شهر المغفرة والدعاء

خطبة جمعة في مسجد جامعة الإيمان في 21رمضان 1430هـ الموافق 11سبتمبر2009م

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

     * الله يحب المؤمن فيتوب عليه باستمرار ويستجيب له باستمرار ، في حين يبغض الكافر فيشدّد عليه العقاب .. قال تعالى : (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده و يعفو عن السيئات و يعلم ما تفعلون ، و يستجيب (بمعنى يُجِيب) الذين آمنوا و عملوا الصالحات و يزيدهم من فضله ، والكافرون لهم عذاب شديد) الشورى .

     * وذلك لأن الله غفور وغفار وعفُوٌّ وتواب ، بل يفرح بتوبة العبد ..عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( قال الله عز وجل:  أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه حيث ذكرني ، والله لَلَّهُ أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بالفلاة ، ومن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا ، ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ، وإذا أقبل إلي يمشي أقبلت إليه أهرول ) متفق عليه  ، وقوله : (لَلَّه ُ أفرح) متفق عليه برواية أخرى . ولذلك فإن الله يغفر بأدنى مناسبة لعبده ..1يغفر له عندما يتوب ، ويغفر له بمجرد أداء أي عبادة فتتساقط ذنوبه مع الوضوء وفي السير إلى المسجد ، وفي الصلاة والجهاد والابتلاءات و الأمراض و الهموم ...إلخ و يعود في الحج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ، و يغفر له في الصيام (من صام رمضان إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) حم ق 4عن أبي هريرة  وعند الخطيب عن ابن عباس :  ( ما تقدّم من ذنبه وما تأخر)، وذكر الألباني صحتها .1

        *و من فضل الله  و كرمه الزائد أن الذنوب في المستقبل تقع مغفورة ، وهذا حاصلٌ للنبي صلى الله عليه و سلم مطلقا ( ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك و ما تأخّر) الفتح ، و حاصلٌ كذلك للمؤمنين في صوم رمضان كما في رواية الخطيب المذكورة في غفران ماتأخر من الذنوب ، و كذا  في صوم يوم عرفة لأنه يكفر ذنوب السنة الماضية و ذنوب السنة الآتية كما عند مسلم  ، وكذا في حال اجتناب الكبائر فإن الصغائر تقع مغفورة  (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ) النساء . وكما كان حال أهل بدر كما في المتفق عليه ( و ما يُدريك لعل الله اطّلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ) .1

    *و من مناسبات غفران الذنوب  القيام في رمضان (من قام رمضان إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) حم ق 4  عن أبي هريرة . و كذلك  قيام ليلة القدر (من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) متفق عليه .1

    * و لو لم يذنب الناس لأتى الله بخلق يذنبون ليغفر لهم ،  لأن الغفران مقتضى كثير من أسمائه و صفاته (و الذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم و لجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم) حم م عن أبي هريرة .1

     *والله سميع قريب مجيب ، يستجيب لعباده بأدنى مناسبة كذلك ، فيستجيب للكفار إذا أخلصوا وأيقنوا بحاجتهم إليه ، فكيف بالمؤمنين ؟  (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ) العنكبوت .1

     * وتقرُّب المؤمن إلى الله أكثر يجعل إجابة الله له آكد ( إن الله تعالى قال : من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ، و ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه ، و ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به و يده التي يبطش بها و رجله التي يمشي بها ، و إن سألني لأعطينه و لئن استعاذني لأعيذنه ، و ما تردَّدت عن شيء أنا فاعله تردُّدي عن قبض نفس المؤمن ، يكره الموت و أنا أكره مساءته) خ عن أبي هريرة .1

     * ومن المواطن التي يكون فيها المؤمنون أقرب إلى الله النصف الثاني من رمضان لأن فيه العشر و ليلة القدر ، وقدكان الصحابة يقنتون عند ذلك ويدْعون للمسلمين  و يدْعون على الكَفَرة كما ذكر ذلك البيهقي و غيره عن عدَد من الصحابة .1  

     قال الألباني : (وبعد الفراغ من القراءة وقبل الركوع يقنُت أحيانا بالدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم سبطه الحسن بن علي رضي الله عنهما وهو (اللهم اهدني فيمن هديت  ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يقضى عليك ، وإنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت ، تباركت ربنا وتعاليت، لا منجا منك إلا إليك) .1

     ولا بأس من جعل القنوت بعد الركوع ، ومن الزيادة عليه بلعْن الكفرة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء للمسلمين في النصف الثاني من رمضان ، لثبوت ذلك عن الأئمة في عهد عمر رضي الله عنه من حديث عبد الرحمن بن عبد القاري .  رواه مالك في الموطأ وعنه البخاري والفرياني ورواه ابن أبي شيبة . اهـ .1

     *وهذه فرصة عظيمة للإلحاح على الله بالدعاء بأن يفرج عنا ما نعانيه من الأزمات والصراعات والفتن والحرب في بلدنا ، وليس التفريج عنا و عن سائر المسلمين على الله بعزيز ، وحسبنا الله و نعم الوكيل .1

    

 

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©