لسماع
الخطبة اضغط على الرابط التالي:
www.ssadek.com/jomaa/nfs.mp3
وردت
أحاديث كثيرة في فضائل البلدان
و الشعوب و القبائل والأشخاص ، و من فوائد ذلك
الاستفادة من الميزات و بناء الترتيبات و
الخِطَط والأوضاع و السياسات في ضوء ذلك . و
الدول تحتاج من أجل ذلك إلى الجامعات والمعاهد
ومراكز البحث لإعداد لدراسات واستنتاج الحقائق
والنظريات و البناء عليها ، و تكون نتائجها
اجتهادية قابلة للصواب و الخطأ ، أما أحاديث
النبي صلى الله عليه و سلم فهي حق وصواب لأنها
وحي من الله ، قال تعالى : ( وما ينطق عن
الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ) النجم . و من
هذه الأحاديث أحاديث عديدة في فضائل اليمن ،
تفتح لنا أبواب الأمل والعمل ، وتدفع الإحباط
واليأس و الملل في أزمان الابتلاءات والفتن
، ومن ذلك :
عن شبيب أبي روح أن أعرابيا أتى أبا هريرة
فقال : يا أبا هريرة حدثنا حديثا عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال : فذكر الحديث ... قال :
فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( ألا إن
الإيمان يمان والحكمة يمانية وأجد نَفَس ربكم
من قِبَل اليمن ) قال الهيثمي في(المجمع ) :
رواه أحمد ( والطبراني في الأوسط ) ورجاله
رجال الصحيح غير شبيب وهو ثقة . و قال العراقي في (
تخريج الإحياء ) : رجاله ثقات . و قال
الألباني في (السلسلة الصحيحة) صحيح .
وقد روى الحديث الطبراني في (المعجم
الكبير) عن
سلمة بن نفيل السكوني قال : دنوت من رسول الله
صلى الله عليه وسلم حتى كادت ركبتاي تمسان
فخذه فقلت : يا رسول الله تُرِكت الخيل
وأُلقِي السلاح وزعم أقوام أن لا قتال ، فقال
: (كذبوا الآن جاء القتال ، لا تزال من أمتي
أمةٌ قائمة على الحق ظاهرة على الناس يُزيغ
الله قلوب قوم قاتلوهم لينالوا منهم) وقال وهو
مولٍّ ظهرَه إلى اليمن :
(إني أجد نفَس
الرحمن من هاهنا، ولقد أوحي إلي أني مَكْفُوتٌ
ـ أي ميت مقبور ـ غيرُ مُلَبَّث، وتتبعوني
أفنادا ـ أي أفراداً في الوفاة ـ والخيل
معقودٌ في نواصيها الخير إلى يوم القيامة
وأهلها مُعانُون عليها) . ورواه البخاري في
(التاريخ الكبير) عن سلمة بن نفيل السكوني
الشامي بالسياق نفسه .
قال ابن تيمية في (الفتاوى ج 6 ص 398)
في شرح الحديث : قَوْلُهُ (مِنْ الْيَمَنِ )
يُبَيِّنُ مَقْصُودَ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ
لَيْسَ لِلْيَمَنِ اخْتِصَاصٌ بِصِفَاتِ
اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى يُظَنَّ ذَلِكَ ،
وَلَكِنْ مِنْهَا جَاءَ الَّذِينَ يُحِبُّهُمْ
الله وَيُحِبُّونَهُ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ
: ( مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ
فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ
يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) . وَقَدْ رُوِيَ
أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ :
سُئِلَ الرسول عَنْ هَؤُلَاءِ ؛ فَذَكَرَ
أَنَّهُمْ قَوْمُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ
؛ وَجَاءَتْ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ
مِثْلُ قَوْلِهِ : (أَتَاكُمْ أَهْلُ
الْيَمَنِ أَرَقَّ قُلُوبًا وَأَلْيَنَ
أَفْئِدَةً ؛ الْإِيمَانُ يَمَانِيٌّ
وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ) وَهَؤُلَاءِ هُمْ
الَّذِينَ قَاتَلُوا أَهْلَ الرِّدَّةِ
وَفَتَحُوا الْأَمْصَارَ فَبِهِمْ نَفَّسَ
الرَّحْمَنُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ الْكُرُبَاتِ
.
و قال الفيروز أبادي في (القاموس) :
و أجدُ نَفَسَ رَبّكُمْ من قِبَلِ اليمنِ :
النَّفَس اسمٌ وُضِعَ مَوْضِعَ المَصْدَرِ
الحَقِيقيّ من نَفَّسَ تَنْفِيساً ونَفَساً أي
: فَرَّجَ تَفْرِيجاً... و المراد : ما
تَيَسَّرَ من أهلِ المَدينَةِ (الأنصار) وهم
يَمانُونَ من النُّصْرَةِ والايواءِ . و
قال
الإمام أبو سعيد عثمان بن سعيد الدارمي في
كتابه (النقض على المريسي الجهمي)
وابن الأثير في (النهاية) وابن قتيبة في (غريب
الحديث) مثل ذلك .
والفَرَج عموماً يأتي من اليمن بسبب أن شعب
اليمن شعبٌ عسكري مجاهد ، فبالجهاد يأتي
الفَرَج ، قال تعالى : (وَلَوْلَا دَفْعُ
اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ
لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ
وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ
كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن
يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)
الحج. و لايحمي الحق والعدل والرحمة في هذا
العالم إلا القوة ، قال عليه الصلاة و السلام
: (عليكم بالجهاد
في سبيل الله فإنه باب من أبواب الجنة يُذْهِب
اللهُ به الهمَّ و الغم) رواه الطبراني في
(الأوسط) عن أبي أمامة ، و قال الألباني :
صحيح .
و لأن
اليمن مصدر الفرَج
بفضل الله ، فإن الأنصار الذين نصروا الرسول
صلى الله عليه وسلم هم من اليمن ، وفي حروب
الردة قضى اليمانيون عاجلاً على فتنة الردة في
بلدهم بأنفسهم ، واشتركوا في جهاد المرتدين في
جزيرة العرب ، ثم اشتركوا في الفتوحات كلها في
العراق و فارس والشام ومصر وشمال أفريقية و
الأندلس والهند والسند وأواسط آسيا وجنوب
شرقها وإلى الصين جهاداً بالسنان ، أو باللسان
فقط كما في إندونيسيا وسواحل أفريقيا .. وإلى
هذا الزمان لا يوجد بلد ترتفع فيه راية الجهاد
إلا و يُحْرِز فيه اليمانيون قَصَب السبْق
كأفغانستان والعراق والشيشان ، وإن لم
يَقدِروا على الجهاد بأموالهم وأنفسهم
فيجاهدون بأموالهم كما في فلسطين ، فدعمهم
المالي هناك هو الدعم الشعبي الأول .
إن اليمن أرض الفرَج و المَدَد . عن أبي
أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إن
الله استقبل بي الشام و ولَّى ظهري اليمن و
قال لي : يا محمد ، إني جعلت لك ما تجاهك
غنيمةً و رزقاً ، و ما خلف ظهرك مدَداً ، و
لا يزال الإسلام يزيد و ينقص الشرك و أهله ،
حتى تسير المرأتان لا تخشيان إلا جَوْراً ، و
الذي نفسي بيده لا تذهب الأيام و الليالي حتى
يبلغ هذا الدين مبلغ هذا النجم) رواه الطبراني
، و قال الألباني في (صحيح الجامع) إنه صحيح .
وفي الفتن التي في اليمن يهيء الله
لليمانيين علاجها ، فقد واجهوا الباطنية و
الرافضة وصوراً من الصوفية المغالية ، و لَمَع
أئمة كبارٌ منهم على مستوى العالم الإسلامي
مثل عبد الرزاق والوزير والأمير و المقبلي
والشوكاني والوادعي . وفي عصرنا هذا قضى
اليمانيون في بلدهم بفضل الله على أخبث قلعة
للشيوعية في العالم الإسلامي في سبعين
يوما ، وكانت قد توطَّنت في اليمن لمدة ربع
قرن و يئس الناس من زوالها ، وأثناء الحرب وقف
العالم تقريباً معها ، و لكن الله أزالها ، و
أزال من قبل ذلك أعمالها التخريبية في شمال
اليمن ، و أزال رموزها فيما عُرِف بحرب
التخريب..
وهكذا عندما تأتي الفتن الخطيرة إلى
اليمن فإنها تزول ، تماماً كما تأتي الأمراض
الخطيرة إلى المستشفى الناجح فيعالجها وتزول ،
لأن نفَس الرحمن من قِبَل اليمن .. وفي آخر
الزمان يخرج من اليمن اثنا عشر ألفا ينصرون
المهدي .. ففي (مجمع الزوائد) للهيثمي عن ابن
عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: (يخرج من عدن اثنا عشر ألفا ينصرون الله
ورسوله هم خيرُ من بيني وبينهم) ، قال المعتمر
: أظنه قال : في الأعماق ـ المقصود ملْحَمة
الأعماق أيام المهدي ـ . قال الهيثمي : رواه
أبو يعلى والطبراني وقال : ( من عدن أبين )
ورجالهما رجال الصحيح غير منذر الأفطس وهو ثقة
.اهـ . و رواه أحمد ووافق الأرناؤوط الهيثمي
في الحكم على الحديث، وقال الألباني صحيح .
|