لسماع
الخطبة اضغط على الرابط التالي:
http://www.ssadek.com/jomaa/smd.mp3
اللهُ لهُ الكمال المطْلق لايحتاج لِأحد :
لِلَّهِ سبحانه الأسماء الحُسْنَى و
الصّفات العُلَى ، و له الكمال المُطلَق في
جميع الوجود و هو الصمد الذي يحتاج إليه
الخلْق و لا يحتاج ، و سائر مَن في الوجود
عبيدٌ مُحتاجون مُفْتَقِرون ، فيهم صفات
النّقْص على تَفَاوُت . (الله الصّمَد ....)
الإخلاص . و لا يضُرُّه سبحانه أحدٌ (و لا
تضُرُّوهُ شيئًا) التوبة . و كما في حديث أبي
ذرّ عند مسلم الآتي : (ياعبادي إنكم لن
تبلُغوا نَفْعي فتنْفَعوني ، و لن تبلُغُوا
ضُرِّي فتَضُرُّوني) .
نماذج لِافتقار الملائكة رغْم عِصْمَتهم :
فالملائكة و هم العباد
المُكْرَمون الذين لا يأكلون و لا يشربون و لا
ينامون و لا يفتُرون من التسبيح و الطاعة ،
محتاجون مُفْتَقِرون ، و لذلك قالوا كما
حكَى الله : (لَا عِلْمَ لنا إلّا ما
علَّمْتَنا) البقرة ، و مُعَرّضون للابتلاء
كما حصل لِهَاروت و ماروت ، و التهديد
واردٌ عليهم : (وَ مَن يَقُلْ مِنْهُمْ
إِنِّي إِلَهٌ مِّن دُونِهِ فَذَلِكَ
نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي
الظَّالِمِينَ) الأنبياء . و قد
يَخْتَصِمون ، قال تعالى عن النبي صلى
الله عليه سلم : (مَا كَانَ لِي مِنْ عِلْمٍ
بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ) ص
.
و في الحديث المتفق عليه : عَنْ أَبِي
سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ : ( كَانَ فِي بَنِي
إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً
وَتِسْعِينَ إِنْسَانًا ، ثُمَّ خَرَجَ
يَسْأَلُ فَأَتَى رَاهِبًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ
لَهُ : هَلْ مِنْ تَوْبَةٍ ؟ قَالَ لَا ،
فَقَتَلَهُ ، فَجَعَلَ يَسْأَلُ ، فَقَالَ
لَهُ رَجُلٌ : ائْتِ قَرْيَةَ كَذَا وَكَذَا ،
فَأَدْرَكَهُ الْمَوْتُ ، فَنَاءَ بِصَدْرِهِ
نَحْوَهَا ، فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ
مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ
الْعَذَابِ ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى
هَذِهِ أَنْ تَقَرَّبِي ، وَأَوْحَى اللَّهُ
إِلَى هَذِهِ أَنْ تَبَاعَدِي ، وَقَالَ
قِيسُوا مَا بَيْنَهُمَا فَوُجِدَ إِلَى
هَذِهِ أَقْرَبَ بِشِبْرٍ فَغُفِرَ لَهُ) .
و قد يتضَرّرون : عَنْ أَبِى
هُرَيْرَةَ قَالَ أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ
إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَلَمَّا
جَاءَهُ صَكَّهُ فَفَقَأَ عَيْنَهُ ، فَرَجَعَ
إِلَى رَبِّهِ فَقَالَ أَرْسَلْتَنِى إِلَى
عَبْدٍ لاَ يُرِيدُ الْمَوْتَ ، قَالَ :
فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ عَيْنَهُ وَقَالَ
ارْجِعْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ يَضَعُ يَدَهُ
عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ فَلَهُ بِمَا غَطَّتْ
يَدُهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ ، قَالَ أَىْ
رَبِّ ثُمَّ مَهْ؟ قَالَ ثُمَّ الْمَوْتُ ،
قَالَ فَالآنَ...) متفق عليه .
نماذج لِافتقار الأنبياء رغم عِصْمَتهم :
و كذلك الأنبياء الذين اصطفاهم
الله ، قال تعالى : (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ
الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ) الحج
. و قال تعالى : (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ
أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ
النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ
حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ
إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ
هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا) مريم .
هم أيضًا محتاجون مُفْتَقِرون ، و
حصلتْ لهم مواقف و ابتلاءات ، فنوح
مثلًا سأل الله من أجل ولَدِه الكافر
، و إبراهيم وعدَهُ الله الإمامة فقال
إبراهيم : و (مِن ذُرِّيَّتي) فقال الله
له : ( لا ينالُ عهْدِي الظالمين) البقرة . و
أيوب مسّه الشيطان بنُصْبٍ و عذاب ، فدعا
الله فكشَف عنه الضرّ ، و موسى أوجَس
في نفسه خيفةً من السحر فثبّته الله ، و و قع
فيما عتَب عليه ربُّه فهداهُ الله إلى الخضر
، و كان ذلك سببًا في قصة الخضر ، و تعِب و
نَسِيَ و لم يتمكَّن من المواصلة ، و يونس
خرج مغاضِبًا لِقومه بدون إذْنٍ فحُبِس في
بطْن الحوت ، ثم نجَّاه الله ، و
نبيُّنا محمد صلى الله عليه و سلّم
سُحِر ، و أُصيب في أُحُدٍ و عُرِض عليه
العذاب بسبب أخْذ الفِداء في أسْرى بدر ،
و كذلك عندما دار في نفسه التفكير في بعض ما
عرَض عليه كفار قريش ، و في كلّ مرّة كان
الله معه .
نماذج لِافتقار المسلمين :
و المؤمنون محتاجون مُفْتَقِرون إلى
هداية الله و رعايته دوْمًا قال تعالى :
(وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي
هَدَانَا لِهَـذَا وَ مَا كُنَّا
لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّه)
الأعراف . و قال تعالى : (إنَّ الَّذِينَ
آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ
يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ)
يونس . و قال تعالى : (ياأَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ
إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَ
اعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ
الْمَرْءِ وَ قَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ
تُحْشَرُونَ) الأنفال .
و في الحديث القدْسي الذي رواه مسلم عن
أبي ذرّ عن النبيّ عليه الصلاة والسلام : (يَا
عِبَادِى كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلاَّ مَنْ
هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِى أَهْدِكُمْ ، يَا
عِبَادِى كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلاَّ مَنْ
أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِى أُطْعِمْكُمْ
، يَا عِبَادِى كُلُّكُمْ عَارٍ إِلاَّ مَنْ
كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُونِى أَكْسُكُمْ ، يَا
عِبَادِى إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ
وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ
جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُونِى أَغْفِرْ لَكُمْ...)
قَالَ سَعِيدٌ كَانَ أَبُو إِدْرِيسَ
الْخَوْلاَنِىُّ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا
الْحَدِيثِ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ . و
قال الإمام النووي في (رياض الصالحين) : و
روينا عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ،
قَالَ : لَيْسَ لأهل الشام حديثٌ أشرفُ من
هَذَا الحديث .
إن لجوء المؤمنين إلى الله هو الطريق
إلى الفلاح ، قال تعالى: (وَقَالَ
رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ
الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي
سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) غافر
.
و من ذلك العبادات و في مقدمتها
الصلوات ، و في مقدمتها الفجر حتى يكون المسلم
في ذمة الله ، و قراءة الورْد القرآني ، و
قراءة الأذكار ، و استمرار الاستغفار و الدعاء
و الاستخارة و طلب قضاء الحاجات كما في الحديث
القُدْسي السابق ، و لا سيما في هذا
الزمان الذي كثُرتْ فيه الفِتَن و الابتلاءات
و الاعتداءات و المؤمرات في كل مكان . قال
تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ
الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَ اللَّهُ هُوَ
الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) فاطر .
شدّة
الخطورة في الكافرين ما داموا غافلين لا
يعترفون بالافتقار لخالقهم
:
و إذا كانتْ هذه شدّة حاجة الصالحين
إلى خالقهم .. فكيف حال الكافرين الذين نسُوا
الله فغفَلوا عن الافتقار إليه بل جَحَدوه ؟ و
حاربوا كلّ المُفْتَقِرين ..ثمّ بعد ذلك
نَطْمَئِنُّ إليهم ، بل بعضنا يواليهم
؟!!.. هل ننتظر أن يأتينا منهم الفلاح و هم
مغضوبٌ عليهم و ضالون ؟ قال تعالى : (إن الذين
لا يؤمنون بآياتِ اللهِ لا يَهدِيهمُ الله ، و
لهُم عذابٌ أليم) النحل .
و قال تعالى : (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ
اللّهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ
يُؤْمِنُونَ) الأنفال . لا علاقة لهم بالله
، و لا هداية منه ، و هم ألدُّ أعداء المسلمين
.. قال تعالى : (إِنَّ الْكَافِرِينَ
كَانُواْ لَكُمْ عَدُوّاً مُّبِيناً) النساء.
ولذلك نتعامل معهم كما نتعامل مع شرّ
الدواب ، كما نتعامل مع الثعابين مثلًا في
شِدّة الحذر ، لأنهم شاذُّون في الكون .
و قد جاء على سبيل المثال قبل
يومين على لسان معاذ الخطيب رئيس الائتلاف
السوري في برنامج (بلا حدود) أنّه كان
هنالك مخطَّطٌ لإشعال حرب إقليمية كبرى في
الشام و تركيا والخليج بغرض تدمير هذه
البلاد كلها ، و لاسيّما تركيةُ التي بدأتْ
تنهض في كل المجالات و تَتَعافَى من العلمانية
، فيريدون لها الانتكاس ، و يريدون كذلك إجهاض
التغيير في بلاد الشام ، و يريدون نزْف
الثروات العظيمة في الخليج التي هي احتياطيٌّ
لجيع المسلمين .. و لا زالتْ خطورة هذا
المُخَطَّط قائمة .
و في الختام قال تعالى : (فَفِرُّوا إِلَى
اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ
مُّبِينٌ) الذاريات . |