لسماع
الخطبة اضغط على الرابط التالي:
http://www.ssadek.com/jomaa/snan.mp3
*حدثنا
أحمد بن يونس حدثنا ابن أبي ذئب عن المقبري عن
أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال ( لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي
بأخْذ القرون قبلها شبرا بشبر وذراعا بذراع )
. فقيل يا رسول الله : (كفارس والروم ؟) فقال
( ومن الناس إلا أولئك؟) خ حم
).
الشرح : ( بأخْذ القرون ) تسير بسيرة
الأمم قبلها . ( شِـبْرا بشـبر ) الشبر معروف
والمراد بيان شدة اتباعهم والمبالغة في
تقليدهم . وذكَر فارس والروم لأنهم كانوا أكبر
ممالك الأرض ، والناس إنما يقلدون من كان هذا
حاله وليس المراد الحصر .
وكذلك ذكَر اليهود والنصارى في الحديث
الآتي لأنهم كانوا المشهورين بالديانات
السماوية
.
*
حدثنا سعيد بن أبي مريم حدثنا أبو غسان قال
حدثني زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي
سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال ( لتتبعن
سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع
حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه ) . قلنا يا
رسول الله اليهود والنصارى ؟) قال :( فمن ؟)
حم ق .1
الشرح:
( سنن ) سبل ومناهج وعادات . ( شبرا بشبر )
كناية عن شدة الموافقة لهم في عاداتهم . ( جحر
ضب ) حفرته التي يعيش فيها ، والضب دويبة تشبه
الجرذ تأكلها العرب . والتشبيه بجحر الضب لشدة
ضيقه ورداءته ونتن ريحه وخبثه ، وما أروع هذا
التشبيه الذي صدَّق معجزة الرسول صلى الله
عليه وسلم ، فنحن نشاهد تقليد أمم الكفر فيما
تفوح منها رائحة النتن ويمرِّغ أنف الإنسانية
في الأوحال. ( فمن؟ ) أي مَن يكون غيرهم إذا
لم يكونوا هم ؟ وهذا واضح فإنهم المخطِّطون
لكل شر.
*هذه الأمة هي خير أمة ، وهي
الأمة الوسط ، أي أنها أمة الخيار والعدول ،
وهي صاحبة الأستاذية التي تحمل الهدى للعالمين
، ولكنها مع ذلك تتعرَّض للبلاء و الأمراض ،
ولكن عناصر القوة و المقاومة والوقاية فيها
قوية ، كالشاب القوي الذي يتعرَّض لبعض
الوعَكَات ، فهي تخوض المواجهات ، وتسدُّ
الثغرات ، وتمنع الاختراقات ، ومع ذلك تحصل
لها غفلات ، فتمرض جزئيا ، وتُخْتَرق أحيانا ،
ثم تظل تتداوَى وتتعاطى العلاج ، و تتماثَل
للشفاء أو تكاد ، وتبقى فيها بعض الأمراض
المزمنة في بعض أعضائها ، ولكنها في الجملة لا
تقضي عليها ، بل لا تَهُدُّ قوَّتها ، ولا
تنقُص بسببها عمْلَقَتُها ، و من هذه الأمراض
المزمنة مرض التقليد والاتباع لبعض الأمم ،
والدخول مابين وقت و آخر معها في جحر الضب ...
*اتبع كثير من الأمة الدول الكبرى
على سنة اتباع الضعيف للقوي كالاتباع لفارس و
الـــروم ، والســـوفييت و الأمريكان . كما
اتبعوا أصحاب الديانات والعقائد على سنة الولع
بالتقليد ، فاتبعوا اليهود والنصارى .
*لقد دخل الأقوياء وأصحاب
العقائد من الكافرين في عصرنا عبْر المنهزمين
و العملاء إلى سياستنا فمزَّقونا شيعا وأحزابا
و دويلات و جنسيات ، و نحن في الأصل كالجسد
قوامنا النصيحة و الأمر بالمعروف و النهي عن
المنكر . حتى أصبحنا كيانات نتصارع ونصنع
الفوضى الخلاقة للفُرَص لتنفيذ خططهم فينا
ومنها تَمـــزيق مجتمــعاتنا وتخريب وحدتنا.
*وجعلوا مرجعيتنا في الحكم إلى
العامة ، والأصل في قضايا الصناعـــات
والبنايات والمستشفيات والمعسكرات أن يرجع
الناس إلى كبار أهل التخصص حتى عند هؤلاء ..
فكيف في هذه المفردات نرجع إلى الخاصـــة ؟
وفي الأمر الجامع لهذه المفردات و هـو الحكم
نرجع إلى العامة ؟ وليس إلى أهل الحل والعقد
.. إنه التناقض ! والله يقـول : ( و لو
ردُّوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه
الذين يستنبطونه منهم) النساء .
*ودخلوا في اقتصادنا فعمَّموا
علينا لعنة الربا و القروض ، ثم جرعات البنك
الدولي لتركيعنا وشراء ذممنا ، و اختراق
صفوفنا رغــم ثرواتنا.وعملوا على أخْذ
ثرواتنا،أو فرضواعلينا تصديرها بكميات هائلة
لإغنائهم بها و إفقارنا ، وهمَّشوا الزكاة وهي
قوام المجتمع و ركن الإسلام .
*ودخلوا في اجتماعنا فأخرجوا
المرأة من مملكتها إلى حدٍّ ، وزعموا أنها
والرجل سواء و حاولوا ضـــرْب سنة التخصُّص في
كيان المجتمع ، و حرصوا على وجود المرأة في كل
مكان لإفساد المجتمع ، كما حرصــوا عـلـى
تـأخـير سن الزواج تيسيرًا للحرام وتعسيراً
للحلال و تقليصا للتكاثر ، ونجحوا جزئيا .
*و دخلوا في تعليمنا فجعلوه
دنيويا (يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا) الروم
، و ضيقوا التعليم الديني و ألغوا مؤسساته رغم
أنه الأصل في النظام الإسلامي (من يرِد الله
به خيرا يفقهه في الدين) حم ق .
*ودخلوا في إعلامنا فشغلوا كثيرا
منا بصرف الأوقات في الترَّهات من الأغاني و
الموسيقا و المسلسلات و ما يسمونه بالفنون
والآثار والتشكيـــلات ، والرقص و الموضات
والتبرجات و إثارة الشهوات ليلا ونهارا و
الإرهاق بالسهرات و ملاحقة الألعاب و
المباريات ، واصطناع الأعياد والمناسبات
والاحتفالات والإنفاقات ، فنسينا إلى حدٍّ
أكبر شيء و هو الذكر ، و نسي كثيرون الصلاة أو
خشوعها على الأقل ، وهي معيار كل صلاح ، إنْ
صلحتْ صلح سائر العمــل ، و هي الناهية عن
الفحشاء و المنكر ، وجعلونا كمن قال فيهم
سبحانه (حتى نسوا الذكر و كانوا قومـا بورا)
الفرقان .
*ودخلوا في أمننا وجيوشنا
فجعلوها وسائل حماية للفساد و المتنفذين ،
وليس لحمـــاية الدين والفضيلة والدفاع عن دار
الإسلام و عن الدين ونشره في العالمين ، و
حاولوا أن يُعطّلوا فينا الجهاد ذروة سنام
الإسلام .
*لقد دخلوا على برنامجنا اليومي
والشهري والسنوي و العُمْري ، ودخلوا في
خصوصياتنا وغُرَف نومنا . مع أن ديننا فصّل
لنا كل شيء ووضع لنا برنامجنا الخاص على مدى
الحياة ، فرتَّب مواعيد نومنا وصلاتنا و
أذكارنا وأداء أعمالنا وسلوكنا وتعاملنا و صلة
أرحامنا ودراستنا ، وفرضوا علينا مِثْل العطلة
الصيفية فضيَّعوا شبابنا في ربيع فترات
العمر.
*إن العلاج هو في اليقظة من هذه
الغفلة و اعتماد الذكر (فاذكروني أذكركم)
البقرة ، والتحررمن احتلال العقول الذي هو
أخطـــر من كل احتلال ، والخروج من سجن جحر
الضب لضيقه وخبثه و نتنه ، (اقترب للناس
حسابهم و هم في غفلة معرضـــون ، ما يأتيهم من
ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون ،
لاهية قلوبهم ) . و نحن في العطلة الصيفية
فلنحرِّر أولادنا من تضييع أوقاتهم ، ولنربطهم
بالصالحين و بالمساجد وحلقاتها و بالعلم
والسلوك الشرعي فإن من السبعــة الذين يظلهـم
الله في ظله شاباًّ نشأ في عبادة الله .
|