خرافة تحديد يوم لنهاية العالم

خطبة جمعة في مسجد جامعة الإيمان في 8 صفر 1434هـ الموافق 21 ديسمبر 2012م

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  لسماع الخطبة اضغط على الرابط التالي:

http://www.ssadek.com/jomaa/nhayh.mp3

     الزعْم بأن نهاية العالم في هذا اليوم :

     انتشر في الأخبار أن نهاية العالم في هذا اليوم ، حسَب ما ورد في تقويم المايا الذين كانت حضارتهم في المكسيك .. و لا يعلم موعد قيام الساعة إلا الله ، و إنما يعلم الناس علامات الساعة .. و زعَم بعضهم أن كوكبًا سيمرُّ قريبا من الأرض و سيسبّب كارثة عظيمة , كما حدَث قبل 65 مليونًا من السنين عندما انقرضتْ الديناصورات ، و أنهم  يتوقَّعون هلاك 70% من البشر بسبب بُطْءِ حركة الأرض ، ثم تَوقُّفِها ، ثم انعكاس دورانها حتى تُشرق الشمس من المَغرب .

    و قد كذَّب المتخصِّصون هذه الإشاعة ، إضافةً إلى أن المسلمين المستنيرين بالوحْي و لاسيما العلماء يعلمون أن الحدَث الذي فيه طلوع الشمس من مغرِبها متأخّر ، لأن طلوع الشمس من المغرب إذا حصل لا ينفع معه الإيمان قال تعالى : (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ) الأنعام .

     و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال  : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( لا تقومُ الساعة حتى تطلُعَ الشمسُ من مغربِها فإذا رآها الناسُ آمَنَ مَن عليها ، فذاك حين (لا ينفعُ نفسًا إيمانُها لم تكنْ آمنتْ من قبل) متفق عليه .   

     و هنالك علاماتٌ للساعة تسبِق طلوع الشمس من المغرب منها : خروج المهدي المُرْتَبِط بالمَلْحمة الكبرى ، التي بعدها خروج الدجال المُرْتَبِط بنزول عيسى ، المُرْتَبِط بخروج يأجوج و مأجوج ..

    ردّ ابن مسعود على زعْم رجُلٍ أن الساعة قد جاءتْ :

     عَنْ يُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ قَالَ هَاجَتْ رِيحٌ حَمْرَاءُ بِالْكُوفَةِ فَجَاءَ رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ هِجِّيرَى ـ أيْ ليس له هَمٌّ ـ إِلاَّ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ : جَاءَتِ السَّاعَةُ . قَالَ فَقَعَدَ وَكَانَ مُتَّكِئًا ، فَقَالَ : إِنَّ السَّاعَةَ لاَ تَقُومُ حَتَّى لاَ يُقْسَمَ مِيرَاثٌ وَلاَ يُفْرَحَ بِغَنِيمَةٍ .

     ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا - وَنَحَّاهَا نَحْوَ الشَّأْمِ – فَقَالَ : عَدُوٌّ يَجْمَعُونَ لأَهْلِ الإِسْلاَمِ وَيَجْمَعُ لَهُمْ أَهْلُ الإِسْلاَمِ ، قُلْتُ الرُّومَ تَعْنِى ؟ قَالَ نَعَمْ ، وَتَكُونُ عِنْدَ ذَاكُمُ الْقِتَالِ رَدَّةٌ شَدِيدَةٌ فَيَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لاَ تَرْجِعُ إِلاَّ غَالِبَةً ، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجُزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ فَيَفِىءُ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ .

    ثُمَّ يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لاَ تَرْجِعُ إِلاَّ غَالِبَةً ، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجُزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ فَيَفِىءُ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ ، ثُمَّ يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لاَ تَرْجِعُ إِلاَّ غَالِبَةً ، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يُمْسُوا فَيَفِىءُ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الرَّابِعِ نَهَدَ إِلَيْهِمْ بَقِيَّةُ أَهْلِ الإِسْلاَمِ فَيَجْعَلُ اللَّهُ الدَّبَرَةَ عَلَيْهِمْ فَيَقْتُلُونَ مَقْتَلَةً - إِمَّا قَالَ لاَ يُرَى مِثْلُهَا وَإِمَّا قَالَ لَمْ يُرَ مِثْلُهَا - حَتَّى إِنَّ الطَّائِرَ لَيَمُرُّ بِجَنَبَاتِهِمْ فَمَا يُخَلِّفُهُمْ حَتَّى يَخِرَّ مَيْتًا ، فَيَتَعَادُّ بَنُو الأَبِ كَانُوا مِائَةً فَلاَ يَجِدُونَهُ بَقِىَ مِنْهُمْ إِلاَّ الرَّجُلُ الْوَاحِدُ ، فَبِأَىِّ غَنِيمَةٍ يُفْرَحُ أَوْ أَىُّ مِيرَاثٍ يُقَاسَمُ ؟ ..

     فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ سَمِعُوا بِبَأْسٍ هُوَ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ ، فَجَاءَهُمُ الصَّرِيخُ إِنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَلَفَهُمْ فِى ذَرَارِيِّهِمْ ، فَيَرْفُضُونَ مَا فِى أَيْدِيهِمْ وَيُقْبِلُونَ ، فَيَبْعَثُونَ عَشَرَةَ فَوَارِسَ طَلِيعَةً.. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (إِنِّى لأَعْرِفُ أَسْمَاءَهُمْ وَأَسْمَاءَ آبَائِهِمْ وَأَلْوَانَ خُيُولِهِمْ ، هُمْ خَيْرُ فَوَارِسَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ ، أَوْ مِنْ خَيْرِ فَوَارِسَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ) رواه مسلم .

   و عن أَبي هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (يَكُونُ فِى آخِرِ الزَّمَانِ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ يَأْتُونَكُمْ مِنَ الأَحَادِيثِ بِمَا لَمْ تَسْمَعُوا أَنْتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ ، فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُمْ لاَ يُضِلُّونَكُمْ وَلاَ يَفْتِنُونَكُمْ ) رواه مسلم و أحمد .

    علاماتٌ و إرهاصات :

    و مع ذلك فإن هنالك علاماتٍ و عجائبَ و إرهاصاتٍ و مقدماتٍ لزوال الحضارة و قرب النهاية تنسجِم مع علامات الساعة الصحيحة السليمة  ، مثل توقُّع بعض التغييرات الكونية في وقتها المناسب ،كما في وقت الدجال عندما يكون يومٌ  كَسَنة ، و يومٌ كشهر ، و يوم كأُسبوع ، كما في الحديث عند مسلم ، و ربما كان ذلك بسبب توقُّف حركة الأرض أو بُطْئِها ..  و كذلك حدوث القتْل الذريع في الناس و حدوث الابتلاءات :

    عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِى مَكَانَهُ) متفق عليه .

    و عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ عَلَى الْقَبْرِ فَيَتَمَرَّغُ عَلَيْهِ وَ يَقُولُ يَا لَيْتَنِى كُنْتُ مَكَانَ صَاحِبِ هَذَا الْقَبْرِ ، وَ لَيْسَ بِهِ الدِّينُ إِلاَّ الْبَلاَءُ) رواه مسلم .    

     و نحن الآن في انتظار أحداث كبيرة كما سبق ، من ظهور المهديّ و ما بعده من العلامات العشْر الكُبْرى للساعة  .. و عند الأحداث الكبار تأتي المقدمات المناسبة ، كما حدث مثلاً عند قرْب ظهور النبي عليه الصلاة والسلام  من المقدِّمات مثل : مجيءُ اليهود إلى يثرب ، و كانوا يظنون أن النبي منهم ، و استفتاحهم بالنبيّ على المشركين ، و انتقالات سلْمان الفارسيّ يبحث عن الحق ، و ظهور الحنيفيين ، و ظهور إرهاصات في بيئة النبوة مثل حادثة الفيل ، و تسْمية النبي ، و ما رأتْ أمُّه في المنام ، و شقّ الصدر ، و الراهب بَحِيرَى ، و الصفات المُلْفِتة ..

     عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِىِّ قَالَ اطَّلَعَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ فَقَالَ : (مَا تَذَاكَرُونَ؟ ) . قَالُوا نَذْكُرُ السَّاعَةَ . قَالَ : (إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ) . فَذَكَرَ (الدُّخَانَ ، وَالدَّجَّالَ ، وَالدَّابَّةَ ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا ، وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صلى الله عليه وسلم ، وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ، وَثَلاَثَةَ خُسُوفٍ : خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ ـ وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ ، وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ) رواه الجماعة إلا البخاري .

     الناس فريقان في انحرافهم في علامات الساعة :

     فريقٌ يستسلم للخرافات و الإشاعات في في الكلام على نهاية العالم ، كما حصل هذه الأيام من تحديد هذا اليوم للنهاية  (21ديسمبر2012م) . 

    و فريقٌ يتصلَّب فلا يطيق سماع الكلام على الأحاديث الصحيحة في علامات الساعة ، فلا يرتاح لسماع أحاديث المهدي مع أنها متواترة في المعنى ، و لا أحاديث الدجال المتواترة ، و لا أحاديث نزول عيسى المتواترة .

    و يزعم أن الكلام في هذه المواضيع يورِث التواكُل و عدَم الأخذ بالأسباب ، و الحقيقة عكْس ذلك ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما أخبر بهذه الأحاديث ، و لا اعتنَى بها العلماء ، إلا لأنها تفتح أبواب الأمل ، وتُشَجِّع على العمل باعتبار أن المستقبل للإسلام.

     و كثيرٌ من هؤلاء عِلْمه قليل ، و لا يحبُّ أن ينجذب الناسُ إلى غيره في سمَاع هذه العجائب ، و في الوقت ذاته يريد أن يجامِل العلمانيين في أنه لا يتفاعل مع الغيبيات ، و نقول له و لأمثاله : إذا كنت تخجل من الإيمان بخروج المهدي و خروج الدجال و نزول عيسى ، فعليك أن تخجل أيضًا من الإيمان بقيام الساعة و الإيمان باليوم الآخر ، لأنها كلها من الغيبيات ، والذي أخبرنا بها كلها الوحي ، و الإيمان كلٌّ لا يتجزَّأ  !! .. نسأل الله العافية .

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©