لسماع
الخطبة اضغط على الرابط التالي:
http://www.ssadek.com/jomaa/nomn.mp3
سِلْسِلة تعنُّتاتٍ و بلْطَجاتٍ قديمة !!.. و
عدَمُ مُسايَرتها:
قال تعالى : (ولقَدْ صرَّفْنا للناسِ في هذا
القرآنِ من كلِّ مَثَلٍ فأَبَى أكثرُ الناسِ
إلّا كُفُورًا ، وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ
حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ
يَنْبُوعًا ، أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ
نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ
خِلَالَهَا تَفْجِيرًا ، أَوْ تُسْقِطَ
السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا
أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ
قَبِيلًا ، أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ
زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ
نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ
عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ !! ..قُلْ
سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا
رَسُولًا) الإسراء .
جاء في فتح القدير :
أخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله
: (و قالوا لنْ نؤمنَ لك) قال : نزلتْ في أخي
أمِّ سلمة ، عبدِ اللهِ بن أبي أُمَيّة .
و أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن
المنذر عن مجاهد في قوله : (يَنْبُوعًا) قال :
عُيُونًا . وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال :
الينبوع هو النهر الذي يجري من العين .
و أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله
: (أو تكونَ لك جَنّة) يقول : ضَيْعة . وأخرج
ابن جرير عنه (كِسَفا) قال : قِطَعا .
و أخرج ابن أبي حاتم عنه أيضا (قَبِيلًا)
قال : عَيَانًا وأخرج ابن جرير عنه أيضا (من
زُخْرُف) قال : من ذهَب . وأخرج أبو عبيد وعبد
بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
وابن الأنباري و أبو نعيم عن مجاهد قال : لم
أكن أُحْسِن ما الزُّخْرُف ؟ حتى سمعتُها في
قراءة عبد الله أو يكون لك بيت من ذهَب .
و أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم عنه في قوله : (كتابًا نقرؤُه) قال : من
ربّ العالمين إلى فلان ابن فلان ، يصبح عند كل
رجل صحيفة عند رأسه موضوعةٌ يقرأُها .
(قل سبحان ربِّي) أي تنزيهًا لله عن أن
يعجِز عن شيء ، وقرأ أهل مكة والشام : (قال
سبحان ربي) يعني النبي صلى الله عليه و سلم ،
(هل كنتُ إلا بشرًا) من البشر ، لا ملِكًا حتى
أصعد السماء، (رسولا ) مأمورًا من الله سبحانه
بإبلاغكم ، فهل سمعتم أيها المقترحون لهذه
الأمور أن بشرًا قدَر على شيء منها ؟ وإن
أردتم أني أطلب ذلك من الله سبحانه حتى
يُظهرها على يدِي ، فالرسول إذا أتى بمعجزة
واحدة كفَاهُ ذلك ، لأن بها يتبيَّن صِدْقه ،
ولا ضرورة إلى طلب الزيادة وأنا عبدٌ مأمور
ليس لي أن أتحكّم على ربي بما ليس بضروري ولا
دعتْ إليه حاجة ، و لو لَزِمتْني الإجابة لكل
مُتَعنِّتٍ لَاقترَح كل معاندٍ في كل وقتٍ
اقتراحاتٍ وطلب لنفسه إظهار آياتٍ ، فتعالى
الله عما يقول الظالمون علوًّا كبيرا ،
وتنزَّه عن تَعنُّتاتهم وتقدَّس عن اقتراحاتهم
.
جاء في تفسير ابن كثير :
وهذا المجلس الذي اجتمع هؤلاء له ، لو علِم
الله منهم أنهم يسألون ذلك استرشادًا
لأُجيبواإليه ، ولكن علم أنهم إنما يطلبون ذلك
كفرًا وعنادًا، فقيل للرسول: إن شئت أعطيناهم
ما سألوا فإن كفروا عذبتهم عذابًا لا أعذبه
أحدًا من العالمين ، وإن شئت فتحتُ عليهم باب
التوبة والرحمة ، فقال : "بل تَفتَح عليهم باب
التوبة والرحمة" كما تقدم ذلك في حديثي ابن
عباس والزبير بن العوام أيضًا ، عند قوله
تعالى: (وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ
بِالآيَاتِ إِلا أَنْ كَذَّبَ بِهَا
الأوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ
مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ
بِالآيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا) الإسراء .
و قال تعالى: (وَ قَالُوا مَا لِهَذَا
الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي
الأسْوَاقِ لَوْلا أُنزلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ
فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا ، أَوْ يُلْقَى
إِلَيْهِ كَنز أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ
يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ
تَتَّبِعُونَ إِلا رَجُلا مَسْحُورًا ،
انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأمْثَالَ
فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلا ،
تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ
خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ
تَحْتِهَا الأنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ
قُصُورًا ، بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ
وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ
سَعِيرًا) الفرقان
.
.....
و لو شاء الله لأجابهم إلى جميع ما سألوا
وطلبوا، ولكن علِم أنهم لا يهتدون ، كما قال
تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ
كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ
جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا
الْعَذَابَ الألِيمَ) يونس ، وقال تعالى:
(وَلَوْ أَنَّنَا نزلْنَا إِلَيْهِمُ
الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى
وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلا
مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلا أَنْ يَشَاءَ
اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ)
الأنعام .
وقد سأل نبيّ الرحمة، ونبيّ التوبة المبعوث
رحمة للعالمين، إنظارهم وتأجيلهم ، لعل الله
أنْ يُخرِج من أصلابهم من يعبده لا يشرك به
شيئًا. وكذلك وقع، فإن من هؤلاء الذين ذُكِروا
من أسلَم بعد ذلك وحسُن إسلامه ، حتى "عبد
الله بن أبي أمية" الذي قال لِلنبي صلى الله
عليه وسلم ما قال ، أسلم إسلامًا تامًّا،
وأناب إلى الله عز وجل. اهـ . بتصرُّف .
لا التفاتَ إلى التعنُّتات :
قال تعالى : (وَإِنْ كَانَ كَبُرَ
عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ
أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ
سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ
بِآيَةٍ ، وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ
عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ
الْجَاهِلِينَ ، إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ
الَّذِينَ يَسْمَعُونَ ، وَالْمَوْتَى
يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ
يُرْجَعُونَ) الأنعام .
هل تريدُ عُذْرًا أو حِمَارًا؟
يحاوِل الإسلاميون قطْع معاذير العلمانيين
بمُسايَرتهمَ مسايَرَةً ديمقراطية في مصر و
تونس واليمن و حتى في سورية ، ولكن دون جدوى ،
و هم لا يرضَون بأقل من منْع الإسلام أن يحكُم
، و منْع الإسلاميين أن يحكُموا ، حتى لا يظهر
نجاحهم ، و رغم أنّ الإسلاميين يكرّرون
المسايَرة بالاحتكام إلى الشعب كما في
الاستفتاء على دستور مصر ، إلا أن العلمانيين
لا يريدون ذلك ، و يمارسون القتْل والبلطجة
والتخريب و إحراق مقرّات الإسلاميين دون وازعٍ
أو رادع ، كما حصل خلال هذا الأسبوع ، و
يَسْتقْوُون بالخارج إعدادًا وتمويلاً ..
و في سورية بدأتْ تمثيلية الأسلحة
الكيماوية ، والإغراء للنُّصيريين باستخدامها
تمهيدًا للتدخُّل الخارجي لِمنْع الإسلاميين
من ثمرة جهادهم .. مع زيارةٍ مشبوهةٍ للأمين
العام للأمم المتحدة في هذا اليوم إلى الأردنّ
.
وفي تونس فإن الإسلاميين أغلبية والحكومة
بيدهم ، و لكن المتآمرين يشغلونهم بالاضطرابات
و المظاهرات ، إلى درجة قولهم : غيّروا
المحافظ الفلاني .. بدون مبرِّر !! .. حتى إن
رئيس الدولة و هو ليبرالي يدعو إلى تشكيل
حكومة جديدة ، رغم أنهم أحسَنوا إليه فجعلوه
رئيسًا و لا أغلبية له ، و كذلك رئيس البرلمان
ليس له أغلبية ، و مع ذلك لم يتْرك المتآمرون
الأمور تمضي بهدوء رغم انفتاح الإسلاميين في
تونس ، وتغاضيهم عن الفساد والقوانين
العلمانية و عن أوضاع المرأة التي لا زالتْ
هناك على النّمَط الغربي .
و في اليمن تمّ التنازل عن الأغلبية حتى
بمنطق الديمقراطية ، و قيل بأن الحوار لا سقْف
له !! بمعنى ليست له مرجعية ، و في ذلك تهميشٌ
للدِّين ، مع أن أغلبية الناس لا يقبلون بذلك
، وقيل للجنوب نصْف التمثيل في الحوار ،
لإثارة العصبيّة ، و قيل للمرأة ثلاثون في
المائة ، و هذه النسبة سارية على كل الكيانات
الممثَّلة ، و استبعدوا العلماء و شيوخ
القبائل ، و رغم كل ذلك يُعلِن الحِراك
الجنوبيُّ عدم قبوله ، و يُقابِله السُّفراء و
يَتَفَّهمون طرحَه ، وبمعنىً أوضح .. تظلّ
الأزْمة: (مَحلَّك سِرْ) كما يقال.
و أطرافٌ أخرى يمارسون جلْب الأسلحة و
توزيعها و تواصُل قطْع الطُّرُق والكهرباء و
أنبوب النفط و الاغتيالات ، إلخ .. !!..
يَحْكُون أنّ شخصًا طلَبَ من صاحبِه أن
يُعِيْرَهُ حمارَهُ ، فاعتذر له بأنه غير
موجود ، فنهَق الحمار و فضَح صاحبه ، فكان
جواب صاحبه بِبُرودٍ : هل تريد عُذْرًا أو
تريد حمارًا ؟ .. بمعنى أنه لا التفاتَ
لِلمنطِق !! .. و إنما لِلهوَى و المغالَطة !!
..
ممّا يعني أنه لا جدوَى من المسايَرَة و
ذلك تضييعٌ للوقت و جنايةٌ على البلد والدِّين
، فالدّين ليس قابلاً للأخذ والرّد ، و لا
للاستفتاء الديمقراطي عليه .. و إنما الحلّ هو
الوضوح و التمسُّك بالدّين بقوّة و بدون أيّ
تنازل ، قال تعالى : (فإنْ تولَّوا فإنما عليك
البلاغُ المُبين) النحل .
فإمّا أنْ يكون الإسلاميون بدرجة من
القدْرة على احْتِواء الآخرين دون تنازل ، و
قادرين على المضيّ إلى الأمام ليحكُم الإسلام
، و إما ألّا يكونوا قادِرِين ، و هم معذورن و
يتْركون التنازلات ، و لو حكَم الضلال
الصِّرْف ، فالإسلام لا يقبل التخليط ، حتى
يأتي الله بالفتْح أو أمرٍ من عنده ، كما حصل
من تمكينِ اللهِ لِلرسول والصحابة و للأخيار
على مدار القرون .. قال تعالى : (و احذرْهم
أنْ يفتِنوكَ عن بعضِ ما أنزلَ الله إليكَ ،
فإنْ تَوَلَّوا فاعلمْ أنّما يُريدُ اللهُ أنْ
يُعَذِّبَهم ببعضِ ذُنوبِهم ، وإنّ كثيرًا من
الناسِ لفاسِقون) المائدة .
العَرْقلة و التشويش من أساليب الأعداء في
منْع ظهور الحقِّ :
إن مؤامرة الأعداء في الكيد المستمرّ
للإسلاميين و عدم إتاحة الفرصة لهم ليكسِبوا
الناس و يتالّفوهم من خلال إظهار الحق و إصلاح
الحكم .. قال تعالى : (يُريدون أن يُطْفِئُوا
نُورَ اللهِ بأفْواهِهم و يَأْبَى اللهُ إلّا
أنْ يُتِمَّ نُورَهُ و لو كَرِهَ الكافرون)
التوبة .
و لذلك يتمّ افتعال الأحداث المُعرْقِلة
لِمنْع أيّ فرصةٍ للنجاح ، وينخدع البسطاء
الذين يظنّون أن التنازلات مُجْدِية .. قال
تعالى : (و لو فتَحْنا عليهم بابًا من السماءِ
فظلُّوا فيهِ يَعْرُجون ، لقالُوا إنما
سُكِّرَتْ أبصارُنا بل نحنُ قومٌ مَسْحورون)
الحِجْر . فإذا لم يفهم العقلاء فيالَلأسف!!
..
و الكيدُ بالعرْقَلة والتشويش طريقةٌ
قديمة ، قال تعالى : (وقال الذين كفروا لا
تَسْمَعوا لِهذا القرآنِ و الْغَوْا فيهِ
لعلّكم تَغْلِبون) حم السجدة .
و في الختام فإن المنافقين و الكافرين لا
يُطيقون الحقَّ و لا الإسلام مهما كانت
التنازلات .. قال تعالى : (لقد جِئْناكم
بالحقِّ و لكنَّ أكثرَكم للحقِّ كارهون)
الزُّخْرُف . |