* الله يحب المؤمن فيتوب عليه باستمرار
ويستجيب له باستمرار ، في حين يبغض الكافر
فيشدّد عليه العقاب .. قال تعالى :
(وهو الذي يقبل
التوبة عن عباده و يعفو عن السيئات و يعلم ما
تفعلون ، و يستجيب (بمعنى يُجِيب) الذين آمنوا
و عملوا الصالحات و يزيدهم من فضله ،
والكافرون لهم عذاب شديد) الشورى .
* وذلك لأن الله غفور وغفار وعفُوٌّ
وتواب ، بل يفرح بتوبة
العبد
..عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم أنه قال : ( قال الله عز وجل: أنا عند
ظن عبدي بي ، وأنا معه حيث ذكرني ، والله
لَلَّهُ أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته
بالفلاة ، ومن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا
، ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ، وإذا
أقبل إلي يمشي أقبلت إليه أهرول ) متفق عليه ، وقوله : (لَلَّه ُ أفرح) متفق عليه برواية أخرى .
ولذلك فإن الله يغفر بأدنى مناسبة لعبده ..1يغفر
له عندما يتوب ، ويغفر له بمجرد أداء أي عبادة
فتتساقط ذنوبه مع الوضوء وفي السير إلى المسجد
، وفي الصلاة والجهاد والابتلاءات و الأمراض و
الهموم ...إلخ و يعود في الحج من ذنوبه كيوم
ولدته أمه ، و يغفر له في الصيام (من
صام رمضان إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من
ذنبه) حم ق 4عن أبي هريرة
وعند الخطيب عن ابن عباس : ( ما تقدّم من
ذنبه وما تأخر)،
وذكر الألباني
صحتها .1
*و من فضل الله و كرمه الزائد أن الذنوب في المستقبل تقع مغفورة
، وهذا حاصلٌ للنبي صلى الله عليه و سلم مطلقا
( ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك و ما تأخّر)
الفتح ، و حاصلٌ كذلك للمؤمنين في صوم رمضان
كما في رواية الخطيب المذكورة في غفران ماتأخر
من الذنوب ، و كذا في صوم يوم عرفة لأنه يكفر
ذنوب السنة الماضية و ذنوب السنة الآتية كما
عند مسلم ، وكذا في حال اجتناب الكبائر فإن
الصغائر تقع مغفورة (إن تجتنبوا كبائر ما
تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ) النساء . وكما
كان حال أهل بدر كما في المتفق عليه ( و ما
يُدريك لعل الله اطّلع على أهل بدر فقال
اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ) .1
*و من مناسبات غفران الذنوب القيام في
رمضان (من
قام رمضان إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من
ذنبه) حم ق 4 عن أبي هريرة . و كذلك قيام
ليلة القدر (من قام ليلة القدر إيمانا
واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) متفق عليه .1
* و لو لم يذنب الناس لأتى الله بخلق
يذنبون ليغفر لهم ، لأن الغفران مقتضى كثير
من أسمائه و صفاته (و الذي نفسي بيده لو لم
تذنبوا لذهب الله بكم و لجاء بقوم يذنبون
فيستغفرون الله فيغفر لهم) حم م عن أبي هريرة
.1
*والله سميع قريب مجيب ، يستجيب لعباده
بأدنى مناسبة كذلك ، فيستجيب للكفار إذا
أخلصوا وأيقنوا بحاجتهم إليه ، فكيف بالمؤمنين
؟ (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا
اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا
نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ
يُشْرِكُونَ) العنكبوت .1
* وتقرُّب المؤمن إلى الله أكثر يجعل
إجابة الله له آكد ( إن الله تعالى قال : من
عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ، و ما تقرب
إلي عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه ، و
ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ،
فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به و بصره
الذي يبصر به و يده التي يبطش بها و رجله التي
يمشي بها ، و إن سألني لأعطينه و لئن استعاذني
لأعيذنه ، و ما تردَّدت عن شيء أنا فاعله
تردُّدي عن قبض نفس المؤمن ، يكره الموت و أنا
أكره مساءته) خ عن أبي هريرة .1
* ومن المواطن التي يكون فيها المؤمنون
أقرب إلى الله النصف الثاني من رمضان لأن فيه
العشر و ليلة القدر ، وقدكان الصحابة يقنتون
عند ذلك ويدْعون للمسلمين و يدْعون على
الكَفَرة كما ذكر ذلك البيهقي و غيره عن عدَد
من الصحابة .1
قال الألباني : (وبعد الفراغ من القراءة
وقبل الركوع يقنُت أحيانا بالدعاء الذي علمه
النبي صلى الله عليه وسلم سبطه الحسن بن علي
رضي الله عنهما وهو (اللهم اهدني فيمن هديت ،
وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ،
وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك
تقضي ولا يقضى عليك ، وإنه لا يذل من واليت ،
ولا يعز من عاديت ، تباركت ربنا وتعاليت، لا
منجا منك إلا إليك) .1
ولا بأس من جعل القنوت بعد الركوع ، ومن
الزيادة عليه بلعْن الكفرة والصلاة على النبي
صلى الله عليه وسلم والدعاء للمسلمين في النصف
الثاني من رمضان ، لثبوت ذلك عن الأئمة في عهد
عمر رضي الله عنه من حديث عبد الرحمن بن عبد
القاري . رواه
مالك في الموطأ وعنه البخاري والفرياني ورواه
ابن أبي شيبة . اهـ
.1
*وهذه فرصة عظيمة للإلحاح على الله
بالدعاء بأن يفرج عنا ما نعانيه من الأزمات
والصراعات والفتن والحرب في بلدنا ، وليس
التفريج عنا و عن سائر المسلمين على الله
بعزيز ، وحسبنا الله و نعم الوكيل .1
|