شهر الانفراج بإذن الله

خطبة جمعة في مسجد جامعة الإيمان في 25 شعبان 1431هـ الموافق 6 أغسطس 2010م

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  لسماع الخطبة اضغط على الرابط التالي:

http://www.ssadek.com/jomaa/enfrag.mp3

     أزماتُنا :

     لقد بلغتْ أزماتنا شأْواً بعيدا في جانب سفْك الدماء والفوضى الخلاقة ، وتمزَّق نسيج المجتمع بالصراعات ودعوات التشرذم وانبثاق المشاريع السياسية الابتداعية الانعزالية الخاصة ، وعمَّ الانحطاط الاقتصادي وتدهْورت العملة جدا وتصاعدت الأسعار ، رغم ثرواتنا الكثيرة ومهاجرينا الكُثْر ، وزادتْ هجمات الغرب بمنظماته المتزايدة لأجل التغريب وتغيير التشريعات والتغرير بالمرأة ، والإصرار على الاختلاط وتدمير التعليم ، وانتشر التطفيف وأخْذ الحقوق , وضاعت الأمانة , وهُـمِّشت الكفاءات، وانتشرت الأمراض الجسدية والنفسية، وتفاقمت الظواهر السلبية كالثارات وتعـاطي القات والعبث بالمقدَّرات وتعميم المنكرات.. وعـم البلاء وانتشر الـعـنـاء  ..

     كيف سنستقبل رمضان ؟

     وإن رمضان على الأبواب فهل ياترى سنستقبله كالمعتاد بالسهرات وبالقات والمسابقات والمسلسلات والمزيد من المنكرات ، أم أن الأمر جدٌّ والفأس موجَّهٌ على الرأس ، ولا بد من الاستيقاظ من الغفلة واللامبالاة ، فقد أطبقتْ علينا المؤامرات كما حصل للثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غار فأطبقت عليهم الصخرة فلم ينفعهم إلا التعاون على الدعاء والتقرب إلى الله بصالح الأعمال كما في الحديث المتفق عليه .. قال البخاري : حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (انْطَلَقَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَتَّى أَوَوْا الْمَبِيتَ إِلَى غَارٍ فَدَخَلُوهُ فَانْحَدَرَتْ صَخْرَةٌ مِنْ الْجَبَلِ فَسَدَّتْ عَلَيْهِمْ الْغَارَ ، فَقَالُوا إِنَّهُ لَا يُنْجِيكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ إِلَّا أَنْ تَدْعُوا اللَّهَ بِصَالِحِ أَعْمَالِكُمْ ...) وقال مسلم : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَقَ الْمُسَيَّبِيُّ حَدَّثَنِي أَنَسٌ يَعْنِي ابْنَ عِيَاضٍ أَبَا ضَمْرَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : (بَيْنَمَا ثَلَاثَةُ نَفَرٍ يَتَمَشَّوْنَ أَخَذَهُمْ الْمَطَرُ ، فَأَوَوْا إِلَى غَارٍ فِي جَبَلٍ فَانْحَطَّتْ عَلَى فَمِ غَارِهِمْ صَخْرَةٌ مِنْ الْجَبَلِ فَانْطَبَقَتْ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ انْظُرُوا أَعْمَالًا عَمِلْتُمُوهَا صَالِحَةً لِلَّهِ فَادْعُوا اللَّهَ تَعَالَى بِهَا لَعَلَّ اللَّهَ يَفْرُجُهَا عَنْكُمْ ...) .

     الدعاء في رمضان والتوبة :

    قال تعالى : (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) البقرة . وهذه البشرى بالقرْب من الله وإجابة الدعاء المشروطة باستجابة العباد وإيمانهم جاءت عقيب البشرى بموسم رمضان ، للإيحاء بأنه موسمٌ للقرْب والدعاء ، قال تعالى : (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) البقرة .

    إن فُرَص الإجابة تتكرّر يوميا في رمضان ، لأنه شهر أعمال صالحة متعددة ، يمكن التقرب والتوسُّل بها للإجابة ، وهي غير الفُرَص المشتركة مع الأشهر والأيام الأخرى ، وإن تفويتها معناه تفويت فُرَص مضروبةً بعدد الملايين في اليمن ، وبعدد مئات الملايين في أمة الإسلام .

كالعِيْسِ في البيداءِ يقتلُها الظَّمَا   ***   والماءُ فوقَ ظهورِها محمولُ

 وإن الله لا يجيب دعاء المسلم فحسب وإنما يجيب دعاء المضطر و لو كان كافراً ، فكيف إذا اجتمع الإسلام والاضطرار؟ قال تعالى : (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ) النمل . وقال تعالى : (فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) الأنعام .

و لَرُبَّ نازلةٍ يضِيقُ بها الفتى   ***    ذَرْعاً وعند الله منها المَخْرَجُ

ضاقتْ فلمَّا استحْكَمتْ حلَقاتُها  ***   فُرِجَتْ وكنتُ أظنها لا تُفْرَجُ

     أَلِحُّوا على الله أيها المسلمون وأكثروا من الدعاء قال تعالى : (قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ) الفرقان . و عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ : (يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ ، احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ  ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ ، رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ) و قَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ، وقال الألباني حسن .

    وأكثروا من التوبة والاستغفار والنهي عن المنكر ، فإن من شروط الإجابة الإقلاع عن الذنوب والنهي عن المنكرات قال تعالى : (وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) الأنفال . وقال تعالى : (فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ) الأعراف . وعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ) رواه أحمد والترمذي وقال حديث حسن ، وقال الألباني كذلك .

 

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©