حكم الإسلام في تشريح جثث الأموات:  

السؤال:

س:ما حكم الإسلام في تشريح جسم الإنسان بعد موته لأغراض الدراسة الطبية؟

الجواب:

الأصل أن الله كرم الإنسان قال تعالى: (( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ))[الإسراء:70]^.

ومن تكريم الإنسان أن الله سبحانه شرعي له الدفن بعد الموت، قال تعالى: (( فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ ))[المائدة:31]^، وقال تعالى: (( ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ ))[عبس:21]^، وقد حصل الدفن حتى للكفار الحربيين؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم دفن القتلى من الحربيين في القليب يوم بدر.

وإن تشريح جسم الإنسان بعد الموت يتنافى مع كل ذلك، كما أنه داخلٌ في المُثْلة، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المثلة، كما ثبت ذلك عند البخاري وغيره.

ويمكن لطلبة الطب أن يستفيدوا من تشريح الحيوانات بعد ذبحها؛ لأن هنالك تشابهاً بينها وبين الإنسان، كذلك يمكن الاستفادة من المُجسمات البلاستيكية لجسم الإنسان ونحوها، وإذا كانت هنالك ضرورة لتشريح جسم الإنسان من أجل الحصول على بعض المعلومات الضرورية التي لا يمكن الحصول عليها إلا بذلك التشريح؛ ليكن هذا التشريح لجثث الكفار الحربيين بعد الموت أو القتل.

أما المسلم فإن حرمته عظمية، وقد قال صلى الله عليه وسلم: { إن كسر عظم المسلم ميتاً ككسره حياً }^رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة وسعيد بن منصور وعبد الرزاق، وهو صحيح كما في (صحيح الجامع)، وذلك لدلالة الرواية الأولى.

وأما جثث الكفار من أهل الذمة فلها حرمة أيضاً؛ بسبب ما بيننا وبينهم من عهد وذمة، إلا أنه يمكن القول: إن لفظ الميت في الرواية الثانية عام يعم كل ميت، ومعنى ذلك: أن حكم الكسر في حال الموت هو نفس حكم الكسر في حال الحياة، وعليه: كسر عظم الحي -مسلماً كان أم ذمياً- حرام، فكذلك كسره وهو ميت.

وأما الحربي فإنه يجوز قتله وكسر عظامه بغرض القتل وهو حي، فكذلك يجوز كسر عظامه، ويجوز تشريح جثته وهو ميت لغرض شرعي وهو الاستفادة الطبية، وعلى هذا التأويل للرواية الثانية للحديث يطرد الحكم، فيكون إما الحرمة في حال الحياة والموت؛ وذلك بالنسبة للمسلم والذمي، وإما الجواز في حال الحياة والموت؛ وذلك بالنسبة للحربي، ولكن لغرض شرعي وليس للعبث أو المثلة، أي أن كسر عظم الميت يتخذ حكمه بنفس المعيار الذي يتحدد به حكم كسره في حال الحياة (كسر عظم الميت ككسره حياً) والله سبحانه وتعالى أعلم.

 

 .................................................                                   

        Designed  by "ALQUPATY"

 جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ محمد الصادق مغلس المراني ©