عاشوراء والحفاظ على وحدة البلد

خطبة جمعة في مسجد الإصلاح في 10 من محرّم 1429هـ الموافق 18 يناير 2008م

   

     * شهر محرم مبدأ العام وهو شهر حرام ويُستحب فيه الصيام ، قال ابن رجب في اللطائف : "وأفضل التطوع المطلق بالصيام صيام المحرم" .

      * عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل) رواه مسلم .

      * وابتداء العام بالطاعة واختتامه بها سببٌ لإشاعة البركة في العام كله , قال ابن رجب : "لما كانت الأشهر الحرم أفضل الأشهر بعد رمضان أو مطلقا ، وكان صيامها كلها مندوبا إليه كما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان بعضها ختام السنة الهلالية و بعضها مفتاحًا لها ، فمن صام شهر ذي الحجة سوى الأيام المحرم صيامها منه و صام المحرم فقد ختم السنة بالطاعة وافتتحها بالطاعة ، فيُرجى أن تكتب له سنته كلها طاعة فإن من كان أول عمله طاعة وآخره طاعة فهو في حكم من استغرق بالطاعة ما بين العملين ، وفي حديث مرفوع : (ما من حافظين يرفعان إلى الله صحيفة فيرى في أولها وفي آخرها خيرا إلا قال الله لملائكته أشهدكم أني غفرت لعبدي ما بين طرفيها) أخرجه الطبراني و غيره وهو موجود في بعض نسخ كتاب الترمذي" .

قطعت شهور العام لهوًا وغفلةً *** ولم تحترم فيما أتيت المحرَّما

فلا رجبًا وافيت فيه بحقّهِ *** ولا صُمْت شهر الصوم صومًا متمّما

ولا في ليالي عشر ذي الحجةِ الذي *** مضَى كنت قوّامًا ولا كنت مُحرِما

فهل لك أن تمحو الذنوب بعَبرةٍ *** وتبكي عليها حسرةً وتندُّما   

وتستقبلَ العامَ الجديدَ بتوبة *** لعلّك أن تمحو بها ما تقدَّما

     * وقال عليه الصلاة والسلام : (صُم من الحُرُم واتْرُك , صُم من الحُرُم واترك , صُم من الحُرُم واترك - وقال بأصابعه الثلاث فضمَّها ثم أرسلها -) رواه أبو داود وذكر الألباني أنه حسن .

     * ويوم عاشوراء أفضل المحرم ، يُستحب صيامه وصيام يوم قبله ، فإذا أضاف يومًا بعده كان أكمل ، وصيام يوم عاشوراء يُكفّر ذنوب سنةٍ ماضية , عن ابن عباس قال : (لما صام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا : يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى فقال : فإذا كان عام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع قال : فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) رواه مسلم وأبو داود , وفي لفظ : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (لئن بقيت إلى قابلٍ لأصومّن التاسع - يعني يوم عاشوراء -) رواه أحمد ومسلم , وفي رواية : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (صوموا يوم عاشوراء وخالفوا اليهود صوموا قبله يومًا وبعده يومًا) رواه أحمد , وعن أبي قتادة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (صوم يوم عرفة يكفر سنتين ماضية ومستقبلة وصوم يوم عاشوراء يكفر سنةً ماضية) رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي .

     * لا بد من تعظيم الأشهر الحرُم قال تعالى : (منها أربعة حرُم ذلك الدين القيّم فلا تظلموا فيهنّ أنفسكم) التوبة , وإذا كان الكافرون لا يُبالون ؛ فنراهم يفعلون ما يفعلون بإخواننا في غزّة والعراق وأفغانستان والصومال وغيرها ، فإن المسلم يُراعي حرمة هذه الأشهر ، وإنْ كان مسموحًا له بردّ الاعتداء .. ويحرص أنْ يكون في هذه الأشهر أكثر تباعُدًا عن المحرّمات ، رغم أنه يلتزم باجتناب المحرّمات طَوال العام .

     * وفي ظل الأزمات التي نعاني منها والصراعات .. لا بد أن نحرص على الضوابط الشرعية للخصومة لاسيما في الشهر الحرام ، فالمنافق هو الذي إذا خاصم فجر , لا بد أن نحافظ على وحدة هذا البلد فالمؤمرات عليه كثيرة في ظل سياسة الفوضى الخلّاقة التي يتبناها الأمريكان في ديار الإسلام - الفوضى التي تخلُق لهم فُرَص تنفيذ مؤامراتهم على المسلمين - والصراعات الجارية في البلد يستفيدون منها في ذلك ، فلا نتيح لهم الفرصة ، بل نحُلُّ خلافاتنا في ضوء الشرع .. وبلدنا رغم كل شيء لا زال في خير ، والنصوص النبوية في فضائله عديدة ومن ذلك ما أخرجه أحمد من حديث أبي هريرة في حديث قال فيه : (وأجد نَفَس ربكم من قِبَل اليمَن) ورجاله ثقات كما قال الحافظ العراقي في تخريج كتاب الإحياء ، وأورده الألباني بنفس المعنى في السلسلة الصحيحة , والنفَس كما ذكر بعض العلماء الفَرَج , وممّا يدُلّ على ذلك في واقعنا اليوم حصول وحدة هذا البلد في زمن يتفرّق فيه الناس ، فدلّ ذلك على خصوصية هذا البلد ، فعلينا أن نحافظ على وحدتنا وأخوّتنا ، لأنّ أعداءنا يريدون تمزيق بلدنا إلى دُوَيلاتٍ عديدة كما كان عليه الحال أيام كان جنوب اليمن محمِيّاتٍ بريطانية وسلْطنات , فعلينا أن نرتفع فوق المعاناة والجراحات ، فليس علاج الجريح أن يَنتحِر ! وعلى وُلاة الأمر أن يتّقوا الله فلا يُضَيِّقوا على الناس معاشهم .
 

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©