمَل في خليفة يَحْثُو المال

خطبة جمعة في مسجد جامعة الإيمان في 5 محرم 1435هـ الموافق 8 نوفمبر 2013م

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  لسماع الخطبة عبر برنامج " الريل بلاير " اضغط على الرابط التالي:

http://www.ssadek.com/jomaa/yahtho.mp3

     إقصاء الشريعة ومنها الجزية بأكذوبة الديمقراطية.. (وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ):

     عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنَعَتِ الْعِرَاقُ دِرْهَمَهَا وَقَفِيزَهَا، وَمَنَعَتِ الشَّأْمُ مُدْيَهَا وَدِينَارَهَا، وَمَنَعَتْ مِصْرُ إِرْدَبَّهَا وَدِينَارَهَا، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ) شَهِدَ عَلَى ذَلِكَ لَحْمُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَدَمُهُ . رواه مسلم وأحمد وأبوداود والطحاوي والبغوي والبيهقي .

     قال النووي في شرح مسلم :

     ...قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ : أَحَدُهُمَا: لِإِسْلَامِهِمْ في هذه البلاد فَتَسْقُطُ عَنْهُمُ الْجِزْيَةُ وَهَذَا قَدْ وُجِدَ . وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَشْهَرُ أَنَّ مَعْنَاهُ : أَنَّ الْعَجَمَ وَالرُّومَ يَسْتَوْلُونَ عَلَى الْبِلَادِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ فَيَمْنَعُونَ حُصُولَ ذَلِكَ لِلْمُسْلِمِينَ ، وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ هَذَا بَعْدَ هذا بورقات عن جابر قال : (يوشك أهلُ العراقِ أن لايجىءَ اليهم قفيزٌ ولادرهم ، قُلْنَا مِنْ أَيْنَ ذَلِكَ؟ قَالَ مِنْ قِبَلِ الْعَجَمِ ، يَمْنَعُونَ ذَاكَ ، وَذَكَرَ فِي مَنْعِ الرُّومِ ذَلِكَ بِالشَّامِ مِثْلَهُ ، وَهَذَا قَدْ وُجِدَ فِي زَمَانِنَا فِي الْعِرَاقِ وَهُوَ الْآنَ مَوْجُودٌ .

    وَقِيلَ لأنهم يرتدُّون فى آخر الزمان فيمنعون مالَزِمهم مِنَ الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْكُفَّارَ الَّذِينَ عَلَيْهِمُ الْجِزْيَةُ تَقْوَى شَوْكَتُهُمْ فِي آخِرِ الزَّمَانِ فَيَمْتَنِعُونَ مِمَّا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ مِنَ الْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ وَغَيْرِ ذَلِكَ .

    وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ) فَهُوَ بِمَعْنَى الْحَدِيثِ الْآخَرِ (بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ) وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ . اهـ. بتصرُّف.   

     قال العظيم أبادي في عون المعبود :

      قَالَ الشوكاني فِي النَّيْلِ : وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ لِإِخْبَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا سَيَكُونُ مِنْ مِلْكِ الْمُسْلِمِينَ هَذِهِ الْأَقَالِيمَ وَوَضْعِهِمُ الْجِزْيَةَ وَالْخَرَاجَ ثُمَّ بُطْلَانُ ذَلِكَ إِمَّا بِتَغَلُّبِهِمْ وَهُوَ أَصَحُّ التَّأْوِيلَيْنِ ، وَفِي الْبُخَارِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ، وَلَفْظُ الْمَنْعِ يُرْشِدُ إِلَى ذَلِكَ ، وَإِمَّا بِإِسْلَامِهِم . انْتَهَى .

         قال الألباني كما في موسوعة الألباني :

       قلت: وهذا المعنى أي سيطرة الكفار هو الظاهر المتبادر من لفظ "المنْع "؛ بخلاف معنى الإسلام ، فهو عنه بعيد جداً؛ لأن من أسلم وسقطت عنه الجزية لا يصح أن يقال فيه: امتنع من أداء ما عليه؛ كما هو ظاهر بيِّن . والموقوف من الحديث في حكم المرفوع . اهـ . بتصرُّف .

    و قد تكلَّم الألباني بعد ذلك أن حديث جابر الآتي لا يدلّ على الحصار الذي فرضتْه أمريكا وحلفاؤها على العراق بعد 1411هـ  - 1991م لمدة 12سنة .

    و الظاهر أن حديث أبي هريرة يدلُّ كما رجَّح البغَوي وسيأتي ، و كذلك النووي والشوكاني والألباني على تغلُّب الكفار بحيث عملوا على إقصاء الشريعة في البلاد الإسلامية مثل العراق والشام و مصر ،كما هو حاصل هذه الأيام فعطَّلُوا أحكامًا كثيرة ومنها الجهاد والجزية ، وفرَضوا النظام العالمي الجديد الذي يتشدّق بأكذُوبة الديمقراطية التي تُسَاوِي بين المسلم والكافر . وقد حصل مثل هذا في زمن النووي في العراق والشام كما ذكَر هو عندما تسلَّط التتار .

     وأما حديث جابر وسيأتي ففيه منْع وصول الغذاء والمال إلى العراق والشام و لعل الصحيح أن هذا هو الحصار خلافًا لِمَا قاله الألباني ، وقد حصل للعراق في سنواتِ حصارِ أمريكا وحلفائها للعراق ، وأما الشام فالحصار فيها موجود هذه الأيام من جهة جيش النظام النُّصيري الحاقد لعدَد من المناطق ، والغرب يشجِّع على ذلك . وكذلك الحصار على غزة وهي من الشام من جهة اليهود وهذا يدلُّ على خطة واحدة عند اليهود والنصارى والمبتدعة المنافقين في هذا الزمان الذي يتَمايَز فيه المسلمون إلى فسطاط إيمان لا نفاق فيه وفسطاط نفاق لا إيمان فيه .  وحصار دمّاج في اليمن هذه الأيام شبيهٌ بذلك .. والظاهر أنه لن يزول إقصاء الشريعة ولا الحصار إلا بظهور المهدي  الذي يحثو المال حثْوًا كما سيأتي ، فالمهدي بشارة بالفرج القريب إن شاء الله .

    في هامش مسند أحمد للمحققين بإشراف التركي ومنهم الأرناؤوط :

     القفيز والمُدْي والإِردَبّ: مكاييل كبيرة. فالقفيز: اثنا عشر صاعاً. والمُدْي: اثنان وعشرون صاعاً ونصف صاع. والِإردَبُّ: أربع وعشرون صاعاً. والصاع: ألفان وسبعمئة وواحد وخمسون غراماً.

     قال البغوي في "شرح السنة" : وللحديث تأويلان: أحدهما: سقوط ما وظِّف عليهم باسم الجزية بإسلامهم، فصاروا بالِإسلام مانعين لتلك الوظيفة، وذلك معنى قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وعدتم من حيث بدأتم" أي: كان في سابق علم الله سبحانه وتعالى وتقديره: أنهم سيُسلمون، فعادوا من حيث بدؤوا.

     والتأويل الثاني: هو أنهم يرجعون عن الطاعة، فيمنعون ما وُظِّف عليهم، وكان هذا القول من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دليلاً على نبوته حيث أخبر عن أمر أنه واقع قبل وقوعه، فخرج الأمر في ذلك على ما قاله. اهـ .

     حصار الشام والعراق :

     عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ: يُوشِكُ أَهْلُ الْعِرَاقِ أَنْ لَا يُجْبَى إِلَيْهِمْ قَفِيزٌ، وَلَا دِرْهَمٌ، قُلْنَا: مِنْ أَيْنَ ذَاكَ؟ قَالَ: مِنْ قِبَلِ الْعَجْمِ، يُمْنَعُونَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: يُوشِكُ أَهْلُ الشَّامِ أَنْ لَا يُجْبَى إِلَيْهِمْ دِينَارٌ، وَلَا مُدْيٌ، قُلْنَا: مِنْ أَيْنَ ذَاكَ؟ مِنْ قِبَلِ الرُّومِ يُمْنَعُونَ ذَاكَ، قَالَ: ثُمَّ سَكَتَ هُنَيْهَةً، ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي خَلِيفَةٌ، يَحْثُو الْمَالَ حَثْوًا ، لَا يَعُدُّهُ عَدًّا)، قَالَ الْجُرَيْرِيُ: فَقُلْتُ لِأَبِي نَضْرَةَ وَأَبِي الْعَلَاءِ: " أَتَرَيَانِهِ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ؟ " فَقَالَا: "لَا". رواه مسلم وأحمد وابن حبان والبيهقي وغيرهم. وأبو نضرة هو منذر بن مالك ، وأبو العلاء هو يزيد بن عبد الله بن الشخِّير.           

      وعَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مِنْ خُلَفَائِكُمْ خَلِيفَةٌ يَحْثُو الْمَالَ حَثْيًا، لَا يَعُدُّهُ عَدَدًا) وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ حُجْرٍ: (يَحْثِي الْمَالَ) رواه مسلم وأحمد . قال المناوي في فيض القدير : قالوا: هو المهدي .

      وعَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ خَلِيفَةٌ يَقْسِمُ الْمَالَ وَلَا يَعُدُّهُ) رواه مسلم وأحمد .

     وقال الألباني في هامش صحيح الجامع : وهو المهدي المبشَّر بخروجه بين يدَيْ نزول عيسى عليه الصلاة والسلام، ويصلي عيسى عليه الصلاة والسلام خلفه كما في الحديث الآخر.اهـ . بتصرُّف .

     وروى الترمذي و أحمد عن أبي سعيد أيضا قال : خشِينا أن يكون بعد نبينا حدَث فسألنا نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم فقال: (إن في أمتي المهديَّ يخرُج ، يعيشُ خمسًا أو سبعًا أو تسعًا) - زيدٌ أحد الرواة الشاكُّ - قال قلنا وما ذاك ؟ قال : (سنين) قال : (فيجيءُ إليه رجلٌ فيقول يا مهديُّ أَعطِنِي ، أَعطِنِي ، قال فيَحْثِي له في ثوبِه ما استطاع أن يَحمِله) .

    قال الترمذي : هذا حديث حسن ، وقد رُوي من غير وجهٍ عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، و قال الهيثمي في (المجمع) : عن أسانيد أحمد للحديث و هذا منها : بأن رجالها ثقات ، و قال الألباني إنه حسن .  

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©