رمضان و التغيير إلى الأفضل

خطبة جمعة في مسجد جامعة الإيمان في غرة رمضان 1433هـ الموافق 21 يوليو 2012م

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  لسماع الخطبة اضغط على الرابط التالي:

http://www.ssadek.com/jomaa/afdl.mp3

    عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (قَالَ اللَّهُ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا ، إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ) متفق عليه .

     مِمّا نستفيده من الحديث :

    1ـ عظمة الصوم نستفيدها من قوله : (قَالَ اللَّهُ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ) .

    2ـ رمضان شهر التقوى و الصبر و تقوية الإرادة و التربية ، و هذا نستفيده من قوله : (وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ) .  و عن أبي هريرة قال .. سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : (صوم شهر الصبْر وثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر .. فقد صمتُ ثلاثة أيام من كل شهر وأنا مفطِرٌ في تخفيف الله وصائمٌ في تضعيف الله عز و جل . رواه أحمد و النسائي و غيرهما و قال الألباني صحيح ، و قال شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة فمن رجال مسلم .

     3ـ الذِّلَّة على المؤمنين باحتمال ما يصدُر منهم ، و ادّخار العِزّة بالمقابل لتكون على الكافرين و عملائهم ، فالكافرون هم الأحْرَى بعدَم ُتَحَمُّل ما يصدُر عنهم من الاعتداءات ، و عدَم قبول دسِّ أنوفهم في كافة المجالات ، و هذا نستفيده من قوله : (فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ ـ يعني من المسلمين لا من غيرهم ـ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ) .

     4ـ الإرهاصات لعودة الخلافة كثيرة منها تجديدها على رأس مائة عام من سقوطها ، و منها ما هيّأَه الله بتدبيره من التغييرات في عددٍ من البلدان و ما كان يتوقّعها الناس ، و منها خروج البلدان المذكورة و غيرها عن الهيمنة الغربية كلّيًّا أو جُزْئيًّا ، و الهزائم المتكرّرة و الإفلاسات على اليهود و النصارى ، فلا بدّ من المزيد من التغيير في نفوسنا بالعبادات و في مقدّمتها الصوم حتى يزداد ويتمكّن التغيير في واقعنا قال عليه الصلاة و السلام : (العبادة في الهرْج كهجرةٍ إليَّ) رواه مسلم.

     5ـ أوضاع المسلمين في سورية ونصْر الله الذي حصل لهم إلى الآن ولا سيما مانزل بالطغاة من التفجير الكبير في دمشق هو من الإرهاصات و التغيير ، و لن تتخلّف سنة الله في النصر، و لا تضرُّعات الناس في ذلك ، مع الأخذ بالأسباب ، والحمد لله على هلاك الظالمين ، (فقُطِع دابِرُ القومِ الذين ظلموا و الحمد للهِ ربِّ العالَمين) الأنعام .

     و لعل الله أذاق المُؤذِين في سورية بقتْل مجموعة من كبارهم ، ما أذاقوه الناس و شربوا من الكأس نفسها ، إضافةً إلى سوء المصير، و لم تشفعْ لهم غطْرستهم ..و كان ذلك بسبب الدعاء ،  قال تعالى : (فلولا إذْ جاءهم بأسُنا تَضَرَّعوا) الأنعام ، و قال تعالى : (قل ما يعْبأُ بكم ربي لولا دعاؤُكم) الفرقان .

     فادْعُوا الله بإلحاح على المُؤذِين لعباد الله في شهر الصوم ، فللصائم دعوةٌ لا تُرَدّ ، و في السلسلة الصحيحة للألباني 1797:قال عليه الصلاة و السلام : (ثلاث دعوات لا تُرَدُّ : دعوة الوالد ودعوة الصائم ودعوة المسافر )  رواه العقيلي و البيهقي عن أبي هريرة و هو صحيح ، وله شواهد بألفاظ مختلفة منها : ذكْر دعوة المظلوم بدل دعوة الصائم وقد مضى برقم 598 ، ومنها : (ثلاثةٌ لا تردُّ دعوتهم : الصائم حتى يفطر والإمام العادل ودعوة المظلوم) أخرجه أحمد وغيره وصحَّحه ابن حبان .

     6ـ و من الإرهاصات ارتفاع صوت أردوغان حفظه الله باستقلال المسلمين المضطهدين هذه الأيام في بورما ، و هذا الصوت يبيّن التطوّر في الخطاب الشرعي الجمْعي للأمّة المُمَهِّد للخلافة ، و يبيّن الفارق بين تحَرّر أردوغان و أمثاله مِمّن يَحْمِلون همَّ المسلمين ، و تبعيّة الذين لم يتكلّموا من الحكّام و كأنّ الأمر لا يعنيهم ، و قد أيّد ذلك هنيّة رئيس الوزراء في غزة رغم ظروف غزّة .

     7ـ وسيلة الصيام من أعظم الوسائل لنَيْل تقوى الله و مثوبته و رضوانه و محبته , و هذا ظاهر ٌمن آخر الحديث كما هو ظاهرٌ من أوله : (وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا ، إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ) ،   

     و من امتداد فرح المؤمن بصيامه إن شاء الله ما ينتج من ثمار الصوم من جمْعٍ للكلمة و تقويةٍ للصلة بالله و تحقيقٍ للنصر ، فإن النصر مع الصبر كما في حديث الترمذي ، و الصوم من الصبر ، و الخلافة القادمة إن شاء الله من ثمار ذلك النصر .

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©