الشَّعْوَذة الديمقراطية

خطبة جمعة في مسجد جامعة الإيمان في 6جمادى الآخرة 1433هـ الموافق 27 أبريل 2012م

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  لسماع الخطبة اضغط على الرابط التالي:

http://www.ssadek.com/jomaa/shawdh.mp3

    علاج الجسد :

    إن الإسلام يحرص على صحة المسلمين ، وعلى مدى قرون من الزمن عاش المسلمون أصحاءَ بفضل الله ثم بفضل الثقافة الصحية التي أوجدها الإسلام فيهم . 

     عَنْ أَبِى الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ ( لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ) . رواه أحمد و مسلم .

     و قال الألباني : عن أسامة بن شريك مرفوعا بلفظ ( تدَاوَوْا فإن الله عز و جل لم يضع داءً إلا وضَع له دواءً غير داءٍ واحد .. الهرم ) ، زاد في رواية ( علِمَه من علِمَه وجَهِله من جَهِله ) أخرجه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي وابن ماجة وابن حبان والحاكم والطيالسي والحميدي وأحمد والزيادة له في رواية و هو صحيح .

     ( يا عباد الله تداوَوا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد .. الهرَم ) .

تخريج السيوطي ( حم 4 حب ك ) عن أسامة بن شريك ، تحقيق الألباني ( صحيح ) .

     أمهات الأشْفِية :

     القرآن :

     قـال تعالى: ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً ) الإسراء .

     و قال تعالى: ( قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ) فصلت .

    الرقية والدعاء:

     عَنْ بعض وَلَدِ سَعْد بن أبي وقاص عن سعد أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَى سَعْدٍ يَعُودُهُ بِمَكَّةَ فَبَكَى قَالَ (مَا يُبْكِيكَ؟) ، فَقَالَ : قَدْ خَشِيتُ أَنْ أَمُوتَ بِالأَرْضِ التي هَاجَرْتُ مِنْهَا كَمَا مَاتَ سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ ، فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم : (اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا ، اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا) ثَلاَثَ مِرَارٍ .

     العسل :

     و قال تعالى: ( يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) النحل .

    الحبة السوداء :

    عن أَبي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( فِي الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلَّا السَّامَ ) قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَالسَّامُ الْمَوْتُ وَالْحَبَّةُ السَّوْدَاءُ الشُّونِيزُ . متفق عليه .

     حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة . حدثنا عبيد الله . أنبأنا إسرائيل عن منصور عن خالد بن سعد قال خرجنا ومعنا غالب بن أبجر  فمرض في الطريق ، فقدمنا المدينة وهو مريض ، فعاده ابن أبي عتيق وقال لنا عليكم بهذه الحبة السوداء ، فخذوا منها خمسا أو سبعا ، فاسحقوها ثم اقطروها في أنفه بقطرات زيت في هذا الجانب وفي هذا الجانب ، فإن عائشة حدثتْهم أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول  : ( إن هذه الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا أن يكون السام ) قلت وما السام ؟ قال ( الموت ) . أخرجه ابن ماجه و قال الشيخ الألباني : صحيح .

       الحجامة و القُسط :

     عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَجْرِ الْحَجَّامِ فَقَالَ احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَمَهُ أَبُو طَيْبَةَ وَأَعْطَاهُ صَاعَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَكَلَّمَ مَوَالِيَهُ فَخَفَّفُوا عَنْهُ وَقَالَ : ( إِنَّ أَمْثَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الْحِجَامَةُ وَالْقُسْطُ الْبَـحْرِيُّ ) ، وَقَـالَ : ( لَا تُعَذِّبُوا صِبْيَانَكُمْ بِالْغَـمْزِ مِنْ الْعُذْرَةِ ( اللّوْزَتين ) وَعَلَيْكُمْ بِالْقُسْطِ ) و غَمْز اللوزتين عَصْرهُما , متفق عليه .

     و بالاستفادة من هذه الأشفية قد لا يحتاج كثير من الناس إلى المستشفيات و الأطباء ،كما كان عليه حال المسلمين خلال القرون الماضية ، و تشجيع الإسلام على التداوي في كثير من النصوص  يدخل فيه إضافةً إلى ما سبق الاهتمام بأنواع الطب و علومه و كل المؤسسات التشخيصية و الدوائية  و العلاجية .

     العلاج من مرض النفاق :

     و كما يحرص المرء على العلاج من أمراض الجسد و يجتهد في البحث عن الطبيب النِّطاسِيّ وعن التشخيص العلمي للمرض و عن العلاج و يبتعد عن الخرافات و الشّعْوَذَة  .. فلا بد أن يحرص على مثل ذلك في أمراض النفس ، و منها مرض المسارعة في الاستيراد و الشعوذة السياسية في كل الأزمان ، و لا سيما في هذا الزمان الذي يتمايز فيه الناس إلى فسطاطَيْ نفاق و إيمان  ، كما في حديث فتنة الدهيماء ( الديمقراطية ) عند أحمد و أبي داود الذي ذكر الألباني صحّته . قال تعالى : ( فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ ) المائدة .

     و قال تعالى : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً ، وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودا ، فكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَآؤُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً ، أولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً ) النساء

     بالعلم :

    و داء المسارعة في الاستيراد علِمَه مَن عَلِمه و جهِله من جهِله أيضا في زمان فتنة الدهيماء و الشعْوذة السياسية و زمان التمايُز إلى فسطاطَيْ إيمان و نفاق ، و لا يفطن لتلبيسات المسارعة و الشعوذة إلا العلماء الربانيون و لو كانوا مغمورين في زمان قبْض العلماء و وقوع بعض العلماء الباقين فيما وقعوا فيه من اتباع سَنَن علماء أهل الكتاب , و إدمان بعضهم في الدخَن و استيراد في المناهج .. قال تعالى : ( أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ) الزمر .

     إن الديمقراطيين المتديّنين يخلطون الإسلام بالديمقراطية و بفروعها من الدَّسْتَرَة و التّقنين  بأغلبية العوامّ و التمزّق الحزبي ، و السياسة غير الشرعية إلخ ..، و الإسلام شفافٌ لا يقبل الدخَن ، و لا يطلب المَدَد من غيره .

     و كما يطلب المُشَعْوِذُون القبوريون المَدَد من ساكني القبور فإن المُشَعْوِذين الديمقراطيين يطلبون المَدَد من الديمقراطية التي هي مقبورٌ وضعيٌّ يونانيٌّ منذ ما قبل التاريخ .

عالَجَ النّفْس و الجَسَدْ    ***     مَنْهَجٌ قد حَوَى الرَّشَدْ

فانْبِذَنْ كُلَّ ما سِوَاهُ      ***     لَسْتَ تحتاجُ مِنْ مَدَدْ

     قال الطبراني في ( مسند الشاميين ) : حدثنا أحمد بن المُعَلَّى الدمشقي ثنا هشام بن عمار ثنا الوليد بن مسلم عن الوليد بن سليمان بن أبي السائب عن القاسم بن عبد الرحمن ( أبي عبد الرحمن مولى آل أبي سفيان )  عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( تكون فتنةٌ يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا إلا من أجارَهُ الله بالعلم ) . ضعفه الألباني في رواية ابن ماجه ، و فيها علي بن يزيد قبل القاسم ، و بعد الوليد بن سليمان بن أبي السائب ، مع أن الوليد من تلاميذ القاسم أيضا .

     و قال الطبراني في (المعجم الكبير) : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن الْمُعَلَّى، وَالْحَسَنُ بن عَلِيٍّ الْمَعْمَرِيُّ، قَالا: حَدَّثَنَا هِشَامُ بن عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بن مُسْلِمٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بن سُلَيْمَانَ بن أَبِي السَّائِبِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( تَكُونُ فِتْنَةٌ يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا، وَيُمْسِي كَافِرًا إِلا مَنْ أَحْيَاهُ اللَّهُ بِالْعِلْمِ ).

     و في الحديثين عنْعَنَة الوليد بن مسلم و هو مدلِّس إلا أن عموم أدلة نفْع العلم الشرعي في النجاة  و أدلة أهميته تعضُده ، و ما أكثرها .

     بالدعاء :

     قال ابن أبي شيبة : يزيد بن هارون قال أخبرنا سفيان بن نشيط قال حدثني أبو عبد الملك مولى بني أمية قال : سمعت أبا هريرة يقول : تكون فتنة لا يُنْجي منها إلا دعاء كدعاء الغريق.

     و الحديث له حكم الرفع و إن كان فيه أبو عبد الملك و هو مجهول إلا أن أدلة  نفْع الدعاء و أهميته ، و ما أكثرها تعضُده و تشهد له ، و منها قوله تعالى : ( أمّن يُجيب المُضْطَرّ إذا دعاه ) النمل ، و منها قوله تعالى : ( رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ) آل عمران.  و منها الدعاء بالهداية للصراط المستقيم في الفاتحة في كل ركعة .

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©