وإذا ذُكِرَ الذينَ مِن دُونِه إذا هُم يَسْتَبْشِرون

خطبة جمعة في مسجد جامعة الإيمان في 13من ذي الحجة 1434هـ الموافق 18 أكتوبر 2013م

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  لسماع الخطبة عبر برنامج " الريل بلاير " اضغط على الرابط التالي:

http://www.ssadek.com/jomaa/donh.mp3

    أيام التشريق أيام ذِكْرٍ لِلّه :

    قال تعالى: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) البقرة .

     جاء في تفسير ابن كثير : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : "الْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ" أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، وَ"الْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ" أَيَّامُ العَشْر.

     الذكْر في هذه الأيام بالتكبير ونحوه ، وبأذكار الطواف بالبيت و أذكار السعي ورمْي الجِمار ... :

     جاء في تفسير ابن كثير : قَالَ عِكْرِمَةُ: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ) يَعْنِي: التَّكْبِيرُ أيامَ التَّشْرِيقِ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ.

      وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا وَكِيع، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَوْمُ عَرَفة وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عيدُنا أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ) .

     وَيَتَعَلَّقُ بِهِ أَيْضًا الذَّكَرُ الْمُؤَقَّتُ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ، وَالْمُطْلَقُ فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ. وَفِي وَقْتِهِ أَقْوَالٌ لِلْعُلَمَاءِ، وَأَشْهَرُهَا الذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ أنَّه مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَهُوَ آخِرُ النَّفْر الآخِر. وَقَدْ جَاءَ فِيهِ حَدِيثٌ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ مَرْفُوعًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

    وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَانَ يُكَبِّرُ فِي قُبَّتِهِ، فَيُكَبِّرُ أَهْلُ السوق بِتَكْبِيرِهِ، حَتَّى تَرْتَجَّ مِنًى تَكْبِيرًا.

      وَيَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ أَيْضًا التكبيرُ وَذِكْرُ اللَّهِ عِنْدَ رَمْيِ الْجَمَرَاتِ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ: (إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَرَمْيُ الْجِمَارِ، لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) . اهـ . المنقول مـن تفسير ابن كثير بتصرُّف .

    المنْع من الصيام في هذه الأيام إلا للحاجَة ، من أجل المثابرة على الذكْر :

    عَنْ عائشة و عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَالاَ: (لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ، إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الهَدْيَ) رواه البخاري .

      جاء في الفتح : أن قَول ابن عُمَرَ وَعَائِشَةَ (لَمْ يُرَخَّصْ) لَيْسَ بِمَرْفُوعٍ بَلْ هُوَ بِطَرِيقِ الِاسْتِنْبَاطِ مِنْهُمَا عَمَّا فَهِمَاهُ مِنْ عُمُومِ الْآيَةِ (فصيام ثلاثة أيام في الحج ...) البقرة ، بالجمْع بينها وبين نَهْيِه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ .

     وفِي رِوَايَةِ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ قوله في الترخيص بالصوم (... إِلَّا لِمُتَمَتِّعٍ أَوْ مُحْصَرٍ) .

    وَتَابَعَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَصَلَهُ الشَّافِعِيُّ قَالَ : أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَن ابن شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فِي الْمُتَمَتِّعِ إِذَا لَمْ يَجِدْ هَدْيًا ولَمْ يَصُمْ قَبْلَ عَرَفَةَ فَلْـيَصُمْ أَيَّامَ مِنًى .    

     وَعَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ مِثْلُهُ وَوَصَلَهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَن ابن شِهَابٍ بِالْإِسْنَادَيْنِ بِلَفْظِ إِنَّهُمَا كَانَا يُرَخِّصَانِ لِلْمُتَمَتِّعِ فَذَكَرَ مِثْلَهُ ، لَكِنْ قَالَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ ، وَهَذَا يُرَجِّحُ كَوْنَ الحديث مَوْقُوفًا على عائشة وابن عمر ، وَيُقَوِّيهِ رِوَايَةُ مَالِكٍ وَهُوَ مِنْ حُفَّاظِ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ  فَإِنَّهُ مَجْزُومٌ عَنْهُ بِكَوْنِهِ مَوْقُوفًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ ثَلَاثَةٌ غَيْرُ يَوْمِ عِيدِ الْأَضْحَى لِأَنَّ يَوْمَ الْعِيدِ لَا يُصَامُ بِالِاتِّفَاقِ .

     وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي كَوْنِ أيام التشريق يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً ، وَسُمِّيَتْ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ لِأَنَّ لُحُومَ الْأَضَاحِي تُشَرَّقُ فِيهَا أَيْ تُنْشَرُ فِي الشَّمْسِ وَقِيلَ لِأَنَّ الْهَدْيَ لَا يُنْحَرُ حَتَّى تُشْرِقَ الشَّمْسُ وَقِيلَ لِأَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ تَقَعُ عِنْدَ شُرُوقِ الشَّمْسِ وَقِيلَ التَّشْرِيقُ التَّكْبِيرُ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ .

    وَهَلْ تلتَحقُ بِيَوْمِ النَّحْرِ فِي تَرْكِ الصِّيَامِ كَمَا تلْتَحقُ بِهِ فِي النَّحْرِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ ؟ أَوْ يَجُوزُ صِيَامُهَا مُطلقًا ؟ أَو للمتمتِّع خَاصَّة ؟ أَوله وَلِمَنْ هُوَ فِي مَعْنَاهُ ؟ وَفِي كُلِّ ذَلِكَ اخْتِلَافٌ لِلْعُلَمَاءِ وَالرَّاجِحُ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ جَوَازُهَا لِلْمُتَمَتِّعِ فَإِنَّهُ ذكر فِي الْبَاب حَدِيثي عَائِشَة وابن عُمَرَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ وَلَمْ يُورِدْ غَيْرَهُ .

    وَقد روى ابن الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَأَبِي طَلْحَةَ مِنَ الصَّحَابَةِ الْجَوَازَ مُطْلَقًا ، وَعَنْ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ الْمَنْعَ مُطلقًا وَهُوَ الْمَشْهُور عَن الشَّافِعِي ، وَعَن ابن عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ فِي آخَرِينَ مَنْعُهُ إِلَّا لِلْمُتَمَتِّعِ الَّذِي لَا يَجِدُ الْهَدْيَ ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ وَعَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَغَيْرِهِ يَصُومُهَا أَيْضًا الْمُحْصَرُ وَالْقَارِنُ .

     وَحُجَّةُ مَنْ مَنَعَ صومها حَدِيثَ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَرْفُوعًا (أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ) - وعند أحمد زيادة (وذكْر الله) - وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ (أَيَّامُ مِنًى أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ) ، وَمِنْهَا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ قَالَ لِابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ إِنَّهَا الْأَيَّامُ الَّتِي نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِهِنَّ وَأمر بفطرهن أخرجه أَبُو دَاوُد وبن الْمُنْذر وَصَححهُ ابن خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ اهـ . المنقول من الفتح بتصرُّف ..  

     من أسباب الذكْر في هذه الأيام الذكْر عند الذبح والنحر :        

    جاء في الفتح : وَيَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ تعالى: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ) البقرة ، ذِكْرُ اللَّهِ عَلَى الْأَضَاحِي، وكذلك قوله تعالى : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ) الحج ، وَأَنَّ الرَّاجِحَ فِي ذَلِكَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَهُوَ أَنَّ وَقْتَ الْأُضْحِيَّةِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ . اهـ . المنقول من الفتح بتصرُّف ..  

     و كذلك الذكْر على الهَدَايا في الحج ، قال تعالى : (...لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ) الحج .. وفي الحديث : ( ...كلُّ أيامِ التشريق ذبْح) رواه أحمد عن جبير بن مطعم .

     الذكْر المَذموم لغير اللهِ أساسُ الشِّرك :

    كان بعد آدم رجالٌ صالحون فأحبّهم الناس ، ولما ماتوا صنعوا لهم صُوَرًا للإكثار من ذِكْرهم وليزدادوا بالنظر إلى الصُّوَر إقبالًا على الأعمال الصالحة ، ومع مرور الأيام تطوَّر الأمر إلى عبادة هذه الصُّوَر التي صارت أصنامًا فبعث الله نوحًا عليه السلام لإعادة الناس إلى التوحيد ، ولم يؤمِن معه إلا القليل ، قال تعالى : (وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا) نوح .

    عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: صَارَتِ الْأَوْثَانُ الَّتِي كَانَتْ فِي قَوْمِ نُوحٍ فِي الْعَرَبِ بَعْدُ: أَمَّا وَدٌّ فَكَانَتْ لكلْب بدومة الجندل؛ وأما سُوَاعٌ فَكَانَتْ لِهُذَيْلٍ، وَأَمَّا يَغُوثُ فَكَانَتْ لِمُرَادَ، ثُمَّ لِبَنِي غُطَيف بالجَوف عِنْدَ سَبَأٍ، وأَمَّا يُعوقُ فَكَانَتْ لهَمْدان، وَأَمَّا نَسْرٌ فَكَانَتْ لِحَمِيرَ لِآلِ ذِي كَلاع، وَهِيَ أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ أَنِ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ فِيهَا أَنْصَابًا وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ ، فَفَعَلُوا فَلَمْ تُعْبَدْ ، حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ وتَنَسَّخَ الْعِلْمُ عُبِدت .

     وكذلك كان قوم إبراهيم يُكثِرون ذِكْر النجوم لفوائدها الكثيرة وفي مقدمتها الشمس حتى عبَدوها ، وقام إبراهيم بالنظر في كوكبٍ فأَفَل ، وبالنظر في القمر فأَفَل ، وبالنظر في الشمس واعتبرها أكبر ، فأَفَلَتْ .. ثم حكى الله عنه قوله : (...قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ ، إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) الأنعام .

     وفي هذه الأيام هنالك من يُكثِر ذِكْر زعماء وتعظيمهم إلى حدِّ تكوين أحزابٍ لِحمْل مبادئهم ، وكذلك مَن يُكثِر ذِكْر شعاراتٍ مثل : الله ، الملك ، الوطن .  ومثل : الله ، الوطن ، الثورة . ومثل وجود أيام وطنية في كل البلدان يُكثُر ذِكْرها في كل مكان وفي كل وسائل الإعلام .

    وهذه الأذكار إن صحَّ التعبير حجَّتُها الفوائد الكثيرة للأُمور المذكورة بزعْم أصحابها ، مع أن هذه المزاعم مهما بالغتْ لا تستطيع أن تقارِن مثلًا بين الأمور المذكورة وبين الشمس ، فالشمس سببٌ رئيسٌ بفضل الله في الحياة على الأرض ، واهتمام قوم إبراهيم بالشمس يجعلهم أقوَى منطِقًا إن صح التعبير من هؤلاء الذاكرين المعاصرين!! مع أن الله سبحانه هو المتفضِّل المسخِّر لهذه المخلوقات كلها ، وهو وحده له الحمْد والشكْر و الذكْر.                       

     من مقاصِد الذكْر المُكَثَّف في هذه الأيام التربية على التوحيد :

     ومنْعًا من حدوث هذا الذِّكر المذموم باعتبار أن الله وحده هو المتفضِّل المسخِّر لجميع المخلوقات فإن الإسلام حثَّ كثيرًا على ذكْر الله من أجل تعميق التوحيد ، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه كما في حديث مسلم ، والله يقول : (والذاكرين اللهَ كثيرًا والذاكرات) الأحزاب . ويقول : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ، وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) الأحزاب ، ويقول : (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ) آل عمران . وشُرِعتْ في الإسلام عباداتٌ و مواسِم للذكر مثل : الصلاة ، والعشر الأواخر من رمضان ، والحج ، و عشر ذي الحجة ، وأيام التشريق ..إلخ .

     المَنْع من التسوية بين فضل الله العظيم وبين فوائد بعض المخلوقات :

     كما منَع الإسلام من التشريك بين فضل الله العظيم العميم ، وبين فوائد بعض المخلوقات التي هي من خلْق الله ومن تسخيره ..فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: (أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ) قُلْتُ: إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟قَالَ: (ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ) قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: (ثُمَّ أَنْ تُزَانِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ) متفق عليه.

      وعَنْ قُتَيْلَةَ بِنْتِ صَيْفِيٍّ الْجُهَنِيَّةِ قَالَتْ: أَتَى حَبْرٌ مِنَ الْأَحْبَارِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، نِعْمَ الْقَوْمُ أَنْتُمْ، لَوْلَا أَنَّكُمْ تُشْرِكُونَ، قَالَ: (سُبْحَانَ اللهِ، وَمَا ذَاكَ؟) قَالَ: تَقُولُونَ إِذَا حَلَفْتُمْ وَالْكَعْبَةِ، قَالَتْ: فَأَمْهَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ: (إِنَّهُ قَدْ قَالَ !! فَمَنْ حَلَفَ فَلْيَحْلِفْ بِرَبِّ الْكَعْبَةِ ) ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، نِعْمَ الْقَوْمُ أَنْتُمْ، لَوْلَا أَنَّكُمْ تَجْعَلُونَ لِلَّهِ نِدًّا، قَالَ: (سُبْحَانَ اللهِ، وَمَا ذَاكَ؟) ، قَالَ: تَقُولُونَ مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ، قَالَ: فَأَمْهَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ: (إِنَّهُ قَدْ قَالَ.. فَمَنْ قَالَ مَا شَاءَ اللهُ فَلْيَفْصِلْ بَيْنَهُمَا ، ثُمَّ شِئْتَ) رواه أحمد والنسائي . وقال الألباني صحيح .

     وفي الختام يقول سبحانه :

     (وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) الزمر .

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©