الاستعاذة من الحَوْر بعد الكَوْر

خطبة جمعة في مسجد جامعة الإيمان في 27 جمادى الأولى 1433هـ الموافق 18 أبريل 2012م

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  لسماع الخطبة اضغط على الرابط التالي:

http://www.ssadek.com/jomaa/haor.mp3

    عن ابْنَ عُمَرَ عَلَّمَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجًا إِلَى سَفَرٍ كَبَّرَ ثَلاَثًا ثُمَّ قَالَ: (سُبْحَانَ الذي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ في سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى ، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ في السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ في الأَهْلِ ، اللَّهُمَّ إني أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ في الْمَالِ وَالأَهْلِ ). وَإِذَا رَجَعَ قَالَهُنَّ. وَزَادَ فِيهِنَّ (آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ). رواه مسلم

     ثم قال حدثني زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَافَرَ يَتَعَوَّذُ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ وَالْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ وَدَعْوَةِ الْمَظْلُومِ وَسُوءِ الْمَنْظَرِ في الأَهْلِ وَالْمَالِ .

     وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ جَمِيعًا عَنْ أَبِى مُعَاوِيَةَ ح وحدثني حَامِدُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ كِلاَهُمَا عَنْ عَاصِمٍ بِهَذَا الإِسْنَادِ. مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّ في حَدِيثِ عَبْدِ الْوَاحِدِ فِى الْمَالِ وَالأَهْلِ.

وَفِى رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ خَازِمٍ قَالَ يَبْدَأُ بِالأَهْلِ إِذَا رَجَعَ. وَفِى رِوَايَتِهِمَا جَمِيعًا (اللَّهُمَّ إني أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ) هذا كله في مسلم .

     و عند غير مسلم : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ قَالَ : كَانَ النبي صلى الله عليه وسلم إِذَا سَافَرَ قَالَ : (اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ في السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ في الأَهْلِ ، اللَّهُمَّ اصْحَبْنَا في سَفَرِنَا وَاخْلُفْنَا في أَهْلِنَا ، اللَّهُمَّ إني أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ المُنْقَلَبِ وَمِنَ الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْنِ ، وَمِنْ دَعْوَةِ الْمَظْلُومِينَ وَمِنْ سُوءِ المَنْظَرِ في الأَهْلِ وَالمَالِ ) . رَوَاهُ أحمد و النسائي في (الكبرى) و الترمذي و عبد الرزاق و غيرهم .

     قَالَ الترمذي هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَيُرْوَى الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْن أَيْضًا وَمَعْنَى قَوْلِهِ : الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْنِ أَوْ الْكَوْرِ ، وَكِلَاهُمَا لَهُ وَجْهٌ يُقَالُ إِنَّمَا هُوَ الرُّجُوعُ مِنْ الْإِيمَانِ إِلَى الْكُفْرِ ، أَوْ مِنْ الطَّاعَةِ إِلَى الْمَعْصِيَةِ إِنَّمَا يَعْنِي مِنْ الرُّجُوعِ مِنْ شَيْءٍ إِلَى شَيْءٍ مِنْ الشَّرِّ .

       وَ عند أحمد سُئِلَ عَاصِمٌ عَنْ الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ قَالَ حَارَ بَعْدَ مَا كَانَ .

    من شرح حديث مسلم عند النووي :

    ( كان إذا استوى على بعيره خارجا إلى سفر كبّر ثلاثا ثم قال : سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنا له مقرنين إلى آخره ) معنى مُقْرِنين :مُطِيقين أي ما كنا نطيق قهْره واستعماله لولا تسخير الله تعالى إياه لنا ، وفي هذا الحديث استحباب هذا الذكر عند ابتداء الأسفار كلها ، وقد جاءت فيه أذكار كثيرة جمعتها في كتاب الأذكار ..

     الحَوْر بعد الكَوْن:

     ( والحَوْر بعد الكَوْن ) هكذا هو في معظم النسخ من صحيح مسلم بالنون بل لا يكاد يوجد في نسخ بلادنا إلا بالنون ، وكذا ضبطه الحفاظ المتقنون في صحيح مسلم قال القاضي : وهكذا رواه الفارسي وغيره من رواة صحيح مسلم ، قال ورواه العذري بعد الكَوْر بالراء ، قال والمعروف في رواية عاصم الذي رواه مسلم عنه بالنون ، قال القاضي قال إبراهيم الحربي يقال إن عاصما وَهِم فيه وأن صوابه الكَوْر بالراء ، قلتُ وليس كما قال الحربي بل كلاهما روايتان ، وممن ذكر الروايتين جميعا الترمذي في جامعه وخلائق من المحدثين ، وذكرهما أبو عبيد وخلائق من أهل اللغة وغريب الحديث .

     قال الترمذي بعد أن رواه بالنون ويُروَى بالراء أيضا ، ثم قال وكلاهما له وجْه ، قال ويقال هو الرجوع من الإيمان إلى الكفر أو من الطاعة إلى المعصية ومعناه الرجوع من شيء إلى شيء من الشر .. هذا كلام الترمذي ، وكذا قال غيره من العلماء معناه بالراء والنون جميعا الرجوع من الاستقامة أو الزيادة إلى النقص .

     قالوا ورواية الراء مأخوذة من تكوير العمامة وهو لَفُّها وجمعها ورواية النون مأخوذة من الكون مصدر كان يكون كَوْناً إذا وُجِد واستقر ، قال المازري في رواية الراء قيل أيضا إن معناه أعوذ بك من الرجوع عن الجماعة بعد أن كنا فيها ، يقال كارَ عمامته إذا لَفّها ، وحارَها إذا نقَضها ، وقيل نعوذ بك من أن تفسد أمورنا بعد صلاحها كفساد العمامة بعد استقامتها على الرأس .

     وعلى رواية النون قال أبو عبيد سئل عاصم عن معناه فقال ألم تسمع قولهم حارَ بعد ما كانَ أي أنه كان على حالة جميلة فرجع عنها والله أعلم . قال تعالى : (و لا تكونوا كالني نقضتْ غَزْلها من بعد قوّةٍ أنكاثًا) النحل .  اهـ . كلام النووي بتصرُّف .

 

     من شرح الحديث كما في (المُفْهِم) :

     ( الصاحب ) ؛ أي : أنت الصاحب الذي تحفظنا بحفظك ورعايتك. و ( الخليفة ) ؛ أي : الذي تخلفنا في أهلينا بإصلاح أحوالهم بعد مغيبنا ، أو انقطاع نظرنا ، عنهم . ولا يسمى الله تعالى : بالصاحب ، ولا بالخليفة ؛ لعدم الإذن ، وعدم تكرارهما في الشريعة . اهـ . 

      من شرح الحديث كما في (تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم) :

    وعثاء السفر : شدته ومشقته وأصله من الوعْث وهو الرمل الرقيق الذي تغوص الرجل فيه ويشتد المشي عليه ثم جعل ذلك لما يشق ويؤلم .

الكآبة :تغيُّر النفْس والانكسار من الحزن والهم يقال رجل كئيب أي حزين ويقال كأْبة وكَابَة بتخفيف الهمزة وإسكان الألف مثل رأفة ورافة .اهـ .

     من الحَوْر بعد الكَوْر في أيامنا :

    في أيامنا هذه فوجئنا على سبيل المثال بمُنْشد إسلامي معروف كان يمتنع من حضور أماكن الموسيقى و الإيقاع ، و مرّت الأيام و إذا به يتحوّل إلى الغناء و الموسيقى ، و يزعم أنه تحوّل من الحسن إلى الأحسن ، أي أنه يزعم التأصيل لانحرافه و من قبله تحوّل عديدون كانوا قرّاءَ قرآن و حفَظةً و مؤذِّنين إلى مُغَنِّين و لا قوة إلا بالله .

     و هنالك نساءٌ كنّ مُحَجّبات ترَكْن الحشْمة و الحجاب ، و لم يكْتَفِين بذلك ، بل أخذْنَ في ذمّ الحجاب ، و أنه ليس من الإسلام ، بِزعْم التأصيل لانحرافهن ، و مارسْن الجلوس مع الرجال و مصافحتهم و التطاوُل للولاية العامة ، و دخول القنوات بحيث يُعرِّضْنَ صُوَرَهنّ أنْ يراها الملايين ،.. فهل ذلك العرْض منهن لكي يغُضّ الناس عنهن أبصارهم المأمور به قطعاً في الكتاب والسنّة؟!! ...إلخ .

      و هنالك علماء تراجعوا عن تمسُّكهم عن الانضباط الدقيق بالشرع ، وعن اجتناب المناهج المُريبة و عن اتقاء الشبهات و التنازلات ، بزعْم الحكمة و عدم التشدُّد حتى لا يقع العزْل للخطاب الإسلامي ، ونسي هؤلاء أنه في زمان الغُربة لا يقع العزْل فحسب ، وإنما قد يقع الإيذاء والسجن وربما القتل ، فهل نتنازل عن الإسلام من أجل مزعوم عدم عزْل الإسلام ؟ منطق غريب !!  

      و لأن العلماء في مقام القدوة ، فقد كان هؤلاء سبَبًا في انحراف كثير من الناس بأفعالهم و فتاواهم ، فهنالك مثلاً من يقابل النساء في القنوات ، و من يزعم مساواتهن بالرجال و يزعم أن لهن حقًّا في الولاية على الرجال !! .

     و هنالك من يتورّط في الفتاوى الخطيرة التي قد تتناول الأموال والدماء و الأعراض ، إرضاءً للحكام أو للجماهير ، و هنالك من يُروّج للمناهج المستوردة كليًّا أو جزئيًّا .

     و هنالك من يختَطِف الأضواء كما فعل من زاروا الدنمارك عقيب الإساءة هناك إلى الرسول صلى الله عليه وسلم .. فعلوا ذلك شُذوذاً رغم اتفاق العلماء على المقاطعة ، و كذلك من زار القدس هذه الأيام إبّان صلَف الاحتلال و الإصرار على عمران ِمساكن لليهود في القدس على حساب تخريب مساكن المسلمين ، والإصرار على تهويد الأقصى نفسه !! و هذه الزيارة يحرص عليه اليهود و الذين في فَلَكهم ، ذرًّا للرّماد على العيون ، و كأنه لا يوجد ما يُسَبِّب مقاطعة إجراءات السفر .   

    و هنالك من يلفِتُ الأنظار بالفتاوى الغريبة ، و المسارعة في التقارُب مع أهل الكتاب في مثل السماح بالموسيقى و الغناء و أنه يَسمع شخصيًّا المغنِّية فلانة أو فلانة ، و تجويز عطلة السبت ، و نصرة الظلمة ، و تعطيل الجهاد ، و عدم تسمية الكافرين كافرين ، و إنكار حدّ الرجم و إنكار حدّ الرّدّة .

     و هنالك من يزعم أن الديمقراطية هي أفضل ما وصل إليه العقل البشري ، و أن فيها ما يتفق مع الإسلام !! .. و إذا كان الأمر كذلك.. فلماذا لا نكتفي بالإسلام ؟ و الله يقول : ( أوَ لم يَكْفِهم أنّا أنزلنا عليك الكتاب يُتْلَى عليهم؟) العنكبوت ، و يقول سبحانه : (صبغةَ الله و من أحسنُ من الله صبغة) البقرة ، و هل كان المسلمون قبل الديمقراطية ناقصين طوال أربعة عشر قرناً...إلخ .

    و سيراً مع الديمقراطية هنالك مَن يزعم أن الاجتهاد لكل الناس وليس للعلماء المجتهدين ، و أن الإجماع إجماع الناس و ليس إجماع المجتهدين ، و أن للناس أن يختاروا أن يحكمهم الإسلام أو غيره ، و أن يحكمهم مسلم أو غير مسلم ، و أنها سقطتْ شرعية الفتْح و حلّتْ محلها شرعية المواطنة يعني التي يتساوى فيها المسلم و الكافر .

     و هنالك  من العلماء من قد يرتدّ عن الدّين و العياذ بالله كما فعل القصيمي .. قال تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ)  الأعراف . و الحال قريبةٌ من حال أمية بن أبي الصَّلْت و أبي عامر الراهب . و قال سبحانه : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) النور .

     أخطر الحَوْر حَوْر العلماء :    

     و أخْطَر الحَوْر حَوْر العلماء فما تحرّفت الأديان إلا بهم ، قال تعالى : (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله) التوبة ، و عندما سمعها عَدِيُّ بن حاتم ، وكان نصرانيّاً جاء ليُسلِم ، فقال : يا رسول الله ما عبَدوهم . فقال له رسول الله  صلى الله عليه وسلم: (بلى إنهم أحلُّوا لهم الحرام وحرَّموا عليهم الحلال؛ فاتبعوهم ، فذلك عبادتهم إياهم) أخرجه الترمذي و ذكر الألباني أنه حسن  .

     قال ابن المبارك : 

     و هل أفسدَ الدّينَ إلا المُلوكُ  ***  و أحبارُ سوءٍ و رُهْبانُها

     و بعض العلماء يتبعون سنن من كان قبلهم كما في الحديث المتفق عليه ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ من الحَوْر بعد الكَوْر و يقول (يا مقلِّب القلوب) ، و الله يقول : (و اعلموا أن الله يحول بين المرء و قلبه) الأنفال .

     قال البخاري : بَاب مُقَلِّبِ الْقُلُوبِ ، وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ) ..حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَكْثَرُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْلِفُ (لَا وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ) .

     و أخرج الترمذي عن أنس قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكثر أن يقول : (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) فقلت يا رسول الله آمنا وبك وبما جئت به فهل تخاف علينا ؟ قال: (نعم إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله يقلّبهما كما يشاء) .

     قال أبو عيسى وفي الباب عن النواس بن سمعان و أم سلمة و عبيد الله بن عمرو و عائشة وروى بعضه عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن النبي صلى الله عليه و سلم وحديث أبي سفيان عن أنس أصح .قال الألباني صحيح . و رواه كذلك أحمد ، و قال الأرناؤوط أيضا صحيح .

     و عند أحمد و مسلم عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ (إِنَّ قُلُوبَ بَنِى آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ كَقَلْبٍ وَاحِدٍ يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ) . ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ) . 

     وجوب الحذَر من الفتاوى المتساهلة و العلماء المتساهلين :

     عن وابصة قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ لَا أَدَعَ شَيْئًا مِنْ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ إِلَّا سَأَلْتُهُ عَنْهُ وَحَوْلَهُ عِصَابَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَسْتَفْتُونَهُ ، فَجَعَلْتُ أَتَخَطَّاهُمْ قَالُوا إِلَيْكَ يَا وَابِصَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قُلْتُ دَعُونِي فَأَدْنُوَ مِنْهُ فَإِنَّهُ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ أَنْ أَدْنُوَ مِنْهُ ،قَالَ (دَعُوا وَابِصَةَ ادْنُ يَا وَابِصَةُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا) ، قَالَ فَدَنَوْتُ مِنْهُ حَتَّى قَعَدْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ : (يَا وَابِصَةُ أُخْبِرُكَ أَوْ تَسْأَلُنِي) قُلْتُ لَا بَلْ أَخْبِرْنِي فَقَالَ (جِئْتَ تَسْأَلُنِي عَنْ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ) فَقَالَ نَعَمْ فَجَمَعَ أَنَامِلَهُ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهِنَّ فِي صَدْرِي وَيَقُولُ (يَا وَابِصَةُ اسْتَفْتِ قَلْبَكَ وَاسْتَفْتِ نَفْسَكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي النَّفْسِ وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ) رواه أحمد بإسناد حسن كما قال الألباني .

    فالحذَرَ الحذَر ، لاسيما و نحن في زمن فتنة الدهيماء التي يتمايز فيها الناس إلى فسطاطين .

    و ليس كل العلماء منهزمين !! فهنالك علماء ربانّيون يقيم الله بهم الحجة في كل زمان ، و من ذلك زمان الغُرْبة الذي نعيشه قال تعالى : (وممّن خلقنا أمّةٌ يهدُون بالحقِّ و به يَعْدِلون) الأعراف .    

     و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يَحْمِل هذا العلم من كل خلَفٍ عُدُولُه يَنْفُون عنه تحْريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين) . رواه البيهقي و غيره و ذكر الألباني أنه صحيح .. و في الختام يقول سبحانه : (فاستقمْ كما أُمِرْت) هود .

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©