وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا

خطبة جمعة في مسجد جامعة الإيمان في 22 شوال 1434هـ الموافق 29 أغسطس 2013م

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  لسماع الخطبة عبر برنامج " الريل بلاير " اضغط على الرابط التالي:

http://www.ssadek.com/jomaa/dlmo.mp3

    قالت عصفورة لأختها في يوم بارد : انظري إلى رحمة الصيّاد يذبح العصافير التي علِقَتْ بشبَكته ، ودموعه تسيل على خدَّيه ، فردَّتْ أختها عليها : لا تنخدعي ، وانظري إلى فِعْل يديه ، ولا تنظري إلى خدّيه ، فإن الدموع تسيل على خدَّيه بسبب البرد ، وهو حريصٌ لذلك على الاستدفاء بأكل لحوم أخواتنا .

     هل يمكن أن يصِل المعنى بهذا المثل إلينا لكي نُدْرِك حقيقة أفعال أعدائنا من الكفار والمنافقين بنا .

    المنافقون وأهل الكتاب إخْوَة :

    إنهم حِلفٌ واحد ، بل إخوة ، قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) الحشر . فهم صادقون في الأخوّة لكفرهم ، وكاذبون في صِدْق النُّصرة لجُبْنهم ، لأن الله يقول في السياق ذاته : (لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ ، لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ) ، ولأن الكافرين والمنافقين في نَسَقٍ واحد قال تعالى : (إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا) النساء ، بل قال سبحانه : (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا) النساء , ولأجل عداوتهم المحقَّقة  قال تعالى : (ياأيُّها النبيُّ جاهدِ الكفّارَ والمنافقين واغلُظْ عليهم) التوبة .

    لاينبغي مواجهة المسلَّحين المحاربين دون استعداد بالقوة والسلاح :

     ولا يجوز للمؤمنين أن يتعرَّضوا للبلاء الشديد على أيدي المنافقين والكافرين دون استعداد بالقوّة والسلاح ، عَنْ حُذَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا يَنْبَغِي لِمُسْلِمٍ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ) قِيلَ: وَكَيْفَ يُذِلُّ نَفْسَهُ؟ قَالَ: (يَتَعَرَّضُ مِنَ الْبَلَاءِ لِمَا لَا يُطِيقُ) رواه أحمد و ابن ماجه ، والترمذي والبزار ، والقضاعي والبيهقي ، والبغوي ، وغيرهم وقال الترمذي: حسن غريب ، وقال الحافظ العراقي في (تخريج أحاديث الإحياء): إسناده جيد . وقال الألباني صحيح .

      لايَطلب الحُكْم الإسلامي من ليستْ معهم قوَّةٌ كافية :

     ومن البلاء طلَب الحُكم قبل استكمال أساسه وهو القوة ، ولذلك أمر الله المسلمين بكفّ أيديهم في مكة قبل الاستكمال ، قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) النساء .   

    وأما طلب الحكم بالديمقراطية فلا يرضاه الله ، قال تعالى : (فَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا) الأنعام ، إذْ ليس الشعب حكَمًا ولا الدستور مرجِعًا مفصَّلًا ، و الأعداء كذلك لا يرضَون،وأحداث الجزائر وغزة وتونس وليبية وسورية و مصر و اليمن شاهدة ، والمؤمن لا يُلدَغ من جُحْرٍ واحدٍ مرَّتين كما في المتّفق عليه،ولاينفع من شَعْبٍ إلا الأرقام الصحيحة المجاهدة.

     وأعداؤنا مُتَكتِّلون جميعًا فلا يُجْدِي إلا تكتُّلنا كأمة،وبالمعيار العدَدِي قال تعالى: (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ... الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) الأنفال .وقال تعالى: (وقاتِلوا المُشركين كافةً كما يُقاتِلونكم كافة) التوبة.

    الضرْبة الجويّة من أمريكة على سورية ليستْ حِرصًا على المسلمين ، والأعداء لا يستفاد منهم إلا عند دفْع الله بعضِهم ببعض ، وليس عند تواطؤهم :

    وبعض الناس يؤمِّلون في الضَّرْبة التي ربما يوجهها الأعداء على الأعداء في سورية : أهل الكتاب على النصيريين ، وهو سراب ، فالذين تواطؤُوا إلى الآن على مقْتل نحو مائة وعشرين ألف نفس ، لن تكون ضرْبتهم غَيرةً على الإنسانية ، وإنما هي إحدى مؤامراتهم ، وإدخالٌ لنا في برنامجهم لتحقيق أهدافهم ، لأنهم كما قال سبحانه: (لا يرقبون في مؤمن إلًّا ولا ذمة) التوبة ، وكما قال سبحانه : (وإذا خَلَوْا عضُّوا عليكم الأناملَ من الغيظ) آل عمران .

    وربما بعد أن اطمأنُّوا على تدمير سورية يريدون بالضربة ذريعةً وعربونا للتدخُّل لمنْع المجاهدين والشعب المُضَحِّي من قطْف ثمرة التضحية والجهاد قال تعالى: (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ) البقرة . أو يريدون التغطية على مصر.

     وفي الختام يقول سبحانه : (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ) هود .  

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©