الطاعة لكل ذي ولاية

خطبة جمعة في الإصلاح في15ربيع الآخر1430هـ  10أبريل2009م

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  لسماع الخطبة اضغط على الرابط التالي:

http://www.ssadek.com/jomaa/wlaia.mp3

     *كل ذي ولاية في الإسلام تجب طاعته في المعروف ، كالأب  والزوج وإمام الصلاة والخطيب و المعلم و القاضي , والطبيب وسائقي وسائل النقل والمواصلات و شيوخ القبائل والمناطق و عقال الحارات، ومقدّمي الحسْبة والأسواق وأعيان أصحاب الحِرَف ورجال المرور، والحرَّاس وقادة الجيش والأمن والمديرين والمسؤلين في كل القطاعات و سائرالسلطات، (كلكم راع ومسؤول عن رعيته) متفق عليه . ولذلك كان المجتمع المسلم متماسكا كالبنيان وكالجسد . و كل أمير ومسؤل إمَّا مؤقَّت كأمير الرحلة أو الحج أو دائم كالسلطان والأب ، قال تعالى:(أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)النساء .

     *صاحب الولاية يرفع اجتهاده الخلاف في القضايا الاجتهادية ، وأما في القضايا النصية فالمرجع النص ، ولكن قد يسمح بالاجتهاد في التوقيت أو المقدار ، فإذا حصل خلاف هل القضية اجتهادية أو نصية لا اجتهاد فيها ، فإذا كان صاحب الولاية عالما مُجازا في الفتوى فحكمه يرفع الخلاف ، وإن لم يكن كذلك فالمرجع عند النزاع ـ وهو نادر ـ أولو العلم أهل الفتوى أو القضاء ، قال تعالى : (فإن تنازعتم في شيء فردُّوه إلى الله و الرسول عن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) النساء . وقال سبحانه : (ولو ردّوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) النساء .

     * فعندما يأمر الأب ولده بأمر أو الزوج زوجته أو الإمام المصلين أو الخطيب المستمعين أو السائق الركاب أو المعلم الطلاب أو الحارس الزوار، أو الشرطي العامة فلا بد من الطاعة ، ويمكن المراجعة اليسيرة إذا كان الظرف يحتملها ، وإلا فيجب التنفيذ ، والمتلكِّئ يعتبر عاصيا .

     * ويجب الاستئذان من صاحب الولاية فيما يقتضي التوجيه أو العرف أو النظام الاستئذان فيه ، قال تعالى : (وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه، إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يومنون بالله ورسوله) ، وصاحب الولاية يأذن أو لايأذن بحسب اجتهاده (فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم)النور .

     * وتجب عليه الشورى فيما يمكن فيه الشورى ( وأمرهم شورى بينهم) الشورى. و الشورى واردة في جميع المجالات كما تدل الآية بعمومها، ولايلزم المسؤول أن يأخذ بالمشورة ، وإنما يفعل ما يرجح أنه الصواب بعد أن يستفيد من الخيارات المطروحة أمامه (وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله) آل عمران .

     فالشورى كما تشير الآية مُعْلِمة ، ولم يقل أحد من العلماء طَوال القرون إنها مُلْزِمة إلا بعض المعاصرين مسايَرةً للديمقراطية ، ولاعبرة بذلك . والمسؤول عندما يكون ملزَمًا بأغلبية مجلس شوراه معناه أنه حدث تناقض ، فكيف يكونون مأمورين بطاعته أصلا ، ثم يصبح هو مُلزَمًا بطاعتهم . ويترتب على ذلك الدَّور ! والشريعة بريئة من ذلك . والمعوّل في الإسلام هو على تقوى المسؤول في اتباع الخيار الشوريِّ الأفضل ، أما الأغلبية فقد أصبحت في عصرنا صناعة شائعةً للمسؤولين تخرب فيها الذمم .

     *ولا يجوز الجدال ومطاولة المسؤول ، والتساهل في احترامه..لأن ذلك تخريب للنظام و اعتداء على المجتمع ..1

     عن زياد بن كسيب العدوي قال :كنت مع أبي بكرة تحت منبر ابن عامر وهو يخطب وعليه ثياب رقاق فقال أبو بلال : انظروا إلى أميرنا يلبس ثياب الفساق فقال أبو بكرة : اسكت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله) رواه الترمذي وقال الألباني : إنه صحيح  .1

     *والمسؤول الصغير أو المكلَّف ، طاعته من طاعة السلطان ..

    عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصى أميري فقد عصاني) متفق عليه .1

     * ويجب الحذر من التساهل في ذلك ، فرُبَّ تساهل أورث كارثة ، و لذلك توعّد الله من لا يستأذن ، بالفتنة في الدين (فليحذر الذين يخالفون عن امره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) النور .1

      *ويجب الابتعاد عن روح التمرّد الوافــدة علينا من الديمقراطية التي لا تعرف الإخبات ولا الذلة للمؤمنين فضلا عن أصحــاب الولاية  (عليكم بالطاعة و إن عبدا حبشيا فإنما المؤمن كالجمل الأَنِف حيثما قيد انقادحم هـ ك عن العرباض .قال الألباني : صحيح . وفي حديث آخر : (و إذا أنيخ على صخرة استناخ) .1

     * ومجتمعاتنا أقرب إلى النموذج ، لأنها متماسكة يسودها الاحترام والترابط بسبب ما ذكرناه ، فهي رغم ما نعانيه مجتمعاتُ خير أمة أخرجت للناس . أما مجتمعات الغرب فلا احترام لأب ولا لزوج ،  و لا لمسؤول ....و لا أُسَر شريفة إلا قليلا .. مجتمعاتهم مجتمعاتٌ حيوانية (أولئك كالأنعام بل هم أضل) الأعراف .

    

 

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©