حُرْمة تمثيل الأنبياء

خطبة جمعة في مسجد جامعة الإيمان في 2 شعبان 1430هـ الموافق 24يوليو2009م

  لسماع الخطبة اضغط على الرابط التالي:

http://www.ssadek.com/jomaa/tmthil.mp3

     *عن عبد الله ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل قتله نبي أو قتل نبيا وإمام ضلالة وممثل من الممثلين) رواه أحمد و الطبراني لكنه قال ( و هؤلاء المصوِّرون) قال الألباني : صحيح و قال الأرنؤوط : إسنـاده حسن . و قد ساق أحد العلماء المعاصرين و هو الشيخ الوادعي رحمه الله الحديث في الممثلين الذين يمارسون التمثيل العصري .

     * و قد حصل التمثيل من جبريل حين تمثّل للصحابة  لتعليمهم كما في الحديث (فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم) متفق عليه . ويمكن القول إن التمثيل فيه ما يجوز عندما يكون لغرض شرعي و ليس فيه إسفاف ، و لا يكون مِهْنة .. لأن الله يحب معالي الأمور وأشرافها و يكره سفسافها كما عند الطبراني عن الحسين بن علي وصححه الألباني .

     * و لعل مهنة التمثيل تُشبِه مِهْنة الحجام لوجود الدناءة ، فعن رافع بن خديج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ثمن الكلب خبيث ومهر البغي خبيث وكسْب الحجام خبيث) رواه مسلم و أصحاب السنن ..1  

      قال النووي في شرح مسلم : وأما كسب الحجام وكونه خبيثا ومن شر الكسب ففيه دليل لمن يقول بتحريمه ، وقد اختلف العلماء في كسْب الحجام فقال الأكثرون من السلف والخلف : لا يحرم كسب الحجام ولا يحرم أكله لا على الحر ولا على العبد ، وهو المشهور من مذهب أحمد ، وقال في رواية عنه قال بها فقهاء المحدثين يحرم على الحر دون العبد ، واعتمدوا هذه الأحاديث وشِبْهها ، واحتج الجمهور بحديث ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحجام أجره .. قالوا ولو كان حراما لم يعطه رواه البخارى ومسلم ، وحملوا هذه الأحاديث التى في النهى على التنزيه  والارتفاع عن دنيء الأكساب والحث على مكارم الاخلاق ومعالي الأمور ، ولو كان حراما لم يفرق فيه بين الحر والعبد فإنه لا يجوز للرجل أن يطعم عبده مالا يحل .1

     *و تمثيل الملائكة لايجوز لكمالهم و لأنهم معصومون ، ولأنهم خُلِقوا للعبادة فقط و لا يوجد أحد مثلهم أو قريبا منهم  (بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ ، لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ) الأنـبياء . ( إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ ) الأعراف . و قد ذمَّ الله من تَصوَّرهم على غير حقيقتهم ، فكيف بمن مثّلهم  (وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ) الزخرف .1

   *و تمثيل الأنبياء لا يجوز لأنهم المثل البشري الأعلى ، و هم معصومون ، و لا يمكن تشبيه خلُقهم و خِلْقتهم  و دينهم . وتمثيلهم فيه استهانة بمقام النبوّة ، و قد اصطفاهم الله  كما اصطفى الصحابة لحمْل الدين . وأمر باتباع الأنبياء فهم قدوة البشر (فبهداهم اقتده) الأنعام . و أمر باتباع الصحابة ( و الذين اتبعوهم بإحسان) التوبة .فلا يجوز التقليل من مكانتهم بالتمثيل لكي يبقى مقامهم مهيباً ، و  مهما كان فلا يمكن لأيِّ ممثل أن يكون قريبا من تلك المكانة  .1   

     * قال تعالى : (الله يصطفي من الملائكة رسلا و من الناس) الحج . والذين يمتهنون مقام الملائكة و الأنبياء إنما هم المشركون و اليهود فالمشركون قالوا إن الملائكة بنات الله ، و اليهود قالوا إن جبريل عدوّهم ، واليهود ينتقصون الأنبياء وينسبون شرب الخمر إلى نوح والفاحشة إلى لوط عليهما الصلاة و السلام وحاولوا قتل عيسى ومحمد عليهما الصلاة و السلام ، وقتلوا زكريا ويحيى عليهما الصلاة و السلام .

    * والذين يُمثِّلون الملائكة و الأنبياء هم بعض الفرق الضالة الذين يسيرون على سنن أهل الكتاب فتجدهم ينتقصون مقام الملائكة والأنبياء ، و منهم من يزعم أن جبريل خان الرسالة ، ويقول كبيرهم في هذا العصر في كتاب له أهدتْه لي سفارتهم قبل ثلاثين سنة : (إن لأئمتنا مقاما لا يبلغه نبيٌّ مرسل و لا ملَكٌ مقَرَّب) ، ولذلك فإن التمثيل الذي تقوم به قنواتهم الفضائية هذه الأيام هو ترويجٌ لهذه العقيدة الباطلة و امتهان  للملائكة وللأنبياء فيمثّلون النبي بالصورة ، وأما الإمام المعصوم بزعمهم ، فلا يُظْهِرون وجهه وإنما يُظْهِرون نورا فقط كما أخبرنا من شاهد ذلك . أما انتقاصهم للصحابة فأظهر من أن يُذكَر فهم يعتقدون أنهم كفَّار ما عدا القليل  

     * و مشاهدة صورة النبيِّ صلى الله عليه وسلم لها آثارها التربوية العظيمة ، و فاز بذلك الصحاية و تركت هذه الآثار فيهم ، ثم تركت رؤية التابعين للصحابة آثارها في التابعين ، وهكذا .. (طوبى لمن رآني و آمن بي ، و طوبى لمن رأى من رآني ، و لمن رأى من رأى من رآني و آمن بي ، طوبى لهم و حسن مآب) طب ك  عن عبدالله بن بسر . قال الشيخ الألباني صحيح      (طوبى لمن رآني ، و لمن رأى من رآني ، و لمن رأى من رأى من رآني) عبدُ بن حميد  عن أبي سعيد ، و ابن عساكر عن واثلة . قال الشيخ الألباني صحيح .1

     * و لذلك فإن الأجيال الإسلامية اللاحقة تتمنَّى رؤية النبي صلى الله عليه و سلم ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( مِن أشد أمتي لي حبًّا ناسٌ يكونون بعدي يودُّ أحدهم لو رآني بأهله وماله) م حم حب ك .1

     * وقد يسّر الله للأجيال اللاحقة رؤيته في المنام ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( تسمّوا باسمي ولا تكنوا بكنيتي ، ومن رآني في المنام فقد رآني حقا ، فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي ، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) متفق عليه .1

     * ومنَع الله الشيطان من تمثيل الرسول صلى الله عليه وسلم حتى لا يُفسِد هذه الأمنية ، فإذا جاء من يقوم بالتمثيل فقد تجرَّأَ على ما لا يقدِر و لا يتجرأُ عليه الشيطان . وتمثيل الأنبياء حرام ، ولا أعلم أحدا من أهل السنة و الجماعة أجاز ذلك . والأنبياء جميعا مثل النبي صلى الله وسلم عليهم جميعا ، في أن الشيطان لا يتمثّل بهم و لا يجوز لأحد أن يمثِّلهم فحكمهم واحد ، قال تعالى: (لا نفرّق بين أحد من رسله) البقرة .1

    *ولا يجوز متابعة هذه التمثيليات للملائكة أو للأنبياء أو للصحابة ، لأن ذلك إقرارٌ للمنكر و الباطل قال تعالى : ( و الذين لا يشهدون الزور ) . و قال تعالى : (ذلك و من يعظِّم حرُمات الله فهو خيرٌ له عند ربه) الحج.    

 

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©