حسن الصلة بالله وحسن الصلة بالناس  

خطبة جمعة في مسجد جامعة الإيمان في 29رجب 1429هـ 1أغسطس2008م

 

  ألفاظ الحديث ورواياته:

     *(إذا قمت في صلاتك فصل صلاة مودع ، و لا تكلم بكلام تَعتذِر منه، و أَجْمِع الإيَاسَ مما في أيدي الناس) حم هـ عن أبي أيوب قال الشيخ الألباني :  صحيح في (صحيح الجامع) .

     الشرح في فيض القدير:

    ( إذا قمت في صلاتك ) أي شرعت فيها ، ( فصل صلاة مودَّع ) أي إذا شرعت فيها فأقبل على الله وحده ودع غيره لمناجاة ربك ( ولا تَكَلَّم ) بحذف إحدى التاءين تخفيفا ( بكلام تعتذر ) بمثناه فوقية أوَّلَه بضبط المصنف ( منه ) أي لا تتكلم بشيء يوجِب أن يُطلب من غيرك رفع اللوم عنك بسببه ( وأجمع ) بقطع الهمزة وجيم ساكنة وميم مكسورة لأنه من أجمع الذي هو متعلق بالمعاني دون الأعيان ، لا من جمع ، فإنه مشترك بينهما . قال في (النهاية) : الإجماع إحكام النية والعزيمة ( الإياس ) بكسر الهمزة وخفة المثناة تحت ( مما في أيدي الناس ) أي اعزم وصمم على قطع الأمل مما في يد غيرك من جميع الخلق، فإنه يُريح القلب والبدن ، وإذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله . قال الراغب : وأكثر ما يقال أجمع فيما يكون جمعا يتوصل إليه بالفكر نحو ( أجمِعوا أمركم وشركاءكم ) يونس . والإياس : القنوط وقطع الأمل تنبيه: من البيِّن أن كلًّا من الكلام المُحْوِج للعذر ، والإياس مما في أيدي الناس ، مأمورٌ به لا بِقَيد القيام إلى الصلاة . حم هـ عن أبي أيوب  خالد بن زيد الأنصاري رمز السيوطي لصحته .

     *(صلِّ صلاة مودِّعٍ كأنك تراه ، فإن كنت لا تراه فإنه يراك، و ايأس مما في أيدي الناس تعش غنيا و إياك و ما يُعتَذر منه) أبو محمد الإبراهيمي في كتاب (الصلاة) و ابن النجارفي (تاريخ بغداد)  عن ابن عمر . قال الألباني إنه حسن في (صحيح الجامع) .

     الشرح في فيض القدير:

    * ( صل صلاة مودع ) أي مودِّعٍ لِهَواه مودعٍ لعمُرهِ وسائرٍ إلى مولاه ( كأنك تراه ) عيانًا ( فإن كنت لا تراه فإنه يراك وايأس مما في أيدي الناس تعش غنيا ) وفي رواية الطبراني (تكن غنيا) ( وإياك وما يعتذر منه ) أي احذر أن تفعله بحال وقد سبق تقريره .(أبو محمد ) عبد الله بن عطاء ( الإبراهيمي ) نسبة إلى جده الهَرَوي الواعظ روى عنه الديلمي وغيره ( في كتاب الصلاة وابن النجار ) في تاريخ بغداد ( عن ابن عمر ) بن الخطاب قال : قال رجل : يا رسول الله حدثني بحديث واجعله موجزا فذكره  و، قضية صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من  المشاهير الذين رمز لهم مع أن الطبراني خرجه في الأوسط عن ابن عمر قال الهيثمي : وفيه من لم أعرفه .

     * وفي مستدرك الحاكم ... عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله أوصني و أوجز فقال له النبي صلى الله عليه و سلم : عليك بالإياس مما في أيدي الناس و إياك و الطمع فإنه الفقر الحاضر و صل صلاتك و أنت مودع و إياك و ما تعتذر منه . هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه ووافقه الذهبي على التصحيح .

     * وفي مجمع  الزوائد للهيثمي : وعن سعد بن عمارة أخي بني سعد بن بكر - وكانت له صحبة - أن رجلا قال له : عظني في نفسي يرحمك الله قال : (إذا انتهيت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء فإنه لا صلاة لمن لا وضوء له ، ولا إيمان لمن لا صلاة له ، ثم إذا صليت فصل صلاة مودع ، واترك طلب كثيٍر من الحاجات فإنه فقر حاضر  ، وأجمع اليأس مما عند الناس فإنه هو الغنى ، وانظر ما تعتذر منه من القول والفعــل فاجتنبه) . رواه الطبراني ورجاله ثقات .

     عناصر الخطبة:

    *صلاة المودِّع تكون بكمال الخشوع ، وقوّة الصلة بالله ، ومع استشعار المصلي كأنه يرى الله لا بد أنه سوف يُتقن .

     * الصلاة اعظم الأعمال ، فإذا صلحت صلح كل شيء للإنسان في الدنيا والآخرة .

     * في أجواء الفتن التي نعيشها ، وأجواء الحاجة والأزمات ، لايحتاج الإنسان إذا كان متقنا لصلاته لغير الله ، وبفضل الله يكون الفرَج. (وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة ...) المائدة .

     * والمسلم شفّاف الأخلاق ، وكثيرا ماينقده الآخرون على أدنى المخالفات ، فيجب عليه الابتعاد عما يُلجِئه إلى الاعتذار ، فضلا عما يوقعه في التعزير أو العقوبة .

     * وعلى المسلم إذا احتاج أن لا يسأل سوى الله ، وإذا استعان أن لا يستعين إلا بالله، وبدلًا من التوجه إلى الناس يتوجه إلى الله فالطريق إليه أيسر ، وهو سوف يسخِّرهم ويُسخِّر غيرهم ،(وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) البقرة

    * في الحديث الحفاظ على قوة العلاقة بالله ، والحفاظ على الكرامة الرفيعة للمسلم .

 

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©