إيذاء الخلْق

خطبة جمعة في مسجد جامعة الإيمان في 5 ربيع الأول 1431هـ الموافق 19 فبراير 2010م

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  لسماع الخطبة اضغط على الرابط التالي:

http://www.ssadek.com/jomaa/etha.mp3

     * قال صلى الله عليه وسلم: (إنما الشمس والقمر آيتان من آيات الله وإنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس ،فإذا رأيتم شيئا من ذلك فصلوا حتى تنجلى ، ما من شيء توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه ، لقد جيء بالنار وذلكم حين رأيتموني تأخرت ـ تأخرت الصفوف معه إلى النساء ـ مخافة أن يصيبني من لفْحها ، وحتى رأيت فيها صاحب المِحْجَن يجرُّ قُصْبه  ـ أمعاءه ـ في النار ، كان يسرق الحاج بِمِحْجنه فإن فطِن له قال إنما تعلَّق بِمِحْجني ، وإن غفَل عنه ذهب به ، وحتى رأيت فيها صاحبة الهرة التي ربطتْها فلم تُطعمها ولم تدعها تأكل من خَشَاش الأرض حتى ماتت جوعا . ثم جيء بالجنة وذلكم حين رأيتموني تقدَّمت حتى قُمْتُ في مقامي ، ولقد مددت يدي وأنا أريد أن أتناول من ثمرها لتنظروا إليه ، ثم بدا لي أن لا أفعل . فما من شيء توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه) رواه مسلم واحمد وابن حبان وغبرهم .

     * في هذا بيان أن الجنة والنار مخلوقتان وليس كما يقول المبتدعة كالمعتزلة ونحوهم كما قال النووي ، قال تعالى في الجنة : (أُعِدَّت للمتقين) آل عمران . وقال تعالى في النار: (أُعدّت للكافرين) البقرة . ولما رآهما قال كما في الصحيحين :(لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا) .

     * و في الحديث بيان خطورة إيذاء الخلْق وتعذيبهم فقد دخلت امرأة النار في هرة ، فكيف بإيذاء البشر و سَجْنهم وحصارهم ؟!  وفي الحديث الذي رواه الجماعة إلا الترمذي أن نملة قرصت نبيا فأحرق قرية النمل ، فأوحى الله إليه : (فهلا نملةً واحدة) مما يدل على ضرورة العدل حتى مع الحيوان . عن سعيد بن جبير قال : كنت عند ابن عمر فمر بفتية أو بنفر نصبوا دجاجة يرمونها ، فلما رأوا ابن عمر تفرّقوا عنها ، وقال ابن عمر من فعل هذا ؟ إن النبي صلى الله عليه وسلم لعَن من فعل هذا ، متفق عليه ، وعند أحمد : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (لعن الله من اتخذ شيئاً فيه الروح غَرَضاً) .

     *والتعاون في الإيذاء والتعذيب والنقل والنميمة والاعتداء على العِرض خطر عظيم .. عن المستورد بن شداد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من أكل برجل مسلم أكْلة فان الله عز وجل يُطْعِمه مثلها من جهنم ، ومن اكتسى برجل مسلم ثوبا فان الله عز وجل يكسوه مثله من جهنم ، ومن قام برجل مسلم مقام سمعة فإن الله عز وجل يقوم به مقام سمعة يوم القيامة) رواه أحمد وأبو داود والحاكم والطبراني وغيرهم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي ، وقال الألباني صحيح و الأرناؤوط  حسن .

     *وحرمة المال عظيمة كذلك فهذا صاحب المِحْجن كانت عاقبته ما في الحديث ، وخداع الناس في الاعتداء عليهم قد ينطلي عليهم ، ولكن لا ينطلي على الله .

     *فليتق الله من ابتلاهم الله بالقدْرة ، ومن دعته قدرته إلى ظلم الناس فليتذكر قدرة الله عليه . عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال : كنت أضرب غلاماً لي بالسوط فسمعت صوتا من خلفي : (اعلم أبا مسعود !) فلم أفهم الصوت من الغضب فلما دنا مني إذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا هو يقول : (اعلم أبا مسعود أن الله عز وجل أقدر عليك منك على هذا الغلام)  فقلت : لا أضرب مملوكا بعده أبدا .

وفي رواية فقلت يا رسول الله : هو حرٌّّ لوجه الله تعالى . فقال : (أما لو لم تفعل لَلَفَحَتْك النار ، أو لَمَسَّتْك النار) رواه مسلم وأحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم .

     * ودعوة المظلومة ليس بينها وبين الله حجاب كما في الحديث الذي رواه الجماعة ، وكثيراً ما يُعَجِّل الله العقوبة عقيب الدعاء .

                    لا تظلمنَّ إِذا ما كنتَ مقتدراً ... فالظلمُ مرتعُه يفضي إِلى الندمِ

                     تنامُ عينكَ والمظلــومُ منتبهٌ ... يدعو عليكَ وعينُ اللّهِ لم تنمِ

 

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©