لسماع
الخطبة اضغط على الرابط التالي:
http://www.ssadek.com/jomaa/asfl.mp3
النظر إلى أعلى في أمور الدنيا يورث
الحسرة (ولا تمدّن عينيك إلى ما متّّعنا به
أزواجاً منهم) :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (
إِذَا نَظَرَ أَحَدُكُمْ إِلَى مَنْ فُضِّلَ
عَلَيْهِ فِي الْمَالِ وَالْخَلْقِ
فَلْيَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ
) متفق عليه . قال تعالى : ( ورفعنا بعضهم
فوق دوجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ) الزخرف .
و قال تعالى
: ( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ
عِلْماً وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي
فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ
الْمُؤْمِنِينَ ) النمل .
قال الحافظ في ( الفتح ) :
قَوْله ( فِي الْمَال وَالْخَلْقِ ) بِفَتْحِ
الْخَاءِ أَيْ الصُّورَةِ ، وَيَحْتَمِل أَنْ
يَدْخُلَ فِي ذَلِكَ الْأَوْلَادُ
وَالْأَتْبَاعُ وَكُلُّ مَا يَتَعَلَّقُ
بِزِينَةِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ، وَرَأَيْته
فِي نُسْخَةٍ مُعْتَمَدَةٍ مِنْ "
الْغَرَائِبِ " لِلدَّارَقُطْنِيِّ "
وَالْخُلُق " بِضَمِّ الْخَاءِ وَاللَّامِ .
قَوْله ( فَلْيَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ
أَسْفَلُ مِنْهُ ) فِي رِوَايَة عَبْد
الْعَزِيزِ بْن يَحْيَى عَنْ مَالِك (
فَلْيَنْظُرْ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ )
أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا .
وَيَجُوزُ فِي أَسْفَلَ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ
وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ مَا يَتَعَلَّقُ
بِالدُّنْيَا .
قَوْله ( مِمَّنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ )
كَذَا ثَبَتَ فِي آخِر هَذَا الْحَدِيث عِنْد
مُسْلِم مِنْ طَرِيق الْمُغِيرَة بْن عَبْد
الرَّحْمَن عَنْ أَبِي الزِّنَاد ، وَكَذَا
ثَبَتَ لِمَالِك الَّذِي أَخْرَجَهُ
الْبُخَارِيّ مِنْ طَرِيقه عِنْد
الدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ رِوَايَة سَعِيد بْن
دَاوُدَ عَنْهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ .
وَزَادَ مُسْلِم مِنْ طَرِيق أَبِي
صَالِح الْمَذْكُورَة ( فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ
لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ )
أَيْ هُوَ حَقِيقٌ بِعَدَمِ الِازْدِرَاءِ
وَهُوَ اِفْتِعَالٌ مِنْ زَرَيْت عَلَيْهِ
وَأَزْرَيْت بِهِ إِذَا تَنَقَّصْتُهُ ، والنص
في مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ
مِنْكُمْ وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ
فَوْقَكُمْ فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا
تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ ـ قَالَ أَبُو
مُعَاوِيَةَ ـ عَلَيْكُمْ ) .وبوّب البخاري
بنحوه . وَفِي مَعْنَاهُ مَا أَخْرَجَهُ
الْحَاكِم مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه اْبن
الشِّخِّيرِ رَفَعَهُ (
أَقِلُّوا الدُّخُولَ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ
فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ لَا تَزْدَرُوا
نِعْمَةَ اللَّهِ ) . وذكر الألباني أنه ضعيف
.
قال الترمذي ويُروَى عن عون بن عبد الله
بن عتبة قال صحبت الأغنياء فلم أر أحدا أكبر
همّاً مني أرى دابة خيرا من دابتي وثوبا خيرا
من ثوبي وصحبت
الفقراء فاسترحت .
النظر إلى أعلى في أمور الدين يورث التنافس
المحمود ( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ) :
قَالَ اِبْن بَطَّال : هَذَا الْحَدِيثُ
جَامِعٌ لِمَعَانِي الْخَيْرِ لِأَنَّ
الْمَرْءَ لَا يَكُون بِحَالٍ تَتَعَلَّق
بِالدِّينِ مِنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ
مُجْتَهِدًا فِيهَا إِلَّا وَجَدَ مَنْ هُوَ
فَوْقَهُ ، فَمَتَى طَلَبَتْ نَفْسُهُ
اللَّحَاقَ بِهِ اِسْتَقْصَرَ حَالَهُ
فَيَكُون أَبَدًا فِي زِيَادَةٍ تُقَرِّبُهُ
مِنْ رَبّه ، وَلَا يَكُون عَلَى حَال
خَسِيسَةٍ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا وَجَدَ مِنْ
أَهْلِهَا مَنْ هُوَ أَخَسُّ حَالًا مِنْهُ .
فَإِذَا تَفَكَّرَ فِي ذَلِكَ عَلِمَ أَنَّ
نِعْمَةَ اللَّهِ وَصَلَتْ إِلَيْهِ دُونَ
كَثِيرٍ مِمَّنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ
مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ أَوْجَبَهُ ، فَيُلْزِمُ
نَفْسَهُ الشُّكْرَ ، فَيَعْظُمُ
اِغْتِبَاطُهُ بِذَلِكَ فِي مَعَادِهِ .
وَقَالَ غَيْرُهُ : فِي هَذَا الْحَدِيث
دَوَاءُ الدَّاءِ لِأَنَّ الشَّخْص إِذَا
نَظَرَ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ لَمْ
يَأْمَنْ أَنْ يُؤَثِّرَ ذَلِكَ فِيهِ حَسَدًا
، وَدَوَاؤُهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ
أَسْفَلُ مِنْهُ لِيَكُونَ ذَلِكَ دَاعِيًا
إِلَى الشُّكْر .
وَقَدْ وَقَعَ فِي نُسْخَة عَمْرو بْن
شُعَيْب عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رَفَعَهُ
قَالَ ( خَصْلَتَانِ مَنْ كَانَتَا فِيهِ
كَتَبَهُ اللَّهُ شَاكِرًا صَابِرًا : مَنْ
نَظَرَ فِي دُنْيَاهُ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ
فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى مَا فَضَّلَهُ بِهِ
عَلَيْهِ ، وَمَنْ نَظَرَ فِي دِينه إِلَى
مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فَاقْتَدَى بِهِ ) .
وَأَمَّا مَنْ نَظَرَ فِي دُنْيَاهُ إِلَى
مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فَأَسِفَ عَلَى مَا
فَاتَهُ فَإِنَّهُ لَا يُكْتَبُ شَاكِرًا
وَلَا صَابِرًا . رواه الترمذي وذكر الألباني
أنه ضعيف . اهـ . من (الفتح) بتصرُّف .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ : جَاءَ الْفُقَرَاءُ إِلَى النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا
ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنْ الْأَمْوَالِ
بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَا وَالنَّعِيمِ
الْمُقِيمِ ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي
وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ ، وَلَهُمْ فَضْلٌ
مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا
وَيَعْتَمِرُونَ وَيُجَاهِدُونَ
وَيَتَصَدَّقُونَ ، قَالَ : (أَلَا
أُحَدِّثُكُمْ إِنْ أَخَذْتُمْ أَدْرَكْتُمْ
مَنْ سَبَقَكُمْ وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ
بَعْدَكُمْ ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ
بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ إِلَّا مَنْ عَمِلَ
مِثْلَهُ ، تُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ
وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا
وَثَلَاثِينَ) ، فَاخْتَلَفْنَا بَيْنَنَا
فَقَالَ بَعْضُنَا نُسَبِّحُ ثَلَاثًا
وَثَلَاثِينَ وَنَحْمَدُ ثَلَاثًا
وَثَلَاثِينَ وَنُكَبِّرُ أَرْبَعًا
وَثَلَاثِينَ ،فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ :
(تَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ
لِلَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ حَتَّى يَكُونَ
مِنْهُنَّ كُلِّهِنَّ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ)
.
شكْر الله على نعمه ، ومن الشكر التواضع
والعطف على الناس ، ومن ذلك ألا يَشَقَّ عليهم
الوُلاة (في جرُعات الإفقار مثلاً) :
و
عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ
ثَلَاثَةً فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ أَبْرَصَ
وَأَقْرَعَ وَأَعْمَى بَدَا لِلَّهِ عَزَّ
وَجَلَّ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ فَبَعَثَ
إِلَيْهِمْ مَلَكًا فَأَتَى الْأَبْرَصَ
فَقَالَ :أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟
قَالَ : لَوْنٌ حَسَنٌ وَجِلْدٌ حَسَنٌ قَدْ
قَذِرَنِي النَّاسُ . قَالَ فَمَسَحَهُ
فَذَهَبَ عَنْهُ ، فَأُعْطِيَ لَوْنًا حَسَنًا
وَجِلْدًا حَسَنًا . فَقَالَ : أَيُّ الْمَالِ
أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ الْإِبِلُ أَوْ
قَالَ الْبَقَرُ هُوَ شَكَّ فِي ذَلِكَ ،
إِنَّ الْأَبْرَصَ وَالْأَقْرَعَ قَالَ
أَحَدُهُمَا الْإِبِلُ وَقَالَ الْآخَرُ
الْبَقَرُ ، فَأُعْطِيَ نَاقَةً عُشَرَاءَ ،
فَقَالَ يُبَارَكُ لَكَ فِيهَا .
وَأَتَى الْأَقْرَعَ فَقَالَ : أَيُّ
شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ : شَعَرٌ
حَسَنٌ وَيَذْهَبُ عَنِّي هَذَا قَدْ
قَذِرَنِي النَّاسُ . قَالَ فَمَسَحَهُ
فَذَهَبَ وَأُعْطِيَ شَعَرًا حَسَنًا . قَالَ
: فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ
الْبَقَرُ قَالَ فَأَعْطَاهُ بَقَرَةً
حَامِلًا ، وَقَالَ يُبَارَكُ لَكَ فِيهَا .
وَأَتَى الْأَعْمَى فَقَالَ : أَيُّ
شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ يَرُدُّ
اللَّهُ إِلَيَّ بَصَرِي فَأُبْصِرُ بِهِ
النَّاسَ . قَالَ فَمَسَحَهُ فَرَدَّ اللَّهُ
إِلَيْهِ بَصَرَهُ . قَالَ : فَأَيُّ الْمَالِ
أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ الْغَنَمُ
فَأَعْطَاهُ شَاةً وَالِدًا . فَأُنْتِجَ
هَذَانِ وَوَلَّدَ هَذَا ، فَكَانَ لِهَذَا
وَادٍ مِنْ إِبِلٍ وَلِهَذَا وَادٍ مِنْ
بَقَرٍ وَلِهَذَا وَادٍ مِنْ غَنَمٍ .
ثُمَّ إِنَّهُ أَتَى الْأَبْرَصَ فِي
صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ ، فَقَالَ : رَجُلٌ
مِسْكِينٌ تَقَطَّعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي
سَفَرِي فَلَا بَلَاغَ الْيَوْمَ إِلَّا
بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ ، أَسْأَلُكَ بِالَّذِي
أَعْطَاكَ اللَّوْنَ الْحَسَنَ وَالْجِلْدَ
الْحَسَنَ وَالْمَالَ بَعِيرًا أَتَبَلَّغُ
عَلَيْهِ فِي سَفَرِي . فَقَالَ لَهُ : إِنَّ
الْحُقُوقَ كَثِيرَةٌ . فَقَالَ لَهُ :
كَأَنِّي أَعْرِفُكَ .. أَلَمْ تَكُنْ
أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ فَقِيرًا
فَأَعْطَاكَ اللَّهُ ؟! فَقَالَ : لَقَدْ
وَرِثْتُ لِكَابِرٍ عَنْ كَابِرٍ ! فَقَالَ :
إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ
إِلَى مَا كُنْتَ !
وَأَتَى الْأَقْرَعَ فِي صُورَتِهِ
وَهَيْئَتِهِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ
لِهَذَا ، فَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا رَدَّ
عَلَيْهِ هَذَا ، فَقَالَ : إِنْ كُنْتَ
كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا
كُنْتَ !
وَأَتَى الْأَعْمَى فِي صُورَتِهِ ،
فَقَالَ : رَجُلٌ مِسْكِينٌ وَابْنُ سَبِيلٍ
وَتَقَطَّعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِي
فَلَا بَلَاغَ الْيَوْمَ إِلَّا بِاللَّهِ
ثُمَّ بِكَ ، أَسْأَلُكَ بِالَّذِي رَدَّ
عَلَيْكَ بَصَرَكَ شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا
فِي سَفَرِي . فَقَالَ : قَدْ كُنْتُ أَعْمَى
فَرَدَّ اللَّهُ بَصَرِي وَفَقِيرًا فَقَدْ
أَغْنَانِي ، فَخُذْ مَا شِئْتَ فَوَاللَّهِ
لَا أَجْهَدُكَ الْيَوْمَ بِشَيْءٍ أَخَذْتَهُ
لِلَّهِ . فَقَالَ : أَمْسِكْ مَالَكَ
فَإِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ فَقَدْ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْكَ وَسَخِطَ عَلَى صَاحِبَيْكَ )
متفق عليه .
|