لسماع
الخطبة اضغط على الرابط التالي:
http://www.ssadek.com/jomaa/haws.mp3
جاء في (لسان العرب) : الهَوَسُ
بالتَحْرِيك : طَرَفٌ من الجُنُونِ قالَه
الجَوْهَرِيّ وقال الزَّمَخْشَرِيّ :
وبرَأْسِه هَوَسٌ أَيْ دَوَرَانٌ أَو دَوىٌّ
وهو مُهَوَّسٌ : كمُعَظَّمٍ عن ابنِ عَبّاد .
وقد يُطْلَق علَى الَّذِي به المالِيخُولْيا
(الانفصام) والوَسَاوِسُ .
هَوَسُ الكرة لا نظير له :
تعاظمت فتنة الكرة فأُعِدت لها
الملاعب و المدرَّجات والكؤوس والتدريبات ، و
أنشئت لها الوزارات والْمُنْشَآت والهيئات ،
والنوادي والفِرَق والدوريات ، وتخصَّصت لها
الصحف والمجلات والنشرات ، والمواقع
والجوّالات و البث المباشر والقنوات ،
ورُصِدتْ لها أضخم الميزانيات وأكوام
المليارات ، وتفرَّغ لها البشر كهولا وشباباً
وشابّات ، وصرفوا فيها أكثر الأوقات والسهرات
في اللَّعب والتشجيع والمتابعات ، وعمَّت
البلوى بها في الميادين و الحارات والساحات ،
ولوحات الورقات والألكترونات ، وانتشر
هَوَسُها في الدول الكبرى والصغرى بما يُعقد
لها من المسابقات العالمية والدورات ،
واستقطاب المدربين بملايين الدولارات ، ولم
يسبق لهذا الهَوَس نظير فيما مضى وربما فيما
هو آت . ولم يَعُد الهدف منها رياضة العضلات
وإنما الخداع والمَكَرَات والسياسات السيئات .
الأوقات ثمينة :
إن الأوقات هي الأعمار وهي رأس
المال وهي الحياة .. فما الإنسان إلا أيام
وسنوات ، وما الحياة إلا دقائق وثوان .
دقاتُ قلب المرْءِ قائلةٌ له *** إن
الحياة دقائقٌ و ثوانِ
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول
محذِّراً من تضييع الأوقات :
(لا تزولُ قدما عبد حتى يسأل عن أربع : عن عمره
فيم أفناه ، و عن علمه ما فعل فيه ، و عن ماله
من أين اكتسبه و فيم أنفقه ، و عن جسمه فيم
أبلاه) رواه الترمذي عن أبي برزة و قال
الألباني صحيح .
ويقول جل وعلا : (وَهُمْ
يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا
نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا
نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا
يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ
النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ
مِن نَّصِيرٍ) فاطر .
كما يقول سبحانه : (أَن تَقُولَ
نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي
جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ
السَّاخِرِينَ ، أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ
اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ
، أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ
أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ
الْمُحْسِنِينَ) الزمر .
الأموال قيامٌ للناس :
كما أن الأموال قِوَام الحياة ،
قال تعالى : (وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء
أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ
قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ
وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً)
النساء . كما يقول سبحانه :
(وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ
وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ
تَبْذِيراً ، إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ
إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ
لِرَبِّهِ كَفُوراً ) الإسراء . و في الحديث
الذي مرّ (و عن ماله من أين اكتسبه و فيم
أنفقه) .
معالي الأمور :
كما أن اهتمام المسلم يجب أن
يكون في معالي الأمور وفيما ينفع ، قال عليه
الصلاة والسلام : (إن الله تعالى يحب معالي
الأمور و أشرافها و يكره سفسافها) رواه
الطبراني عن الحسين بن علي وقال الألباني صحيح
.
وإلا فالحساب عسير ( وَوُضِعَ
الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ
مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا
وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا
يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا
أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً
وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) الكهف .
ولا بد من الاستفادة الْمُثلَى
من الطاقات والإمكانات ، قال تعالى :
(وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن
قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ
فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى
أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ
الصَّالِحِينَ ، وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ
نَفْساً إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ
خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) المنافقون . وقال
سبحانه : ( يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم
التغابن) التغابن . و قال عليه الصلاة والسلام
: (نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس :
الصحة و الفراغ) رواه البخاري و الترمذي و ابن
ماجه عن ابن عباس .
الغرض من تعميم و تمكين الهوَس الكُروي :
الغرَض شَغْل الناس ولا سيما
الشباب في أفضل مراحل العمر ، عن السياسات
المنحرفة و عن المنكرات و عن المؤامرات
والأخطار الْمُحْدِقة و عن معالي الأمور
واستراتيجية الْمُنْجَزات وأعمال الخير
والتعاون على البر والتقوى ، فأصبح الهَوَس
الكروي مثل الهَوَس الموسيقي رديفَا المخدرات
والْمُنوِّمات .. حتى قيل عن كل منهما أفيون
الشعوب ، و هما شبيها الكيف و تخزين القات
عندنا في اليمن .
فهل من يَقَظَةٍ وانتباه
وتحرُّرٍ من هَوَس ملاحقة قطعةِ جِلْدٍ
شَغَلَت الأنام ، و تكاثَرَتْ حولها طقوسٌ و
أكوامٌ من الأوهام ؟!! |